الشهادة الإعدادية 2024.. طلاب البحيرة يؤدون امتحانات مادتي الهندسة والكمبيوتر    سعر الدولار في البنوك اليوم بعد وصول الدفعة الثانية من صفقة رأس الحكمة    تراجع أسعار الدواجن اليوم السبت في الأسواق (موقع رسمي)    غدًا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالمرحلة التكميلية 2 في العبور    الإسكان: بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالمرحلة التكميلية 2 بمدينة العبور غدا    مصر تبدأ المناقشات مع صندوق النقد للحصول على 1.2 مليار دولار    تنفيذ 31 قرار غلق وتشميع لمحال وحضانات ومراكز دروس خصوصية مخالفة بالشيخ زايد والسادات    قصف إسرائيلي يستهدف شرق رفح جنوب غزة    آخر تطورات جهود مصر لوقف الحرب الإسرائيلية في غزة    معاريف تكشف تفاصيل جديدة عن أزمة الحكومة الإسرائيلية    مصدر رفيع: مصر عازمة على اتخاذ الإجراءات اللازمة لإدانة ممارسات الاحتلال أمام العدل الدولية    موقع فرنسي يتحدث عن "فرصة" لمشاركة عبد المنعم في دوري أبطال أوروبا.. ما التفاصيل؟    حسام أشرف يتصدر، ترتيب هدافي الدوري المصري قبل الجولة 24    «طائرة درون تراقبنا».. بيبو يشكو سوء التنظيم في ملعب رادس قبل مواجهة الترجي    بحثا عن لقبه الأول.. مصطفى عسل يضرب موعدا ناريا مع دييجو الياس في بطولة العالم للاسكواش    بسبب خلافات بينهما.. استدرجوه وخلصوا عليه ودفنوه في زراعات الموالح بالقناطر الخيرية    انتظام امتحانات الشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية بالقليوبية (صور)    تجديد حبس لص المساكن بمدينة بدر    في يومها العالمي، قائمة المتاحف المفتوحة مجانا للزائرين    لمواليد 18 مايو.. ماذا تقول لك الأبراج في 2024؟    ليلى علوي: الزعيم عادل إمام مَثَل أعلى لينا وتاريخ عظيم    كل سنة وزعيم الفن بألف خير.. هالة صدقي تهنئ عادل إمام بمناسبة عيد ميلاده    طريقة عمل شاورما الفراخ، أكلة سريعة التحضير واقتصادية    تشكيل أهلي جدة المتوقع أمام أبها في دوري روشن السعودي    مواعيد مباريات اليوم السبت.. الترجي ضد الأهلي وظهور ل«عمر مرموش»    النيابة العامة تجري تفتيشا لمركز إصلاح وتأهيل 15 مايو    بكاء والدها وقبلة شقيقها.. أبرز لقطات حفل زفاف الفنانة ريم سامي    مفتي الجمهورية يوضح مشروعية التبرع لمؤسسة حياة كريمة    حادث عصام صاصا.. اعرف جواز دفع الدية في حالات القتل الخطأ من الناحية الشرعية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 18-5-2024    زيلينسكي: أوكرانيا ليس لديها سوى ربع الوسائل الدفاعية الجوية التي تحتاجها    صحة مطروح تدفع بقافلة طبية مجانية للكشف على أهالي النجيلة    البيت الأبيض: أطباء أميركيون يغادرون قطاع غزة    إرشادات وزارة الصحة للوقاية من ارتفاع ضغط الدم    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 18 مايو    أوما ثورمان وريتشارد جير على السجادة الحمراء في مهرجان كان (صور)    ناقد رياضي: الترجي سيفوز على الأهلي والزمالك سيتوج بالكونفدرالية    عاجل - تذبذب جديد في أسعار الذهب اليوم.. عيار 14 يسجل 2100 جنيه    ذوي الهمم| بطاقة الخدمات المتكاملة.. خدماتها «مش كاملة»!    عادل إمام.. تاريخ من التوترات في علاقته بصاحبة الجلالة    عاجل.. حدث ليلا.. اقتراب استقالة حكومة الحرب الإسرائيلية وظاهرة تشل أمريكا وتوترات بين الدول    لبلبة تهنئ عادل إمام بعيد ميلاده: الدنيا دمها ثقيل من غيرك    كاسترو يعلق على ضياع الفوز أمام الهلال    خالد أبو بكر: لو طلع قرار "العدل الدولية" ضد إسرائيل مين هينفذه؟    طبيب حالات حرجة: لا مانع من التبرع بالأعضاء مثل القرنية والكلية وفصوص الكبد    رابط مفعل.. خطوات التقديم لمسابقة ال18 ألف معلم الجديدة وآخر موعد للتسجيل    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    حلاق الإسماعيلية: كاميرات المراقبة جابت لي حقي    بعد عرض الصلح من عصام صاصا.. أزهري يوضح رأي الدين في «الدية» وقيمتها (فيديو)    مصطفى الفقي يفتح النار على «تكوين»: «العناصر الموجودة ليس عليها إجماع» (فيديو)    مذكرة مراجعة كلمات اللغة الفرنسية للصف الثالث الثانوي نظام جديد 2024    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    دار الإفتاء توضح حكم الرقية بالقرأن الكريم    ب الأسماء.. التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي مجلس الدولة بعد إعلان نتيجة الانتخابات    البابا تواضروس يلتقي عددًا من طلبة وخريجي الجامعة الألمانية    «البوابة» تكشف قائمة العلماء الفلسطينيين الذين اغتالتهم إسرائيل مؤخرًا    أستاذ علم الاجتماع تطالب بغلق تطبيقات الألعاب المفتوحة    دراسة: استخدامك للهاتف أثناء القيادة يُشير إلى أنك قد تكون مريضًا نفسيًا (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عائلات وشباب محبطون يروون حكاياتهم المأساوية ل «أكتوبر»: هاربون على متن سفن الموت
نشر في أكتوبر يوم 23 - 11 - 2014

يتصور الآلاف من الشباب المحبطين واليائسين من الحياة فى أوطانهم أن طوق النجاة ينتظرهم على ظهر سفينة ستنقلهم على شاطئ الأحلام والثراء السريع ولكنهم لسوء حظهم يسقطون ضحية عصابات منظمة ويتفاجئون بالأمواج تتقاذفهم فى عتمة الليل فى مراكب شبه متهالكة وتكون النهاية إما بالموت غرقًا فى عرض البحر أو بالقبض عليهم والمعاناة من جحيم المخيمات المخصصة للمهاجرين غير الشرعيين.
وفى السطور التالية.. تنقل «أكتوبر» تفاصيل المأساة التى يعانيها هؤلاء الشباب من أول شاطئ الأحلام وصولًا إلى شاطئ الأحزان.
وبعد ما كنا نسمع كل عدة أشهر عن غرق مركب تحمل مهاجرين غير شرعيين أو عن إحباط محاولة هجرة غير شرعية من خلال حرس الحدود، أصبحنا الآن نسمع كل يوم بدون مبالغة عن المحاولات الفاشلة للهجرة أو عن أعداد الضحايا الذين يموتون فى مياه البحر بعد أن يقعوا فريسة عصابات منظمة وسماسرة الموت الذين انتشروا فى عدة مدن مصرية لم تعد فقط مدن الساحل بل وصلوا إلى الصعيد، بل أيضا تخطوا الحدود وأصبح هناك سماسرة فى السودان وفى غزة وفى غيرها من الدول وخاصة الأفريقية.
الاحصائيات التى تعلن عن أرقام ضحايا محاولات الهجرة غير الشرعية والأرقام التى تعلن عن عدد المحاولات التى تحبطها قوات حرس الحدود أصبحت تثير الكثير من علامات الاستفهام، فقد ذكر تقرير صدر عن منظمة الهجرة الدولية أن 3072 مهاجرًا لقوا حتفهم غرقا فى مياه البحر الأبيض المتوسط خلال عام 2014 فقط بخلاف الأعداد التى ماتت قبل ذلك.
وأكد تقرير المنظمة الدولية الذى لم يصنف المهاجرين حسب أماكن انطلاقهم أو جنسياتهم أو السواحل التى لقوا حتفهم قبالتها أن عام 2014 شهد إجمالا مقتل 4407 مهاجرين ما يعنى أن حصة الأسد كانت من نصيب البحر المتوسط.
والفلسطينيون وخاصة من أبناء غزة كان منهم العدد الأكبر من ضحايا الغرق فى مراكب الهجرة غير الشرعية فى البحر المتوسط.
ووفقا لإحصائيات مديرية أمن الإسكندرية فإن عدد قضايا الهجرة غير الشرعية التى أحبطتها قوات حرس الحدود ومديرية أمن الإسكندرية خلال شهر أغسطس الماضى فقط بلغت 371 قضية وكان عدد محاولى الهجرة 65 مصريًا و159 سوريا و22 فلسطينيا و105 سودانيين، و29 من جزرالقمر، و11 من إريتريا، و2 من تشاد و2 من جيبوتى و27 صوماليًا، أما فىشهر سبتمبر فقد اقترب عدد القضايا من هذا العدد.
ولا يكاد يمر يوم إلا وتتمكن قوات حرس الحدود بالإسكندرية من إحباط محاولة هجرة غير شرعية من شواطئ الإسكندرية،من شرقها إلى غربها ظاهرة غريبة تزايدت بشكل يدعو إلى التساؤل.
وبعد أن كانت محاولات الهجرة غير الشرعية فى مواسم معينة غالبا ما تكون فى فصل الخريف، إلا أن الشهور الماضية خرجت من قاعدة المواسم وأصبحت محاولات الهجرة الشرعية التى تتم فى مراكب الموت تتم كل يوم.
تسعة ناجين من 400
من أكبركوارث الهجرة غير الشرعية التى حدثت فى الأشهر الماضية غرق مركب فى سبتمبر الماضى كانت تحمل 400 مهاجر فلسطينى غير شرعى فى البحر المتوسط بعد خروجها من شواطئ الإسكندرية قبل وصولها إلى إيطاليا بعد أن حدث عطل فى المركب التى كانت تقلهم فجاء لهم المهربون بمركب أخرى ليستقلوها وكانت صغيرة ومتهالكة وحينما رفض الركاب النزول إلى المركب الجديدة قام بحارة هذه المركب بالاصطدام بالمركب التى تحمل المهاجرين عن عمد وأحدثت بها كسورا خطيرة أدت إلى غرق المركب بمن فيها ولم ينج منها إلا تسعة أفراد فقط، وما يزيد الحزن أن المركب كانت تقل أطفالا ونساء ورجالا أى أسرًا كاملة لقيت حتفها فى الحادث.
ورغم ما ينشر ويكتب مازال مزيج الحلم بالثراء أو الحلم بالخلاص أو الحلم بالعالم الجديد يراود الكثيرين، ويساعدهم فى ذلك العصابات التى انتشرت بكل مكان خاصة فى غزة والتى تساعد الراغبين فى الهجرة فى الهرب إلى مصر عبر الأنفاق ثم يحملونهم إلى الإسكندرية ومنها إلى سفن الموت.
شواطئ إيطاليا فى «أبو قير»!
آخر تلك المحاولات الفاشلة للهجرة الشرعية ماحدث الأسبوع الماضى حينما تعرض 137 شخصا فلسطينيا وسوريا إلى الاحتيال بعد أن انطلقت مركب تحملهم من شواطئ مدينة مرسين التركية قاصدين الشواطئ الإيطالية ليجدوا أنفسهم بين أيدى خفر السواحل المصريين على شاطىء أبو قير، ليجرى حجزهم فى أحد مراكز الشرطة بالإسكندرية بعد أن قرر المهرب أبو خالد عوض أن يغادر المركب إلى مركب أخرى ومعه المبلغ الذى جمعه من الركاب، فى وقت كان عليه دفعه لأصحاب المركب المصريين، ويقرر أصحاب المركب المصريون ترك الناس فى البحر، ولكن بعد مشادات واشتباكات مع الركاب يقررون تركهم على جزيرة نيلسون بأبى قير بالإسكندرية ليقوم خفر السواحل بإنقاذهم، والمجموعة تضم أكثر من اثنى عشر طفلاً، بينهم رضّع، وأكثر من عشرين امرأة. وتم التحقيق من قبل الأمن المصرى مع عدد قليل من الشباب خصوصاً، تدور مخاوف هؤلاء المهاجرين الآن حول ترحيلهم إلى سوريا حسب ما بلغهم من مصادر مختلفة، فيما يطالبون بترحيلهم إلى المكان الذى جاءوا منه فى مرسين، مع العلم أن معظمهم لا يحملون أوراقاً شرعية تؤكد إقامتهم فى تركيا، وناشد بعضهم المنظمات الحقوقية والإنسانية والأونروا «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين»، والسفارة الفلسطينية فى القاهرة التدخل لمنع ترحيلهم إلى ميناء اللاذقية السوري، مطالبين بإبقائهم فى مصر أو ترحيلهم إلى حيث جاءوا.
من قسم شرطة إلى قسم شرطة ومن مركز شباب إلى آخر أخذت أجوب أنحاء الإسكندرية لأصل إليهم فى النهاية فى أحد أقسام الشرطة بالإسكندرية الذين وضعوا فيه تمهيدا لترحيلهم من مصر بعد إجراء تحريات الأمن للتأكد من هويتهم، حينما وصلت إليهم وجدت نفسى أمام مجموعة من البائسين اليائسين من كل شىء، مجموعة هربت من الموت إلى الموت، خرج كل منهم من قصة شقاء ومن حالة يأس راغبا فى الوصول إلى الحياة الجديدة على الشاطئ الآخر، وحينما لم يكتب لهم الوصول إلى وجهتهم أو الموت غرقا كمن سبقوهم وجدوا أنفسهم فى مصر، بعد أن دفعوا تحويشة العمر لعصابة من المهربين لتحملهم من تركيا إلى مصر بدلا من إيطاليا بعد أن وصلوا إلى تركيا من عدة دول، واعتقد أن ذلك من حسن حظهم فمصيرهم أفضل من سبقوهم إلى الغرق فى مراكب الموت.
روايات حزينة
التقينا مع عدد من المهاجرين الذين تعرضوا لعمليات النصب، حيث يقول طالب عبد الحق وهو فلسطينى سورى أنا من مدينة اللاذقية السورية ولكنى أعيش فى الإمارات منذ عشر سنوات وأعمل كمساعد مهندس، ولدى ابن وابنة عمرهم 10 و13 عام وكنت أعيش حياة جيدة ولكن للأسف أن الوضع فى الإمارات تغير الآن وأصبحنا نأكل ونشرب فقط ، وأنا أريد حياة ومستقبل أفضل لأولادى خاصة فكان الحل لدى هو التفكير فى الهجرة إلى إيطاليا خاصة بعد لأحداث التى تشهدها سوريا والتى تجعلنا لا نفكر فى العودة إلى هناك خاصة أن لدى أبناء أخشى عليهم من الخطر.
ويضيف حاولت الحصول على فيزا لإيطاليا فلم أستطع فأخذت فيزا إلى تركيا وكنت أعلم أنى استطيع السفر إلى إيطاليا عن طريق تركيا، وبالفعل اصطحبت زوجتى وأولادى إلى تركيا ونزلنا فى فندق بمدينة مرسين التركية فوجئت بعشرة سماسرة هج رة يأتون لى فى الفندق دون أن أبحث عنهم، وكان السماسرة سوريين وفلسطينيين، وبالفعل اتفقت مع سمسار على تسفيرنا إلى إيطاليا عن طريق مركب صيد وطلب مبلغ ستة آلاف دولار للفرد، ولكن السمسار الذى اتفقت معه تم إلقاء القبض عليه، فاتفقت مع آخر وأخذ منى المبلغ المطلوب، وبالفعل فى اليوم المحدد طلب منا التحرك إلى الشاطىء حيث ركبنا مركب صيد مصرية صغيرة حملتنا إلى مركب أكبر فى عرض البحر وظللنا بالمركب دون أن تتحرك لمدة عشرة أيام وحينها طلبنا النزول من المركب للرجوع إلى الشاطىء إلا أن المهربين رفضوا نزولنا وهددونا بالسلاح، بعدها تحركت المركب وطلبوا منا فى البحر النزل إلى مركب أخرى صغيرة فهددونا مرة اخرى بالسلاح، وحدث خلاف بين المهربين والسمسار، ثم أنزلونا بالقوة وبالتهديد إلى مركب اخرى وقالوا لنا إننا سنسافر إلى إيطاليا وسنكون هناك بعد نصف ساعة، ولكن ظلت المركب تسير فى البحر لمدة ثلاث ساعات حتى رأينا أضواء تقترب من المركب فعلمنا أننا اقتربنا من الشاطىء واعتقدنا أننا وصلنا إلى الساحل الإيطالى ولكن فوجئنا أننا وصلنا إلى جزيرة وطلب منا المهربون النزول من السفينة وهددونا مرة أخرى بالسلاح فنزلنا وعلمنا بعدها أننا فى جزيرة نيلسون بأبوقير بالإسكندرية.
سافرت لعلاج ابنى
ويستطرد ضحية أخرى من ضحايا الهجرة غير الشرعية وهو محمد رجب بسيونى وهو أيضا فلسطينى سورى، ويقول كنت أعيش بين سوريا ولبنان منذ 30 سنة وأعمل سباكا،وكنت راضيا بعيشتى ولكن لى ابن عمره ست سنوات وهو لا يستطيع التحرك، وحاولت أن أعالجه ولكن إمكانياتى المادية كانت لا تسمح لى باستكمال علاجه، ففكرت فى الهجرة إلى أى دولة أوروبية لأستطيع علاج ابنى لكن لم تقبل أى دولة أن تمنحنى تأشيرة دخول،ففكرت فى السفر إلى تركيا ومنها إلى إيطاليا عن طريق المهربين، وبالفعل جمعت كل ماتمكنت من ادخاره طوال السنوات الماضية وسافرت مع أسرتى إلى سوريا بطريق البر ومنها إلى تركيا وبمجرد وصولى مدينة مرسين التركية ظهر سماسرة الهجرة واتفقت معهم على السفر معهم إلى ايطاليا وبالفعل حصلوا على مبلغ ستة آلاف دولار لكل فرد من أسرتى وحدث ما حدث على المركب حتى وصلنا إلى جزيرة نيلسون، وأضاف قائلا كنت قد تمكنت من سرقة تليفون محمول من أحد المهربين على المركب دون أن يشعر، وبعد وصولنا إلى جزيرة نيلسون قمت بالاتصال برقم للطوارئ من المحمول ورد على ضابط مصرى فرويت له ماحدث واستجاب لنا وبالفعل وجدنا مركبا عليها حرس الحدود تقترب منا، وطلبوا منا ركوب المركب فخفنا فى البداية من الركوب لكن طريقة معاملتهم الحسنة،والمحترمة جدا لنا جعلتنا نطمئن لهم وركبنا بالفعل وأخذونا إلى أحد أقسام الشرطة ثم إلى قسم أخر والذى نتواجد فيه الآن ومازلنا ننتظر تحديد مصيرنا، ويقول نحن لم ندخل مصر بطريقة غير شرعية ولم نحاول الهرب عن طريق مصر أيضا ولكننا مخطوفين وأحضرتنا هنا عصابات التهريب وليس لنا ذنب، ويضيف نحن سمعنا أن السلطات المصرية تنوى ترحيلنا إلى سوريا ولكننا نستغيث بهم أن يعيدونا إلى حيث أتينا أى إلى تركيا فماذا سنفعل فى سوريا ؟ هم بذلك يلقون بنا إلى النار التى هربنا منها.
وتضيف زوجته سهيلة محمد: نحن لم نلق بأنفسنا إلى الموت إلا رغبة فى علاج ابننا المريض الذى يأسنا من علاجه فى لبنان أو سوريا بعد ما حدث فيها، ولانريد العودة إلى سوريا مرة أخرى لأنها عودة إلى النار، ونرجو أن تستجيب السلطات المصرية لنا وتعيدنا إلى تركيا حيث جئنا، أريد أن أعالج ابنى المريض ولن اتوانى عن عمل أى شىء لإنقاذه من أسر المرض، حتى لو كلفنى ذلك حياتى، وأنا جازفت مرة دون أن أفكر فيمن ماتوا قبلى فى تلك المحاولات، فلم تعد للحياة قيمة وأنا أرى ابنى عاجزا عن الحركة، ولن أترك أى نقطة أمل تلوح لى لعلاجه.
لم أحصل على تأشيرة
ويقول زاهر زيدان وهو فلسطينى يعيش فى سوريا، كنت أعيش فى مدينة حمص السورية وأعمل موظفا بالأمم المتحدة، ويقول إن الوضع فى سوريا أصبح دمارا ورعبا وخوفا دائما من الموت بالرصاص أو البراميل المتفجرة، أو الخوف الدائم من الاعتقال وإلقاء الأبناء فى الشارع، ويقول: حاولنا التأقلم على الحياة فى تلك الظروف ولكن ما لم نستطع التاقلم معه هو الاعتقال فقد سبق أن اعتقلونى مرتين رغم أنه لم يكن لى أى نشاط سياسى فى يوم ما، وبعدما اعتقلونى أخذوا منى جواز سفرى الدبلوماسى، وبدأوا فى اضطهادى ولست وحدى ولكن كل موظفى الأمم المتحدة فى سوريا لا يستطيعون التحرك بحرية، وبعد تعرضى للاعتقال مرتين قررت ترك سوريا والهجرة ولكن للأسف لم أستطع الحصول على تأشيرة لبلد أوروبى بعد سحب جواز سفرى فاستخدمت بطاقة الهوية التى منحتها لى الأمم المتحدة وأصطحبت أسرتى وسافرت إلى تركيا وعندما وصلنا إلى مدينة مرسين لم نبذل جهدا لنصل إلى سماسرة الهجرة غير الشرعية وبالفعل اتفقنا مع واحد منهم ليقوم بتسفيرنا إلى إيطاليا وركبنا المركب لنجد انفسنا فى مصر، وقال أعلم أن السلطات المصرية تنوى ترحيلنا إلى سوريا ولكن لو حدث ذلك سأقتل نفسى قبل أن أصل إلى سوريا.
وتضيف زوجته علا رضوان وهى موظفة بالأمم المتحدة ايضا قائلة كنا قد بدأنا نتأقلم على الوضع فى سوريا وعلى صوت الرصاص والتفجرات ومشاهد الموت والدم فى كل مكان، ولكن للأسف بعد أن اعتقلوا زوجى مرتين وألقونى مع أولادى فى الشارع واضطرارنا أن ندفع رشوة 500 ألف ليرة ليخرج زوجى من المعتقل عرفنا وقتها انه لاحياة لنا فى هذا البلد، وقررنا أن نجازف بحياتنا وحياة أولادنا بمحاولة الهجرة إلى إيطاليا عن طريق تركيا، فالحياة لم يعد لها قيمة وإذا كانت تجربة الهجرة قد تلقى بنا إلى الموت فالبقاء فى سوريا أيضا سيلقى بنا فى النهاية إلى الموت، ولكن الهجرة قد يكون فيها احتمال للنجاة والوصول إلى بر الأمان، وتضيف قائلة: لا أريد العودة إلى سوريا ولو أرادت السلطات ترحيلنا من مصر فأرجو أن يعيدونا إلى تركيا فنحن لم نأت إلى مصر بشكل غير شرعى نحن ضحية مهربين اختطفونا إلى مصر رغم عنا، ولو أعادتنا السلطات إلى سوريا سأحرق نفسى قبل العودة إلى هناك.
وحينما سألتها ماذا ستفعل لو عادت إلى تركيا قالت سأحاول أنا وزوجى الهجرة مرة أخرى حتى ننجح فى ذلك رغم كل المخاطر التى تنتظرنا.
وتقول أم عمر وهى سورية كانت تعيش فى حلب، لن أقول شيئا إلا أن الحياة فى سوريا أصبحت مثلها مثل الموت خاصة بعد مقتل زوجى وابنى فى الأحداث الدامية بسوريا، وخرجت من هناك إلى تركيا لكى أهاجر إلى إيطاليا عند بعض أقاربى بعد ماضاقت بنا السبل فى سوريا ولم يعد للحياه قيمة، وقالت كنت قد تصورت أنى قد نجيت من النار بعد خروجى من سوريا لكن للأسف، فوجئت أننى سأعود مرة أخرى إلى النار ولا أعلم ماذا سأفعل إلا أنى سأحاول مرة أخرى الهروب حتى أنجح أو أموت فى النهاية.
واذا كان هؤلاء قد تم خطفهم رغما عنهم من تركيا إلى مصر فهناك كل يوم محاولة للهجرة غير الشرعية من مصر إلى إيطاليا ايضا،وقائمة المهاجرين تضم شبابا مصريا يحلم بفرصة عمل أو بالثراء أو بالحياة الجديدة، وهناك فلسطينيون هاربون من جحيم الحياة فى غزة وجاءوا إلى مصر عن طريق الأنفاق ليخرجوا منها إلى الحياة الجديدة أيضا، وهناك صوماليون هاربون أيضا من جحيم الحرب الأهلية، وهناك سودانيون وتشاديون وغيرهم والكل يحلم بالوصول إلى الشاطىء الآخر.
أحمد شاب سورى يعيش فى مصر وأحد هؤلاء الشباب الذين حاولوا الهجرة غير الشرعية ولكن قوات حرس الحدود أحبطت محاولة الهجرة يقول حضرت إلى مصر هربا من الموت فى سوريا منذ عدة أشهر، وبدأت العمل فى أحد المطاعم التى أنشأها سورى أيضا، وكان الهدف أن أجمع اكبر قدر ممكن من الأموال لأتمكن من الهجرة إلى ايطاليا ومنها إلى أية دولة أوروبية ترعى المهاجرين، وبالفعل بعد عدة أشهر كنت قد جمعت مبلغا بالإضافة إلى المبلغ الذى هربت به من سوريا واتفقت مع أحد سماسرة الهجرة للسفر على إحدى مراكب الصيد إلى ايطاليا، وبالفعل اتصل بى السمسار فى يوم السفر وطلب منى التوجه إلى منطقة المكس ووجدت مجموعة أخرى من راغبى الهجرة من جنسيات مختلفة منهم مصريون وسوريون وفلسطينيون وسودانيون، وركبنا لانشات صغيرة حملتنا إلى مركب صيد أكبر فى البحر ولكن كانت حالتها يرثى لها، وحينما رفضنا ركوبها هددنا المهربون بالسلاح فاضطررنا إلى الركوب، وما لبثت المركب فى التحرك فى البحر حتى عثرت علينا قوات حرس الحدود لتعيدنا إلى الشاطىء مرة أخرى وليضيع الحلم ومعه كل ما أملك من أموال استولى عليها السمسار، وقال لن أيأس وسأكرر التجربة مرة أخرى بعد أن أجمع ثمن الرحلة فقد أفلح فىالمرة القادمة وأصل إلى الحياة الأخرى، فالحياة لم يعد لها قيمة بعد أن ضاع الوطن والأهل وسيضيع وراءه العمر.
لم تكن الأولى
أما محمود وهو شاب مصرى من إحدى قرى البحيرة فيقول إن محاولته للهجرة والتى أحبطتها قوات حرس الحدود لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة ،وقال إن والده دفع تحويشة العمر فى المرة الأولى للسمسار لكى يوافق على تسفيره إلى إيطاليا، ولكن قوات حرس الحدود أحبطت المحاولة فحاول مرة أخرى بعد أن قام والده برهن بيته ليستطيع تسفير ابنه أملا فى الخروج من حياة الفقر ولكن أيضا للأسف فشلت المحاولة، وقال إنه سيكررها ثانية ولن يمل بعد أن ضاقت به السبل وبأسرته وحلمه بانتشال أسرته من حياة الفقر.
وعلى شاب فلسطينى من غزة حاول الهجرة هو وأسرته ولكن فشلت المحاولة أيضا ويقول إنه حضر من غزة إلى مصر بعد الاتفاق مع سمسار فلسطينى وذكر أنهم منتشرون فى غزة، واتفق مع السمسار على دفع مبلغ ستة آلاف دولار مقابل تسفير.
وأضاف أن السمسار الفلسطينى دله على طريق السمسار المصرى الموجود بعزبة البرج، وبالفعل تمكن من الحضور إلى مصر – ورفض أن يذكر كيف دخل – لكنى علمت من مصادر انه دخل مصر عن طريق الأنفاق ليذهب للسمسار المصرى الذى جعله يقيم فى شقة لبعض الوقت حتى حضر موعد السفر فانتقل إلى شاطئ المكس بالإسكندرية ليستقل المركب التى أوقفتها قوات حرس الحدود قبل أن تخرج من حدود الإسكندرية ليفشل حلمه فى الوصول إلى العالم الجديد.
ويقول: غامرت بحياتى وحياة أسرتى رغم ما سمعته عمن غرقوا من قبل لأن الحالتين كلاهما موت فلو بقيت فى غزة لمتنا تحت نيران قوات الاحتلال ولو هاجرنا فهناك احتمال أن نموت ولكن هناك احتمال آخر أن تصل المركب ونعيش حياة أفضل بعد أن أصبحت الحياة بلا معنى.
واكتشفنا أيضا أن المهاجرين الأفارقة الذين كانوا يتخذون من ليبيا محطة ترانزيت لهم للوصول إلى أوروبا تحولوا إلى مصر بعد الإضرابات التى تشهدها ليبيا، كما أن الظروف السياسية بسوريا وغزة والسودان أفرزت مهاجرين جدد اتخذوا من مصر ايضا محطة ترانزيت لهم.
قنابل موقوتة
والأخطر هو تحول المهاجرين غير الشرعيين إلى قنابل موقوتة أو إرهابيين محتملين، فالكثير منهم يأتى بهم سماسرة مجهولون من بلادهم ويتركوهم لفترات طويلة فى الإسكندرية فى ظل ظروف غاية فى الصعوبة، ويبد أون فى التسويف فى خروجهم من مصر حتى يصل اليأس إلى هؤلاءالمهاجرين ويتحولون إلى عجينة لينة قابلة للتشكيل بعد أن يتم تدريبهم للقيام بعمليات إرهابية!!
والمهاجرون غير الشرعيين الذين يتم إلقاء القبض عليهم يتم احتجازهم لفترة فى أحد مراكزالشباب بالإسكندرية أو احد أقسام الشرطة لعمل تحريات أمنية حولهم خوفا من أن يكون قد تم جلبهم من بلادهم وتدريبهم لللقيام بأعمال إرهابية فى مصر بعد أن يئسوا من فكرة الهجرة، وما زاد الشك فى هذا الموضوع هروب اثنين من المحتجزين من الفلسطينيين من أحد مراكز الشباب كان محتجزين فيه.
والغريب أنه عند الحديث مع عدد منهم فمثلما اكتشفنا أن البعض يهرب من الموت إلى الموت فقد اكتشفنا أيضا حالات غريبة لا يوجد لديها مبرر منطقى للهجرة بتلك الطريقة.
أما المبالغ التى يدفعها الفرد نظير هجرته فهى تتراوح بين 2000 إلى 6000 دولار لغير المصرى ،اما المصرى فهو يدفع للسمسار حوالى 30 ألف جنيه، أما الأسر فلها عروض وتخفيضات خاصة !
ورغم مما نسمعه يوميا من كوارث تحدث لركاب معظم المراكب التى تنجح فى الهرب براكبيها من المياه الاقليمية المصرية، إلا أن محاولات الهجرة غير الشرعية مازالت مستمرة وهناك أشخاص حاولوا مرة ومرتين وفشلت المحاولة ومازالوا يحاولون.
وفى محاولات الهرب من حرس الحدود فإن المراكب التى تقل المهاجرين غير الشرعيين غالبا ما تخرج معها مراكب صيد أخرى فإذا نجحت مركب المهاجرين فى إخراجهم من المياه الإقليمية المصرية عادت مع مراكب الصيد التى تمنحها كمية من الأسماك حتى لا ينكشف الامر عند عودتها بلا أسماك.
الإسكندرية بديل
ويقول الخبير الأمنى اللواء فاروق أبو العطا مساعد وزير الداخلية السابق إن الإسكندرية مدينة هامة ومساحتها كبيرة وساحلها على البحر يمتد على مسافة طويلة حوالى 50 كيلو مترا وهى مايسهل التسلل منها، وتضم أكبر ميناءين بمصر ومن أكبر موانى البحر المتوسط،كما تضم موانى صغيرة للصيد ابتداء من ابو قير شرقا إلى المكس غربا، وكلها تخرج منها المراكب الصغيرة التى تستخدم لتهريب المهاجرين غير الشرعيين، وأضاف أنه من أشهر الجنسيات التى بدأت تتسلل إلى مصر لتخرج من سواحلها فى رحلات الهجرة غير الشرعية الجنسيات الأفريقية الذين كانوا يهربون عن طريق ليبيا ولكن بعد الاضطرابات التى تحدث فى ليبيا لجأوا إلى مصر للهروب منها إلى أوروبا، وكان من المشاهد المعتادة ضبط سيارات نقل المياه أو البنزين أو الحاويات التى تمتلىء بالأفارقة المتسللين إلى مصر، وقال إن الهجرة غير الشرعية لم تكن إلى أوروبا فقط بل كثيرا ما ضبطنا مهاجرين غير شرعيين من الأفارقة أو بعض الجنسيات الأوروبية، والذين كانوا يتسللون عبر سيناء إلى صحراء النقب للوصول إلى إسرائيل للبحث عن فرص عمل أو للتجنس، وكانوا يلقون معاملة غير آدمية بالمرة من سماسرة الهجرة غير الشرعية فى سيناء وكان يصل الأمر بالسماسرة عندما يعلموا أن أحد المتسللين له أشقاء بأوروبا أن يقومون بخطفهم لطلب فدية.
وقال أنا استنتاجى أنه بعد الحملة العسكرية القائمة لتطهير سيناء والسيطرة على الحدود، ومع الظروف التى تعيشها ليبيا انعدم تهريب الأجانب من سيناء، ومن سواحل ليبيا، وبدا الاتجاه إلى الإسكندرية والتى بها كثافة سكانية وحركة ملاحية، وكذلك لأن الإسكندرية تقترب سواحلها من مدن أوروبية خاصة فى تركيا واليونان وأيطاليا، لذلك فالرحلة فى المراكب الصغيرة من الإسكندرية تستغرق يومين أو ثلاثة ويعتقد المهاجرون خاصة الأفارقة أنها رحلة سهلة، دون أن يتخيلوا المخاطر التى تحف الرحلة.
وقف تراخيص المراكب
فيما يرى الخبير الأمنى اللواء رفعت عبد الحميد أن الهجرة غير الشرعية أساسها البطالة والفقر واعتماد ثقافة الموت، وأضاف أن ما ساعد على تنامى الظاهرة أنه لايوجد فى مصر قنون لما يسمى بالهجرة الشرعية أو غير الشرعية، وقال أن دول المهجر محددة وفقا للقانون الدولى العام أنها أمريكا وكندا واستراليا، وأن تكون الهجرة وفقا لجوازات سفر معتمدة.
أما ما يحدث فى سواحلنا فهو معاقب عليه قانونا ويسمى للأسف الشديد الخروج من البلاد خلسة اى عبر الطرق الحدودية غير الشرعية، وهذا العمل للأسف كان يعاقب عليه فى قانون العقوبات بقانون المخالفة أى غرامة 50 جنيها،وقد اعترضنا وقتها كضباط شرطة وتم رفع العقوبة إلى مستوى الجنحة ولكن أيضا هذه العقوبة لا توازى الأخطار التى تسببها، وللأسف تحول موضوع الهجرة غير الشرعية إلى مشكلة مزمنة فلم تعد الهجرة الشرعية تتم بدافع العمل فقط اوالتباهى بل أصبحت تتضمن أنشطة خارجة على القانون من خلال مجموعات أو منظمات دولية فى الخارج والداخل، ومما يلفت النظر ويثبت ذلك ضبط عناصر من خارج مصر فى محاولات الهجرة غير الشرعية.
ويقول اللواء رفعت عبد الحميد إن السيطرة على مشكلة الهجرة غير الشرعية لا يتطلب تشريعات جديدة ولكن أن نحدد الجوانب المرتبطة بالمشكلة أولا، وأهمها وسيلة النقل البحرية وهى مراكب صيد متهالكة ولكنها مرخصة من النقل البحرى، ولم نسمع حتى اليوم أنه قد قد صدر حكم بمصادرة أو نزع ملكية وسيلة النقل أو بالأصح وسيلة الموت، وهذا الأمر لا يحتاج إلى تشريع ولكن يلزم معالجته بطريقة أكثر حزما من ذلك، ويجب التحفظ على ثروات وممتلكات كل من يرتكب مثل هذه الجرائم من مقاول وسماسرة الموت وناقلى وشاحنى تلك الهجرة والتى تحولت إلى تجارة عالمية غير مشروعة وتسبب مشاكل بيننا وبين دول الجوار خاصة أنهم أثروا ثراء فاحشا.واضاف قائلا إن الحل الأمنى للمشكلة ليس كافيا فهناك معالجات لمنع تلك المشكلة لا تتعلق بشق واحد بل جوانب متعددة، فكيف يعاد الترخيص لمراكب سبق لها نقل مهاجرين غير شرعيين؟؟ والمسألة ليست مجر أمن وحرس حدود فقط بل يجب على جهات التفتيش البحرية القيام بدورها؟ ومازلت اتساءل كيف يتم التجديد لمراكب غرق فيها شباب؟ وقال للأسف أن هذه المهنة غير الشرعية أصبحت تورث للأبناء والزوجات، والهجرة غير الشرعية ليست كلها هجرة بل إن المراكب بعد أن تلقى بالمهاجرين غير الشرعيين فى عرض البحر فإنها تعود بمخدرات أو بضائع مهربة، وللأسف أن الأمر لم يعد مقتصرا على فئة معينة فهناك المتعلم وغير المتعلم والفقير والغنى، فليس الفقر عاملا وحيدا لأن الفقر لم يكن يوما سببا لجريمة.
التفتيش ومافيا الهجرة
يشير القبطان د.محمد الحداد رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية لتنمية التجارة البحرية إلى أن الإسكندرية تعد المكان الأمثل حاليا للوصول إلى إيطاليا بطرق غير شرعية نظرا لقربها من إيطاليا وأضاف أن أصحاب اليخوت واللنشات من الفاسدين هم السبب الأول لما يحدث، وأشار د.الحداد إلى جانب خطير من جوانب المشكلة وهو تحالف مافيا الهجرة غير الشرعية مع مافيا التفتيش البحرى، وذلك من خلال بعض المحامين الفاسدين الذين يسهلون ترخيص بعض الوحدات العائمة الصغيرة لبعض الشخصيات الراغبة فى المال الحرام وتستخدم هذه الوحدات فى الهجرة غير الشرعية من على سواحل عزبة البرج والإسكندرية ومطروح والذى يساعد فى تفاقم الكارثة، ويروى لأكتوبر قصة شهيرة يتداولها ويعرفها كل العاملين بمجال النقل البحرى وهى قصة اللنش" NAVIGATOR STAR الذى غرق على سواحل البحر الأبيض المتوسط وفقد أكثر من 20 مصريًا أمام السواحل الإيطالية وبالطبع قيادات التفتيش البحرى تدير عملية الهجرة غير الشرعية من خلال هؤلاء المحامين وبالترخيص لهذه اللنشات فقد تم الترخيص لهذا اللنش المنكوب لرحلة من الغردقة إلى العلمين وتم ركوب المهاجرين من رشيد ومن مطروح.
وقصة اللنش شهر زاد فقد تم سرقة اللنش وتم بيعه لأجانب ومساعدتهم فى تهريبه خارج البلاد ثم تم السطو من قبل مافيا التفتيش البحرى على لنش متروك فى حماطة وطبقوا عليه رخصة شهرزاد وحاولوا بيعه وتهريبه إلا أن تفتيش بحرى الغردقة وجدوا المواصفات غير مطابقة لشهادة التسجيل ومحتاج موافقة الوزير كى يتم شطبه وبالطبع تم تزوير موافقة الوزير على الشطب والتسفير، وقصة اللنش الملكة وقصة اللنش شهر زاد أعادت نفسها وتم تهريبه للخارج فى 2012 وتم بناء لنش فى السويس وطبقوا الرخصة عليه.
هذه اللنشات تستخدم فى الهجرة غير الشرعية وتهريب السلاح والمخدرات بمباركة الهيئة المصرية لسلامة الملاحة البحرية، وطالب د.محمد الحداد بتشديد الرقابة على تراخيص السفن ومراكب الصيد، وتشديد الرقابة على هيئات التفتيش البحرى للقضاء على الفساد من المنبع.
الصيادون بريئون
ينكر أشرف زريق شيخ الصيادين وأمين صندوق الاتحاد التعاونى للثروة المائية علاقة الصيادين بكارثة الهجرة غير المشروعة، ويقول ليس لنا علاقة بهؤلاء الناس، وكل محاولات الهجرة غير الشرعية تتم من خلال سماسرة موجودين فى عزبة البرج بدمياط، وبرج مغيزل بكفر الشيخ، ومن رشيد، وهؤلاء السماسرة ليسوا من الصيادين لأن الصياد بطبعه حذر ويخاف من البحر ويعيش لمهنته فقط ويخرج للبحر ليعود بأكل عيشه من أسماكه التى يصطادها، وهؤلاء السماسرة يستغلون سوء الأحوال المادية للصيادين حاليا نتيجة ندرة السمك بالبحر ويقوم السماسرة بشراء المراكب من الصيادين ورخص الصيد بمبالغ خرافية بالنسبة للصياد ثم يستخدمون المراكب فى الهجرة غير الشرعية أو يستخدمون الرخصة لبناء مراكب لنفس الغرض، والصياد لا حول له ولا قوة فإذا جاء له شخص ليشترى رخصة بثمانين ألف جنيه وثمنها فى الأساس حوالى ثلاثة آلاف جنيه فكيف يرفض وهو يبحث عن الطعام لأولاده؟ والسماسرة يستعينون بأشخاص من العاملين بالبحر من خارج قطاع الصيد لقيادة مراكب الهجر غير الشرعية.
ويطالب أشرف زريق بضرورة العمل على تنمية الثروة السمكية بالبحار والبحيرات ليعود الصياد إلى مهنته الأصلية، والأهم يطالب بوقف نقل ملكية مراكب ورخص الصيد وإقرار أن من يريد التنازل عنها يتنازل عنها لهيئة الثروة السمكية وليس لأفراد.
ويقول د.حسن محمد حسن أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإسكندرية إن الكثير ممن يخوضون تجربة الهجرة غير الشرعية ليس لديهم علم بأنهم يتم إلقاؤهم فى البحر قبل نهاية الرحلة فى المنطقة بين المياه الدولية والمياه الإقليمية وقبل الوصول إلى الدولة التى يتوجهون لها وما يحمله ذلك من مخاطر إضافية تضاف إلى مخاطر احتمالات غرق المركب بكل مافيها وما تكرر عشرات المرات،ويضيف أنه بعد عرض فيلم (أبو العربى) فوجىء باشخاص كثيرون يقولون انهم كانوا يعتقدون أن مراكب الهجرة غير الشرعية توصلهم إلى سواحل الدول التى يرغبون فى السفر اليها .
وأضاف قائلا إن الهجرة غير الشرعية تعد تعبيراَ عن الشعور بالاغتراب داخل المجتمع وانعدام الثقة فى المستقبل الذى يعد به ومؤشر ذلك أقبال الشباب على هذه الهجرة رغم أنها قد تكون بالنسبة لهم مشروع عمل انتحارى.
وتعد أيضا دليلا على عدم قدرة أجهزة الحكومة على استيعاب الشباب وإدماجهم فيما تقول عنه المشروعات القومية التى تقوم بها.
وفيما يتعلق بالشباب الراغبين فى الهجرة نجد جزءا منهم يمنى نفسه بالحياة فى مجتمع متقدم وجميل وباحتمال تحقق أحلامه فى الثراء والبعض الآخر يسافر مدفوعا باليأس من تحسن الأحوال فى بلاده..
أما بالنسبة للعائلات التى تحاول الهجرة بطرق غير مشروعة رغم المخاطر الهائلة التى تحيط بالرحلة فهى غالبا من المجتمعات التى تعانى من الحروب الأهلية والاضطهاد العرقى ولذلك فالموت عندها أهون من الحياة كما أنها الرغبة فى التغيير ولكن الموت هو الثمن .. واليائس لا يفكر فى قيمة الحياة أنها مشروع انتحارى كالسجين الذى يحاول الهرب رغم أنه يعلم بوجود الموت فى انتظاره إذا فشل فى ظل القهر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.