أدي تهديد سورية بإغلاق حدودها مع لبنان إذا تم نشر قوة حفظ السلام الدولية علي الحدود إلي تعقيد النزاع بين القوي الدولية من أجل الموافقة علي صياغة دور للقوة الدولية في مراقبة وقف إطلاق النار الهش ومع ان الحكومة اللبنانية حاولت احتواء هذا التصعيد السوري من خلال الاعلان عن نشر الجيش اللبناني علي الحدود السورية بعد امداده بالمعدات اللازمة إلا ان هذا التهديد ادي إلي المزيد من عزلة الرئيس السوري بشار الأسد بشكل غير مسبوق. ويبدو أن اللقاء التليفزيوني الذي أجراه الأسد مؤخرا وتهديد وزير خارجيته باغلاق الحدود يستهدف أكثر من جمهور حيث إنه يذكر بيروت بأن لدمشق مصالح لا يمكن تجاهلها. فالطريق البري الوحيد الذي يربط لبنان بالعالم عبر سورية، وهو طريق حيوي حتي بدون الحصار الجوي والبحري الاسرائيلي. وكانت العلاقات بين سورية ولبنان في أدني مستوياتها منذ انسحاب القوات السورية من لبنان في العام الماضي عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. يذكر أن القرار 1701، الذي يدعو إلي وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله ونشر قوة دولية قوامها 15 ألف جندي، لا يدعو علي نحو خاص لقيام اليونيفيل بمراقبة الحدود السورية. ولكن القرار يقول إنه يمكن، بناء علي طلب الحكومة اللبنانية، المساعدة في تأمين الحدود والحيلولة دون دخول الأسلحة بشكل غير مشروع للبنان. وتهيمن علي الحكومة اللبنانية أحزاب قريبة من سوريا وقد حذر الرئيس السوري بشار الأسد بأن السماح للقوة الدولية بتنظيم دوريات علي الحدود سيكون عملا عدائيا "سيخرب" العلاقات بين البلدين. وكان القتال في لبنان قد كرس لانقسامات عميقة بين سورية ودول عربية أخري ألقي بعضها باللوم علي دمشق في إذكاء نار الأزمة بدعمها وتسليحها لحزب الله. وقد لقي خطاب الأسد أصداء إيجابية في الشارع العربي حيث تريد سورية تقديم نفسها بوصفها الدولة الوحيدة المستعدة للتصدي لاسرائيل من خلال دعمها للميليشيا الشيعية في لبنان. ففي خطاب حاد اللهجة ألقاه الأسد في الأسبوع قبل الماضي وصف منتقدي حزب الله لاحتجازه جنديين إسرائيليين "بأنصاف الرجال" الأمر الذي أثار أزمة فجاءت افتتاحيات غاضبة مناوئة لسورية خاصة في صحفنا المصرية والأردنية والسعودية. وحاول الأسد تخفيف الأزمة بأن صرح بأنه لم يقصد بتصريحاته قادة تلك الدول. وتعتقد سورية أن بوسعها أن تكون لاعبا رئيسيا في المنطقة وذلك بالنظر إلي علاقاتها مع حزب الله وحماس وإيران. ولكنها مازالت معزولة دبلوماسيا. ومازالت الولاياتالمتحدة تنظر إلي سورية باعتبارها جزءا من "محور الشر". وهو الأمر الذي رفضت معظم الدول الأوروبية المشاركة فيه وقد أرسلت أسبانيا وزير خارجيتها إلي دمشق خلال الحرب. أما ألمانيا فقد ألغت زيارة بعد خطاب السدالحاد. ولكن يبدو أن ذلك علي وشك التغير حيث أعلن في مقر الأممالمتحدة في نيويورك أن كوفي عنان أمين عام المنظمة الدولية سيضمن سورية خلال جولته الشرق أوسطية القادمة. وإذا كان هناك هدف نهائي يسعي الرئيس الأسد إلي تحقيقه فهو استعادة مرتفعات الجولان الاستراتيجية التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967.