المصري يشبه ثورته .. والمعاناة ليست قدراً " سعيد المصري " بطل تراجيدي يفضل جنسيته المصرية على انتمائه الأوربى - البطل الممزق توحده الثورة فيعثر على ذاته لحظة الأستشهاد - الثورة ليست هدفاً فى الرواية وإنما تأثيرها على الشخصية المصرية - شريف لطفى : بعض الروايات ابتذلت الثورة حين أرّخت لها. " حكاية سعيد المصرى " رواية جديدة صدرت عن الدار المصرية اللبنانية تقع الرواية فى 260 صفحة من القطع المتوسط، وهى الرواية الأولى للكاتب شريف لطفى، الذى يعبر عن نفسه روائياً عبر شخصية البطل " سعيد المصرى " الممزق بين روحين غربية وشرقية، ويحتار إلى أيهما ينتمى حتى يجد ذاته بعد معاناة طويلة وقاسية ورحلة من الضياع على خلفية أحداث الثورة المصرية. وبحسب بيان الناشر : يبنى هيكل الرواية على " سعيد المصري " الذي يمر بأزمات حادة في حياته اليومية و تتبلور المأساة الأكبر في أزمة هوية تجعله منفصلا عن واقع المجتمع الذي يعيش فيه. تتطور الأحداث لتصل بسعيد إلى أعماق مظلمة تقوده إلى التساؤل عن هويته و يصل إلى حد يتساءل فيه عن الأسباب التي من أجلها يعذب إلى هذه الدرجة. و يستسلم سعيد لنداء داخلي يقوده إلى منطقة الأحداث . يدخل سعيد ميدان التحرير ليفاجأ بحشد كبير من الناس مختلفين و لكنهم واقفون صفا واحدا في وجه قضية واحدة أعظم من أي خلاف. يذوب سعيد في هذا الحشد و يملؤه إحساس بالانتماء إلى شيء يجمع بينه و بين وطنه. يتفاعل مع الأحداث و ينخرط في الهتافات و المسيرات التي من خلالها يجد صوته الحر لأول مرة في حياته فيتذوق طعم الحرية و يتخلص من القيود المكبلة له و يحلق في سماء الوطن في حالة عشق و تحرر . يتجاوز سعيد أزمته و يذوب في نسيج الوطن لينتهي به الأمر مقتولاً برصاص قناص في جبهته. يستشهد سعيد منتشيا باكتشاف هويته و معايشته لها و لو لدقائق. يموت سعيد و هو يرفع إلى السماء التي تملؤها أصوات نواقيس الكنائس و أذان المساجد مرحبة به في عالم جديد لا تسوده أية فوارق بين أبناء الوطن الواحد. حيث ولد سعيد لأب مصري وأم أجنبية من عائلتين ميسورتي الحال، كانت نشأته أوروبية إلى حد كبير فعلى الرغم من تمضية عمره كله فى مصر، فإنه كان شديد التأثر بالثقافة الأوروبية بحكم علاقاته الوطيدة بوالدته، وكان مع قربه لوالدته يزداد بعداً عن أبناء بلده يوماً بعد يوم، ويعانى أغتراباً شديداً فى المجتمع المصري، ينفصل عن أقرانه، وليس لديه أصدقاء ولا يعجبه حال البلد التى يعيش فيها، ويقارن بين وضعه فيها وبين حياته كمواطن أوروبى ذهناً ووجداناً، ثم تأتى أحداث الثورة المصرية لتضعه فى قلب الحدث، ويعثر على ذاته. وكاتب العمل شريف لطفي من مواليد عام 1977، تخرج في كلية الهندسة قسم الالكترونيات و الاتصالات في عام 2000، التحق بالعمل في مجال الاتصالات في العام ذاته و عمل في العديد من بلدان أفريقيا و الشرق الأوسط ، وهو يحمل شهادة الماجستير في إدارة الأعمال من الجامعة الألمانية في القاهرة عام 2011، و حاصل على درجة الماجستير في " اقتصاد التراث الثقافي" من جامعة روما عام 2012. وشخصية " سعيد المصري " التى رسمها فى روايته، وسمى العمل كله باسمها، يقول عنها شريف لطفي فى حوار معه، إنها شخصية خيالية، وليس لها ظلال فى الواقع، ولا حتى من شخصيتى الحقيقية، كون والدتى أستاذة للأدب الانجليزى فى جامعة عين شمس وعشت معها أجواء الروايات العالمية والسينما الأوربية، وكانت بيئتى ثقافية بامتياز، إنما فكرة الشخصية والعمل برمته جاءتنى بعد ثورة يناير، وأردت أن أعبر من خلالها عن رؤيتى وأفكارى لما جرى في مصر. يتابع : بدأت في كتابتها في مايو عام 2011 بعد الثورة بأربعة أشهر، وكانت الثورة عاملاً محفزاً، وشحنتنى جداً وحفزتنى على الكتابة برغم أننى لم أمارس كتابة الأدب من قبل، لكن رصدي لمشاعر الإحباط التى أنتابت المصريين بعد مرور أشهر قليلة على ماجرى دفعتنى للبحث عن أمل فى قلب الصعوبات التى يمر بها المجتمع المصرى، وهو ما تجسد فى شخصية سعيد المصري، الذى يشبه الثورة إلى حد كبير، فالثورة انقسمت بعد نجاحها إلى رؤيتين إحداهما تمثل الماضى والأخرى تنظر إلى المستقبل، كذلك تمزق سعيد المصرى بين جنسية أبيه المصرية، وجنسية أمه الأوروبية، بما عزز إحساسه بالغربة داخل وطنه، جاءت الثورة كنقطة بداية للعثور على ذاته قبل أن يستشهد فيها. ولقد اعتمد شريف لطفى فى تقنياته الروائية على ثنائية السرد العادى المستقيم، والحوار المسرحى المباشر ففصل للسرد والفصل الذى يليه حوار مباشر بين سعيد المصري وصديقه، وأراد من هذه الطريقة أن يظهرالحوار الثنائى طريقة تفكير بطل العمل، وإعطاء مزيد من التشويق للعمل قبل أن يكتشف القارئ أن الشخص الآخر الذى يواجه سعيد المصري هو شخصية خيالية، وأن الحوار كله كان يدور داخل ذهن البطل ليعبر عن مكنونات نفسه وأيضاً لكسر حالة الملل من طريقة السرد التقليدى عبر راوٍ عليهم بكل الأمور. الرواية لقيت صدى نقدياً وجماهرياً واسعاً حيث ستصدر طبعتها الثانية خلال أيام فى أقل من أربعة أشهر منذ صدورها، وهو الأمر الذى دفع الروائى الكبير جمال الغيطانى الى وصف رواية " سعيد المصري " بأنها كتابة جديدة، ورواية تحفل بمشاهد جريئة جداً وتعبير مختلف، اللغة تجمع بين الشعر والنثر، ذات رؤية شاعرية للواقع – للمفردات، والرواية كذلك جديدة فى موضوعها وفى بنائها، ويمكن القول إنها بداية أدب جديد.