احوال الدنيا العراق يدفع تعويضات لأمريكا!! استوقفني خبر غريب جاء ضمن تقرير لصحيفة كريستيان سايانس مونيتور الامريكية يفيد ان وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري والسفير الامريكي جيمس جيفري وقعا أخيراً اتفاقا لتسوية مطالبات من امريكيين يقولون انهم تعرضوا لمعاملة سيئة من جانب نظام صدام حسين اثناء حرب الخليج في عام 1990 1991. ويوضح الخبر ان الهدف من دفع مبلغ اجمالي قدره 400 مليون دولار هو تأمين اموال عراقية في الخارج والمساعدة في رفع عقوبات الاممالمتحدة التي فرضت أثناء حكم صدام الذي أطاح به الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة في عام 2003. وزعم سجناء سابقون في القضايا التي قدمت للمحاكم في الولاياتالمتحدة انهم تلقوا تهديدات بالقتل وتعرضوا لعمليات اعدام وهمية وتجويع وحرمان من النوم وحجب الرعاية الطبية. وقالت وزارة الشئون الخارجية العراقية ان الاتفاق سيساعد في انهاء العقوبات التي فرضتها الاممالمتحدة قبل عقدين بعد ان غزا صدام الكويت. وسر استغرابي من هذا الخبر هو ما هي التعويضات التي ستدفعها الولاياتالمتحدة للعراق ولشعبه بعد ان مزقته وقتلت من ابنائه مئات الآلاف واستنزفت ثرواته وتركته ممزقا خاصة بعد ان اعترف العالم كله بأن غزو العراق كان خطأ فادحا. واتساءل من يا تري سيدفع ثمن هذه الاخطاء التي ارتكبتها الادارة الامريكية السابقة برئاسة جورج بوش الابن وحليفه رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير بعد ان جروا العالم وراءهما تحت ستار الاممالمتحدة وقوات الحلفاء التي اكتشفت بعد ان فقدت العشرات بل والمئات من جنودها انهم غرر بهم وبدأت هذه القوات في الانسحاب من هذا البلد الذي مازال ينزف من دماء ابنائه وثرواتهم. امريكا التي ادخلت العراق في دوامة العنف وسحبت قواتها بعد ان ايقنت ان العراق سوف يبقي بلد ليس له تأثير اقليمي ومهمش وضعيف هكذا ارادت امريكا ترك العراق لا حول ولاقوة فهي من صاغ ديباجة الدستور العراقي وهي من خلقت هذه الكتل السياسية وربتها علي التبعية والاجندات الخارجية والفساد المتعمد والمقصود لنخر هذا البلد الي حد النخاع واستنزافه. وكان مجلس الامن الدولي قد امر العراق وبعد حرب عام 1991 بتعويض الدول التي عانت نتيجة لاحتلال الكويت والتي تبلغ قيمتها الاجمالية 20 مليار دولار وتجنب بغداد الان 5% من ايراداتها النفطية لسداد التعويضات التي يذهب معظمها الي الكويت. لكن العراق يقول ان التعويضات حتي الان غير عادلة ويريد خفض هذا المبلغ حتي يتوفر له مزيد من الاموال للتشييد والتنمية بعد حرب عام 2003 ودعا الي إلغاء قرارات مجلس الامن الدولي. وافقت الولاياتالمتحدة في اواخر عام 2008 علي مساعدة العراق في الخروج من عقوبات الفصل السابع في اطار اتفاقية أمنية وقعت عليها واشنطن وبغداد. وها هي امريكا تهرب من العراق وتعود للتفاوض مع طالبان حليف القاعدة وخصم امريكا اللدود للخروج من افغانستان بأقل العمليات القتالية بعد ان ادركت ان قواتها وقوات حلفائها في افغانستان باتت في دوامة لا تنتهي وانها دخلت مستنقعا جديدا بعد العراق. لكن ومن المؤكد ان العراق هو الخاسر الاكبر في ماراثون السياسة الامريكية والسياسة الاقليمية ويبدو ان العراق هو اول من دفع ثمن تداعيات احداث 11 سبتمبر اكثر من معقلها في كابول خاصة بعد ان ادركت الاستخبارات الامريكية والاجهزة الامنية في العراق بان القاعدة انسحبت من العراق باتجاه منابعها الاصلية واهمها افغانستان وشمال وشرق افريقيا وما تبقي من القاعدة في العراق هي فصائل عراقية ذات هوي قاعدي او من تدرب علي ايدي المقاتلين العرب ومنها دولة العراق الاسلامية. ويؤكد المراقبون ان ما يحدث الان في العراق من عمليات تصفية حسابات ما بين الميليشيات السياسية وشد وجذب لانتزاع مواقف سياسية ولي الذراع بالاضافة الي المجموعات المسلحة الاخري التي تنشر العنف والإرهاب العشوائي ناهيك عن المقاومة الوطنية سواء كانت عربية أو إسلامية.