نبه أستاذنا العظيم الراحل أحمد بهاء الدين إلى المخطط الأمريكي الأمثل لتأمين اسرائيل وضمان تفوقها الكامل على الإقليم والذي عبر عنه ولخصه ببراعة وزير الخارجية الأمريكية الأسبق هنري كيسنجر بقوله " إن أكبر ضمان لبقاء اسرائيل في المنطقة العربية هو تفتيت المنطقة إلى دويلات عرقية وطائفية" !! . وللحزن فعلاً أن هذا المخطط قيد التنفيذ وقد بدأ بتفكيك مؤسسات الدولة العراقية على أيدي الحاكم العسكري الأمريكي لعراق ما بعد الغزو "بول بريمر" الذي حل الجيش العراقي ومن ثم فكك الدولة ذاتها باقرار دستور وضعه أمريكي يهودي الديانة ، كرس تقسيم العراق إلى سنة وشيعة وأكراد .
وكنت قد أشرت إلى هذا المخطط الخبيث في مقال لي بجريدة الأخبار، وقد لفت نظري براعة أعداء الأمة في تمرير سمومهم تحت دعاوي باطلة تستخف بعقولنا ، فقد كانت الذريعة لتقسيم العراق إلى ثلاث كيانات على أساس طائقي وعرقي هي "عدالة توزيع ثروات العراق النفطية !!" .
ولا يحتاج الوضع في العراق بعد عشر سنوات من الغزو الأمريكي إلى دليل على الأثار الكارثية للمخطط ! ، فتقسيم أي بلد في العالم يشبه تماماً تقسيم جسد الإنسان ، ببتر ساق أو ذراع أو فقء عين ، بحيث لا يكون صالحاً صلاحية تامة بعد تجريده من أحد أسباب قوته .. وما يجرى في مصر الآن يكاد يتطابق مع ما جرى في العراق مابعد الغزو ولكن بأكثر من بريمر وأكثر من قناع له ، حيث أن أهم مؤسسات الدولة المصرية باتت هدفا للاخوان وحلفائهم ..هجمات شرسة وافتراءات مفزعة ضد الأزهر الشريف والمخابرات العامة والقضاء والجيش والكاتدرائية القبطية ..ولا يصدق اليمين الديني المتطرف الذي مكنته من الحكم عوامل عدة من بينها المساندة الأمريكية والدعم الأمريكي العلني ، أن الشعب الذي قام بثورة مبهرة وجليلة لم يعد يصدق خطابهم ...فعلى سبيل المثال لا الحصر ...يثور التساؤل الأول ..إذا كانت كل هذه المؤسسات فاسدة فمن الذي أوصلكم إلى الحكم ؟ .
ثانياً ...يتندر الناس على دعاوى "تطهير الأزهر" واستهداف شيخه الجليل الدكتور أحمد الطيب ، لأن الناس تعرف انه وقف في وجه مخططات بيع أصول الشعب بما يسمونه "الصكوك الاسلامية ؟!" ، وكذلك شدد على ضرورة احترام المواطنة بغض النظر عن العرق أو الدين أو اللون على اعتبار أن التفرقة بين أبناء الوطن الواحد تقود حتماً إلى تفتيت هذا الوطن وشرذمته .
وأيضاً كشف مرشد الأخوان السابق عن كون المرشد الحالي مسؤول ؟! عن ثمانين دولة ! ياللهول ..لقد اصبحت مصر إذن في ظل حكم اليمين الديني جزءا ضئيلا يعادل واحد على ثمانين من دويلات الخلافة أو دويلات كيسنجر ، الأمر سيان الأمر تمدد إلى التشكيك في الجيش ..جيش حرب الاستنزاف المجيدة والعبور العظيم وذلك وسط أجواء مسمومة حيث لا يجد المواطن جهة تتصدى لهؤلاء المشككين المشوهين والتحقيق معهم ..ونفس المشيء ينطبق على جهاز المخابرات الذي شهد له العدو قبل الصديق وهو مايطرح استفسارات لحساب من محاولات تشويه هذا الجهاز الحيوي لأمن الوطن ؟ .
وبالمرة إنزال معاول الهدم على القضاء الذي أقر انتخاب محمد مرسي رئيساً واتهمه بالفساد ، معتبراً انك أنت مقياس النزهة أو الفساد ومعاييرك التي نراها تتجسد في تفتيت الوطن هي المعايير التي قامت الثورة من أجلها .
وثالثة الأثافي ماجرى في الكاتدرائية القبطية ولأول مرة في التاريخ في الوقت الذي يشجب فيه الرئيس ماحدث بينما يبرره باللغة الانجليزية مستشاره للشؤون الخارجية ..نفس اللغة المزدوجة التي لا تعى اننا في عصر الانترنت وثورة المعلومات واظهار التناقض بين ما يقال باللغة العربية مثل اليهود أحفاد القردة والخنازير ...وما يكتب بالانجليزية "بيريز ...صديقي العظيم " !! احداث الخصوص والكاتدرائية شهادة إفلاس نظام وفشله واستحالة تنفيذ خطة كيسنجر ! .
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، ولا تعبر بالضرورة عن الموقع أوالقائمين عليه