مسافر علي الورق.. تليفزيون قليل الأدب

أنصحك من قلبي ألا تتفرج علي التليفزيون هذه الأيام.. وإن كان بد من ذلك فتفرج عليه وحدك.. ليس مع زوجتك وأولادك ذلك لأن شاشات التليفزيون خصوصاً شاشات العديد من الفضائيات الخاصة قد أصبحت مثل الأسواق البلدي أو حواري العشوائيات أو غرز المقاهي الشعبية التي تكتظ بالألفاظ الخارجة والكلمات السوقية المبتذلة التي تخدش الحياء وتهتك ستر الآداب العامة.
تخيلوا كنت .أتفرج. في قناة المحور علي برنامج 90 دقيقة الذي كان يستضيف عددا من النسوة اللاتي يعملن في أعمال الرجال فإحداهن .جزمجية. والأخري .سواقة. والثالثة .جزارة. والرابعة تقود سيارة تاكسي.. وإذا بواحدة من هؤلاء النسوة تطلق علي الهواء كلمة خارجة علي الآداب وتخدش الحياء العام حينما سألها المذيع عن كيفية استخراجها لرخصة القيادة فقالت: .ذهبت إلي الدراسة وهناك وجدت عربية مطير....
ضيف كبير جداً استضافته مني الشاذلي في العاشرة مساء علي قناة دريم 2 منذ عدة أيام فإذا به يقول فجأة قاصدا أحد الأشخاص أو الأوضاع .ابن ستين كلب. وللعلم هذا الضيف الذي قال هذه الجملة له موقع عالمي مرموق وباع كبير في مجالات حقوق الإنسان.
إعلان يتردد مرات كثيرة في اليوم الواحد عن نوع من الملبس والبون بوني تقول فيه سيدة لزوجها بالفم المليان .خش جوه يا راجل يا ناقص..
قناة فضائية جديدة تذيع بصفة دائمة أغنية هابطة هايفة تجرح الذوق العام عنوانها .خراشي يا نقراشي..
برنامج .صبايا. الذي تذيعه إحدي القنوات الفضائية الخاصة استضاف سيدة رفعت دعوي لخلع زوجها ولما سألتها المذيعة عن سبب ذلك قالت لها أريد خلعه لأنه .عايز العملية الجنسية كتير... هكذا قالت هذه السيدة في جرأة وعدم حياء.
وهناك قنوات تخصصت في إعلانات الجنس من خلال الإعلانات الهابطة المبتذلة مثل المراهم والدهانات والأقراص والأجهزة التي تؤدي إلي تكبير العضو وإطالة المدة.. و..و..
ماذا جري؟ أين الحياء العام.. وأين هي الآداب العامة؟ هل أصبح التليفزيون وسيلة لنشر قلة الأدب وخدش الحياء العام.
صدقوني إن التليفزيون بما يبثه من ألفاظ خارجة وعبارات هابطة أسهم إلي حد كبير في الهبوط بمستوي الحوار في الشارع المصري الذي امتلأ بألفاظ هابطة وعبارات خادشة للحياء في حين أن هذا التليفزيون ينبغي أن يكون وسيلة للارتقاء بألسنة الناس وتعليمهم آداب الحوار والمخاطبة.
كان الله في عون أجيالنا صغار السن الذين يتربون أمام شاشات التليفزيون يتلقون منها هذه الألفاظ الخارجة والعبارات القبيحة.
علي مسئولي القنوات الفضائية أن يراعوا الله فيما يقدمون وليس معني حرية الإعلام أن نطلق العنان لقلة الأدب وخدش الحياء العام.
مطلوب الإعداد الجيد للبرامج قبل بثها علي الهواء ومطلوب التنسيق مع الضيوف لانتقاء ألفاظهم فالكلمة المذاعة ممكن أن تكون .طوبة تبطح. أو سيفا يذبح أو قنبلة تطيح أو بركانا يسفر عنه مليون جريح..
لقد أصبحت الشاشات الفضائية في أيامنا هذه هي المدرسة والمسجد والجامعة والمطبخ والملعب والكازينو والنادي لذا فلابد أن تكون هذه الشاشات الفضائية علي قدر المسئولية الملقاة علي عاتقها.
الشاشات الفضائية في إمكانها أن تهدم أكثر مما تبني وتفسد أكثر مما تصلح وترجع بالناس أكثر مما تتقدم بهم وتنزل بهم أكثر مما تصعد معهم.
في رأيي أن الشاشات الفضائية هي إمام هذا الزمان وقائد هذا الكون الذي بيده إصلاحه وإفساده وبناؤه وهدمه فليؤدي القائمون علي هذه الشاشات أمانتهم وليقوموا بمسئوليتهم في إصلاح أحوال الناس والأخذ بهم إلي طريق الخير لا إلي طريق الفساد والشر كما يحدث في كثير منها هذه الأيام.