"وزير الإخوان" يعلن التطهير .. والمثقفون يردون بأضخم اعتصام يدار من مكتبه! حقيبة الثقافة تعود ل"عرب" ودعوات لإجازة الدستور المعدل العواصم العربية تشهد صحوا ثقافيا تكلله روح الربيع الثورية المنظمات الدولية تحذر من تراجع الحريات والعدوان على التراث ثلاثة أعوام فارقت بيننا وبين انطلاق أولى إشارات الربيع العربي الثائر من أجل العيش والكرامة والحرية، لكننا حين نترقب بشائر عام ميلادي جديد تتداعى للذاكرة مشاهد فارقة في عالم الثقافة باعتبارها روح الأمم وسلاحها الفعال من أجل البقاء. وفي عالمنا العربي يواجه المثقفون على أعتاب عام 2014 أسئلة صعبة لعل منها : ماذا لو جاءت صناديق الديمقراطية بما لا يشتهون أو ب"تيار الإسلام السياسي" بعد شهور عجاف من الحروب المستترة والعلنية؟ كما ينفتح الأفق على مخاوف من تراجع الحريات بعد بروز العسكريين من جديد في إدارة المشهد . ويبدو أن ثورة 30 يونيو وما تبعها من تفويض 3 يوليو ، كانت أحداث شكلت صدعا في الجماعة الثقافية وتبادل اتهامات حول "الشرعية" و"الديمقراطية" و"حقوق الإنسان" ثم "الأمن القومي" و"الإرهاب المتستر بعباءة الدين" ، كل ذلك وسط قبضة أمنية مسيطرة وموجات إرهابية عنيفة لا ترحم . في مصر نستدعي مشهد وزير الثقافة الدكتور علاء عبدالعزيز في حكومة الدكتور هشام قنديل والذي قال أنه جاء لتطهير الوزارة من الفساد وكان رد المثقفين عليه مدويا باعتصامات مفتوحة بساحة وزارته وصلت لمكتبه وشهدت تضامنا واسعا من أطياف فنية وسياسية وثقافية بالداخل والخارج، بعد أن اتهموا نظامه بالعمالة وخيانة الوطن ومحاولة "أخونته" وأكدوا أنهم مستمرون حتى سقوط النظام 30 يونيو، وسنرى سحب اتحاد الكتاب في جمعيته العمومية الثقة من الرئيس المعزول، وكذلك بلاغات للمخابرات لحماية الوثائق، ثم سنرى مشهد وزير الثقافة الذي استقال أول العام وعاد بآخره ، أو الدكتور صابر عرب وهو يعلن أمام سفراء العالم من القاهرة أن مصر تواجه هجمة بربرية ممولة وأن ما جرى بها كان ثورة وليس انقلابا عسكريا. لكن المبشرات خلال العام كانت عديدة فقد شهدت مصر مشروعات لرقمنة الوثائق وهيكلة وزارة الثقافة وبرزت جهود هيئة الكتاب وقصور الثقافة ومركز الترجمة القومي لتحسين المنتج الثقافي، وبدأت مشروعات ترميم المسارح القومية والتي كان آخرها مسرح المنصورة الذي تضرر كثيرا بانفجارات الدقهلية المؤسفة، وبرزت مشروعات ربط منتجات وزارات التعليم والثقافة . عربيا، تستدعي الذاكرة أحداثا بينها رفض اتحادات الكتاب الرسمية التدخل العسكري الغربي بسوريا برغم بشاعة ما تقدم عليه آلة بشار المميتة بحق الشعب الأعزل ، ويبرز النضال البطولي للسوريين بكل العواصم لنصرة قضيتهم. أما العواصم الخليجية فربما تمكنت من إحراز نجاحات في عاصمة الثقافة الإسلامية "الشارقة" و"المدينةالمنورة" وكذلك مشروعات ترجمة منها "كلمة" الإماراتية و"بلومز بري قطر" ، وجوائز رفيعة تهدف لدعم المبدعين منها "البوكر" و"الشارقة" و"زايد" و"أمير الشعراء" و"البابطين" و"العويس" و"فيصل للترجمة" وغيرها، ناهيك عن المعارض الدولية للكتاب. وعالميا يمكننا رصد مؤشرات تصاعد الرفض الأكاديمي الأوروبي والأمريكي لإسرائيل، ومخاوف من تراجع التزام الأنظمة بمعايير حقوق الإنسان على خلفية وقائع التنصت الأمريكي وغيرها، بخلاف تركيا التي تحررت ممنوعاتها بأمر القضاء . وأخيرا على صعيد العالم تبرز في العام الماضي مخاوف من إغلاق متاجر الكتب الورقية بعد تصاعد الطلب على الإلكترونية. كما نرى عالميا انضمام مواقع جديدة للتراث العالمي برعاية منظمة اليونيسكو ، وتحذيرات من اندثار مدن ومواقع هامة بفعل ثورات الربيع والحروب والاحتلال، وأهمها على الإطلاق المسجد الأقصى الذي يشهد حملة ممنهجة صهيونية لهدمه ومدينة القدس التي تشهد تهويدا متسارعا وسط "استنكار" عربي معتاد، لذر الرماد في العيون. تماثيل عديدة شهد العالم تحطيمها أو التعدي عليها ومنها تمثال لينين بروسيا ، طه حسين وأم كلثوم بمصر، وأبي العلاء المعري بسوريا. وزارة الأزمات .. الثقافة سابقا مطالب مثقفي مصر استمرت مطالب المثقفين المصريين في عام 2013 عبر مؤتمراتهم لأن تكون قرارات المجلس الأعلى للثقافة ملزمة لجميع قطاعات الدولة، وأن يكون أعضاؤه ممثلين لربوع مصر ومنتخبين. وطالب المثقفون أن تقتطع الدولة من الوعاء الضريبي لتمويل العمل الثقافي المستقل والحر وترفع وصايتها الأمنية والحكومية ، كما طالبوا باستعادة أصول السينما . جوائز الدولة ثارت حالة جدل بعد إعلان الفائزين بجوائز الدولة هذا العام ، بين مرحب وغاضب، خاصة بعد حجب عدد كبير من الجوائز وإعلان أسماء مكرسة مثل الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي الفائز بجائزة الدولة للآداب، وقد اتفق المعارضون على أن الجوائز تفتقد لآلية نزيهة وعادلة . فيما أعلن أمين المجلس الأعلى للثقافة عن بشرى جديدة وهي تغييرات جذرية في هيكلة المجلس طريقة إدارة جوائز الدولة مشيرا إلى أن الثقافة ستحصل على 2% من ميزانية الدولة. اتحاد الكتاب في مصر، رفض اتحاد الكتاب قانون التظاهر الذي رأى أنه يقيد حرية التعبير المكفولة بالدستور، ووصف ما تمر به البلاد بأنه "حرب ضد الإرهاب" جاءت بعد "ثورة" وليس "انقلاب" ، وكان قد رفض من قبل محاولات أخونة البلاد أو جرها للرجعية الفكرية خلال حكم الرئيس محمد مرسي، وتضامنت اتحادات كتاب إفريقيا وآسيا معه في ذلك. وساعد على بروز صوت اتحادات الكتاب اختيار ثلاثة منهم بلجنة الخمسين لصياغة الدستور المصري المعدل 2013، وبعد أن أصبح الكاتب محمد سلماوي رئيس اتحاد كتاب مصر ، والكتاب العرب، المتحدث الرسمي باسم اللجنة التي ترأسها الدبلوماسي الكبير عمرو موسى . الدستور على ذكر الدستور، دعت وزارة الثقافة وقياداتها واتحادات الكتاب للتصويت ب"نعم" على الدستور، باعتبارها إشارة البدء نحو تنفيذ خارطة الطريق التي رسمها قادة المرحلة الجديدة بعد 30 يونيو . وشهدت عمليات صياغة الدستور شدا وجذبا حول مواد الهوية ، واستقرت على أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع مع حذف مواد التفسير وإتاحة حق أصحاب الديانات السماوية في الاحتكام لشرائعهم، كما تضمنت نصوص الدستور الإقرار بالحق في حرية التعبير والنشر وهو مطلب المبدعين الأصيل. "عرب" و"علاء" خلال العام، برزت توقيعات عدد من الكتاب لإسقاط "عرب" باعتباره من رجال النظام القديم الذي خلعته ثورة يناير ووصفه معارضوه بأنه "رجل لكل العصور" . لكن الجماعة الثقافية رفضت بدرجة أشد تولي علاء عبدالعزيز وزارة الثقافة واعتبروا أن في ذلك إهانة للمثقفين ورفضوا الاعتراف به أو بقراراته لأنه ينتمي لمرجعية دينية متشددة برأيهم وهي حزب "التوحيد" ومتحالف مع الإخوان كما أنه لا يمتلك مقومات ذلك المنصب ولا يعرفه أحد بل ويشكل خطرا على الثقافة وأشاعوا أنه متهم بتهم أخلاقية في الماضي. تصاعد المشهد زاد الموقف حدة بعد إنهاء "عبدالعزيز" انتدابات قيادات الثقافة ومنهم د. أحمد مجاهد بهيئة الكتاب ود. عبدالناصر حسن بدار الكتب ود. عبدالواحد النبوي بالوثائق، ومحمد أبوسعدة بالتنمية الثقافية وإيناس عبدالدايم بدار الأوبرا ، واستقالة الدكتور سعيد توفيق من مجلس الثقافة ، والذي تبعه عدد من الاستقالات بينها د. كاميليا صبحي بالعلاقات الخارجية احتجاجا على أخونة الثقافة وشملت القائمة أسماء منها أحمد حجازي من بيت الشعر ومجلة إبداع وبهاء طاهر ومكرم محمد وجرجس شكري . وتصاعدت حدة الموقف بعد تعطيل جوائز الدولة وإلغاء دورة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وتعيين قيادات جديدة من قبل وزير الثقافة بحكومة د. هشام قنديل، وشملت أسماء لم ترض عنها الجماعة الثقافية وهم الدكتور خالد فهمي لدار الكتب والوثائق، وبدر الزقازيقي للأوبرا، والدكتور جمال التلاوي لهيئة الكتاب ود. طارق النعماني لتسيير مجلس الثقافة الأعلى . الذروة بعد عشرات المسيرات المنددة بدستور الإخوان، وحكومة قنديل، ووزير الثقافة والنظام برمته وصعود تكتلات ثقافية ك"اللجنة الوطنية للدفاع عن حرية التعبير" بدا مشهد الاعتصام الكبير بساحة الوزارة مثاليا لتوصيف عام 2013 فقد احتشد به مشاهير الكتاب والفنانين وكل القوى الثورية والحركات الشبابية والحزبية والثقافية والفنية وحظت بدعم خارجي ما أعطاه زخما وتأثيرا وأعلنوا أنه عام "نكسة الثقافة المصرية" . الوزير يتحدى الدكتور علاء عبدالعزيز بدا مصرا على قناعاته برغم إرغامه على إدارة الوزارة من خارجها، وقال أنه سيواجه الفساد مهما كلفه ذلك وأن لديه مستندات تثبت تورط كل من أقصاهم بتهم فساد، وقال أنه يرحب بجميع التيارات الفكرية بالوزارة وأن التعيينات الجديدة شملت تيارات مختلفة ولكنه يرفض تهميش الإسلاميين . وواجه الوزير ، القيادات الثقافية بتدني مبيعات الكتاب وتراجع النشاط الثقافي في مصر والمسارح وقصور الثقافة المهجورة وأمام مجلس الشورى تحدث عن فساد رؤساء القطاعات الذين يتقاضون بدلات وهمية وقال أن رئيسة الأوبرا تتقاضى نصف مليون جنيه شهريا رغم المقاعد الشاغرة بأغلب الحفلات. كما تحدث عن مكافآت قيادات الكتاب الكبيرة، ورفض أن نحدد نخبة الثقافة في أشخاص، وقال أنه يدعم المهرجانات المتميزة كمهرجان الاسماعيلية ولكن مهرجان القاهرة يعاني سوء الإدارة، واتهم النخبة الحالية بأنهم من أبناء مبارك ورجاله في العمل الثقافي. وشهدت أحداث الاعتصام اعتداءات متبادلة بين المؤيدين والمعارضين للوزير من المثقفين، حيث أكد المؤيدين أن "الشلة الثقافية" لن ترضى عن أي وزير يأتي من خارجها، ولكن مع الأسف فإن التيار الإسلامي والثقافي خارجها مشرذم وصوته غير مسموع خاصة مع تجاهل الإعلام له. من جهته دعا الدكتور خالد فهمي رئيس دار الكتب في عهد الدكتور محمد مرسي، الفريق عبدالفتاح السيسي لترشيح قيادة عسكرية متخصصة بالوثائق لإصدار قرار بتوليها إدارته خشية عليها من أي تلاعب في أي نظام قادم ، ودعا لفتح باب الحوار لدحض المغالطات التي يروجها نخبة الثقافة. ما بعد مرسي بعد ثورة 30 يونيو تصاعدت الأصوات المرحبة بتوزير إيناس عبدالدايم للثقافة، وإن رجحت الأصوات التي استطلعت آرائها وسائل الإعلام تقليد احمد مجاهد تلك الحقيبة، وبعد أن جاء صابر عرب للوزارة مرة أخرى خفتت الأصوات المعارضة إلى حد كبير. أما عن موقف النخبة الثقافية من المرحلة الانتقالية فيمكننا أن نلحظ شبه إجماع بين مشاهير الثقافة على تقديم الحل الأمني في مواجهة عمليات الإرهاب المنظمة اليومية، وقد كرست نخبة الثقافة والإعلام خطابها نحو وصم الإخوان بتلك الجرائم، وكان الخلاف فحسب في شكل الدولة المصرية وهل يمكن أن تتجه نحو "الحكم العسكري" خاصة بعد الشعبية الكبيرة التي تمتع بها الفريق عبدالفتاح السيسي ، وكان منبع التخوفات من فض الاعتصامات بالقوة ليس للإسلاميين فحسب ولكن للثوريين من حركات 6 ابريل وغيرها وحملات الاعتقال والتضييق على المعارضة ما حدا بالناشطين للهتاف التقليدي "هو معسكر ولا إيه"؟ . لكن العام أيضا شهد مع ذلك حركات بديلة قررت الانضمام للطريق الثالث ومبادرات عدة قادتها شخصيات أو جهات نشر وبحث ومراكز ثقافية، تقوم على فكرة رفض الأخونة ورفض العسكرة، بحسب التعبيرات الشائعة، وكان بين أبرزها حركات للمبدعين الرافضين ل"الانقلاب" وحركة "البديل الحضاري" ، والتي قادت مؤتمرات هامة بقيادة رموز فكرية مصرية لبث الوعي بمخاطر المرحلة وعواقب تعميم شيطنة الإسلاميين وإقصائهم عن المشهد السياسي واليومي بلا حجج ومبررات معقولة ، كما رفضوا انتهاك حقوق الإنسان ورفضوا الإعلام الفضائي الذي يبث خطاب الكراهية والتحريض ضد المعارضين. متفرقات حول العالم - السودان يصادر مركز بيت الفنون ومركز الدراسات السودانية ، والسودان الجنوبي يعتزم إنشاء دار وثائق كبرى 2014. - تصريحات وزيرة الثقافة الجزائرية خليدة تومي تثير غضبا واسعا بعد تهجمها على الصلاة والحجاب، وغضب جزائري آخر بعد قانون يحتكر سوق الكتاب ويصادر الحريات. - مصر تفوز لأول مرة بعضوية اليونيسكو لحماية الثقافة في حالات النزاع، وبوكوفا رئيسة المنظمة تأسف لفقدان أمريكا حقها بالتصويت في اليونيسكو. - مدن جديدة عربية تدخل قائمة اليونيسكو للتراث المعماري ومنها مدينة "بورسعيد" التي تضم 505 أثرا سياحيا، واليونيسكو تضم مجموعة المصاحف المملوكية بمصر لقوائم التراث العالمي، والمنظمة تضم جبل فوجي الياباني، ووثائق جيفارا الأصلية من كوبا، وشهادات ضحايا الهولوكوست المحفوظة بالنصب التذكاري الذي قدمته إسرائيل بالقدس! وأحجار التسجيل لمعبدين بميانمار. - مكتبة تمبكتو التاريخية للمخطوطات شمال مالي تتعرض لحريق يجهز على مخطوطات إسلامية ووثائق نادرة . - مكتبة الإسكندرية تطلق مشروعات ضخمة لتوثيق سيرة وأسرار العظماء من خلال الوثائق، ومنهم محمد نجيب وجمال حمدان. - مشروع ألماني ضخم ينتهي 2022 لتوثيق الخطوط واللغات الشرقية المطبوعة ورقمنتها، حيث تضم مكتبة برلين وحدها 42 ألف مخطوط شرقي مطبوع. - مصر تشهد افتتاح مؤسسات ثقافية جديدة بينها "بيت الوادي" و"دوم" و"مدارات" .