مسلسل لا ينقطع .. وحوادث متكررة.. رغم كثرتها لا تحد من حجم الظاهرة التى انتشرت بين أوساط الشباب فى مصر .. حلم يراودهم ليل ونهار .. الثراء السريع بالهجرة غير الشرعية إلى الدول الأوروبية , يواجهون الموت المحقق فى سبيل تحقيق أحلام صعبة المنال إلى حد كبير .. تحفها المخاطر من كل جانب وتبتلعهم الأمواج إذا لم يتم القبض عليهم , أملا فى الإنتقال إلى دول تتوفر فيها إمكانات اقتصادية عالية ومستوى معيشي مرتفع يفتقدهما الشاب المهاجر فى وطنه . فالهجرة الغير شرعية أصابت الكثير من الشباب بلوسه , أملا فى تحسين مستواهم الإجتماعى وتحقيق ثروات خياليه نتيجة القصص التى ترقى إلى درجة الأساطير عن الشباب المهاجر الذى أصبح من أغنى أغنياء العالم , وعاد ليشترى نصف قريته وتزوج من أجنبية جميلة الجميلات واكتسب الجنسية من البلد التى هاجر إليها , ليلقى بنفسه الى أمواج البحر العاتية مع أقرانه من الحالمين بالحياة الرغدة. هولاء الشباب من طبقات اجتماعية مختلفة , من داخل الريف المصرى و عمق المدينة جمعهم هدف واحد , ولكن هؤلاء الشباب المغرر بهم أو الذين دفعتهم ظروف الحياة الصعبة إلى المخاطرة بحياتهم , ذهب عنهم عقلهم , مدفعين بطيش الشباب , فقدوا القدوة والمثل فى بناء مستقبلهم , حتى أصبح التهور سمة أساسية تدفعهم دفعا إلى الهلاك . فمعظم شباب الهجرة الغير شرعية مؤهلات متوسطة وحرفيين وقليل منهم حاصل على مؤهل عالى , لم يفكروا فى تطوير أنفسهم أو اكتساب مهنة يكتسبونها لبناء مستقبلهم , داخل وطنهم لأسباب لا يتسع المجال لسردها , لكن سيطرة فكرة الهجرة الغير شرعية على عقول الشباب أقامت حاجزا بين قيام الشباب بعمل المشروعات التى تضمن لهم حياة كريمة ودخل قد يحقق لهم أحلامهم على الشاطئ الآخر من المتوسط , غير عبائين بالمخاطر التى قد تودى بحياتهم , والحوادث المتكررة كثيرة , وأصبحت مجالا للمناقشة بكل الدول الاروبية بعد أن انتشرت الهجرة الغير شرعية إليها , فالبرازيل وحدها بها أكثر من عشر ملايين مهاجر عربي من كل من مصر، وسورية، ولبنان، والأردن، واليمن، والصومال، وبلدان المغرب العربي، وهي البلدان الأكثر تصديراً للمهاجرين الشباب والتي تتم عن طريق شبكات التهريب التي استطاعت بأساليبها الخاصة تهريب ما يقارب ال 90% من حالات هجرة الشباب العرب إلى الغرب ، لأسباب اقتصادية .. ولكن الأخطر من الهجرة الاقتصادية هى هجرة العقول وهى هجرة مقبولة تتم فى أغلب الأحيان بطريقة شرعية وسببها أن أوطانهم لا توفر لهم مجالات تتناسب ومستوى ما يحملونه من شهادات ويسعون إلى تطوير أنفسهم وعلمهم .. وأتذكر كلمة للدكتور احمد زويل عن هؤلاء الشباب " الدول المتقدمة تقف وراء الفاشل حتى ينجح , أما عندنا نقف وراء الناجح حتى يفشل " وهى جملة عبرت عن الكثير من المعانى فى هجرة العقول , ولكن يجب أن نفرق بين المهاجر ليطور من نفسه ويعود ليخدم وطنه ,وبين الذى تنقطع صلته بوطنه , فنحن نقف خلف النوع الأول ويجب على الدولة أن تشجعه لان الفائدة فى النهاية ستعم على البلد ويجب توفير العمل لهذه العقول وأصحاب الكفاءات بعد عودتهم للاستفادة منهم , حتى يمكن تفجير طاقات الشباب الإبداعية فى مختلف المجالات ، والاستفادة منهم في بناء الوطن الذى هو فى أمس الحاجة إليهم.... وللحديث بقية ما دام فى العمر بقية