تعتبر أكبر قمة دولية حتي اليوم فقد حضرها أكثر من 160 من قادة العالم. وكانت المناسبة الاحتفال بمرور 60 عاما علي إنشاء الأممالمتحدة في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية ولكن المناسبة الأكثر الحاحا والتي احتشد لها هذا القدر الكبير من قادة وزعماء الدول الأعضاء (191 عضوا) كانت الظروف الدولية الجديدة والمتغيرة التي يمر بها عالم اليوم والذي اختلف تماما - وبشكل جذري - عن الظروف والملابسات التي صدر فيها ميثاق الأممالمتحدة سنة 1945. تواصلت القمة علي مدي ثلاثة أيام وكان جدول الأعمال حاشدا يبدأ بإجراء إصلاحات هيكلية علي مؤسسات الأممالمتحدة خاصة مجلس الأمن وتشكيله وسلطاته ويمر بقضية الارهاب ووسائل مواجهته ثم مشكلة الحد من انتشار الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل وانتهاء بمواجهة مشكلات الفقر والجوع في العالم. ولكن الأحلام والطموحات التي طرحها السكرتير العام للأمم المتحدة في تقريره الذي قدمه إلي القمة وحوي حلولا واقتراحات محددة لمواجهة هذه القضايا الأربع الأساسية سرعان ما حوصر وأجهض الكثير منه وكان البيان الختامي الذي صدر عن القمة بياناً هزيلاً مختصراً أبعدت عنه الكثير من القضايا المهمة والحساسة التي كانت مطروحة بعد أن كشفت المناقشات عن وجود تباين كبير في وجهات النظر. خلا البيان الختامي من القضية المحورية التي دار الحوار حولها طوال العام الماضي والخاصة بالتصورات والخطط المطروحة لتطوير ميثاق الأممالمتحدة وأجهزتها وآلياتها لمواكبة التطورات الكثيرة والجذرية التي جرت علي الساحتين العالمية والاقليمية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وغيرت الكثير من أوراق الماضي ومقولاته. وهذه التطورات لا تقف فقط عند حدود الزيادة الكمية الكبيرة لعدد الدول في المنظمة الدولية والذي قفز من 51 دولة وقعت ميثاق الأممالمتحدة سنة 1945 إلي 191 دولة هم عدد أعضاء الجمعية العامة اليوم بل وتصل أيضا إلي حد التغير الكيفي الذي جري علي الخريطة الدولية وانفراط عقد الثنائية القطبية وتفكك الاتحاد السوفييتي القطب الآخر في المعادلة الدولية وانفراد الولاياتالمتحدة علي السقف العالمي عسكريا واقتصاديا. ولعل الاسراع في تقديم هذه التعديلات جاء نتيجة الاحساس المتزايد لدي كثير من الدول كمافي ذلك دول غرب أوروبا لضرورة تأكيد دور الأممالمتحدة كمنظمة دولية فاعلة في مواجهة محاولات التفرد الأمريكي واتخاذ القرارات المصيرية خاصة بعد الحرب الأمريكية علي العراق والتي مثلت خروجا سافرا علي الارادة الدولية وتهميش دور الأممالمتحدة. وانقسم مشروع الاصلاح الذي طرحه كوفي عنان وتم تجاهله تماما في البيان الختامي إلي مجالين أولهما تعديل بعض القواعد والأسس المرتبطة بأجهزة اتخاذ القرار خاصة مجلس الأمن الذي يعتبر المسئول الأول عن مواجهة الأزمات التي تهدد السلم والاستقرار العالمي وقراراته وذلك بتوسيع العضوية الدائمة حتي يكون المجلس أكثر تعبيرا عن الحقائق الدولية والاقليمية الجديدة. أما المجالين الثاني من مشروع الاصلاح وهو الذي تحقق جانب كبير منه في البيان الختامي فهو مناقشة الارهاب العالمي وتعريفه كذلك بعض الاقتراحات المتعلقة بقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة وبناء وتشكيل فرق خاصة للمساعدة في استقرار وتنمية المجتمعات التي عانت من الحروب والصراعات. وصدر البيان الختامي للقمة يطالب جميع الدول باتخاذ الإجراءات والخطوات الحاسمة الكفيلة بتجفيف منابع الإرهاب ومواجهة أي فكر أو جماعات تحفز أو تدفع إلي القيام بأعمال ارهابية أو تشجيعه وهو ما يرقي إلي أن يكون معاهدة دولية ملزمة لجميع الدول الأعضاء. كما اتفقت القمة في بيانها الختامي أيضا علي الاقتراح الخاص بتجديد وتوسيع لجنة حقوق الإنسان وتحويلها إلي مفوضية ويكون انتخاب أعضائها بأغلبية الثلثين في الجمعية العامة علي أن يكون لها وحدها الحق في تحديد خروج أي بلد علي القواعد المتفق عليها لحقوق الإنسان واتخاذ الإجراءات العملية لمواجهة ذلك. لذلك تم الاتفاق علي الاقتراح الخاص لمواجهة الفقر والجوع في العالم والتزام جميع الدول بقواعد التجارة الحرة علي أن تدفع الدول الغنية 7.0% من دخلها العام لتقديم المساعدات والمعونات للدول الفقيرة وهو قرار قديم ولم ينفذ حتي اليوم. وبالرغم من أن الولاياتالمتحدة كثفت جهودها لتأجيل كثير من الاقتراحات الاصلاحية المقدمة خاصة فيما يتعلق بتوسيع عضوية مجلس الأمن إلا أنها لم تستطع أيضا أن تفرض أجندتها الخاصة علي القمة خاصة فيما يتعلق بإيران ومواجهة الدول التي تسعي إلي تطوير امكانياتها النووية بما يسمح لها بإنتاج أسلحة نووية.