عام جديد من الأمانى والتطلعات والأمل. الأمل فى العام الجديد أكثر من الأمانى، بينما ما زالت المنطقة تسير على حروف سكاكين. تبقى مصر مستقرة آمنة، بينما تزداد فى الإقليم معادلات الاضطراب، ومعاملات عدم الاستقرار. ينتهى العام الجديد، باعتراف إسرائيلى بأرض الصومال. الاعتراف له مليون دلالة، والهواجس حوله تتزايد، وترتقى فوق كونها هواجس إلى مخاوف، والمخاوف ترتفع إلى مستوى تهديدات محققة تستهدف مزيدًا من الاضطراب. فى المنطقة، مصر هى صمام الأمان، وهى معيار التوازن، وهى أيضًا صاحبة الخطوط الحمراء عند اللزوم وعند المقتضى. -1- حققت مصر اختراقات على المستويات الأعلى فى السياسة الخارجية 2025. شرم الشيخ على سبيل المثال، ونجاح القاهرة فى إدارة أزمة غزة، ودفع كل الأطراف إلى التوصل إلى هدنة، تنهى مرحلة شديدة الحساسية، مصحوبة بألوف الجرحى، وكثير من الغطرسة الإسرائيلية، كانت واحدة من أهم المحطات فى العام الذى ينتهى بعد غدٍ. تصدت مصر خلال سنوات الحرب الأخيرة فى غزة، إلى حلقات استُحكِمت فى مسألة التهجير. فرضت مصر السيادة، ورفعت وقتها راية الخطوط الحمراء. عدل اتفاق شرم الشيخ المسار، بعدما أجبرت الدبلوماسية المصرية صانع القرار فى واشنطن على تغيير بوصلته واتجاهه، على الأقل فى الوقت الجارى. يظل التهجير حلمًا مستمرًا لدى اليعاقبة فى تل أبيب. ويظل التصدى المصرى، خط دفاع أول وأخير، ودشمة من حجر صوان فى مواجهة أحلام البعض التى لن تجد مكانًا ولا إمكانية للتحقق فى مواجهة القدرة المصرية. خلال العام المنتهى، أدارت مصر معركة دبلوماسية عالية عالمية، أسفرت عن اعترافات غير مسبوقة بالدولة الفلسطينية. حجر جديد أضافته مصر إلى البناء فى اتجاه حلول عادلة للمسألة الفلسطينية، وفى إطار ثوابت مصرية واضحة تجاه القضية. ينتهى العام، وثوابت مصر مؤكدة فى كل المناسبات، وفى الملمات. مصر يحميها جيش رشيد، لا يعتدى، لكنه لا يسمح بالافتئات على حقوق شعب، ولا تهديد الأمن القومى. تدعم مصر مبادئ وحدة أراضى الدول، وتفرد الشعوب وحدها فى استغلال ثرواتها، وحماية مقدراتها. الأفكار المصرية فى إدارة الملفات الإقليمية أخلاقية تدعم الشرعية القانونية، والأبعاد الإنسانية. لذلك فالدعوة المصرية دائمة للحوار، وأبدية فى مناصرتها عدم اللجوء للقوة، واعتبار حقوق الشعوب خطوطًا حمراء هى وأراضى بلدانهم. فى الإقليم، تدعو مصر إلى الشراكة، القائمة على المصالح، والقائمة على الاحترام المتبادل والمنفعة لكل الأطراف. الإقليم مشتعل، والعالم كله يتغير، من حيث السياسة، ومن حيث الاجتماع. منتظر من الطفرات التكنولوجية مزيد من إحداث التغيُّرات فى معادلات السياسة، كما غيَّرت كثيرًا من الرسومات البيانية للاجتماع. التغيُّرات الشديدة والمستمرة هى السمة الثابتة الوحيدة فى السنوات المقبلة. تسعى الدول الكبرى إلى هيمنة فى التكنولوجيا، ما ينعكس على هيمنة من نوع جديد فى قنوات السياسة الدولية، وتبادل المنافع. السنوات القليلة الماضية، تغيرت أشكال الحروب وأدواتها وشكل الأسلحة وميادين القتال. بعد الحرب العالمية الثانية، دخلت حروب الثقافة، لترتفع أسهمها وتصل إلى حدها الأعلى بسقوط سور برلين وتفكك الاتحاد السوفيتى. من نهاية الثمانينيات، غط العالم فى معارك من نوع جديد، وتداخلات فى المصالح من طراز مختلف. للإنصاف، عقَّدت التكنولوجيا مسارات السياسة، وفى أحيان أخرى، زادت النقاط الملتهبة على الخريطة، وزادت من البؤر الحمراء. لعبت التكنولوجيا بالاقتصاد هو الآخر، لذلك فإن العالم خلال الخمسين عامًا المقبلة، سوف لن تخرج معاركه عن «سوفت وير».. وقدرة على شراء المطور منه، وقدرة على استغلال كم هائل من المعلومات ونقلها وتحليلها لتحقيق المصالح العليا للبلدان والشعوب. الأجيال الجديدة من طائرات الذكاء الاصطناعى، استطاعت فى حرب غزة الأخيرة التحقق من انتماء أشخاص على الأرض؛ إذا ما كانوا منتمين لحماس، أو غير منتمين لها، من أشكال أجسامهم، ومن حجم عضلاتهم، ومن سلوكياتهم وطريقة سيرهم فى الشارع. تدخل مصر العام الجديد، بقدرة ورغبة فى التعاطى مع كافة المستجدات. لا يمكن إنكار كم التحديات، لكن فى الوقت نفسه، لا يمكن تجاهل الرغبة المصرية فى الإصرار على النجاح. -2- ندخل العام الجديد بمؤشرات اقتصادية جيدة، فى اقتصاد متعافٍ، وواعد. الشهادة ليست محلية؛ إنما إشارات المؤسسات الدولية وإشاداتها معلومة فى هذا الإطار. تحسُّن المؤشرات الاقتصادية راجع لجهود أقدمت عليها الدولة المصرية، السنوات الماضية، تحملها المواطن، لتصل الدولة إلى ما وصلت إليه. تقارير البنك الدولى أشارت الأيام الماضية، إلى المؤشرات الإيجابية لتراجع معدلات التضخم تدريجيًا خلال عام 2026. منتظر أن تشهد معدلات التضخم أعلى انخفاض لها منذ سنوات. ينتظر المواطن انعكاس ذلك التراجع على أسعار السلع والخدمات. هذا التراجع يظل فى رقبة الحكومة، حتى يُنجز ويحدث. الاقتصاد مرشح لمعدلات نمو تزيد على ال%4، مع إمكانية الاقتراب من حاجز ال%5. واجب الحكومة هنا الدفع لاستمرار تحسن أداء الصناعة والسياحة مع رفع مستوى الخدمات، مع مزيد من تحسين مجال الاستثمار. تزايد الاستثمارات الأجنبية مبشر، تمامًا كما يبشر الارتفاع المستمر فى النقد الأجنبى. البشارات واضحة، والمواطن فى الانتظار.
يدخل المصريون العام الجديد، بأمل، وبمزيد من المتطلبات والتطلعات التى وعد الدكتور مصطفى مدبولى، مؤخرا بتحقيقها، وضمانها فى العام الجديد. مؤخرًا، وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى جهات الدولة بالسرعة فى استكمال منظومة التأمين الصحى الشامل لتشمل جميع المحافظات، إضافة إلى توجيهات مماثلة لتوفير المخصصات المطلوبة لمبادرة «حياة كريمة». الأخبار مفرحة، خصوصًا أن «حياة كريمة» هو أول مشروع قومى حقيقى استهدف بامتياز تحسين جودة حياة المواطن فى الريف، ونجح فى هذا، بالورقة والقلم. المسار مبشر، على كل المستويات. ونجاح استمراره يبقى مرهونًا بقدرة الحكومة على الحفاظ على التوازن بين متطلبات التقدم الاقتصادى وبين الأبعاد الاجتماعية. يتطلع المواطن، فى العام الجديد، إلى خفض أعباء المعيشة. الأسعار على رأس أولوياته، للحياة اليومية، بينما مزيد من التطوير فى المنظومة التعليمية والصحة، واستمرار إتاحة فرص العمل على رأس متطلباته لضمان المستقبل على المديين المتوسط والطويل. يدخل المصريون عامًا جديدًا بيقين فى استمرار الاستقرار، وقوة دولة تكثر حولها الملمات، وهى قادرة على إدارتها مثلما يقول الكتاب. ويدخل المصريون عامًا جديدًا، بوعود من الدكتور مصطفى مدبولى بمفاجآت منتظرة الفترة المقبلة. نصدق الدكتور مدبولى .. وفى انتظار مفاجآته.