عندما قال الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال حواره مع شبكة "فوكس نيوز" الإخبارية الأمريكية" قبيل انطلاق المؤتمر الاقتصادى بمدينة شرم الشيخ " ان استقرار مصر يعد الركيزة الأولى لهدوء العالم مشددا على ضرورة وجود القوة العربية المشتركة لحماية الدول العربية من الإرهاب"كان يعى ويدرك ما يدور فى المنطقة العربية من تغيرات وما يحيط بها من أحدات جسام وما يواجهها من مخاطر تهدد أمنها ووحدتها واستقرارها. وجائت التطورات التي شهدتها الأزمة اليمنية لتفرض على دول الخليج ومصر والأردن وعدد من الدول العربية التدخل العسكرى السريع لوقف تمدد جماعة الحوثي والحد من التواجد الإيراني في المنطقة خاصة بعد أن تراجع الحل السياسى فى ظل دعوة زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي إلى 'النفير العام' بينما طلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من دول الخليج التدخل عسكريا وهو ما أشار إلى انسداد أفق الحوار بعد أن صم الحوثيون آذانهم عن سماع تحذيرات وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل خلال مؤتمره الصحفي مع نظيره البريطاني فيليب هاموند الاثنين الماضى عندما دعا لانسحاب جماعة الحوثي من مؤسسات الدولة معتبرا أن أمن اليمن جزء لا يتجزأ من أمن دول الخليج فكان رد جماعة الحوثي على هذه التصريحات بالقول إن دول الخليج ستكون المتضرر الأول من أي تدخل عسكري في اليمن. وتشير كل الدلائل الى أن اليمن اليوم بات يمثل ساحة المواجهة الحقيقية بين دول الخليج وإيران التى زادت أطماعها فى فرض سيطرتها على المنطقة حيث تعد إيران ظهير الحوثيين الأول وإن لم يكن الحوثيون صناعة إيرانية بالطبع ولا هم دمى بيد إيران مثل حزب الله وبعض ميليشيات الشيعة في العراق إلا أن طهران نجحت تماما في كسب الحوثيين كلاعب لصالحها حتى الآن وهي جهود تكثفت عقب اندلاع الربيع العربي إذ وجدت إيران في صعود الحوثيين فرصة للضغط على السعودية وكذلك تدعيم موقفها الدولي أثناء المفاوضات على النووى الايرانى بالنظر لأهمية مضيق باب المندب لعبور النفط نحو الغرب وللتجارة الأوروبية . ولعل التفكير فى انشاء القوة العربية المشتركة التى دعا اليها الرئيس السيسى خلال مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى أصبحت أكثر الحاحا الآن فى ظل التطورات المتلاحقة فى المنطقة العربية والمؤامرات التى تحاك للمنطقة بدعم دولى على الرغم من أن هذه الفكرة راودت أحلام كثير من العرب منذ نحو 70 عاما لكنها تختفي تارةً وتظهر آخرى والسبب في ذلك هو تضارب مصالح الدول العربية وإختلاف وجهة نظرها في مقاربة المستجدات على الساحة الإقليمية والدولية من ناحية وعرقلة بعض الأطراف الخارجية لهذه الخطوة من ناحية آخرى. ولم يعد هناك مجال للشك الآن من ضرورة تنفيذ هذه الفكرة بعد اقرار وزراء الخارجية العرب لهذا المشروع خلال اجتماعهم على هامش القمة العربية بشرم الشيخ وطلبهم من الأمين العام للجامعة دعوة رؤساء الاركان العرب للاجتماع لمناقشة سبل تنفيذ هذه الفكرة وتحويلها الى الرؤساء العرب لاقرارها خاصة وأن الأوضاع بالمنطقة باتت تتطلب أكثر من أي وقت مضى تشكيل قوة عربية عسكرية مشتركة لمواجهة الإرهاب الذي يعصف بها حسبما دعا الرئيس السيسي خلال لقائه أمين عام جامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربى الذي بدوره ثمن هذه الدعوة واصفا توقيت إطلاق هذه الدعوة فى هذا التوقيت بأنه مهم للغاية. ولكن قد تواجه هذه الفكرة بعقبات وعراقيل دولية واقليمية منها رغبة تركيا في تحطيم أي قوة عسكرية أوسياسية تقف في وجه مشروعه العثمانى في المنطقة علاوة على رغبة القوى الغربية ممثلة فى أمريكا والتي تريد تحقيق خطتها فى تدمير الجيوش العربية لخدمة اسرائيل من ناحية وتنفيذا لمصالحها من ناحية أخرى ولكن بالارادة القوية ستتمكن الدول العربية من تحقيق اهدافها فى انشاء هذه القوة العربية التى تمكنها من حماية الاقطار العربية من الأخطار التى تحيط بها وتهدد وحدتها .