قناوي الفدائي الذي أنقذ الجيش الثالث من الإبادة انشأنا منظمة سيناء العربية على غرار منظمة فتح للتنكيل بالعدو معركة السويس عام 73 أصبحت ملحمة انتصار خالدة في شوارع السويس دمرنا 33 دبابة وأجبرنا العدو على الانسحاب جيل أكتوبر 73 لن يعوض فقد كان جيل النصر كان أحد الفدائيين الذي ساهموا في الحفاظ على الجيش الثالث من الانهيار من خلال مراقبته للعدو الصهيوني خلال ال100 يوم الذي تم فيهم محاصرة محافظة السويس ، وكان عمره آنذاك 16 عاماً ، كان يركب مع زملائه اللنشات الخاصة بقناة السويس لتقديم الاسعافات للجنود المصابين. التقت شبكة الإعلام العربية "محيط" الفدائي عبد المنعم قناوي -عضو منظمة سيناء العربية- الذي تحدث عن ذكرياته في حرب اكتوبر وحرب الاستنزاف من قبلها وكفاحه ضد الصهاينة في هذا الحوار التالي: بداية..كيف كانت الصورة بعد نكسة 67 وكيف بدأت الكفاح في السويس؟ كنا فى البداية نقوم بمهمة حراسة المنشآت الحيوية داخل مدينة السويس ، وكوّنا مجموعة اطلق عليها الفرقة الانتحارية كان دورها تأمين السفن بمنطقة الانتظار لتفريغ حمولتها من البضائع القادمة من شرق آسيا وبعض الدول الاخرى ، والتي لم يكن يفصلها أكثر من 250 متر عن قوات العدو الصهيوني الموجودة فى شرق القناة ، وبالرغم من هذه الأعمال لم نكن مقتنعين أننا نقوم بدور حقيقي ، فتوجهنا الى مكتب منظمة فتح الفلسطينية وسط القاهرة وقابلنا مسئولي المكتب وطلبنا منهم التطوع والمشاركة معهم ، ووعدونا بأنهم حال قبول متطوعين مصريين سوف نكون نحن أول المقبولين وأعطونا الأعلام التذكارية والكتب وعدنا الى السويس. وكيف تولدت فكرة انشاء منظمة سيناء العربية التى أزعجت العدو الصهيوني؟ لم ننتظر حتى يتم استدعاؤنا من قبل مكتب فتح ، لذا قررنا عمل مكتب على غراره ، ومن هنا جاءت فكرة انشاء منظمة سيناء العربية نسبة إلى أرض سيناء الحبيبة وكنا نحن نواة هذه المنظمة التي انضم إليها بعد ذلك فدائيو بور سعيدوالإسماعيلية والشرفاء فى سيناء . الدور النضالي للمنظمة وما هي العمليات والأنشطة التي قام بها أفراد المنظمة في ذلك الحين ؟ بدأنا القيام بعمليات إزعاج للعدو على البر الشرقي ، فكنا نستطلع في النهار ونعبر ونزرع ألغاماً بالليل ، ونقطع خطوط الاتصالات وندمير مخازن الذخيرة وننسف مستودعات الوقود ، ثم تم تكليفنا بتنفيذ عملية عبور خلال النهار ، وبالفعل فى 5 نوفمبر عام 69 تم تنفيذ أول عملية عبور للفدائيين حيث عبرنا منطقة " الشط" التي تبعد حوالي 8 كيلو متر شمال مدينة السويس ، وباغتنا العدو وهو متحرك بسيارتين نصف مجنزرة ودبابة ، واشتبكنا معه وكان عددنا 12 فرداً ، واستطعنا أسر أحد أفراد دوريتهم ورفع العلم المصرى شرق القناة . وماذا فعلتم بعد ذلك كفدائيين في منظمة وظيفتها هى النضال تحت أي ظرف ؟ بعد هذه العمليات ظل التدريب متواصلاً ، فكنا نقوم بطابور سير طوله 120 كيلو من منطقة جنوب السخنة إلى مبنى المخابرات الحربية بالسويس ، وكنا نتسلق جبل الجلالة جنوب العين السخنة حتى يكون السحاب أسفل أرجلنا ثم نغطس بمياه خليج السويس والبنادق فوق رؤوسنا ، وفي حالة الخطأ يعاد الطابور ، واستمر التدريب حتى قيام الحرب. حدثنا عن دورك خلال حرب أكتوبر؟ لقد كلفت قبل قيام الحرب ب 22 يوماً أن أكون أحد العيون المخابراتية في سيناء فتم دفعي يوم 14 سبتمبر 73 إلى ممر "متلا " ومكثت هناك أراقب حركة قوات العدو وأقوم بتسجيل قواته التي تمر من أمامي ، وعن طريق الراديو أو اللاسلكي أقوم بإبلاغها للقيادة في القاهرة وبعد رصد تحركات العدو طوال 22 يوما علمت بخبر العبور من الراديو واللاسلكى ، وكانت سعادتي بالغة لأننا استطعنا عبور جبهة طولها حوالي 175 كيلو متر حيث كانت معجزة من المعجزات الربانية. حصار ال100 يوم وماذا عن حصار المائة يوم ودور المقاومة في الاستعداد للجيش الصهيونى ؟ كان العدو الصهيونى يريد تحقيق نصر معنوي ، ففكر في دخول محافظة الإسماعيلية ولسوء حظ القوات الإسرائيلية كانت هناك الفرقة القتالية 39 بقيادة العميد ابراهيم الرفاعي -رحمة الله عليه- الذي استشهد فى أبو عطوة ، الفرقة التى أحرزت بطولات عديدة في شمال وجنوبسيناء وايلات ، ولقنت جيش العدو درساً قاسياً فى أبو عطوة. فقامت القوات الإسرائيلية بالإرتداد الى البحيرات المُرّة ، وقامت بتطوير هجومها وإتجهت لإحتلال السويس نظراً لشهرتها ، وفى يوم 23 و 24 أكتوبرهاجمت الطائرات الإسرائيلية المدينة منذ الساعة السادسة صباحاً وحتى العاشرة ، ووقتها قام الفدائيون بنصب أربعة أكمنة لقوات الاحتلال أحدها عند مزلقان روض مدافن الشهداء ، والثانى عند مدرسة حمد الله بشارع الجيش ، والثالث عند مزلقان البراجيلي بقيادة الشهيد أحمد أبو هاشم ، والرابع أمام مسجد سيدى عبد الله الأربعين وكان فيه الفدائي غريب محمد والفدائى عبد المنعم خالد ، وتم إنشاء كمين خامس بين سينما مصر وسينما رويال التى حل محلها الآن بنك الاسكندرية. وكيف دارت المعركة التي تحولت إلى ملحمة انتصار؟ عندما تأكدنا أن قوات العدو سوف تأخذ طريقها لشارع الجيش للهجوم على المدينة ، تم سحب كمين مزلقان الروض وضمه للأربعة كمائن الأخرى ، فقامت القوات الإسرائيلية باستكشاف المدينة وقامت بالدفع بعربات مجنزرة مثبت عليها تماثيل على شكل جنود ، فلاحظ الفدائيون عدم تحرك تلك الهياكل أعلى المجنزرات وهى ترفع أعلام الجزائر والمغرب حيث كانت هناك قوات رمزية لعدد من الدول العربية متواجدة بالسويس ، وتفطن الفدائيون لتلك الخدعة فلم يهاجموا المجنزرات. وعندما وصلت أول دبابة استكشافية إلى شارع بور سعيد عند سينما رينسانس انفجر اللغم الذي زرعه الفدائيون وتسبب في قطع جنزير الدبابة ، فارتدت القوات إلى الخلف حيث شارع الزيتيات جنوبالمدينة ومع ذلك هاجم الاسرائيليون المدينة واصطحبوا معهم 7 صحفيين عسكريين لتصوير المدينة التي سوف تحتل -بحسب زعمهم- . ماسورة الدبابة تنحني وكانت المفاجئة التي أذهلت القوات الإسرائيلية أنه عندما وصلت أول دبابة للموجة الثانية لقوات الصهاينة تصدى لها الشهيد البطل ابراهيم سليمان بقذيفة أربي جي من مسافة عشرة أمتار ، وأطاحت القذيفة برأس سائق الدبابة لأن معظم الجنود كانوا مطلين برؤوسهم خارج الدبابات بهجة وفرحاً ، فقام مستقلوها بتحويل وجهتها نحو الخندق الذي به الكمين ، وتم إطلاق قذيفة لكن ماسورة الدبابة أبت أن تقذف دانتها فى وجه الفدائين فإنحنت لأسفل وأخرجت قذيفتها داخل التراب المحيط بالخندق ولم تصب أحداً . وقام الفدائى محمود عواد بالقفز داخل برج الدبابة وألقى بداخلها قنبلة تسببت فى انفجارها فحدث ذعر ومحاولة فرار من باقى الدبابات التى دخلت شوارع ضيقة ولم تستطع الخروج ، وقدر الله أن يتمكن الشهيد أحمد أبو هاشم من تفجير أخر دبابة عند كمين "البراجيلي" ويتوقف الزحف للقوات وتمكن الفدائيون من تدمير 33 دبابة ولقنوا جيش الدفاع الإسرائيلى درساً لا ينسى. وماذا عن الأفراد الذين كانوا داخل المركبات والدبابات الخاصة بالعدو؟ قام الناجون منهم بالفرار والدخول فى أكبر بناية كانت وقتها بميدان الأربعين التي تحولت إلى قسم شرطة الأربعين بعد ذلك ، وقرر الفدائيون اقتحام القسم فقام الشهيد ابراهيم سليمان كونه لاعب جمباز بالقفز على السور الخلفى للقسم لكنه استشهد أعلاه ، وظلت جثته معلقة عليه منذ الرابعة عصر يوم 24 أكتوبر 73 حتى اليوم التالى الساعة العاشرة صباحاً حتى تمكن الفدائي محمود عواد من حمله وتجهيزه للدفن بجوار الشهداء الذين سبقوه مصطفى أبو هاشم الذي استشهد في 9 فبراير عام 70، وحاول الشهيد أشرف عبد الدايم اقتحام باب القسم فأستشهد برصاص قناص على درجات السلم ، بعدها تسلل الجنود خلال الليل وهربوا لمحاصرة المدينة. الجيش الثالث وما هو دورك أثناء الحصار؟ كُلفت بمأمورية مراقبة قوات الاحتلال التي حاصرت السويس بعد انقطاع الاتصال بين القوات داخل المدينة وخارجها ، وعندما وصلت إلى جبل عتاقة كان العدو قد أحكم محاصرته للمدينة ، وعند طريق الكيلو 14 شارع مصر إيران الأن ، كانت أعداد المدرعات والدبابات للعدو وصلت لذروتها ، فطلبت مني القيادة مراقبة القوات عند منطقة النقب الأحمر جنوب الأدبية ومنطقة الكيلو 101 ، واستطعت بتوفيق من الله أن أنقذ قيادة الجيش الثالث بالكامل من التدمير حين شاهدت تحركات للعدو التي تم نقلها إلى منطقة الروبيكى على بعد 50 كيلو قبل ضرب الموقع. جيل النصر هل تعتبر نفسك من الجيل الأكثر توفيقاً أم عكس ذلك ؟ لقد تم عقد مؤتمر صحفي عسكري حضره موشيه ديان -وزير الدفاع الإسرائيلي خلال حرب أكتوبر- وسأله أحد الصحفيين لو سنحت لكم الفرصة لمحاربة الجيش المصرى مرة أخرى هل تقبل ؟ فكانت إجابة ديان نعم فسأله الصحفى متى؟ فقال عندما ينتهى جيل أكتوبر. فقد كان جيل أكتوبر فلتة في المجتمع المصرى لأنه جيل عاصر ثورة 23 يوليو ، وشهد تأميم قناة السويس ، وحضر العدوان الثلاثي ، وحرب اليمن ، ونكسة 67 ، وحرب الاستنزاف ، وانتصار 73 ، والانفتاح الاقتصادى . كيف ترى الارتباط بين الماضى والحاضر وما هو الواجب فعله في المستقبل ؟ فى الماضى كنّا على قلب رجل واحد مسلم ومسيحي ، رجل أو امرأة ، قوات مسلحة وشرطة ، جميع طوائف الشعب كانت على قلب رجل واحد أما بعد ثورة 25 يناير انقسمنا ولا عزاء لنا ، لذا لابد من المصالحة العامة والتسامح والتوحد من أجل مصر.