طالب تقرير بعثة تقصي حقائق المنظمة المصرية لحقوق الانسان حول حادث قطاري قليوب الحكومة المصرية بإنشاء مجلس اعلي لسلامة النقل مستقلا عن الوزارة وتكون مهمته التحقيق في الحوادث الجسيمة التي تقع في مجال النقل، كما يقوم بوضع القواعد والمواصفات التي ترفع مستوي الأمان ونشر الثقافة الخاصة بعملية سلامة الركاب اثناء نقلهم عبر أية وسيلة مواصلات. وحددت المنظمة في تقريرها عدة اسباب لوقوع حادث التصادم وهي غياب المساءلة والمحاسبة لكبار المسئولين والقيادات في حوادث القطارات وهو ما ادي الي تكرار مثل تلك الحوادث. ففي حادث قطار الصعيد والذي راح ضحيته ما يقرب من 350 قتيلا ومئات الجرحي لم يتم محاكمة اي من القيادات المسئولة وتم تقديم 11 متهما من صغار الموظفين والعمال بهيئة السكك الحديدية والذين قامت محكمة الجنايات بتبرئتهم. بالاضافة الي الاهمال الجسيم وسوء الادارة وغياب اعمال الصيانة عن واحد من اهم مرافق النقل بمصر ادي الي تردي اوضاع عربات القطار وغياب آليات الامان مما مثل سببا رئيسيا في وقوع تلك الكارثة وارتفاع عدد الضحايا، وتكدس عربات القطار بالركاب وانعدام النظام مما كان عاملا مؤثرا في ارتفاع اعداد الضحايا ومن الملاحظ ان تكدس الركاب بعربات القطارات كان عاملا مشتركا في كل حوادث القطارات. كما اتضح ان الحكومة المصرية غير قادرة علي ادارة ازماتها بشكل جيد فقد رصدت بعثة المنظمة معاناة المواطنين في الوصول الي اسماء الضحايا من المصابين والمتوفين علي حد سواء حيث تم توزيع الضحايا علي اكثر من مستشفي وظل المواطنون يتنقلون بين المستشفيات بحثا عن ذويهم وعلي الرغم من ذلك فان بعثة المنظمة قد لاحظت ان آلية التعامل مع تلك الكارثة كانت افضل مما سبق. كما لا يزال حجب المعلومات وامتناع العديد من المسئولين عن الادلاء بالمعلومات للصحفيين وبعثات المنظمات الحقوقية يمثل عائقا امام تلك الجهات للاداء بالدور المنوطة به وهو محاولة كشف الحقائق كاملة للرأي العام فعلي سبيل المثال رفض ناظر محطة قليوب الادلاء باية معلومات لبعثة المنظمة المصرية لحقوق الانسان وكذلك رفض المسئولون ببرج التحويلة بمحطة قليوب الادلاء باية معلومات لبعثة المنظمة ولبعض الصحفيين وكاد الامر يتطور الي التشابك بالايدي بين الصحفيين ومسئولي التحويلة والذين قاموا باجبار بعثة المنظمة والصحفيين علي الخروج من مبني التحويلة. واضاف التقرير ان حوادث القطارات في مصر ليست بالحوادث الجديدة ففي الخمسة عشر عاما الماضية شهدت مصر سلسلة من الحوادث الكبري كانت بداياتها في فبراير عام 1992 عندما اصطدم قطاران خارج القاهرة ليخلفنا وراءهما 43 قتيلا ويشهد ديسمبر 1993 حادث تصادم بين قطارين علي بعد 90 كيلو مترا شمال القاهرة ادي الي مقتل واصابة 72 مواطنا وبعدها بعامين وتحديدا في ديسمبر 1995 اصطدم قطار بمؤخرة قطار اخر ليلقي 75 مواطنا مصرعهم، وفي فبراير 1997 قتل 11 مواطنا بسبب اصطدام قطارين شمال اسوان وفي اكتوبر 1998 قتل ما لا يقل عن 50 مواطنا وأصيب اكثر من 80 آخرين في حادث خروج قطار عن القضبان بالقرب من الاسكندرية، ويشهد عام 1999 حادثي تصادم الاول في ابريل وهو الحادث الذي وقع في شمال القاهرة 50 كيلو مترا وأدي الي مقتل عشرة افراد واصابة 50 آخرين وفي نوفمبر من ذات العام خرج احد القطارات عن القضبان مما ادي الي اصابة 7 ووفاة 10 آخرين، وشهد عام 2002 ابشع واضخم كوارث القطارات حينما اشتعلت النيران في عربة احد القطارات قرب مدينة العياط 50 كيلو جنوبالقاهرة في ليلة وقفة عيد الاضحي ولقد لقي قرابة 300 مواطن حتفهم حرقا وأصيب المئات وتختتم تلك السلسلة بحادث قطاري قليوب والذي راح ضحيته ما يقرب من مائتي قتيل وجريح. واضاف التقرير ان الحكومة المصرية (وعلي الاخص وزير النقل والمواصلات) يقومون بتسويق جملة من الحجج والمبررات منها ان قطاع السكك الحديدية يتكبد خسائر مالية طائلة وان وزير النقل سبق ان حدد مطالبه في الحصول علي ما يزيد علي ثمانية مليارات جنيه مصري لتطوير مرفق السكك الحديدية والذي بات متهالكا. واضاف التقرير ان تلك الحجج قوبلت باستياء شديد من قبل القوي السياسية المعارضة والتي اكدت علي ان الحكومة قد تستخدم حادث قطاري قليوب بشكل مشين من اجل تبرير خصخصة السكك الحديدية وهو الامر الذي قوبل بالرفض من قبل العديد من الدوائر السياسية والاوساط الشعبية. ويلفت التقرير الي ان غالبية حوادث القطارات التي وقعت خلال الخمسة عشر عاما الماضية كانت لقطارات الدرجة الثالثة دون قطارات الدرجات المميزة وهو ما يعني ان الحكومة المصرية ومرفق السكك الحديدية أولت الاهتمام الكبير للقطارات المميزة دون الاكتراث بقطارات الدرجة الثالثة ويتضح هذا جليا انه منذ عام 2002 حتي وقع حادث قطار الصعيد اصدرت الحكومة العديد من التصريحات بانها ستولي اهتماما خاصا بتحديث عربات قطارات الدرجة الثالثة الا ان هذا لم يحدث بشكل ملموس. وطالبت المنظمة في توصياتها بسرعة اجراء تحقيقات فورية بشأن ملابسات الحادث وكشف الاسباب التي ادت الي هذه الكارثة ومحاسبة المسئولين عنه واعلان ذلك للرأي العام في اسرع وقت وكذلك اعادة فتح التحقيق في الكوارث الانسانية السابقة بدءا من حوادث القطارات اعوام 1992 و1993 و1994 و1995 ثلاث حوادث و1997 حادثين و1998 و1999 و2000، و2002. وكذلك العمل علي صرف تعويضات مالية للضحايا من المصابين والمتوفين تتناسب وحجم الكارثة وتتوازي مع التعويضات المتعارف عليها دوليا في مثل تلك الحالات. وتشكيل لجنة من الخبراء والمتخصصين تقوم بالعمل علي اجراء كشف فوري ودوري علي مرفق السكك الحديدية والتأكد من سلامة القطارات ومطابقتها للمواصفات الفنية اللازمة لخروج تلك القطارات للعمل وكذلك العمل علي اعداد مخطط لتطوير المرفق. . وطالبت المنظمة بانشاء مجلس اعلي لسلام النقل اسوة بما هو متبع في معظم دول العالم ودعت مجلس الشعب الي اصدار قانون لانشاء مجلس مستقل متخصص لادارة الازمات يضم مجموعة من المستشارين في كل التخصصات المتعلقة بالكوارث الانسانية او الطبيعية وتخصص ميزانية مستقلة له، وألا يخضع لاشراف اي من وزارات الدولة، علي ان تتبع وحدات الازمة المفترض تشكيلها مستقبلا بكل وزارة لهذا المجلس.