في خضم النضال العالمي لتكريس حقوق الإنسان، بلغت الأممالمتحدة مرحلة حاسمة، فقد قاد رئيس الجمعية العمومية، السويدي جان إلياسون مفاوضات لمدة خمس سنوات لتطوير اقتراح بإصلاح مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان. وعلي الرغم من أن اللجنة أنجزت الكثير، مثل تبني معايير لحقوق الإنسان ومعاهدات وآليات لتقصي الحقائق تقيس أداء الحكومات، إلا أنها أصبحت ساحة للمعارك السياسية أكثر من كونها قوة ذات ثقل لحماية ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان ومن ثم يتحتم إصلاحها. في العام الماضي اقترح الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان أن تحل هيئة أكبر في المستوي والفعالية محل تلك اللجنة وقد ساهم اقتراحه الهادف هذا في إطلاق عملية خلاقة قامت من خلالها الحكومات ببحث ومناقشة سمات هيئة جديدة قد تتقبلها الغالبية العظمي في الأممالمتحدة. وقدم إلياسون مشروع قرار يحوي عدة عناصر إيجابية حظيت بدعم الغالبية العظمي من أعضاء الأممالمتحدة، وأكد البعض أن المقترح مجرد تسوية هزيلة ونحن بدورنا نفند هذا الإدعاء. إن المجلس الجديد يخلق توقعات جديدة تفيد بأن الأعضاء سيتبنون أعلي المعايير في تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها. ويتضمن المجلس مطلبا جديدا يتمثل في أن تتم الموافقة علي الأعضاء بالأغلبية في الجمعية العامة أو 96 دولة بدلا من أن يتم تعيينهم من قبل تجمعاتهم الإقليمية. وبهذه الإجراءات وبصياغة معايير للعضوية للمرة الأولي، فإننا نعتقد أن الهيئة الجديدة ستقودها دول لديها التزام أكبر بحقوق الإنسان. وعوضا عن عقد اجتماع سياسي واحد سنويا، فإن المجلس سيعقد اجتماعات عدة طوال السنة كي يتمكن من معالجة قضايا ملحة في حقوق الإنسان في الوقت المناسب. وهذا من شأنه أن يوجد عملية أكثر تنظيما واحترافية ويجعلها بناءة أكثر من ذي قبل. وسيتم إصلاح السياسات والمعايير المزدوجة للجنة القائمة، وذلك من خلال مراجعة دورية لسجلات حقوق الإنسان الخاصة بالأعضاء ال191 بمن فيهم الأكثر نفوذا. وعلاوة علي ذلك، فإن الاقتراح يؤكد المشاركة القوية من جانب منظمات حقوق الإنسان والناشطين في المداولات ويصون نظام مقرري اللجان الخاصين وآليات أخري لتقصي الحقائق، وهي السمة الأفضل في اللجنة. ويمثل مشروع القرار المطروح علي أعضاء الأممالمتحدة تحسناً متميزاً ومهماً عن اللجنة الحالية، وإن إعادة المفاوضات قد تشكل خطرا علي هذه المكاسب وتمنح أولئك الذين يفضلون نظاماً أضعف، فرصة أخري لإثارة الفوضي. إن هذه المخاطر تقدم مجددا اقتراحات مدمرة. كمنح السيطرة والإشراف لدول أعضاء تحركها السياسية علي المفوض الأعلي لحقوق الإنسان، الذي يعتبر الآن منصباً مستقلاً وصوتاً مهماً بالنسبة للضحايا، قيود جديدة علي مقرري اللجان الخاصين والمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام. يجب أن يكون هدفنا هو بناء أساس صلب لحماية حقوق الإنسان ومساعدة الضحايا ضمن إطار المنظمة العالمية الحقيقية الوحيدة للحكومات علي وجه البسيطة. وقد وجد إلياسون طريقة من شأنها أن تجلب الجميع إلي عضوية المجلس. فبعد حوالي 60 عاما علي تبني الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أصبحنا أخيراً حيث يمكننا أن نبدأ بإعطاء الأولوية للمبادئ علي السياسات وذلك لمصلحة الجميع.