أعطت دول الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة الضوء الأخضر لبدء إجراء المحادثات أمام أكبر الاتفاقيات التجارية في التاريخ، التي تعمل حسب المتوقع على إزالة كافة العوائق بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم، لتوسيع حجم التجارة الأوروبية الأمريكية التي تقدر بحوالي (455) مليار يورو سنوياً، وذلك في الثامن من يوليو الجاري. وكانت معالم هذه الخطوة قد اتضحت خلال جدول أعمال قمة مجموعة الثمانية التي عقدت في أيرلندا الشمالية، الذي تضمن العديد من القضايا الاقتصادية على رأسها بحث توسيع العلاقات التجارية الأوروبية الأمريكية، إذ ترغب الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبي في تأسيس منطقة تجارية حرة مشتركة يتم التخلص فيها من الحواجز الجمركية لمصلحة التبادل التجاري وسوق العمل، أي أن نصيب الطرفين من الناتج الاقتصادي العالمي النصف. مواقف الأعضاء ويسعى الطرفان إلى إلغاء الرسوم الجمركية على حركة السلع والخدمات عبر المحيط الأطلسي، حيث صرح كاميرون بأن مفاوضات التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة، ستؤدي إلى قيام "أكبر اتفاق تجاري ثنائي في التاريخ". وأضاف كاميرون: "هذه فرصة لن تتكرر خلال جيل، ونحن مصرون على اقتناصها"، في إشارة إلى المكاسب الكبيرة التي ستعود على الاقتصاد العالمي وأسواق العمل على جانبي المحيط الأطلسي، من ناحيته تحدث الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن "الشراكة الرائدة ذات القدرات الهائلة" في الوقت الذي حذر فيه كلا الجانبين الأمريكي والأوروبي من مقاومة "إغراء تخفيض سقف الطموح أو تفادي الموضوعات الصعبة لمجرد التوصل إلى اتفاق". من جانبه دعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما لعقد اتفاقية تجارة حرة شاملة مع دول الاتحاد الأوروبي، واضعاً ثقله خلف اتفاق يشمل نصف الناتج الاقتصادي العالمي، وأعلن أوباما عن دعمه لعقد هذه الاتفاقية خلال خطابه السنوي أمام الكونغرس، قائلاً: "إن اتفاقية التجارة الحرة بين الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي سوف تعزز الصادرات الأمريكية وتدعم الوظائف الأمريكية". وبدورها رحبت المفوضية الأوروبية بهذه الخطوة، وقالت: إن شراكة التجارة والاستثمار عبر الأطلسي يمكن أن تزيد الناتج الاقتصادي لأوروبا بمقدار (65) مليار يورو (أي ما يعادل 86.3 مليار دولار) سنوياً، وتعطي الولاياتالمتحدة دعماً مماثلاً. وكانت فرنسا قد هددت بالحيلولة دون بدء محادثات التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة، ما لم يتم استبعاد قطاع الأفلام ووسائل الإعلام الرقمية من المفاوضات، حيث قالت فرنسا: إنها ستستخدم حق النقض (الفيتو) لعرقلة المحادثات ما لم يتم استبعاد هذا القطاع الذي تعتبره مهماً لهويتها الثقافية، ومهدداً من صناعة السينما العملاقة في هوليوود الأمريكية. ضوء أخضر وقد اتفق وزراء الاتحاد الأوروبي على الاستجابة للطلب الفرنسي باستثناء قطاع الثقافة من هذه الاتفاقيات، وترك المجال مفتوحاً أمام ضم هذه الخدمات في مرحلة لاحقة لتعطي الضوء الأخضر لبدء المحادثات المرتقبة بشأن حرية التجارة مع الولاياتالمتحدة. وفي الناحية الأخرى صرح مسئولون بالاتحاد الأوروبي بأن فرنسا وافقت هي الأخرى على دعم الاتحاد الأوروبي في التفاوض على إبرام اتفاقية التجارة الحرة مع الولاياتالمتحدة، التي قد تكون أكبر اتفاقية تجارية طموحة في العالم. عشم أوروأمريكي وتتعشم الولاياتالمتحدة والمفوضية الأوروبية، التي ستمثل الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي خلال هذه المفاوضات، التوصل إلى اتفاق للتجارة الحرة بحلول نهاية العام القادم، وهي مهلة محدودة جداً بالنسبة لمحادثات تجارية دولية معقدة تستغرق عادة سنوات عديدة. ومن شأن إبرام الاتفاقية تعزيز اقتصاد كل من أوروبا والولاياتالمتحدة بأكثر من 100 مليار دولار سنوياً، وهي فرصة جذابة بعد الأضرار الكبيرة التي خلفتها أزمة ديون منطقة اليورو. يأتي ذلك في ظل ما يشهده الاتحاد الأوروبي من كساد كبير يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وكانت أزمة الديون الأوروبية ولا تزال هي المهدد الأكبر حالياً للاقتصاد العالمي، فيما تحذر التقارير الصادرة من جهات دولية مختلفة من أن تدابير التقشف التي اتبعتها دول المنطقة ستدفع بها إلى مزيد من التراجع، ودعا إلى تحول في السياسات المالية لتحفيز النمو الذي تراجع دون المتوقع نتيجة ارتفاع معدلات البطالة، وتخفيض الديون من قبل البنوك والشركات، وغيرها من العوامل التي ساهمت في الانكماش الاقتصادي. ومحاولة منها للتغلب على هذا الضعف، وافقت الدول الأوروبية على بدء المفاوضات مع الولاياتالمتحدة بشأن أكثر اتفاقيات التجارة الحرة طموحاً على مستوى العالم، والتي تعد بتوفير آلاف الوظائف الجديدة، وتسريع النمو على جانبي المحيط الأطلسي، وذلك رغم القلق الأوروبي إثر كشف المعلومات حول عمليات التجسس، وبعد الإرباك الدبلوماسي الناجم عن التوقف الاضطراري لطائرة الرئيس البوليفي إثر الاشتباه في أنها تنقل المستشار السابق لدى الاستخبارات الأمريكية إدوارد سنودن.