تقاس نهضة الدول وقوتها في عالم اليوم بما تنجزه من تطور في صناعتها وبضاعتها الإعلامية، تلك البضاعة التي يعتمد نجاحها بالأساس علي مايتوافر لدي الدول من مناخ صحي لحرية الرأي والتعبير. وقد أدركت القيادة المصرية ذلك مبكراً فأخذت تعمل علي توسيع هامش لحرية وذلك إيمانا منها بأن الصحافة بتعبير أحمد شوقي (لسان البلاد ونبض العباد). فانطلقت الصحافة المصرية نحو نقد الواقع وكشف الفساد والمطالبة بالتغيير والاصلاح، وبذلك قادت مصر خطوات التغيير واحتذت الدول العربية وفي مقدمتها دولة الكويت حذو مصر باعتبارها قلب العالم العربي، في فتح آفاق التعبير وحرية الرأي ومعالجة جميع القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية الشائكة بميزان الشفافية والوضوح، دون ان يعاقب صاحب فكر وطني مخلص علي جرأته في الطرح والتناول لأية قضية ولم تشهد ساحة الإعلام الكويتي قذفا لقلم او تجاهل لفكر وطني يخدم المجتمع ويسهم في تحديثه. وقد شهدت الصحافة الكويتية منذ انطلاقها عام 1928 وحتي يومنا مراحل مهمة في سياق تطورها ونضجها فقد عنيت الصحافة الكويتية بالانفتاح علي ثقافات العالم وعلي مجالات المعارف والعلوم والآداب المختلفة بهدف تنمية الفكر وتلقيح الثقافة الوطنية بمعطيات الفكر المعاصر، فظهرت مجلات (الثقافة العالمية)، (عالم المعرفة)، (عالم الفكر)، (سلسلة الإبداعات العالمية). وهذه المجالات التي تعكس خصوصية الإبداع والعناية بالتنوع والثراء العلمي والمعرفي، فضلا عن المجالات التي عنيت بطرح القضايا الاجتماعية والفنية مثل (المجالس)، (اليقظة)، (لنا) حيث عالجت بجرأة غير مسبوقة وحرية تعبير مشهودة القضايا الاجتماعية المعنية بحقوق المرأة حتي أنجزت المرأة الكويتية الكثير من طموحاتها في المجتمع. أما الصحف الكويتية اليومية و البالغ عددها سبعة صحف سياسية شاملة فقد تنافست في التعبير عن قضايا المواطنين ونقلت لحظة بلحظة وبكل شفافية مراحل الانتقال السلمي للسلطة بالكويت مؤخراً. واطلعت الرأي العام الشعبي والنخبوي علي ماجري في كواليس الاسرة الحاكمة وكيف طالب الشيخ صباح الأحمد الصباح بتنازل الشيخ سعد سالم الصباح عن حقه في حكم البلاد نظر لظروفه الصحية الحرجة حرصا منه علي مستقبل البلاد وكيف ان الشيخ سعد سالم قد تمسك بحقه في تولي الحكم، لكنه انتصر اخيرا لرأي أغلبية الأسرة الحاكمة في ان يقدم علي التنازل لتحقيق صالح الوطن. وقد حفلت منظومة الإعلام الكويتي بكوكبة من الرموز الإعلامية التي حفرت لها مكانة مرموقة لدي الرأي العام العربي ومنهم الكثيرون الشاعر خالد الحيان مدير تحرير مجلة المجالس ومعد بقناة الرأي الكويتية واحمد يوسف البهبهانئ رئيس تحرير مجلة اليقظة ونقيب الصحفيين الكويتيين الأسبق والدكتور سليمان العسكري رئيس تحرير مجلة العربي واحمد عبد العزيز الجار الله رئيس تحرير السياسة الكويتية والذي اجري حوارا مهما مع فخامة الرئيس محمد حسني مبارك الذي فتح له قلبه وعقله وأجابه عن كل مايشغله الرأي العام العربي بشأن القضايا العربية المصيرية والملفات الساخنة.