في ظل الصيف القائظ الملتهب طقسا وسياسة يتجلي في الأفق تساؤل مخيف يحمل من الأهوال الشيء الكثير بل والكثير جدا لاسيما في ضوء الصراعات المسلحة وحالة عدم الاستقرار التي تعيشها مناطق عديدة في العالم بل والمرشحة للمزيد من الانفجارات في قادمات الأيام مما يجعل التساؤل حول إمكانية تحول المشهد إلي صراع عالمي وحرب عالمية ثالثة أو رابعة أمراً قريباً من التحقق . وقد ذهب البعض إلي أن الحرب القادمة هي الحرب العالمية الرابعة من منطلق أن العالم شهد حربا عالمية ثالثة من قبل هي الحرب الباردة والتي جرت بين المعسكرين الشرقي والغربي وانتهت بانتصار الأخير ولو انه يبدو حتي الساعة انتصارا غير مكتمل لاسيما في ضوء ما نشهده من انحسار لليمين في أوروبا وأمريكا اللاتينية وعودة المد اليساري ثانية رافضا تلك الرأسمالية المتوحشة التي ميزت الغرب بمسحاتها اللاإنسانية. ومهما يكن الأمر فان التساؤل هل العالم مقبل علي حرب عالمية جديدة ؟ ولماذا القول هل هو مقبل ولا نقول هل يعيش بالفعل ابعاد هذه الحرب ؟ منذ نحو عامين أو يزيد قليلا أطلق مدير الاستخبارات المركزية الأمريكية السابق جيمس ولسي صيحة عالية مفادها " أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تعتبر اليوم في حالة حرب عالمية رابعة تدور رحاها في أكثر من مكان في العالم وخاصة في الشرق الأوسط . ويومها كان يقصد بكل تأكيد الحرب علي الإرهاب والتي دشنها الرئيس بوش في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر غير أن واقع الحال هذه الأيام يشير إلي أن ابعاد هذه الحرب الكونية أوسع واشمل واخطر من مجرد الحرب علي الإرهاب. في الأيام الماضية كتب يفيد بوسكو من اللوس انجلوس تايمز الأمريكية يقول إن هناك أربعة سيناريوهات لإشعال حرب عالمية ثالثة وان هذا الصيف الساخن يحمل إرهاصات هذه الحرب فماذا عن تلك الإرهاصات ؟ أول المشاهد التي يمكن أن تقود إلي صدام مسلح واسع هو مشهد قريب من ساكني الشرق الأوسط أي الاعتداءات الإسرائيلية العسكرية علي لبنان والتي تحمل نذر مواجهات اشد ففي ظل الهجمات الجوية المكثفة والإعداد لهجومات برية أوسع علي لبنان باتت كل من العسكرية السورية والإيرانية في حالة تأهب لمواجهة آتية لا ريب فيها بين إسرائيل وإيران وسوريا أما السيناريو المعد لهذا المشهد فيمكن أن يبدأ من خلال رصد الأقمار الاصطناعية العسكرية الأمريكية أو الإسرائيلية لشحنات من الصواريخ متوسطة أو بعيدة المدي قادمة من إيران عبر سوريا وساعتها ستقوم إسرائيل بضربها وبكل تأكيد وتحديد لن يقف رجال الحرس الثوري الإيراني مكتوفي الأيدي وهم يعلمون النوايا الإسرائيلية ألمبيته لهم ولبرنامجهم النووي علي وجه الخصوص وعندها يكون الصدام الذي ترقبه الجميع وهو صدام مسلح علي أعلي درجات التسلح ومعركة وجود وليس حدود ولا احسب أن القوي الدولية الكبري كالولاياتالمتحدةالأمريكيةوروسيا والصين ستكون غائبة عنه واحتمالات التشابك المسلح واردة بكل قوة أما الخوف الأكبر فهو انجرار بقية الدول العربية في هذا الصراع حال تعرض سوريا كذلك إلي هجومات إسرائيلية قاتلة فالمعركة ستضحي معركة إسرائيل الأخيرة والتي لن تسمح العسكرية الأمريكية بهزيمتها فيها لأنها ستصبح هزيمة نهائية بالنسبة لها أو بالنسبة للعرب ويرشح مع هذا الحديث أن قوي دولية كبري لن تقف علي الحياد إنطلاقا من مصالحها السياسية والاقتصادية والأمنية في منطقة الشرق الأوسط . ويعزز من هذا السيناريو المخيف انه علي الرغم من أن كل استطلاع للرأي يظهر أن غالبية الأمريكيين قد سئموا من حرب بوش علي العراق وأنهم مقتنعون بان غزو العارق جعل الأمريكيين اقل أمانا فان الحديث لم ينقطع من البيت الأبيض سرا وعلانية حول شن حرب جديدة ومهاجمة إيران وقد أمر النائب ديك تشيني القيادة الاستراتيجية الأمريكية بالفعل بتقديم خطة هجوم بأسلحة نووية تكتيكية . ومع جلسة مجلس الأمن التي انعقدت مؤخرا وأعطت إيران موعدا نهائيا هو نهاية أغسطس الجاري لإعلان التزامها الرسمي بوقف تخصيب اليورانيوم وإصرار إيران علي حقها في ذلك تصبح المواجهة الكبري احتمال مفزع قائم وقادم . ومن بين السيناريوهات التي يتحدث عنها " بوسكو " والتي يمكنها أن تقود لإشعال حرب عالمية جديدة ما يجري من صراع في شرق آسيا وفي كوريا الشمالية علي وجه التحديد ذلك انه مع انشغال العالم بما يجري في الشرق الأوسط من اشتعال كثيف للنيران فان حاكم كوريا الشمالية كيم يونغ الثاني سيقرر ما أسمته الصحيفة الأمريكية مواصلة "عروض ألعابه النارية" أي تجارب إطلاق صواريخ بعيدة المدي وتجربتها وهي الصواريخ التي باتت تسبب إزعاجا أكيدا لإدارة بوش والتي تلقت نصائح من بعض الخبراء العسكريين والاستراتيجيين الأمريكيين بالقيام بهجمات ساحقة ماحقة لأبطال مفاعيل تلك الصواريخ ومشروعها برمته . غير أن المثير في هذا السيناريو هو احتمال أن يضل احد تلك الصواريخ الموجهة للسقوط في البحر بالقرب من اليابان طريقه ويخرج عن مساره ليضرب طوكيو مسببا مقتل العشرات أو المئات من المدنيين وعندها تندفع الولاياتالمتحدة بصفتها حليفة لليابان لقصف المنشات الصاروخية والنووية في كوريا الشمالية والمؤكد أن بيونج يانج ستعمد أولا إلي توجيه ما يتوفر لها من رؤوس نووية إلي عدد من المدن الأمريكية الكبري ولن يحول دون ذلك حائل ثم توجه لاحقا نيران مدافعها باتجاه عاصمة كوريا الجنوبية سيول حيث تتواجد قوات أمريكية هناك وهذا بدوره يستلزم رد أمريكي أقوي . وفي الصورة الكارثية لهذا السيناريو المخيف تعبر القوات الصينية الحدود من الشمال لوقف تدفق حشود اللاجئين في نفس الوقت الذي تتقدم فيه القوات الأمريكية من الجنوب ومن دون تخطيط مسبق تجد القوة العظمي القائمة أي الولاياتالمتحدة نفسها في مواجهة لا مفر منها مع القوة الدولية القادمة أي الصين وفي هذه الأثناء ربما تفكر تايوان كذلك في استغلال الظرف الدولي لإعلان استقلالها عن الصين وتهدد تايوان بقمعها عسكريا وعليه يشتعل النزاع الرهيب بين واشنطن وبكين . والمعروف انه منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر قد أعلنت أمريكا تلك الحرب الكونية الجديدة وانتقل الأمر من مجرد التنظير الفكري للمواجهات إلي تنفيذ عملي بدا بحربي أفغانستان والعراق وعبير السنوات الخمس الماضية قادت أمريكا تلك البلدان إلي جحيم مستعر فالعراق يشهد في الشهور الأخيرة اشد مذابح دموية وأكثر أوقات عنف منذ مارس 2003 فيما حركة طالبان تعود بقوة إلي الساحة الأفغانية ومسلحوها يضرمون النار ويهاجمون القري في جنوب البلاد ومع اضطرام أوار النيران في إيران وسوريا ولبنان واشتعال ألازمة علي الحدود الكورية الشمالية ودخول الصين في النزاع تجد الجماعات التي تصفها واشنطن بالإرهابية الفرصة مواتية لتخليص ثار قديم من حليف للولايات المتحدة يمتلك أسلحة نووية يمكن الاستيلاء عليها أي الرئيس الباكستاني برويز مشرف والذي ستحاول الولاياتالمتحدة إرسال قوات أمريكية خاصة لمواجهة الحشود الغاضبة وحماية برنامجه وأسلحته النووية غير انه مع ثورة الغضب والمد الراديكالي تحصل القاعدة أو ما عداها من جماعات علي أسلحة نووية الغرض من استخدامها تدمير اليهود والصليبيين في أوربا وأمريكا وساعتها أيضا ستجد الرؤوس النووية طريقها عبر الأجواء إلي العديد من عواصم العالم ومن ثم يحدث الهول الأكبر . ليس هذا فحسب بل انه في ضوء القراءات المتاحة فان روسيا العائدة بقوة إلي الساحة الدولية ربما تجد نفسها بدورها طرفا في نزاع عسكري مسلح مع حلف الناتو من جراء المنظومة الأمريكية التي تعزف علي ألحان الديمقراطية .....ما معني ذلك ؟