بعد أكثر من 70 يوما من الأخذ والرد ، وصل قطار التفاوض بين الحكومة السودانية وحركة "العدل والمساواة" إلى محطته الأخيرة، والمكان هو الدوحة التي تم بها من قبل إرساء ركائز السلام بدارفور عبر وثيقة شكلت مرجعا استند عليه التفاوض . واتفق وفدا التفاوض من الطرفين على كافة ملفات التفاوض بينهما بتوقيعهما أمس على آخر برتوكولين من الملفات ، برعاية أحمد بن عبد الله آل محمود نائب رئيس مجلس الوزراء القطري ووزير الدولة لشئون مجلس الوزراء، والقائم بأعمال الممثل الخاص المشترك والوسيط المشترك بالإنابة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة عائشة مينداودو .
آخر وثيقة يأتي هذان البروتكولان كآخر وثيقة متفاوض عليها بين الطرفين في إطار عملية سلام دارفور الجارية على أساس وثيقة الدوحة للسلام في الإقليم ، وتضمنا بندي الترتيبات الأمنية والشراكة السياسية، استكمالا لبروتكولات اللاجئين والنازحين ، والتعويضات ، والعدالة والمصالحة والتي تم التوقيع عليها سابقا .
واعتبرت الوساطة الخاصة المشتركة لدارفور الاتفاق إنجازا هاما من شأنه أن يسهم في تعزيز السلام والاستقرار في دارفور بصفة خاصة ، وفي السودان بصفة عامة . وقررت الوساطة الشروع على الفور في التشاور مع الطرفين والتنسيق مع الجهات المعنية ، لاتخاذ التحضيرات اللازمة لإقامة حفل التوقيع النهائي على الاتفاق الذي كان تم التوقيع عليه بالأحرف الأولى يوم 24 مارس الجاري .
واقع الحال أن هناك دوافع كثيرة حملت حركة العدل والمساواة على التوصل إلى هذا الاتفاق مع الخرطوم ، أجملها كبير مفاوضي الحركة إبراهيم موسى في المعاناة التي عاشها أهل دارفور ، حيث حظيت المشكلة باهتمام الأسرة الدولية وخصصت لها المنابر وصدرت قرارات من مجلس الأمن في سبيل ذلك ، تلزم الحكومة السودانية وكذلك الحركات المسلحة بالانخراط في العملية السلمية .
وقف الحرب ولذلك ، قال إبراهيم موسى :"إن همهم الأكبر أصبح وقف الحرب والمعاناة التي طال أمدها في دارفور منذ عشر سنوات أو يزيد"، موضحا أن هذا الملف الأخير يحمل تفاصيل كثيرة ، ستعلن عند التوقيع النهائي على الاتفاق المقرر أن يكون بالعاصمة القطرية ، متزامنا مع مؤتمر المانحين لإعمار دارفور المقرر يومي 7 و8 أبريل المقبل .
تلك التفاصيل التي لم تعلن حتى الآن انتظارا للتوقيع النهائي ، محددة بناء على حيثيات ظل الطرفان يتفاوضان بشأنها خلال السبعين يوما الماضية ، وتتعلق بمشاركة الحركة في العملية السياسية بشقيها التنفيذي والتشريعي ، حيث سيكون هناك وزراء على المستوى الاتحادي ، وتمثيل في السلطة التشريعية ، وعلى مستوى سلطة دارفور الإقليمية .
وسيكون هناك كذلك مستشارون ووزراء ومفوضون ورؤساء مجالس وصناديق ائتمانية ، وكلها من أشكال مشاركة الحركة ، ذلك بالإضافة إلى المشاركة في مجلس السلطة الإقليمية وهو مجلس تشريعي.
وعلى مستوى الولايات ، ستشارك الحركة أيضا بوزراء في كل ولايات دارفور الخمس ، ونواب للولاة وسيكون للحركة مقاعد بالمجالس التشريعية الولائية .
ترحيب دارفور وعلى مستوى رأس السلطة في دارفور ، رحب الدكتور التجانى السيسى بتوقيع الاتفاق الأخير بين الحكومة و"العدل والمساواة" ، ووجه رسالة مباشرة إلى حملة السلاح من الحركات التى لم توقع بعد على وثيقة السلام بسرعة التوقيع عليها ، ودعاهم للتوجه صوب الدوحة ، حيث لا جدوى من القتال - كما قال - ، معربا عن قبول أية إضافة لاتفاق الدوحة من شأنها أن تعزز استدامة الأمن والاستقرار بالإقليم .
وأعرب السيسى عن اعتقاده بأن الاتفاقات التى تمت من قبل وذلك الاتفاق الأخير مع "العدل والمساواة" من شأنها تشجيع باقي الحركات ، متمنيا رؤيتهم في الدوحة من أجل ذلك الهدف ، والانضمام إلى وثيقة الدوحة التي قال إن بنودها نفذت بنسبة 60% حتى الآن .
وفي ذات الإطار ، أعلن رئيس مكتب متابعة تنفيذ سلام دارفور أن توقيع الاتفاق النهائي مع الحركة من المتوقع أن يتم قبل مؤتمر المانحين بالدوحة في السابع من أبريل المقبل ، وكشف عن اتصالات تجري مع حركة دارفورية أخرى ترغب في الانضمام للوثيقة ، سيتم الإعلان عنها في حينه .
وتأتي كل هذه الخطوات الحثيثة في وقت اكتملت فيه كافة الترتيبات من قبل الحكومة السودانية والسلطة الإقليمية ودولة قطر لقيام مؤتمر المانحين لإعادة إعمار الإقليم في موعده المحدد ، واكتمال إعداد الوثيقة التي ستقدم للمانحين خلال المؤتمر .
وبهذه الخطوة "التوقيع على الاتفاق بين الحكومة وحركة العدل والمساواة" ، وما أعلن عن اتصالات جارية مع حركة دارفورية أخرى ، فمن المأمول أن تنتقل دارفور إلى مرحلة جديدة من مراحل السلام ، بناء على الوثيقة الأساسية المعروفة بوثيقة الدوحة للسلام ، وأن تقترب بدارفور إلى سلام يتمناه أهلها أن يكون شاملا .