رغم أن تدهور الوضع في الشمال قد أعلن كحرب لااختيارية، إلا أن اسرائيل تستطيع التأثير علي استمراريتها ونتائجها اذا اعترفت بأن للساحة اللبنانية مغزي يتجاوز السياق اللبناني الاسرائيلي. إبعاد سورية عن لبنان خلق وضعا جديدا مفاده أن تحرش حزب الله العسكري باسرائيل لم يعد يفضي بالضرورة الي تصادم سوري اسرائيلي. كما أن اسرائيل لم ترد بقوة علي محاولات حزب الله للاختطاف في السنة الماضية من اجل عقد صفقة تبادل جديدة بعد أن لم تستكمل الصفقة الأخيرة. نمط التصرف هذا من قبل الجانبين دلل بدرجة كبيرة علي وجود توازن للرعب: حسن نصر الله مال للاعتقاد بأن اسرائيل لن تشن عملية واسعة بسبب منظومته الصاروخية، إلا أنها ستضطر الي التفاوض معه بصورة غير مباشرة حول صفقة جديدة. أما اسرائيل فقد مالت الي الاعتقاد بأنها قادرة علي ردع حسن نصر الله ودفعه الي عدم الإقدام علي عملية عسكرية استفزازية. اسرائيل اختارت خرق هذا التوازن القائم وشنت عملية واسعة النطاق، إلا أنها حددت أهدافها منها اعادة المخطوفين، ايقاف اطلاق الصواريخ ونشر الجيش اللبناني في الجنوب رغم عدم وجود تناسب بين تحقيقها وبين العملية العسكرية التي شنتها. الرد الجوي الهادف الي ممارسة ضغط لبناني داخلي علي حزب الله دفعه الي استخدام صواريخه والانجرار الي حرب لم يرغب فيها في التوقيت الحالي. كما أن ايران تعتبر استخدام الصواريخ الآن إهدارا استراتيجيا كان من المفترض به أن يساعدها في ردع اسرائيل في المجابهة المستقبلية حول المشروع النووي. من المحتمل ألا تتمكن اسرائيل من تحقيق هدف إبادة حزب الله، أو نزع سلاحه بصورة كاملة، وأن تضطر الي الاكتفاء بتقليص ملموس لقدراته العسكرية وتقليص الانجاز الذي يحصل عليه من مجرد استمرارية هذه الحرب، ومن مخزونه الصاروخي الذي بقي لديه. الجيش الاسرائيلي قريب من تحقيق هذا الهدف بعد أن ضرب المنظومة الصاروخية بعيدة المدي ووسع عملياته البرية. اذا تكرست صورة نصر الله كزعيم مهزوم في العالم العربي ومنبوذ من الداخل ومعزول من الناحية العربية لأنه ضحي بلبنان علي مذبح تعصبه الاسلامي سيكون من الممكن التنازل عن مطلبنا بنشر قوات دولية علي جانبي الحدود، أو دمج حزب الله في الجيش اللبناني. في هذا السياق سيكون من الضروري أن يختصر وجود اسرائيل في لبنان حتي لا تتسبب في اسقاط الحكومة اللبنانية، وتنسيق خطواتها مع الاممالمتحدة حتي لا تُحدق تطبيق القرار 1559 بالخطر. الوجود الطويل في لبنان قد يشكل خطرا علي الانجازات السياسية والعسكرية ويخلق الشروط التي تتيح لنصر الله أن يطمس معالم هزيمته العسكرية والحصول علي الدعم والتأييد المتراكم لفرض وقف اطلاق نار غير مشروط واخراج القوات الاسرائيلية من لبنان.