توصل استطلاع مشترك للرأي العام الأمريكي، أجرته كل من صحيفة "نيويورك تايمز" وشبكة "سي. بي. إس" نيوز، و"إم. تي. في"، إلي ترجيح تأييد قطاعات الشباب الأمريكي، أكثر من غيرها من بقية شرائح المجتمع الأمريكي الأخري. لعدة قضايا وسياسات تتسم بالليبرالية والنزعة "اليسارية"، منها علي سبيل المثال: تولي جهاز الدولة والقطاع العام لإدارة نظام الضمان الصحي، وكذلك تبني سياسات أكثر انفتاحاً وليبرالية في سن التشريعات الخاصة بالهجرة والزواج والإجهاض وغيرها من الحريات الشخصية المماثلة. كما أشارت استطلاعات الرأي نفسها، إلي ترجيح اعتقاد الشباب بأن الحرب الدائرة الآن علي العراق، تسير نحو تحقيق نتائجها الإيجابية المرجوة. وضمن ما توصل إليه استطلاع الرأي المذكور، أن الشباب الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 17-29 عاماً، يولون اهتماماً كبيراً وملحوظاً لمسار الحملة الانتخابية الرئاسية الحالية، إلا أن اهتمامهم الأكبر ينصب علي تقييم أداء مرشحين اثنين دون غيرهما، هما السيناتور باراك أوباما، والسناتور هيلاري كلينتون، مع العلم أن كليهما "ديمقراطيان". والملاحظ أن قطاعات الشباب هذه، قد حافظت علي مسافة بعيدة المدي فيما يبدو، بينها والحزب" الجمهوري". وعلي الرغم من مشاعر القلق التي تساور الشباب الحاليين، من أن يكون جيلهم أسوأ بما لا يقاس إلي جيل آبائهم، إلي جانب قلقهم علي صورة بلادهم، وما لحق بها من تشويه في الرأي العام العالمي، فإن قناعتهم لا تزال قوية جداً بأن في وسع أصواتهم الانتخابية وفاعلية دورهم في السباق الرئاسي الجاري حالياً، أن يحدثاً فارقاً كبيراً في صياغة مستقبل بلادهم داخلياً وخارجياً علي حد سواء. ولذلك فلم يكن مستغرباً أن توصل استطلاع الرأي المذكور إلي أن الفئة الشبابية التي تتراوح أعمارها بين 17-29 عاماً، تميل إلي الإدلاء بأصواتها لصالح مرشح رئاسي "ديمقراطي" في انتخابات العام المقبل 2008 وتشارك الفئة نفسها بقية الجمهور الأمريكي، نظرة سلبية إلي الرئيس بوش وإدارته. والملاحظ أن نسبة التأييد التي يحظي بها بوش وحزبه "الجمهوري" في أوساط هذه الفئة، لا تتجاوز ال28 في المئة فحسب. وبوجه عام، تنظر غالبية أفراد هذه الفئة الشبابية، نظرة إيجابية أفضل بكثير للحزب الديمقراطي، مقارنة بمنافسه الحزب "الجمهوري". لكن وخلافاً لتلك النظرة السلبية العامة للرئيس بوش، فقد كانت نسبة تأييد الفئة نفسها لبوش في أعقاب هجمات 11 سبتمبر، تصل إلي 80 في المئة. ولكن سرعان ما انحسرت وتراجعت نسبة التأييد هذه خلال السنوات الثلاث اللاحقة للهجمات، خاصة في انتخابات 2004 الرئاسية، بينما لم تصل نسبة تأييد الرئيس بوش بين غالبية أفراد الشعب الأمريكي بوجه عام، إلي ما يزيد علي 4 بين كل 10 منهم. وفي وقت بدأ فيه "الديمقراطيون" يحققون مكاسب سياسية ملحوظة، إثر سنوات من هيمنة "الجمهوريين" علي المشهد السياسي في الولاياتالمتحدةالأمريكية، فقد أظهرت استطلاعات الرأي التي أجريت مؤخراً، ميل فئات الشباب أكثر من أي وقت قريب مضي، إلي "اليسار". وعليه فقد وصفت نسبة 28 في المئة من هؤلاء، بكونها ليبرالية، قياساً إلي نسبة 20 في المئة من مجموع بقية فئات الشعب الأمريكي. بينما وصفت نسبة 27 في المئة نفسها بأنها محافظة، قياساً إلي نسبة 32 في المئة من بقية أفراد المجتمع الأخري. وضمن هذه الوجهة "اليسارية" الليبرالية، أعربت نسبة 44 في المئة من الشباب عن تأييدها لسن تشريعات توفر حريات وحقوقاً شخصية أكبر فيما يتعلق بالزواج والإنجاب وما إليها من القضايا المرتبطة بقوانين الأحوال الشخصية. يذكر أن هذه النسبة تقارن بنحو 28 في المئة من التأييد الشعبي العام لهذه الحريات والحقوق. ويشمل تأييد الشباب للمزيد من الليبرالية في التشريعات المتصلة بالحريات الشخصية، تشجيعهم لسن القوانين التي تكفل أقصي درجات الحرية في هذه الناحية. إلي ذلك أظهرت نتائج استطلاعات الرأي الحالية، تأييد نسبة 62 في المئة من الشباب لبرنامج تأمين صحي ترعاه الدولة، مقارنة بتأييد 47 في المئة من الرأي العام الأمريكي للبرنامج نفسه. وبينما قال حوالي 30 في المئة من الشباب إن علي أمريكا أن ترحب دائماً بقدوم المهاجرين الجدد، لا تزيد نسبة تأييد الرأي الأمريكي العام للفكرة نفسها عن 24 في المئة فحسب. أما فيما يتعلق بحق الإجهاض، فإن آراء الشباب تكاد تتطابق مع الرأي العام حوله، إذ عارضته كلياً نسبة 24 في المئة، بينما رأت نسبة 38 في المئة منهم إنه يمكن السماح به، شريطة فرض المزيد من القيود عليه. وبالمقارنة فقد رأت نسبة 37 في المئة منهم، ضرورة إطلاقه والسماح به ضمن منظومة تشريعات الحقوق الشخصية.