أيام مباركة وأعياد سعيدة هَلَّتْ علينا تباعاً. متقاربة.. متزامنة.. متلاحمة.. متشابكة من "أضحي مبارك" إلي "عام جديد" و"ميلاد مجيد" وكأنها رسالة من السماء إلي مصر بأنها في دعة وأمان كما ذكرها القرآن الكريم، ومباركة كما ذكرها الانجيل، وانها ستبقي حتي قيام الساعة وطناً للحب والتسامح وموطناً للوسطية والاعتدال والسلام. مصر.. أبداً لن تسقط في فخاخ المتآمرين المتربصين بأمنها وسلامتها.. أعداء الداخل والخارج، قلة من العاقين وكثرة من الخصوم تحالفوا وتعاونوا علي الإثم والعدوان رغم اختلاف مشاربهم ومبادئهم.. اتحدوا جميعا للتكالب علي مصر والسعي الحثيث لاسقاطها في بحور في الفتن والفوضي والضياع.. ولكن "هيهات!!" فنحن لهم بالمرصاد هؤلاء وأولئك الذين نَصَّبُوُا أنفسهم أو صياء علينا وكأننا قُصَّرْ لم نبلغ بعد سن الرشد يتحدثون الينا من علياء وكأننا قوم من الاميين والجُهَّالْ. ينطقون هكذا يتخيلون بلسان المنطق والحكمة وهم أبعد مايكونون عن الرزانة والرصانة والحكمة يتحدثون باسمنا مسلمين كنا أو أقباطا في محافل الداخل والخارج ونحن لم نمنحهم توكيلاً او ترخيصاً بذلك من تري يكونون؟! بل من هو المتفرد بينهم حتي نجمع له توقيعات المصريين وكأنه "زغلول" زمانه فوضنا، نيابة عنا لمفاوضة المحتلين!! جمعوا حولهم صغار النشء ليظلوا كباراً، وابتعدوا عن عقلاء وحكماء الوطن حتي لايصغرون في عيون ناسهم وأيضاً أسيادهم!! فشلوا فشلاً ذريعاً ومع ذلك يتربصون بنا يتحينون الفرص للانقضاض علينا تارة باسم الحداثة والتنوير وتارة أخري باسم الاصلاح والتطوير وهم والله في مسيس الحاجة للتقييم والتقويم والي من يضئ عقولهم! ينظرون لنا بمصطلحات ومسميات وكأنهم من "عليين"، جاءونا من فضاء غير منظور، ينطقون في مجالسهم ومنتدياتهم الصبيانية ب "العولمة" و"الكوكبة" و"الكونية" ويكررونها كالببغاوات علينا وكأننا لانقرأ ولانفهم.. كأننا خرجنا للوجود من كهوف وجحور وليس من بطون أمهاتنا مثلهم!! يلوكون بألسنتهم ألفاظاً وكأنها المزامير مثل "العيش المشترك" و"المواطنة" ونسو أو تناسوا جهلاً أو عمداً أننا بالقول والفعل.. بالجسد والروح شعب واحد.. كلنا مصريون. متساوون في الحقوق والواجبات امام الدستور والقانون، واننا لسنا في مصر ولن نكون أبداً فرقاً وشيعاً وقبائل وعشائر مثل عشائر الانبار وكركوك والموصل والبصرة ونجف وتكريت!! يدغدغون مشاعرنا ويلعبون علي أوتار الفقر والعوز فينا بيافطات فضفاضة مثل "كفاية" وأخيراً وليس آخر "صامدون" ونحن نقول لهم بحناجر وقلوب موحدة كفاية عبث.. كفاية هزل.. ونحن الصامدون أمامكم ولكم. يصنفوننا بلغة السياسة بين دولة وشعب.. وبلغة التاريخ بين رجعيين وتقدميين.. وبلغة الجغرافيا بين شمال وجنوب.. وبلغة الدين بين مسلمين واقباط.. وباللغة المذهبية بين سنة وشيعة وأخيراً بهائيين وما خفي في جرابهم أعظم!! وبين أرثوذكس وكاثوليك وبروتستانت وأخيرا وليس آخر "ماكسيين" و"زخاريين" ماهذا العبث وإلي أين تريدون أن تأخذونا!! لكل هؤلاء وأولئك اقول مؤكداً بأن الشريحة الكبري من أهل بلادي هم مصريون بسطاء نعم نحن بسطاء نعم نحن نعاني من غلاء المعيشة، لكننا بحكم الجغرافيا والتاريخ والدين فإننا نحن المصريين مسالمون ومعتدلون سواء مسلمين او اقباط، نحن المصريين نعشق الحياة ونحب الحرية ونكره القيود والاغلال ولانقبل بأي وصايات منكم او من مموليكم نحن لانقبل أبداً المساس بالوطن لاغدراً ولاخيانة، لابيعاً ولا شراء ففي هذه الارض الطيبة ولدنا، وعلي هذه الارض الطيبة سنواري الثري فيها نتعلم ونعمل ونأكل ونشرب ونسكن نعيش معاً حياتنا بالطول والعرض، نتخاصم ونتصالح، نبكي ونضحك، نتفق ونختلف، متجاورون متزاملون متشاركون في ألوان الحياة بحلوها ومرها نحن المصريين البسطاء لسنا في عداء مع الدولة لأن الدولة منا ونحن منها، قد نختلف في بعض توجهاتها لكننا ملتفون حولها داعين لها بكل الخير، آملين لها كل تقدم وازدهار في أهدافها، نحن المصريين البسطاء لانقبل ابداً تحت اي مسمي المساس بالرموز والاديان.. من أنتم.. من تكونون حتي تتعرضوا للقدم والذم والتجريح لاصول عقائدنا ورموز اسلامنا ومسيحيتنا!! من أنتم حتي تسيئوا لرأس الازهر وامامه الاكبر ورأس الكنيسة وحبرها الاعظم! أظن ان الوقت قد حان بالفعل إما لتعملوا صالحاً او تبتعدوا بشروركم عنا.. اما ان تعودوا لصواب العقل واعتدال الدين او تدخلوا الجحور لتؤويكم بعيداً عن نور الشمس ونور الايمان ونور العقل فالانوار تخيفكم واين انت ايها الملك العظيم "لير" ليسمعك المصريين كل المصريون لتروي لهم كيف أراد اصحاب الحيل والمكائد الضاحكون في الوجوه وقلوبهم سوداء كالحة السواد.. الناطقون بلسان معسول وهو مملوء بالسم الزعاف ان يسرقوا مملكتك استحوذوا عليها حين..اً حين أطروك مدحاً سرقوا هيبتك وعزك وكرامتك وجعلوك طريداً شريداً لاتجد حجراً تسند اليه رأسك ولاحتي كوخاً يؤويك، ولم يقف بجانبك سوي البسطاء الذين احاطوك بحبهم، ولم تؤازرك من ذريتك سوي ابنتك الصغيرة التي احبتك لانك فقط أبوها وليس مليكها امتدحت فيك ابوتك فلعنتها وطردتها من جنتك التي منحتها لابنتيك الاخريين اللتين عاثا مع أذنابهما شرآ وفساداً في ربوع مملكتك كمموا الافواه وأغلقوا ابوابها امام الدنيا لم ينقذك ومملكتك التي كانت ملء السمع والبصر سوي المخلصين الشرفاء. ثلاث ساعات متواصلة.. وأنا في حالة ذهول ودهشة غير قادر علي الضحك ولا البكاء ولا حتي بقادر علي الصراخ ولم يفك كربي سوي صرخة الملك لير العظيم المدوية وهو يسقط مفارقاً الحياة بجوار ابنته الصغيرة الشريفة العفيفة المخلصة الوفية سقط لير العظيم ولكن لم تسقط مملكته، صرخة لير ياسادة أيقظتني من غيبوبتي وحركت في داخلي كل الحواس وقفت مع الجموع نصفق بحرارة ونبكي بحرقة ونضحك في فرح، ونصرخ جميعاً وكأنها حكمة نرددها: "الله عليك يامصر" رغم ان لير لم يكن ملكاً مصرياً ولا كانت مملكته مناً. وتأكدت وأنا مازلت في حالتي ما بين الضحك والبكاء والصراخ وتصفيق الجمهور ان مصر ما دام فيها مسجد وكنيسة، ودار علم ودار فكر، ومادام فيها فقه وشريعة ولاهوت، وفن وادب ورياضة ومادام فيها دار مسرح ودار سينما ودار اوبرا ستبقي باذن الله نابضة بالحياة... بإذن الله في أمن وأمان حتي يوم الدين مادامت فيها عيون ساهرة تحمينا من أعداء الخارج وأعداء الداخل.