من يتأمل فوضي الإعلانات في الشوارع وعلي واجهات المباني المختلفة يستطيع أن يتحقق من مستوي التدني الذي وصل إليه الذوق العام في بلدنا ..إن العشوائية أصبحت هي السمة البارزة اعتراض العضو الموقر يقوم علي أن الحكومة لم تحسن القسمة والعدل بين الأعضاء في توزيع الغنيمة المصرية علي ممثلي الشعب ليست فقط في المناطق التي تشكلت حديثا دون تخطيط ولكن في قلب العاصمة والمدن الكبري وللأسف فإن قضية "التنسيق الحضاري" لا تلقي أي اهتمام لدي المسئولين حيث يعتبرها الكثيرون منهم "قضية ترفيه"، ويتعاملون معها بمنتهي السلبية والتراخي، ولا أعرف هل القوانين صارمة في هذا المجال بالقدر الذي يكفي لمواجهة هذا العبث السلوكي والفوضي التي أصبحت أمرا عاديا تتلقاه العيون كل يوم دونما أي اهتمام. والعشوائية لم تعد مقصورة علي فوضي الإعلانات بل نجدها تمتد للمباني كل المباني الحكومية قبل الخاصة ارتفاعات "ع الكيف" وهناك فوضي الطلاء بألوان بعضها مستفز ومتنافر وتحتل أجهزة التكييف التي تتصدر مع مواسير الصرف والمياه واجهات الكثير من المباني لتساهم مع أشكال وأحجام النوافذ والتراسات في رسم ملامح هذه اللوحة العبثية أما عن سلوكيات الناس فحدث ولا حرج أحبال الغسيل تتصدر الواجهات تتدلي منها الملابس التي تتساقط منها قطرات المياه علي المارة "كراكيب" كثيرة تستقر في التراسات والأسطح كثير من السلبيات تحتاج لوقفة جادة وحاسمة للتصدي لهذا التسيب واللامبالاة. والواقع أنني أشفقت علي الصديق سمير غريب عندما تولي رئاسة المجلس القومي للتنسيق الحضاري رغم كفاءة الرجل وحماسه ورؤيته المتحضرة لكنني أدرك أن الأمر يتعلق بالعديد من الجهات الأخري وبالدرجة الأولي بسن القوانين الرادعة والملزمة التي تجرم العبث بالمباني والذوق العام... وحتي تصدر مثل هذه القوانين لابد من تفعيل القوانين الحالية مع التشدد في تنفيذها وفي نفس الوقت فإن علي أجهزة الإعلام أن تتفاعل مع هذه القضية الحيوية خاصة التليفزيون الذي يجدر به القيام بحملات متتالية يعدها خبراء متخصصون من أجل ترقية السلوك العام وتربية النشء علي أهمية مراعاة التنسيق الحضاري وبالطبع فإن هذا الكلام يصبح هلاميا وغير ذي جدوي في غياب الإمكانات المادية اللازمة لدعم هذه القضية التي اقترح أن تصبح هي المشروع القومي الذي يجب أن تلتف حوله الأمة كلها وأن تحدد مدة معينة لإنجازه ولا أعرف هل للمنح الدولية دور في دعم هذا المشروع لأن أهميته تأتي متلازمة مع قضية حماية البيئة والارتقاء بها.. وقد يقول قائل إن لدينا مشاكل أكثر أهمية مثل الصحة والتعليم وغيرها وأن التنسيق الحضاري ليس بأهمية هذه القضايا وهنا أقول إن الشعوب المتحضرة لا تتعامل مع القضايا التي تعكس تقدمها الحضاري والسلوكي بهذا المنطق، فهذه النظرة هي التي اغتالت الإحساس بأهمية البيئة والتنسيق الحضاري في حياتنا. بقي أن اقترح علي الصديق والمسئول الكفء سمير غريب أن نبدأ بنشر صور المباني في الدول المتقدمة حضاريا ونركز علي صناديق الزهور في الشرفات. هذا المشهدالذي نفتقده مع الأسف في بلدنا وهو أمر لا يلقي بأعباء علي المواطنين أغنياء أو فقراء وهي أيضا دعوة لوزارة الزراعة أن تقدم هذه النباتات والزهور بسعر رمزي للغاية حتي تشجع الناس أن يتخلصوا من كراكيب التراسات لتحل محلها نباتات الزينة لعلها تكون الخطوة الأولي في طريق الألف ميل.. والله من وراء القصد.