عبدالفتاح حسن: الأسلوب المتبع في الفضائيات ليس مكانه التليفزيون ولكن الشارع حيث أصبح التنافس القوي بين البرامج الرياضية والقنوات الفضائية من أجل جذب المشاهد اليها والفوز بأعلي نسبة من المشاهدة ما دفع هذه البرامج والقنوات الي استخدام كل الطرق سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة حتي تحقق العائد المادي الأكبر وتجذب عدداً أكبر من الضحايا أو المشاهدين اليها وهذا التنافس دفع مقدمي البرامج لتسوية خلافاتهم الشخصية علي الهواء أمام المشاهدين يظهر كل منهم بعد ذلك للرد عليه عبر برامجهم وأصبح الوسط الرياضي الإعلامي أشبه بساحة فضاء امتلأت بأشخاص تميزوا بالحقد والغيرة وعدم احترام المشاهد أو الرسالة، التي يقدمها حتي أصبحوا خطرا علي الرأي العام،، وفي كل برنامج نجد من يخلق أزمة ويشعل النار فيها وبدلا من إخماد توتر وعصبية الشارع الرياضي، ونجد من يزيد الحالة سوءا، واتخذ البعض مثل هذه البرامج لتصفية الحسابات وإلقاء الاتهامات دون دليل وتجاوز في حقوق الغير باللفظ والقول. ولقد شهدت الساحة الرياضية المصرية العديد من الأزمات في الفترة الاخيرة لعب الإعلام الرياضي بطبيعة الحال دورا بارزا في اشعال هذه الأزمات، ولعل الأزمة الشهيرة بين مصر والجزائر ابرز مثال علي ذلك بعدما اشتعلت نار الفتنة بين البلدين بسبب مقدمي البرامج قبل لقاء المنتخبين في تصفيات كأس العالم الاخيرة وما بعدها. المذيع الرئيسي في الإعلام الرياضي دوره محاورة اللاعبين والمسئولين "النجوم"، ولكن ما يحدث الآن أن المذيع أصبح هو النجم الذي يسيطر علي معظم أوقات البرنامج بمفرده لتحليل الأحداث من وجهة نظره الشخصية والإشادة بأصدقائه من الوسط الرياضي واصبح البرنامج ملكا لمقدمه، ذلك بخلاف الهجوم علي من يخالفه في الرأي بأسلوب غير لائق، واستقبال المكالمات الهاتفية والرسائل التي تأتي كلها للإشادة بالمذيع النجم المتألق، بجانب هتافات الجماهير له قبل المباريات التي يتم اذاعتها لأكثر من ربع ساعة كاملة، والغريب ان المذيع مثلا يسافر الي فيينا في اجازة وبعد ان يعود لبرنامجه يذيع المخرج بعض اللقطات الخاصة بالمذيع في فيينا مع اغنية " ليالي الانس في فيينا " !!، فالسؤال هل هذا يفيد المشاهد والمشجع الكروي?!. فالبرامج ليست ملكا خاصا لهؤلاء ومنبرا من خلاله يشيدون بأنفسهم ويهاجمون خصومهم، ولكن هذه البرامج هي ملك للجمهور الذي يجب أن يحترموه ويقدموا له إعلاماً نظيفاً ومحترماً. وشهدت الايام القليلة الماضية تحركات من هيئة الاستثمار اتجاه هذه البرامج حيث وجهت انذارات لعدد من القنوات الفضائية الرياضية أو القنوات العامة التي تقدم برامج رياضية، وطالبت هيئة الاستثمار مذكرات رسمية من لجنة تقييم البرامج الرياضية الموجودة بماسبيرو برئاسة الدكتور فاروق أبوزيد والتي تقوم بمتابعة كل البرامج الرياضية علي الفضائيات المختلفة لرصد الأخطاء والتجاوزات التي تصدر من مقدميها وأرسلت هيئة الاستثمار إنذاراً للقنوات بسبب التجاوزات الكثيرة التي تصدر من مقدمي البرامج الرياضية بها وإصرارهم علي إثارة الفتن والأزمات بين الأندية، وتحريضها علي إثارة الشغب في الوسط الرياضي وبين الجماهير الرياضية المختلفة وقد تضمن الإنذار تهديداً واضحاً بإيقاف القناة في حالة استمرارها علي إثارة المشاكل والابتعاد عن الحيادية في مناقشة القضايا والموضوعات الرياضية، الحقل الرياضي مجتمع كبير مليء بالموضوعات وغني بالقضايا الحية والإشكاليات كغيره من المجتمعات الحياتية الأخري، غير أن الإعلام يحتل جزءا وافرا من مساحة الرياضة كونه ناقلا لها ومعبرا عنها كما أنه شريك استراتيجي لمنجزاتها، فالإعلام مصدر للحدث الرياضي ومتحدث باسمه ومتفاعل معه كما أنه باحث جيد لإيجابياته ومنتقد لسلبياته أو هكذا يجب أن يكون. أبدي عبدالفتاح حسن نائب رئيس قطاع القنوات المتخصصة وعضو لجنة تقييم الأداء المهني للبرامج الرياضية استياءه الشديد لما يجري حالياً داخل الإعلام الرياضي، مشيراً إلي أن الإعلان سيطر علي الإعلام ويوجه بشكل كبير جداً بمعني أن مقدمي البرامج يهتمون بالأزمات والمشاكل وإشعال الفتن دون النظر إلي أهمية الموضوع نفسه. وأضاف حسن الإعلام دوره الرئيسي هو التوجيه والتوعية ولابد وأن يتمسك بالمثل والمبادئ، موضحاً أن الاختلاف ليس معناه قلة الأدب أو السب والقذف وهو الأسلوب المتبع الآن في أغلب البرامج الرياضية مشيراً إلي أن هذا الأسلوب ليس مكانه التليفزيوني بل مكانه الشارع أو الرصيف. وأشار إلي أن تحقيق العائد المادي من الإعلانات أهم كثيراً عند أصحاب القنوات ومعدي البرامج وأيضاً المقدمين والمذيعين من دورهم الإعلامي والضحية الوحيد هو المشاهد. ومن جانبها أكدت الدكتورة ماجي الحلواني عميدة كلية الإعلام السابقة أن البرامج الرياضية حالياً تعتمد علي الإثارة والمصالح الشخصية فقط وابتعدت كثيراً عن دورها في تنمية الروح الرياضية وإلقاء الضوء علي الألعاب الرياضية المختلفة وأشارت الحلواني إلي أن البرامج الحالية لا تمثل الرياضة في شئ وتتمني أن يتم توجيه إنذار شديد اللهجة لهذه البرامج المسيئة التي تتميز بالحقد والغيرة وعدم احترام المشاهد. وقالت عميدة كلية الإعلام إن البرامج الرياضية تسير من سيئ إلي أسوأ خاصة وأنها ابتعدت عن الحيادية وإلقاء الضوء علي الموضوعات المهمة التي تهم مشجعي الرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص وتعطي أكثر أوقاتها للأزمات والخلافات الشخصية وتتمني أن تتحرك وزارة الإعلام وهيئة الاستثمار للوقوف ضد هذه البرامج الرياضية السيئة وإيقافها في حالة تكرار هذه التجاوزات لاسيما وأن الأطفال والشباب والشابات يسمعون ألفاظاً خارجة في هذه البرامج.