حديد عز يسجل ارتفاعًا جديدًا.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 26 أبريل 2024    تفاصيل مران الزمالك استعدادًا لمواجهة دريمز الغاني    برلماني: ما يتم في سيناء من تعمير وتنمية هو رد الجميل لتضحيات أبناءها    مساعد وزير التعليم: 8236 مشروعا تعليميا ب127 ألف فصل    نائب رئيس جامعة حلوان يقابل الطالبة سارة هشام لبحث مشكلتها    ساعة زيادة لمواعيد غلق المحال التجارية بسبب التوقيت الصيفي.. لهذا السبب    مشروعات سيناء.. عبور إلى الجمهورية الجديدة    مزاد علني لبيع عدد من المحال التجارية بالمنصورة الجديدة    رئيس COP28: على جميع الدول تعزيز طموحاتها واتخاذ إجراءات فعالة لإعداد خطط العمل المناخي الوطنية    نادر غازي يكتب: الصمود الفلسطيني.. و"الصخرة" المصرية    خبير علاقات دولية: مواقف مصر قوية وواضحة تجاه القضية الفلسطينية منذ بداية العدوان    مسؤول إسرائيلي: بلينكن يزور إسرائيل الأسبوع المقبل لبحث صفقة جديدة    تعرف على أهداف الحوار الوطني بعد مرور عامين على انطلاقه    كلوب: سأكون الأكثر ثراء في العالم إذا تمكنت من حل مشكلة صلاح ونونيز    الغيابات تضرب الاتحاد قبل مواجهة الجونة    علاقة متوترة بين انريكي ومبابي.. ومستقبل غامض لمهاجم باريس سان جيرمان    النصر يتعادل مع اتحاد كلباء في الدوري الإماراتي    بسبب سوء الأحوال الجوية.. حريق 5 منازل بالكرنك    بالإنفوجراف والفيديو| التضامن الاجتماعي في أسبوع    كانت جنب أمها أثناء غسيل المواعين.. غرق طفلة داخل ترعة الباجورية في المنوفية    السينما العربية يكشف عن ترشيحات النسخة 8 من جوائز النقاد للأفلام    ملخص فعاليات ماستر كلاس بتكريم سيد رجب في «الإسكندرية للفيلم القصير» | صور    وسائل إعلام إسرائيلية: سقوط صاروخ داخل منزل بمستوطنة أفيفيم    حياتى أنت    شركة GSK تطرح لقاح «شينجريكس» للوقاية من الإصابة بالحزام الناري    صحة دمياط تطلق قافلة طبية مجانية بقرية الكاشف الجديد    الأوقاف تعلن أسماء القراء المشاركين في الختمة المرتلة بمسجد السيدة زينب    إصابة 6 أشخاص في انقلاب سرفيس على صحراوي قنا    السينما الفلسطينية و«المسافة صفر»    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    نائبة تطالب العالم بإنقاذ 1.5 مليون فلسطيني من مجزرة حال اجتياح رفح    تعرف على أعلى خمسة عشر سلعة تصديراً خلال عام 2023    وكيل وزارة الصحة بأسيوط يفاجئ المستشفيات متابعاً حالات المرضى    مجلس أمناء العربي للثقافة الرياضية يجتمع بالدوحة لمناقشة خطة 2025    ميار شريف تضرب موعدًا مع المصنفة الرابعة عالميًا في بطولة مدريد للتنس    استمرار فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية    «مياه دمياط»: انقطاع المياه عن بعض المناطق لمدة 8 ساعات غدًا    إقبال كثيف على انتخابات أطباء الأسنان في الشرقية (صور)    يحيى الفخراني: «لولا أشرف عبدالغفور ماكنتش هكمل في الفن» (فيديو)    استقالة متحدثة أمريكية اعتراضًا على حرب إسرائيل في قطاع غزة    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي شرقي لبنان    الأمم المتحدة للحق في الصحة: ما يحدث بغزة مأساة غير مسبوقة    مواعيد الصلاة في التوقيت الصيفي بالقاهرة والمحافظات.. وكيف يتم تغيير الساعة على الموبايل؟    بداية من الغد.. «حياة كريمة» تعلن عن أماكن تواجد القوافل الطبية في 7 محافظات جديدة    بعد حادث شبرا الخيمة.. كيف أصبح الدارك ويب السوق المفتوح لأبشع الجرائم؟    وزير التعليم العالي يهنئ الفائزين في مُسابقة أفضل مقرر إلكتروني على منصة «Thinqi»    25 مليون جنيه.. الداخلية توجه ضربة جديدة لتجار الدولار    «مسجل خطر» أطلق النار عليهما.. نقيب المحامين ينعى شهيدا المحاماة بأسيوط (تفاصيل)    فعاليات وأنشطة ثقافية وفنية متنوعة بقصور الثقافة بشمال سيناء    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    نجاح مستشفى التأمين ببني سويف في تركيب مسمار تليسكوبى لطفل مصاب بالعظام الزجاجية    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    سويسرا تؤيد خطة مُساعدات لأوكرانيا بقيمة 5.5 مليار دولار    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اختراق مؤسسة الزواج المصرية
نشر في نهضة مصر يوم 03 - 12 - 2003

هل ترضي أن تتزوج أختي، وتزوجني أختك؟.. علي صورة "بادلني وأبادلك".. والزواج يتم بالشكل التالي.. "خد أختي واعطني أختك"..
والزواج مشاركة..!!
يحدث هذا في الريف وبعض بلاد الصعيد حالياً هروباً من دفع المهر الغالي وشبح العنوسة الذي يهدد الفتيات، ورفضاً لزواج الأقارب لأنهم عقارب، ولاينجبان سوي أطفال ضعاف ومرضي ومعوقين أو مشوهين.. البعض يوافق عليه.. ولكن الغالبية ترفضه، ويؤكد علماء الاجتماع بأنه زواج محكوم عليه بالإعدام إذا ماكان صفقة تجارية!!
وشبابنا يعيش بين نارين عند الزواج:
نار الغلاء .. ونار تحكم الآباء..!!
وقد دفع هذا الوضع القاسي الكثير من الشباب للعزوف عن الزواج.. وفضل بعضهم الزواج العرفي..
أما الغالبية فليست لهم رفاهية الاختيار..!!
وفي ظل حاضر يلفه الضباب.. ومستقبل ملبد بالغيوم أجبرت الحاجة مجتمعنا المصري علي التنازل عن كثير من اشتراطاته.. فالشبكة تحولت من طقم ذهب بعدة آلاف.. لدبلة ومشبك..!! والحفلة تتم علي السطوح.. بل تكفي الزفة علي باب عش الزوجية.
وأما فستان الزفاف فيتم تأجيره من عند الكوافير.. ويعتبر زواج المقايضة هو آخر نموذج في مؤسسة الزواج المصرية.
فالتغيرات التي طرأت علي المجتمع المصري وماصاحبها من ارتفاع هائل في الأسعار، أن أصبح الزواج نوعاً من المشقة، التي لايقدر عليها كثير من الشباب، أدت إلي ارتفاع سن الزواج لما فوق 35سنة، بل زادت أعداد العوانس والعزاب إلي أكثر من 9 ملايين شاب وشابة.
نتج عن ذلك أن تغيرت كثير من مفاهيم الزواج التي كان يتمسك بها الآباء من قبل، وهم يرون أن هناك مالا يقل عن مائة ألف طفل ناتج عن زواج عرفي هو في الغالب غير شرعي، وأدي ذلك إلي أن يتنازل الكثير من أولياء الأمور عن مطالبهم الشكلية وهم يرون الشباب تطحنه الظروف، من أجل تأسيس عش الزوجية.!!
ومن أكثر الحالات حيرة في مجتمعنا هي حالة الزواج "بالمقايضة" أو مايسمي بزواج "المبادلة" والذي ينطبق عليه المثل "زوجني أختك وأزوجك أختي" وإن جنحت بعض الأسر لهذا الشكل من الزواج لضمان المعرفة المسبقة والاختصار في مصاريف الزواج وليصبح الزواج أكثر سهولة ويسرا في ظل مساعدة الأب لابنه وابنته معاً!!
علي زكي موظف بإحدي قري المنوفية وأخته متزوجة من شقيق زوجته يحكي حكايته مع هذا الزواج ويقول: العلاقة الزوجية من هذا النوع يتوقف نجاحها غالباً علي مدي نجاح الأسرة الثانية لأن الأهل يتدخلون في معظم المشاكل، فعندما تحدث أية مشكلة بين أختي وزوجها شقيق زوجتي تترك أختي منزلها وبدون سبب لابد أن تترك زوجتي هي الأخري منزلها وتذهب عند والدها حتي يتم الصلح ويعود بعد ذلك كل طرف إلي عش الزوجية وهكذا تتوقف سعادتي والاستقرار في الحياة الزوجية مادام أختي في راحة وطمأنينة ولولا تأثير بعض الأقارب الذين يتدخلون بصفة مستمرة للإصلاح بيننا لانهارت العلاقة الزوجية لذلك فسلبيات الزواج بالبدل أكثر من إيجابياته.
طلقتها فطلق أختي
أما مهدي محمد عامل، فيؤكد لنا من خلال تجربته مع الزواج بالبدل التي انتهت بالطلاق أن الزواج من هذا النوع دائماً يكون مصيره إما الفشل أو المشاجرات التي لاتنقطع، فعندما ارتبطت شقيقتي بشاب من أسرة طيبة وتم الزواج بينهما، ورأيت شقيقة زوج أختي وأعجبت بها وتزوجت أنا الآخر منها فأصبح زواج البدل كما يطلقون عليه، وكنت أظن أن حياتنا ستكون مستقلة عن الآخرين ولكن بدأت المشاكل بعد الزواج فإذا قمنا بزيارة أختي ووجدت زوجتي أي شيء مهما كان صغيراً في منزل شقيقها طلبت مني بإلحاح شديد إحضار مثل هذا الشيء.. وتطلب مني ذلك وهي تعلم جيداً أنني لا أستطيع إحضاره فزادت المشاجرات بيننا.. وأقنعتها بأني غير قادر علي إشباع رغباتها أو حتي معيشتها التي تعودتها في منزل والدها ولذلك انتهي هذا الزواج بنتيجة طبيعية تلائم الجو المشحون الذي كنا نعيشه وحدث الطلاق ونتيجة للطلاق بيني وبين زوجتي وبدون تقديم أي مبررات تم طلاق أختي هي الأخري من أجل عيون زوجتي المطلقة وهكذا.. كان مصير الزواج بالبدل الطلاق، أي انهيار العلاقة الزوجية.
استقلال أسري
أما محمود أحمد الحصري موظف.. فظروفه تختلف عن ظروف الحالات السابقة ويقول تزوجت شقيقة زوج أختي عن طريق المصادفة وتم الزواج بناء علي التفاهم بيننا ولذلك لاتوجد أية مشاكل بسبب هذه العلاقة لأن حياتي أنا وزوجتي مستقلة عن حياة أختي وزوجها وإذا تدخلت أختي في أي مشكلة تقابلني أنا وزوجتي تتدخل علي أنها صديقة لزوجتي وتسعي دائماً للإصلاح بيننا وحل المشكلة فقط لذلك نعيش في سعادة ولا يقابلنا أية مشاكل أسرية بسبب علاقة الزواج بالبدل، فالزواج مادام كان مبنياً علي الحب والتفاهم فلا تعارضه أي مشكلة مهما تضخمت المشاكل والزواج بالبدل لايعتبر عائقاً أمام استقرار حياتي العائلية بل عامل من عوامل نجاح الحياة الزوجية.
جاء أحمد من أبوظبي تسبقه فرحته إلي حبيبته التي اتفق معها قبل السفر علي أن عودته القادمة ستكون من أجل التقدم لخطبتها. وبالفعل كان مستعداً لكل شيء ولم يتصور أبداً أن هناك مايمنع زواجه علي الإطلاق من فتاته، فهو شاب مرموق وفي مركز وظيفي محترم، والمستقبل يفتح له ذراعيه بكل شبابه وحيويته، ولم تمر سوي أيام قليلة إلا وقد علمنا أن المشروع قد فشل، وأن الصديق يجمع أمره وأشياءه ويستعد للرحيل.
وقبل السفر بيوم واحد كان يوم خطبته وعقد قرانه، ليس علي حبيبته التي جاء من أجلها.. ولكن علي شقيقة زوج أخته!!
ولما سألت أحمد: ماذا حدث بالضبط؟
أجاب بكل بساطة الفتاة التي كنت سأخطبها أول مرة أهلها اشترطوا شبكة بخمسين ألف جنيه وحفلة في فندق كبير، وهذا بالطبع مشقة وترف لم أتحمله، وانفض كل شيء.. وعزمت أمري علي السفر، وفجأة رأيت أخت صديقي خطيب أختي وأعجبتني.. وتم كل شيء في يوم وليلة!!
ولما قلت له: وهل هذا يعتبر حلاً.. رد بانفعال كبير بل أفضل حل، فهي فتاة جميلة ومثقفة، وتتحمل المسئولية .
ولما قلت له: وماذا عن الشبكة؟!
رد قائلاً: الشبكة رمزية وأنت وذوقك.. وزي ماقلنا لخطيب أختي وهو في نفس الوقت شقيق العروس.. أنت حر.. أهل العروسة هم أيضا قالوا لي ولا لزوم للشبكة!
وأما الحالة الثانية فهي مبادلة زواجية سعيدة، حيث يقول محمد كان هاني زميلا لشقيقي في إحدي كليات الاسكندرية، ورأي شقيقتي أثناء احدي الزيارات، ومرت سنوات لا أعرف كم مرة رأي فيها أختي سلوي وعندما تخرج فوجئنا بأخي يخبرنا بأن زميله يريد أن يتقدم لطلب يد شقيقتي، وبالطبع وافقنا فهو شاب ملتزم ومستقبله واعد، وكنت في نفس الوقت ابحث عن عروس. وأثناء زيارتنا لنري الشقة التي ستتزوج فيها شقيقتي رأيت شقيقته، وحدث اعجاب من أول نظرة، واتفقنا علي أن أتقدم لخطبتها وإن كان بشكل ضمني، وبالفعل تقدمت لخطبتها وكان الزواج سهلاً وبسيطاً للغاية، بدون أي إصرار من الجانبين، باشتراطات معينة ومرهقة، وأعترف أنني فعلت كل شيء بمقدرتي ودون أي تدخل من أهل خطيبتي، وكان كل كلامهم "جهز شقتك" ولا لزوم للأفراح والشبكة فكلها مظاهر لاتقدم من الأمر شيئاً!!
وأما الحالات الأخري فتكشف لنا عن أن زواج "المبادلة" والذي يتم غالبا بلا تخطيط مسبق، إلا أنه جولة في سبيل الالتفاف حول حالة الغلاء وارتفاع أسعار الحفلات وتكلفة الافراح.
ونقف أمام إحدي الحالات التي جاء زواجهما مبادلة للتقارب الشديد في المكان والسن والحالة التعليمية والاجتماعية.
يقول سامح: كنت أنا ونادر صديقين منذ الصغر وتدرجنا سويا في مراحل التعليم المختلفة والتحق نادر بكلية الشرطة وأصبح ضابطا أما أنا فأصبحت محاميا ولي مكتب محاماة يدر دخلاً لابأس به، وكانت شقيقة كل منا تصغرنا بحوالي خمس سنوات وكانتا صديقتين هما أيضا، وكثيرا ماكنا نلتقي وكنا نكون فريقا واحدا في الحفلات والزيارات وكانت شقيقتي مثل شقيقة نادر في كل شيء.
ولم أفاجأ عندما طلب نادر شقيقتي ليرتبط بها، وكأنه كان يتوقع ما سأرد عليه به، لكنني قلت له .. ولكن انالي عندك رجاء ارجو ألا ترفضه.. فقال لي تحت امرك. قلت له انا أيضا اريد أن اتقدم لخطبة اختك رشا فقال لي كنت اتوقع منك ذلك، ولكني قلت له كنت انتظر حتي تكون انت الباديء.. وبالفعل تمت خطوبتنا نحن الأربعة في ليلة واحدة وبحفلة واحدة، وكانت اجراءات الزواج تتم بيسر وسهولة، فكل شيء مشترك ، حتي تجهيز الشقتين، وعندما كنت اشتري شيئاً لنفسي أتصل بنادر وأقول لخطيبته شقيقتي وأيضا إذا مافكر أحد والدينا في شيء لنا.. كان يتم عرضه علينا جميعا..
أقول لك أجمل شيء أنه يحدث وفاق بهذا الشكل، وحتي بدلة الفرح كانت من محل واحد، وفستان العروسين كانا من محل واحد، والنادي الذي حجزنا فيه حفلة الزفاف ومصاريف الحفل والمطربين والفرقة الموسيقية كانت التكلفة بالنصف، وها نحن قد رزقنا بأولاد، أنجبت أنا منة الله، ونادر أنجب شريف.. وضحك سامح وقال يمكن الزمان يكرر نفسه.
وأما الشيخ أحمد خلاف المأذون الشرعي فيقول: إن هذا الزواج جاء لمحاربة العنوسة نتيجة المغالاة في المهور فأغلب الفتيات تعدت أعمارهن سن الثلاثين ولم يتزوجن وهناك ما لا يقل عن 4 ملايين عانس مما أثار العديد من المخاوف حول مستقبل هذا العدد الهائل من الفتيات خاصة أن نسبة كبيرة منهن غير متعلمات وليس لهن مورد رزق سوي انفاق آبائهن عليهن والأخطر من ذلك الفتنة التي قد يتعرضن لها في الوقت الحالي الذي يموج بالتيارات المتطرفة التي تدعو للانحلال الأخلاقي.
الظروف الاقتصادية
ويري إبراهيم محمود المحامي بأن الزواج بالبدل ينتشر في الريف أكثر من الحضر وأهم أسباب الإقبال علي هذا الزواج إصرار الآباء علي المغالاة في المهور وتكاليف الزواج بسبب الحياة المادية والمظهرية التي يعيشها البعض ويسعي بعضهم إلي التقليد الأعمي رغم عدم قدرتهم علي الوفاء بهذه الاحتياجات فمن هنا جاء زواج البدل لضيق الظروف المالية بين الطرفين.
هناك ناحية أخري وهي انتشار التعليم وارتفاع نسبة الفتيات اللاتي حصلن علي مؤهلات عليا تسبب في إصابة العديد منهن بالغرور ورفض الزواج في سن مبكرة بحجة أنهن يسعين لإثبات ذاتهن، ويضيف أنه علي الجانب الآخر فإن بعض الشباب يجدون المتعة من خلال علاقات غير مشروعة.
ويقول السيد عبدالهادي فنان شعبي: إن العلاقة الزوجية في نظري تقوم علي عدة أسس فيجب ان يتوافر التكافؤ الاجتماعي والثقافي والحب والتفاهم بين العروسين ومتي توافرت هذه الأسس في فتاة وشاءت الأقدار أن تكون أخت زوج شقيقتي فهذا لا يمنعني من الارتباط بها فحياتي الزوجية لابد ان تكون غير مرتبطة بأي إنسان آخر حتي لو كان هذا الانسان هو أختي لأنني أقدس الاستقلالية في الحياة لذلك لا أري أن الزواج بالبدل مشكلة تقابلني عند الزواج.
ويقول عادل صادق معيد بكلية الآداب بسوهاج: إن الزواج يقوم علي ركائز أساسية تتمثل في التفاهم والتبادل العاطفي والمودة بين الطرفين وعلي قاعدة عريضة من التماثل في العادات والتقاليد وأيضا التكافؤ الاجتماعي وحالات الزواج التي لا تلتفت الي تلك الركائز لا تعدو كونها تجارب قابلة للنجاح أو الفشل وهذا النمط من الزواج بالبدل يمكن قبوله إذا كانت بين أطرافه مبادلات عاطفية ودراية كل طرف بقيم وآخلاقيات وفكر الطرف الآخر وفي هذه الحالة تتوفر لهذا الزواج مقومات النجاح.
أما إذا كان هذا الزواج قائما علي المبادلة لتحقيق مصالح تخدم الطرفين فلا يمكن التنبؤ بنجاحه لأن أطرافه تنغمس في متاهات كثيرة سيكون لها تأثير سييء علي العلاقات الزوجية.
أما مروة محمد قاسم طالبة جامعية فتوافق علي هذا النوع من الزواج وتستند الي انها تعيش في أسرة بها نفس الحالة فوالدها متزوج من شقيقة زوج أخته وجميع الأطراف يعيشون حياتهم الزوجية في استقرار وطمأنينة وحب بين جميع الأطراف والود مستمر بينهم دائما.
وتقول رضا جمعة طالبة بالمعهد الفني التجاري: أنا لا أرفض مثل هذا الزواج إذا كان العريس يتقدم لذاتي فإذا توافر الانسجام بيني وبين عريسي فلا مانع يقف أمام حياتنا لأن هذا الانسجام يحمي العلاقة الزوجية من أي مشاكل تقابلنا ويكفل لي الاستقرار طوال الحياة الزوجية.
وتقول تهاني سعد طالبة جامعية: أنا أرفض أن أرتبط بعريس يدخلني في مثل هذه الدائرة وتستشهد بجيرانها الأربعة الذين انتهت علاقاتهم الزوجية بالطلاق.
أما سمر محمود عبدالغني طالبة جامعية فتقول: أوافق علي هذا الزواج مادام العريس متفقاً معي في السلوك الطيب ويتميز بالعقلانية التي تسمح بالتفاهم في كل الأمور فمادام قد توافر الحب والتفاهم فلا أجد ان الزواج بالبدل مشكلة تهدد استقراري في الحياة الزوجية خاصة في القاهرة لأن العلاقة الزوجية تتميز هنا عن الريف.. في أنها تكون مستقلة عن باقي الأسر حتي الأقارب تكون كل أسرة مستقلة عن الأخري لذلك فالزواج بالبدل لا يوجد فيه مشكلة تقابلني عند الزواج.
ويضيف الدكتور جمال عزب أستاذ جراحة المخ والأعصاب بكلية طب الاسكندرية بعدا آخر للزواج بالبدل حيث يمكن ان يكون أحد الطرفين حاملا للأمراض الوراثية حيث يصل عددها الي 6 آلاف وهي في معظمها مزمنة وغير قابلة للعلاج وتحدث إعاقات ذهنية وجسمانية ومنها خلل الكروموسومات والجينات والتي تتوارث بعدة طرق سائدة ومتنحية ومرتبطة بالجنس ومعدلات الطرق المنتجة غير عالية والنسبة أعلي من حاملي العوامل الوراثية فإذا تزوج اثنان يحملان نفس المرض ينجبان أطفالا مصابين بالإعاقة أو مشوهين وهذا النوع من زواج المقايضة مرتفع في المجتمعات البدوية والصعيد والواحات ومطروح.
لكن ماذا يقول علماء الاجتماع؟ تري الدكتورة ليلي عبدالوهاب استاذ علم الاجتماع بجامعة بنها أن مثل هذا النوع من الزواج غالبا يكون مصيره الفشل وعدم النجاح حيث انه يتم غالبا بالاتفاق بين الأسرتين ولا يكون للزوجين دور فعال في الاتفاق الذي يتم بين الأهل لذلك يكون في مثل هذا النوع من الزواج شيء من الإجبار والإكراه فلا يتوافر فيه ركن أساسي وهو الاتفاق بين الزوجين.
وتضيف الدكتورة ليلي عبدالوهاب قائلة: ان مثل هذا الزواج له سلبياته علي الجنين نفسه الناتج عن العلاقة الزوجية فغالبا تكون العلاقة الزوجية قائمة حيث يتغلب عليها عدم الاستقرار لتدخل الأهل في كل صغيرة وكبيرة.
أما الدكتورة سوسن عثمان أستاذة الاجتماع بكلية الخدمة الاجتماعية فتقول: إن مثل هذا الزواج يكون ناجحا إذا حدث التفاهم بين الطرفين وبالمصادفة مادام لم يتدخل الأهل فالزواج غالبا يكتب له النجاح والاستقرار أما إذا حدث هذا الزواج بناء علي رغبة الأهل فغالبا ينتهي الزواج في مثل هذه الحالة بالفشل أو استمرار المشاكل والصراع بين الأسرتين وسيظل هذا الصراع موجودا حتي لو كان العروسان متفاهمين لذلك فالزواج بالبدل ان لم يأت عن طريق المصادفة فلا يكتب له النجاح والاستمرار.
وحول هذا النوع من الزواج تقول د. نادية رضوان أستاذة علم الاجتماع: الوضع الاقتصادي للزواج أصبح هو المتحكم في ارتباط الشباب، ولعل زيادة العنوسة وارتفاع سن الزواج لدي الشباب يعود للحاجة الاقتصادية التي أجبرت الكثيرين علي التساهل، فبعد أن كانت شبكة العروس بعدة آلاف من الجنيهات أو خاتم ألماظ أو خلافه حدث تنازل كبير وأصبحت دبلتين وأسورة وخاتم ذهب.. وأما باقي الطلبات لتأسيس عش الزوجية فيتم الاتفاق عليها فالشاب يؤسس شقته ويساعده فيها أهل العروس ويشترون معه الأجهزة الكهربائية.
بل تبدلت أفكار كثيرة لدي الشباب وأولياء الأمور أدت الي تكسير وإذابة طبقة الجليد الموجودة حول مفهوم الزواج، وقد كان من أثر التغيرات البنائية التي طرأت علي المجتمع المصري وما صاحبها من ارتفاع هائل في الأسعار، أن أصبح الزواج نوعا من الرفاهية التي لا يستطيع الكثير من الشباب التمتع بها إلا بشق الأنفس، خاصة إذا حاول تحقيق هذه الرفاهية في ضوء قيم الاختيار التقليدية للزواج، حتي وان اتفق الشريكان علي أن تبدأ حياتهما بصورة في غاية التقشف، قانعين بمجرد أن يظلهما سقف واحد مكتفين ب "كَنَبَة وَقُلَّة وَكُبَّاية" علي رأي بعض الحالات. إلا ان انعكاسات الأزمة الاقتصادية التي اخذت بتلابيب أسعار كل السلع في مصر لا تتيح الفرصة أمامهما لتحقيق حلمهما الخاص بتوفير سقف يظلهما.
وفي الوقت الذي يعلو فيه صوت الشباب بالشكوي من عدم قدرتهم علي توفير منزل الزوجية مهما تواضعت تصوراتهم وطموحاتهم نجد هناك بعض الفئات الآن بدأت تتنازل عن كثير من اشتراطاتها.
بل بدأ زواج المبادلة ينتشر ويأخذ شكلا جديدا، فالشاب يتزوج شقيقة خطيب اخته والعكس، يحدث أن يقوم الأب بتزويج ابنه وابنته بتكاليف مشتركة مع الأب الآخر، وشراء المستلزمات يكون بالشراكة مما يوفر في هذا الشكل الجديد قدراً كبيراً من النفقات.
وتضيف د. نادية وتقول: وان كان زواج المقايضة أو المبادلة لا يتم بتخطيط مسبق إلا انه صورة من صور التيسير والحل في البحث عن شريكة حياة، وصورة من صور الالتفاف علي تكاليف الزواج بعيدا عن الإرهاق لكلا الطرفين.
علي منصور


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.