أسعدتني تلك المبادرة الطيبة من -زميل العلوم السياسية- الدكتور عبدالمنعم سعيد بأن يعلق علي أدائي من داخل البرلمان، بمقال تحت عنوان (مائة ألف جنيه لكل نائب في مجلس الشعب!)، علي صفحات جريدة "نهضة مصر" يوم 5 فبراير 2007، ولكن أحزنني أن يسيء فهم ما قصدت. والفارق في إدراك الموقف فيما بيننا هو أن د. سعيد هو باحث سياسي قدير فقط، بينما أنا علي الطرف الآخر نائب عن الشعب الذي يحاسب جماهيرياً بالإضافة إلي أنني أكاديمي وباحث في العلوم السياسية. فقد رتب تقييم أدائي علي ما نشر في جريدة "الأهرام" يوم الأول من فبراير 2007م، (مائة ألف جنيه لكل نائب من نواب الحزب الوطني لكي يستخدموها في تمويل مشروعات خاصة بدوائرهم، وهو الأمر الذي رد عليه د.مفيد شهاب بأن الحكومة لن تعطي نواب الحكومة فقط وإنما أيضاً نواب المعارضة دون تمييز). وأشار د. سعيد، إلي أنني لم أرفض المبدأ بل طالبت بضرورة المساواة بين النواب، وعلق بأن النائب الموقر اعترض علي أن الحكومة لم تحسن القسمة والعدل بين الأعضاء من توزيع الغنيمة المصرية علي ممثلي الشعب. وعلي الرغم من أنني أشكر د. سعيد علي اهتمامه بأدائي في إحدي القضايا الجزئية للغاية فقد أثرت تحت القبة ما كان يستحق منه كل الاهتمام باعتباري زميلاً في العلوم السياسية كما أشار في مقاله، إلا أنني أود توضيح رؤيتي في التالي: - خلال تعليقي علي بيان الحكومة في خمس دقائق طبقاً لما هو محدد، أشرت في إحدي النقاط من بين عشرات النقاط التي تناولتها، إلي أن الحكومة تتعامل مع النواب بنوع من التمييز فيما تخصصه من خدمات للدوائر المختلفة. فهي تحرم المعارضة والمستقلين من كثير من الخدمات التي يجب أن تقدم للدوائر، وأعطت الحكومة لنواب الحزب الوطني الحاكم الكثير من هذه المزايا ومنها (وظائف لأبناء دوائرهم بلا حدود، تأشيرات بالموافقات الصريحة علي عكس ما تعطي لنواب الدوائر الأخري، منح وقروض تخصص لدوائر الوطني، ومشروعات في مجالات المياه والصرف والطرق لدوائر الوطني وحرمان الأخري"!! وأستطيع أن أعدد لك وللقراء الكثير من هذه المزايا التفضيلية التي لا توافق علي التمييز بين المواطنين عند منحها. وهذه المزايا ليست شخصية للنائب، ولكنها لأبناء الدوائر المرضي عنها من قبل النظام. ومن ذلك ما قامت به الحكومة وعلمنا به من زملاء نواب أفاضل من الحزب الوطني، حيث قامت بتخصيص مائة ألف جنيه لكل نائب من نواب الحزب الوطني لتقديم خدمات مباشرة للمواطنين، دون بقية الدوائر، وفي هذا تمييز وتمايز وتفرقة وعنصرية!!، ولا يجوز بأي حال أن تقوم به حكومة تحترم الشعب كله، وبالتالي فهي تنتهك المواطنة والحقوق الممنوحة للشعب كله، وتنتهك الدستور. واتهمت الحكومة باتهامين، الأول: أنها حكومة عنصرية لأنها تعطي للبعض وتحرم البعض من جماهير الشعب لأسباب سياسية بحتة، وكأنها تعاقب من لم ينتخب الحزب الوطني الذي يستر عورة الحكومة التي تعيش في الحرام من النساء ورجال الأعمال دون مراعاة لحقوق الشعب والغالبية الفقيرة من المواطنين. والثاني: هو أنها تهدر المال العام عندما تخصص مائة ألف جنيه في مجالات هامشية وغير منتجة والغرض منها دعم وجود النواب والتشابه مع أسلوب الإخوان المسلمين. كما أشرت في مقالكم، وكان الأجدي أن تخصص هذه المبالغ التي تصل إلي نحو (50 مليون جنيه) لإقامة مشروع في كل دائرة علي مستوي مصر كلها علي مدار السنوات الخمس (عمر البرلمان) بما يصل إلي نحو (250 مليون جنيه)!! أما ما أشار إليه د. مفيد شهاب بأن هذه المبالغ تصرف للجميع فقد قمت بالرد عليه بأنه مخالف للواقع وأن كلامه به مغالطات وأيدني جميع المستقلين والمعارضة في موقفي، خاصة أنني قد ذهبت إليه للتأكد قبل إعلان بيان الحكومة في 19 ديسمبر الماضي ولم يعقب د. مفيد!! وأخيراً، فإنني أقول عندما تكون منتخباً من الشعب لا تستطيع أن تسقط في حساباتك الدفاع عن مطلب جماهيري وهو المساواة أولاً تحت مبدأ المساواة في الظلم عدل، فما بالكم بالتمايز في تقديم الخدمات، فهو كل الظلم، ثم لا يغفل عني أن ما قامت به الحكومة هو تصرف غير سليم يجب محاسبتها عليه. وقد بادرت بحسابها بأسلوب جماهيري باعتباري نائباً عن الشعب، وحاسبتها بالحس السياسي القومي بأنها تهدر بذلك المال العام لكسب تأييد زائف هي ليست في حاجة إليه لو كانت حكومة قومية وطنية. وأخيراً أقول لكم إن الحكومة استطاعت أن تغير معارضة نواب الحزب الوطني لها وهو الذي ظهر في آخر جلسة بالدورة الأولي في 12 يوليو الماضي إلي تأييد كبير وتصفيق حاد في جلسة إعلان بيان الحكومة في 19 ديسمبر الماضي، ولي ولكم العزاء في الصالح العام!! دمتم زميلاً في العلوم السياسية، مراقباً جاداً وناقداً، والله الموفق.