«يأتي حاملًا البهجة والأمل».. انتصار السيسي تهنئ الشعب المصري ب«شم النسيم»    جامعة أسيوط تنظيم أول مسابقة للتحكيم الصوري باللغة الإنجليزية على مستوى جامعات الصعيد (AUMT) 2024    «شعبة المستوردين»: مصر نجحت في كسب ثقة المؤسسات المالية العالمية    إزالة 164 إعلان مخالف وتقنين 58 آخرين في كفرالشيخ    توريد 58 ألفا و99 طن قمح إلى صوامع وشون القليوبية    «التنمية المحلية»: مبادرة «صوتك مسموع» تلقت 798 ألف شكوى منذ انطلاقها    رفع 980 طن مخلفات بحملات نظافة بالمراكز والقرى تزامنًا مع شم النسيم في أسيوط    الطن يسجل هذا الرقم.. سعر الحديد اليوم الاثنين 6-5-2024 في المصانع المحلية    بدء عملية التصويت بالانتخابات الرئاسية في تشاد.. مَن المرشحون؟    «أونروا»: سنحافظ على وجودنا في رفح الفلسطينية لأطول فترة ممكنة    بمناسبة عيد ميلاده.. كوريا الشمالية تدعم الزعيم كيم جونج أون بقسم الولاء    موعد مباراة باريس سان جيرمان وبوروسيا دورتموند في دوري أبطال أوروبا.. المعلق والقنوات الناقلة    ذكرى وفاة المايسترو.. صالح سليم الأب الروحي للقلعة الحمراء (فيديو)    «الرياضة» تستعد لإطلاق 7 معسكرات شبابية جديدة في مختلف أنحاء الجمهورية    تشغيل قطار شم النسيم من القاهرة إلى الإسكندرية اليوم.. اعرف طريقة الحجز    «الداخلية»: 4 متهمين وراء مقتل «مسن الوادي الجديد» بسبب خلافات مالية    «الداخلية»: ضبط قضايا اتجار في العملة ب13 مليون جنيه    إيرادات علي ربيع تتراجع في دور العرض.. تعرف على إيرادات فيلم ع الماشي    4 أفلام تحقق أكثر من 7.5 مليون جنيه في دور العرض خلال 24 ساعة    في ذكرى ميلادها.. محطات فنية بحياة ماجدة الصباحي (فيديو)    رانيا محمود ياسين تعلن وفاة عمها الإعلامي فاروق ياسين    وسيم السيسي: قصة انشقاق البحر الأحمر المنسوبة لسيدنا موسى غير صحيحة    استشاري تغذية توجّه نصائح لتفادي خطر الأسماك المملحة    في شم النسيم.. هيئة الدواء توجه 7 نصائح ضرورية عند تناول الفسيخ والرنجة    قبل أولمبياد باريس.. زياد السيسي يتوج بذهبية الجائزة الكبرى ل السلاح    التعليم العالي: تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    سام مرسي يتحدث عن.. عودته للمنتخب.. تأثير صلاح.. ورسائل الشعب الفلسطيني    بالفيديو.. مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية: شم النسيم عيد مصري بعادات وتقاليد متوارثة منذ آلاف السنين    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    الاتحاد الأوروبي يعتزم إنهاء إجراءاته ضد بولندا منذ عام 2017    «المستشفيات التعليمية» تناقش أحدث أساليب زراعة الكلى بالمؤتمر السنوى لمعهد الكلى    استشاري تغذية ينصح بتناول الفسيخ والرنجة لهذه الأسباب    موعد عيد الأضحى لعام 2024: تحديدات الفلك والأهمية الدينية    إصابة أب ونجله في مشاجرة بالشرقية    فنان العرب في أزمة.. قصة إصابة محمد عبده بمرض السرطان وتلقيه العلاج بفرنسا    لاعب نهضة بركان: حظوظنا متساوية مع الزمالك.. ولا يجب الاستهانة به    مقتل 6 أشخاص في هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية على منطقة بيلجورود الروسية    إزالة 9 حالات تعد على الأراضي الزراعية بمركز سمسطا في بني سويف    فشل في حمايتنا.. متظاهر يطالب باستقالة نتنياهو خلال مراسم إكليل المحرقة| فيديو    تعرف على أسعار البيض اليوم الاثنين بشم النسيم (موقع رسمي)    ولو بكلمة أو نظرة.. الإفتاء: السخرية من الغير والإيذاء محرّم شرعًا    إصابة 7 أشخاص في تصادم سيارتين بأسيوط    أول تعليق من الأزهر على تشكيل مؤسسة تكوين الفكر العربي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    قصر في الجنة لمن واظب على النوافل.. اعرف شروط الحصول على هذا الجزاء العظيم    هل يجوز قراءة القرآن وترديد الأذكار وأنا نائم أو متكئ    طقس إيداع الخميرة المقدسة للميرون الجديد بدير الأنبا بيشوي |صور    الدخول ب5 جنيه.. استعدادات حديقة الأسماك لاستقبال المواطنين في يوم شم النسيم    مفاضلة بين زيزو وعاشور وعبد المنعم.. من ينضم في القائمة النهائية للأولمبياد من الثلاثي؟    كولر يضع اللمسات النهائية على خطة مواجهة الاتحاد السكندرى    دقة 50 ميجابيكسل.. فيفو تطلق هاتفها الذكي iQOO Z9 Turbo الجديد    وزيرة الهجرة: نستعد لإطلاق صندوق الطوارئ للمصريين بالخارج    مع قرب اجتياحها.. الاحتلال الإسرائيلي ينشر خريطة إخلاء أحياء رفح    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    طبيب يكشف عن العادات الضارة أثناء الاحتفال بشم النسيم    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    استشهاد طفلان وسيدتان جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلًا في حي الجنينة شرق رفح    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ميثاق الشرف المنسي
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 17 - 04 - 2010

إصدار وزير الإعلام «أنس الفقي» قراره الأخير بإحالة حلقة برنامج «مصر النهارده» التي استضافت «أحمد شوبير» و«مرتضي منصور» إلي لجنة تقييم الأداء الإعلامي لرصد ما بها من ملابسات وتجاوزات، يعيدنا إلي التساؤل عن ماهية الثوابت الأخلاقية التي تحكم العمل الإعلامي خاصة في تليفزيون الدولة، وهل هذه القيم مُدونة فعلياً؟.. أم أنها مُجرد حبر علي ورق؟.. وهل مثل هذه التجاوزات كانت تحدث في الماضي؟.. وهل لا يوجد فارق الآن في الأداء الإعلامي بين فضائية خاصة وتليفزيون دولة؟ هل انساق التليفزيون فعلياً لمجاراة الفضائيات فاكتسب سلبياتها؟.. هذه الأسئلة طرحناها بالفعل علي مجموعة من الإعلاميين وأساتذة الإعلام لتوصيف ما يحدث والتماس طرق الخروج منه. - القيم معروفة
الإعلامي «حمدي الكنيسي» رئيس اللجنة الثقافية والإعلامية بمجلس الشوري يُحدثنا عن ماهية الثوابت الأخلاقية التي تحكم العمل الإعلامي بأنها مُحددة بميثاق الشرف الإعلامي سواء في الإذاعة أو التليفزيون، والذي يوضح مجموعة معايير أخلاقية لابد أن يتم الالتزام بها، خاصة أن التليفزيون الرسمي رسالته واضحة، وهو المصدر الحقيقي للثقافة، فالمعايير الأخلاقية معروفة مثل عدم انتهاك حُرمة الحياة الخاصة وعدم السخرية من فئات أو أشخاص بعينهم مثل المُعاقين وعدم التعرض أو المساس بالدين أو ما يمس الأمن القومي، وعدم استخدام ألفاظ تُسيء للأخلاق.. وهو ما أكده الإعلامي الكبير «فهمي عمر» بقوله: «ميثاق الشرف الإعلامي شيء معروف وتربيتُ عليه منذ أول يوم لي في الإذاعة، فالإعلامي لابد أن ينتقي ألفاظه، ويدرس موضوعاته ويتحدث بحيادية، ويبتعد عن الألفاظ التي تُسيء للآخرين، ويختار الموضوعات التي تعكس اهتمامات الناس، فيجب أن يكون للموضوع صدي لديهم، كما أن مناقشة الضيوف لا تعني مقاطعتهم».. ويضيف عضو مجلس الشوري وعضو المجلس الأعلي للصحافة «د. شوقي السيد» بأن هناك قيما عليا وتقاليد وأخلاقا مصرية معروفة، وهذه ليست عبارات مطاطة، بل لها معان راسخة، يعرفها الرأي العام المصري، وتعرفها الأسرة العريقة، وتنص عليها النواميس الأخلاقية التي تؤكد وترسخ الأخلاق والتقاليد التي نعرفها جميعاً.. إلا أنك تجد الإعلاميين الآن لا يعرفون أبسط قواعد الذوق والاحترام- والحديث هنا ل«د. جيهان رشتي» الأستاذة بكلية الإعلام بجامعة القاهرة- فحتي الضيوف الذين تتم دعوتهم معروف عنهم الميل إلي الشغب في البرامج الحوارية- مثل المستشار «مرتضي منصور»- ولقاء شوبير ومرتضي في برنامج مصر النهارده لم يكن يستحق كل هذه الضجة التي أثارها صناع البرنامج قبل الحلقة، فالمسئولون يُلامون، وفي هذه اللحظة كان لابد من وقف البرنامج لتعديه الحد الأدني من اللياقة، وبالرغم من أن هذا الحد يختلف من إنسان لآخر، إلا أنه من المتعارف عليه بين الإعلاميين أنه من غير اللائق التفوه بألفاظ غير مقبولة في الحلقة، أو أن يلجأ شخص للتهديد وكشف الفضائح الشخصية، أو الاتجاه للحصول علي معلومات بأساليب غير أخلاقية كتسجيل مكالمة هاتفية - ولعل أشهرها واقعة التسجيل الشهيرة لشوبير- فالساحة الإعلامية مباحة لكل شخص ليقول أي شيء، وللأسف في التليفزيون المصري العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة.. وتضيف الإعلامية الكبيرة «نجوي إبراهيم»: «التليفزيون المصري في الماضي كان بيتا، لكن الآن الإعلام مفتوح علي مصراعيه، فالسماوات المفتوحة تجعلك تصطدم بأشياء كثيرة ضد أخلاقك، فأنت لم يعد لديك جيل تليفزيون، بل ما لديك هو جيل الإنترنت والسماوات المفتوحة، فالتركيز علي الاختراعات جعلنا ننسي وجود بيت وأسرة، وبالتالي أخلاقيات، واستعنا فقط بالاختراعات دون الأخلاقيات».. وبالرغم من أن العملية الإعلامية الآن مُركبة ومُتشعبة- والحديث هنا للإعلامية الكبيرة «سلمي الشماع»- لكن هناك قواعد معينة يجب علي التليفزيون الرسمي للدولة ألا يحيد عنها لأنه يتعامل مع كل فئات المجتمع دون تمييز، فلا يُمكن مثلاً أن نُشاهد إعلامياً يُعلي من قيمة شخص أو موضوع لحساب موضوعات أخري أو توجه شخصي، فالإعلام نخلقه بمجموعة من المفاهيم التي نعرفها، فنخلقه بالثقافة وبالفن وبالحضارة، فلا يصح أن تظهر قنوات فضائية تقام علي العشوائية ولخدمة أصحاب الرأي، وليس الرأي نفسه، وللأسف لم تعد هناك معايير للشكل الإعلامي، فهناك قيم ومعايير ومهنية ووعي غائب، وحتي ميثاق الشرف الذي من المفروض أن يتم العمل به لا يتم العمل به في الوقت الحالي.
- غياب الضمير
وبالرغم من أن هذه القيم موثقة في مواثيق الشرف الأخلاقي، والدستور نص عليها، والأهم أن قيم المجتمع العُليا عبرت عنها- كما يقول «د. شوقي السيد»- إلا القوانين وميثاق الشرف الإعلامي في الأساس داخل الإعلامي دون توجيهات- كما تؤكد «نجوي إبراهيم»- ويضيف «حمدي الكنيسي»: «والجزء الأساسي من هذه القيم الأخلاقية المُدونة في ميثاق الشرف الإعلامي يدرسها ويستوعبها من يجتاز اختبارات الإذاعة والتليفزيون، فمن يدخل من الباب الشرعي، جزء من تدريبه معرفة القيم الأخلاقية التي لابد أن يلتزم بها».. وهو ما تؤكده «سلمي الشماع» بقولها: «حينما يظهر شخص ما علي التليفزيون لابد أن يكون ملماً في الأساس بالعمل الإعلامي، أي يكون دارساً للإعلام، وهو ما يخلق بالتالي ضميراً مهنياً يحكمه، فهذا هو ما تعلمناه وعلمناه، لكن الآن تجد مجموعة دخيلة علي الإعلام، ولديها أجندات خاصة، فهي ليست واعية أو مُدربة أو حتي دارسة للحقل الإعلامي نفسه، وبالتالي ميثاق الشرف موجود، لكن هناك ضميرا ووعيا أكثر لدي الدارس للإعلام».
وللأسف من يعملون حاليا لم يدرسوا أخلاقيات المهنة - كما تقول «د. جيهان رشتي» - وبالتالي هناك تدن في كيفية الحصول علي معلومة، وعدم تنظيم، وعدم فهم لطبيعة المصدر الذي سيأتي للحلقة، كما أن هناك عدم اختيار دقيق للمصدر الذي آتي به لخدمة الموضوع الذي أناقشه، وهو شيء لا حاجة لقوانين لكي ألتزم بها عند اتخاذ القرار، فمثلاً إذا نشرت واقعة عن فتاة اغتصبت فلا داعي لذكر اسمها، إلا أن هناك أصواتا تُطالب ب«حق الجمهور في المعرفة»! لكن هذه أخلاقيات.
- المهاترات التليفزيونية
وينفي «حمدي الكنيسي» حدوث مثل هذه المهاترات التليفزيونية قديماً، فيقول: «كان من المستحيل أن يوجد في الماضي مثل هذه الوقائع؛ لأني وغيري كنا ندرس ما نقدمه، فنعرف نوعية القضية المُثارة، وعلي علم تام بطبيعية الضيوف، وهل هُم ملتزمون أم لا؟.. وهل يُعبرون عن أفكارهم دون تخطي حدود اللياقة أم لا؟ وهل من الممكن السيطرة عليهم في حالة البرامج المسجلة، لكن المشكلة في برامج الهواء، فالبرامج المسجلة تسمح لك بالسيطرة وتنقية البرنامج من أي شوائب - وهو ما يقوم به المونتاج - وأعتقد أنه لو كان لمحمود سعد الفرصة في أن يسجل حلقة شوبير ومرتضي كان من الممكن أن يسيطر علي مقاليد الأمور».
ويُضيف «د.شوقي السيد»: «المهاترات والبطولات الزائفة للأسف تتصاعد علي الشاشة الصغيرة، والقيم مفقودة، والرسالة الإعلامية تُريد مقدم برامج يفهم ماذا يقدم وهو ما لا يحدث، فيجب أن تكون هناك رسالة إعلامية قيمة لتقدم سواء علي شاشة تليفزيون الدولة أو في فضائية خاصة، لكن لأول مرة تجد قضاء يحكم بوقف برامج- مثل الحكم القضائي بوقف برنامج شوبير علي قناة الحياة- وهو ما يعني خللاً كبيراً وخروجا عن المألوف».. وبالرغم من أن الذي يحدث علي الساحة الإعلامية الآن شيء زائد عن الحد- كما تري «نجوي إبراهيم»- إلا أن هذا شيء طبيعي في الوقت نفسه، فالدنيا انفتحت، ولا يمكن الحكم بما هو صحيح أو خاطئ، فأنت حينما تتحدث عن الجيل القديم ستجد أنك تتحدث عن محطتين فقط علي شاشة التليفزيون وعن مجتمع تعداده ليس بهذا الحجم الكبير الآن، وبالتالي لا يُمكن اعتبار التليفزيون المصري قد هبط مستواه، بل هو دخل في المنظومة الإعلامية المفتوحة، أو دخل في المولد، والمولد كل شيء فيه مُباح!..
لكن قديماً كانت هناك قواعد، فلم يكن من المسموح أصلاً أن يتم التطرق للموضوعات التي لها علاقة بقضايا تُنظر في المحاكم، وتضيف «سلمي الشماع»: «كان هناك أشياء تحترم، وقديماً كانت كل أشكال البرامج موجودة كبرامج الTalk show والمسابقات، لكن لم يكن هناك إثارة أو السعي وراء الإعلانات، فكثرة الإعلانات الآن مُرتبطة ارتباطًا أساسيًا برواج المُنتج، فالمنتج الرديء عليه إعلانات، لكن هل هناك برنامج محترم ثقافي أو حواري له قيمة عليه إعلانات؟».
- الإعلان هو المشكلة
وتُرجع «د. جيهان رشتي» عدم حدوث المُهاترات التليفزيونية الحالية من قبل إلي أن هناك سعيا وراء الإعلانات والإثارة، وحتي برامج الحوار انساقت وراء هذا بدلاً من رفع المستوي الثقافي، فالجميع يرغب في صنع دراما علي الهواء لأن الناس تحب ذلك لكن لا أحد يستفيد.. وتضيف «د. جيهان رشتي»: «فهناك مثلاً المذيعان سيد علي وهناء السمري في برنامج 48 ساعة علي قناة المحور يفرضان آراءهما علي الناس، وهو ما ليس من المفترض علي الإعلامي أن يقوم به، فالمفترض في الإعلامي الحيادية أي عدم الانحياز لوجهة نظره الشخصية أو حتي لوجهة نظر ضيوفه، لهذا أجد أن مُني الشاذلي عظيمة في العاشرة مساء، وأيضاً لميس الحديدي في برنامج من قلب مصر علي شاشة النايل لايف، وكذلك رولا خرسا علي قناة الحياة، وحتي الوجوه الشابة كشريف عامر في الحياة اليوم، كما أجد في التليفزيون المصري برامج محترمة كالبرامج الإخبارية وبرنامج حالة حوار الذي يُقدمه د. عمرو عبدالسميع، إلا أنك تجد أمثلة سلبية في الوقت نفسه كتامر أمين في برنامج «مصر النهارده»، فهو لا يحترم ضيوفه في الاستديو ويفرض رأيه، وهذا أيضاً غير مسموح؛ لأن الإعلامي يمثل المشاهد في المنزل، والمشاهد لابد أن يحترم ضيفه».. لكن تبقي مشكلة سطوة الإعلان علي التليفزيون بشكل رهيب- كما يقول «حمدي الكنيسي»- وهو ما يؤدي إلي التنازل عن معايير وقيم كثيرة، ويضيف: «للأسف لا يمكن للجنة الإعلام والثقافة بمجلس الشوري أو حتي مجلس الشعب أن تقوم بالسيطرة المباشرة علي المهاترات التي تحدث في التليفزيون، فما يمكن فعله هو أن يُقدم أي نائب طلب إحاطة أو استجوابا، وتدرس اللجنة هذا الطلب لينجم عنه قرار، لهذا أجد أن الآلية الوحيدة التي تسمح بتنقية التليفزيون مما يحدث هو وجود نقابة للإعلاميين، ويكون بها لجنة قيم تقوم بالمحاسبة المباشرة، فالمحاسبة من المجتمع المدني أو النقابة أفضل في رأيي من أن يطلب الوزير تشكيل لجنة لتقييم الآداء، فبهذا تجنب الوزير أي حرج، وتصبح الكرة في ملعب النقابة، لكن ما يحدث الآن هو أن الإعلان أصبح المتحكم بكل شيء، فهو من يمول البرامج ويختار مذيعيها، وهو ما أثر بشدة علي التليفزيون المصري لأنه يعتمد علي الإعلان للإتيان بموارده، بالرغم من أن للتليفزيون استحقاقات مالية ضخمة من الممكن أن تجعله في غني عن الإعلان مثل تلك الاستحقاقات التي لا يحصل عليها من مؤسسات الدولة، فبيانات وزارة الصحة التي تذاع علي التليفزيون دون مقابل، مثلاً لديك دمغة بقرش أو بجنيه واحد لو زادت قليلاً يعني تمويلاً هائلاً، فهناك طرق من الممكن أن تجنب التليفزيون ما يحدث لكنه لا يقوم بها»!
- الكيف لا الكم
هناك إحساس عام بالعشوائية - كما تقول «سلمي الشماع»- فكيف نجد مثلاً تليفزيون الدولة يستضيف فنانتين معتزلتين ك«سهير البابلي» و«سهير رمزي» للحديث عن الدين؟!.. وهو ما يجعلك تتساءل أين الضوابط؟.. وأين السياسة الإعلامية؟.. وكانت الحركة الإعلامية واضحة وصريحة في أطر، وأنا لستُ مع تقييد سقف الإبداع أو الحرية، لكن ما يحدث الآن غريب، ومن الممكن أن أشد المشاهد بشيء له قيمة، فمثلاً حينما تذيع فيلماً ك«دعاء الكروان» أو أفلاماً أخري لمخرجين مُهمين ستجد إقبالاً، فتستطيع أن تذيع شيئاً له قيمة فنية عالية وتجذب المشاهد، وهو ما يعود بنا إلي ضرورة الاهتمام بالكيف لا الكم.. وتضيف «د. جيهان رشتي»: «التليفزيون المصري ضعيف المستوي، والترفيه الهابط زائد، ومن النادر أن تجد أشياء تستحق أن تسعي وراءها إرضاءً للحد الأدني من المستويات الفكرية في المجتمع، وهو ما يعود بنا إلي العاملين أنفسهم في التليفزيون، ومعظمهم ضعاف المستوي، ويختارون التفاهة علي حساب المعلومات القيمة؛ لأن هذا أكثر أماناً لهم، لأن المعلومات الحقيقية ستظهر مدي ضآلة تفكيرهم أمام المشاهد».. وبالتالي هناك انفلاتات رهيبة تحدث يومياً علي شاشة التليفزيون المصري والفضائيات الخاصة- والحديث هنا ل«حمدي الكنيسي»- أبرزها في رأيي الانفلات الإعلامي الرهيب الذي حدث أثناء مبارة مصر والجزائر، فتجد ألفاظاً غريبة ظهرت لأول مرة علي شاشة التليفزيون، بل الأدهي أنها تقال هكذا علانية وعلي الهواء مباشرة، وهو ما شحن الناس ضد الجزائريين دون مبرر، وكذلك البرامج التي تتكلم عن التحكيم في المباريات، باختصار..ساحة الإعلام الرياضي هي الساحة الأكثر انفلاتاً الآن علي شاشة التليفزيون.. وقديماً- كما تذكر «نجوي إبراهيم»- لم يكن التليفزيون بهذا الانفلات، «كنت أعمل في التليفزيون وكأننا في الجيش، فالإرسال كان من التاسعة صباحاً، ونبدأ بالنشيد الوطني، وأنا صغيرة ماكنتش أقدر أقعد أمام إعلاميات في حجم همت مصطفي أو سلوي حجازي، فالجلوس أمامهن كأنك تجلس أمام رتب عسكرية كبيرة، فكان هناك احترام للأقدمية، لكن دلوقتي ليس هناك ضبط وربط ونظام لأن الدنيا أصبحت مفتوحة».
- مسئولية تليفزيون الدولة
يتفق الجميع علي أن الفارق كبير في الأداء بين تليفزيون الدولة والفضائيات الخاصة، لكن هذا يتوقف علي الهدف الذي يتبناه التليفزيون الآن، وتضيف «د. جيهان رشتي»: «فقنوات روتانا مثلاً تريد تقديم (الهلس) علي العكس من قنوات مثل العربية والجزيرة لأن هناك هدفا واضحا، والبرامج الحوارية مشاهدوها أكثر من مشاهدي المسلسلات، فتجد بالتالي المنتجين الذين يقومون بإنتاج هذه البرامج يسعون لتقليد الدراما داخل برامجهم، مما يخلق الإثارة والسخونة في الحلقة.
تليفزيون الدولة عليه مسئولية تجاه المجتمع - كما تقول «سلمي الشماع» - والفضائية الخاصة من المفترض أن عليها مسئولية أيضاً، لكن ليست بنفس حجم المسئولية الملقاة علي التليفزيون المصري فجهاز الدولة هو من يبني المجتمع ويشكل وجدانه بعيداً عن السعي وراء القيمة الرخيصة والإثارة.. لكن العبء الأكبر - كما يري «د. شوقي السيد» - علي تليفزيون الدولة لأنه لابد ألا يستهدف ربحا أو إعلانا لأنه يقود الرسالة الإعلامية، وبالتالي الضمير الإعلامي مطلوب، بجانب وجود رقابة ذاتية لأنه من الضروري احترام المواطن حتي علي شاشات الفضائيات الخاصة.. ويضيف «حمدي الكنيسي»: «تليفزيون الدولة عليه عبء ومهمة وطنية لا يجب أن يتخلي عنها، فهو مصدر للثقافة، ويعوض الأجيال الجديدة عن حالة الابتعاد عن الكتب، فالتليفزيون المصري يحافظ علي القيم والمبادئ التي تحمي المجتمع من أي سلوكيات، فما يقبل في فضائيات خاصة لا يقبل في تليفزيون الدولة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.