لم يتحدث الرئيس المصرى الدكتور محمد مرسى , بصفته أول رئيس مدنى منتخب فى التاريخ المصرى , الى الشعب المصرى كثيرا رغم كل ما يكتنف عملية إنتخابه من أحاديث من هنا و هناك و رغم كل ما شهدته الفترة الماضية منذ توليه مقاليد السلطة كرئيس لدولة محورية مثل مصر من أحداث داخلية إهتم بها الجميع محليا و إقليميا و دوليا. و قبل الخوض فى تحليل المضمون لحديث السيد رئيس الجمهورية مع الإعلامى البارز الدكتور عمرو الليثى , و الذى سبق تعيينه كمستشار إعلامى ضمن حزمة المستشارين الذين عينوا برئاسة الجمهورية , يجب أن نقف قليلا عند أسباب إختيار السيد الرئيس أو مؤسسة الرئاسة لأسلوب الأحاديث الإعلاميه ذات الطابع الحوارى عن أسلوب إلقاء خطاب رسمي يواجه به الشعب بما يحدث من أحداث تؤثر على الأمن و الإستقرار و رؤيته للأحداث و الخلافات و المواقف المتناثرة فى عدد من المحافظات و المدن و التى تلقى بتأثيراتها على الوضع السياسى و الإقتصادى و الإجتماعى و التى يرى معظم المحللين من خلالها أن الدولة على شفى بركان على وشك الإنفجار فى وجه الجميع.
أما بخصوص العنوان فأقسم بالله العظيم أننى شرعت فى كتابة المقدمة المختصرة السابقة قبل بدء الحديث بساعات نظرا لإنتظارنا كثيرا لإذاعة هذا الحديث الإعلامى و أنا لا أعلم ما إذا كان إطلاق لفظ الفرعون سيتناسب مع الرئيس محمد مرسى من عدمه و لكن جرت العاده على إطلاق لفظ الفرعون على أى رئيس مصرى سواء كان ذلك راجعا لتاريخ مصر الفرعونى الذى نعتز به كما نطلق هذا المسمى على أى شخصية مصرية بارزة فى أى مجال كأحد فراعيين مصر الحديثة أو راجعا لممارساته و سياساته تجاه الشعب المصرى و التى قد ترسخ مفهوم الفرعنه أو راجعا لأنماط و أساليب التأليه التى نشب الشعب المصرى عليها فى تأليه و فرعنت رئيسه مهما كانت أصوله أو مرجعياته.
بدأ الحديث متأخرا بعد حوالى ساعة من إنتصاف ليلة الخامس و العشرين من فبراير و رغم أنه من الواضح أن الحديث مسجل فلم يتم الإشاره لذلك و ترك للشعب أن يتصور أنه حديث يذاع على الهواء و ذلك لعدة مؤشرات فمن الواضح أن البوابة كانت مضيئة بضوء طبيعى بما لا يتناسب مع توقيت إذاعة هذا الحوار كما أنه يتضح من خلال الحوار , و رغم أننى ليست بالخبير فى مجال المونتاج , إلا أنه كان واضحا أيضا أن الحوار أجريت عليه عمليات مونتاج فهناك أسئله طرحت على السيد الرئيس و كانت إجاباتها خارج مفهوم السؤال تماما كما يتضح من خلال تناول الحديث عن علاقة مصر بأمريكا و التى لم تتناسب تماما مع الحوار فى توقيت ذكرها و قطع ما بعدها و ما قبلها.
من الواضح أن السيد الرئيس أصر هذه المرة على التأكيد على أنه رئيس لشعب مصر بأكمله و ليس لأهله و عشيرته كما سبق خلال خطاباته السابقة و أكد على ذلك من خلال تناوله كلمة الشعب المصرى / أهل مصر / المواطن المصرى / المصريين / الجميع / كل المصريين / ابناء مصر 54 مرة خلال الحديث الذى إستمر لمدة ساعتين و عشرة دقائق تقريبا, و التى إحتلت موقع الصدارة فى إحصائية الكلمات المستخدمة فى الحوار .
اكد الرئيس خلال الحديث على إعلاء القانون من خلال تناوله كلمات القانون / دولة القانون / قانونية القرار 15 مره كما أكد على إحترامه للدستور الجديد و أنه يعمل وفقا لما اقره الشعب خلال الإستفتاء الشعبى على الدستور عندما إستند الى كلمة الدستور / الدستور الجديد 17 مره و إستند الى شرعيته من خلال تناول كلمة الشرعيه 5 مرات .
كما حاول الرئيس الرد على كل الشائعات التى تناولت القوات المسلحة و علاقته بها و ما أثير عن خلافات مع وزير الدفاع سواء بصفته كوزيرا للدفاع أو قائدا عاما للقوات المسلحة من خلال تأكيده على إحترام القوات المسلحة لعدد 6 مرات مع تناول كلمة وزير الدفاع لمرة واحدة خلال الحديث بالمقارنة بوزير الداخلية الذى تكرر ذكره مرتين و رئيس المخابرات الذى تم ذكره لمرة واحده مع تناول وزارة الداخلية سواء بكلمة الشرطة أو وزارة الداخلية 12 مرة مقارنة بالمخابرات العامة و التى ذكرت 5 مرات خلال الحديث مع توضيح زيارته للمخابرات العامه أكثر من مره كرد غير مباشر على ما أثاره مدير الحوار بشان ما تعرض له أحد أعضاء جهاز المخابرات.
تناول الرئيس خلال الحديث كل مايشير الى إحترامه للسلطة القضائية بكافة مؤسساتها المتمثلة فى المجلس الأعلى للقضاء و الذى ذكره لمرة واحدة و مجلس الدولة و القضاء الإدارى و هيئة قضايا الدولة و القضاه أنفسهم الذين كرر تناولهم لمرتين و شدد على إستقلال القضاء بتناوله للحديث عن إستقلال القضاء مرتين بينما تجنب الحديث عن نادى القضاه فى حين كان من ضمن أحد الأسئلة المباشرة التى وجهت له بالمقارنة بتكرار لفظ النائب العام 10 مرات خلال الحديث مع التأكيد على عدم إمكانية تدخله لإقصائه عن منصبه وفقا للدستور الذى إكتسب شرعيته من خلال الإستفتاء الشعبى مؤكدا على وضعه بعضويته ضمن أعضاء المجلس الأعلى للقضاء , بالإضافه لتناوله كلمة المحكمة الدسترية العليا 11 مرة فى محاولة لراب ما حدث خلال الفترة الماضية من محاصرة لها و ما أثير حول المؤامرة التى سبق الإشارة لحياكتها داخل أروقتها من قبل خلال الإعلان الدستورى الذى تناوله لعدد 5 مرات مشددا على أنه تجاوب مع مكتسبات الحوار بشأنه بتعديله مع التوضيح بأن الإعلان الدستورى كان سليما و لكن هناك من لم يفهم منطوقه.
نجح الرئيس فى الإبتعاد عن ذكر كل ما يخص الإخوان المسلمين سواء كجماعة و التى ذكرت مرتين أو كمكتب إرشاد و الذى ذكر لمرة واحدة أو كحزب الحرية و العدالة و الذى ذكر لثلاثة مرات فقط متلافيا أى توجيه بالنقد قد يتعرض له نظرا لإرتباطه التاريخى بالجماعة ووضعه التنظيمى بها بالمقارنة بتناوله الأحزاب السياسية بكلمات الأحزاب السياسية المختلفة / أحزاب المعارضة / الأحزاب 17 مره مع تناول أسماء بعض الأحزاب الأخرى مثل حزب النور الذى تم تناوله 4 مرات كإستثناء لمحاولة التأكيد على عدم وجود خلاف مع الحزب فى حين تناول كل من حزب غد الثورة و حزب الوفد و حزب الأصاله و حزب البناء و التنمية كل على حدى لمرة واحدة و إن كان يؤخذ عليه تناوله الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية بصورة أكثر من الأحزاب الليبرالية و تجنب التفوه بصورة أو بأخرى بمنطوق كلمة جبهة الإنقاذ رغم صراحة المحاور فى تناولها.
تناول الرئيس موضوع الحوار بصورة محسوسة تماما و تجنب ذكر كلمة الحوار الوطنى بصورة مباشرة فى حين تناوله لكلمات الحوار / حوار خاص بالإنتخابات6 مرات , و كان مؤشر تركيزه على التوافق ضعيف جدا عندما أكد على أن الحوار ليس تعليمات أو أوامر و قد تناول فى هذا الإطار منطوق كلمة التوافق لمرة واحدة فقط على مدار الحديث بأكمله, فضلا عن الإبتعاد التام عن ذكر أى إشاره لكلمة المصالحة الوطنية.
لم يثمن الرئيس خلال حواره دور الشباب سواء فى الثورة التى تناولها بكلمات الثورة المصرية / عصر الثورة / مسيرة الثورة لعدد 8 مرات بالمقارنة بذكره لكلمة الشباب لمرة واحدة فقط مع إغفاله لشهداء الثورة و حقوقهم التى وعد بها آخذين فى الإعتبار أن غالبيتهم كانوا من الشباب فى حين تناوله كلمات أخرى مثل التوك توك لمرتين خلال فترات متباعدة فى الحديث بالكامل.
وضح خلال الحديث أن الرئيس مقتنع تماما بأن هناك ثورة مضادة و تناولها خلال الحديث من خلال كلمات الثورة المضاده و أعداء الثورة و المعاديين للثورة و التحريض ضد الثورة 10 مرات بينما ذكر كلمة العدو الذى يتربص بمصر من الخارج – دون الإشارة لما إذا كان مصرى أو أجنبى – لمرة واحدة, و فى ذات السياق تناول كلمة المظاهرات و المتظاهرين و التظاهرات 14 مرة مع تناول كلمات البلطجة و البلطجية 11 مرة مقرونة بكلمات العنف و الخروج عن القانون 10 مرات مع ربطها بعمليات الإعتداء على المنشآت و التى تناولها لعدد 3 مرات.
أفلح الإعلامى عمرو الليثى فى تذكير الرئيس بالمسيحيين و تجاوب الرئيس معه بشكل واضح فى إرساء مبدأ تقبل مواطنة المسيحيين من خلال الإشاره للإتصال المباشر و اليومى مع الأقباط و الكنيسة و قد يتأكد ذلك من خلال تناوله كلمات الكنيسة و الأقباط فى الحوار و تكرارها 5 مرات خلال الحوار و إن كانت مدة تناول موضوع الكنيسه و الأقباط لم تستغرق فى الحوار أكثر من الدقيقة أو ما يتجاوزها قليلا. و لكن من الواضح أنها كانت محورا لابد من التطرق إليه فى الحوار و الذى لم يتناوله الرئيس من قبل فى أى من خطبه أو حواراته فيما بعد الفوز بمنصب الرئاسة رغم تناوله بشكل إيجابى فى لقاءات ما قبل إنتخابات الرئاسة.
أما فيما يخص ما يحدث فى بورسعيد من حالة عصيان مدنى فقد أكد الرئيس على أن ما يحدث لا يعتبر عصيان مدنى بمفهومه الصحيح و لكنه ربطه بالبلطجة و الخروج عن القانون مع محاولة التأكيد على ما يكنه فى قلبه تجاه بورسعيد و أهلها و قد برز إهتمامه بمدن القناه بكاملها من خلال تكرار أسماء مدنها حيث كرر كلمة بورسعيد 13 مره و شعب بورسعيد 9 مرات بما يشير الى أهميتها و تقديره لما يحدث خلال هذه المرحلة ببورسعيد و تأثيره على مدن القناه و مصر كلها بالمقارن بمدن القناه الأخرى و التى ذكر من خلالها السويس 5 مرات و الإسماعيلية 3 مرات مع سابق الإشارة لكلمة مدن القناة 8 مرات و تأكيده على أن حالة الطوارىء حالة إستثنائية و ليست عقابية من خلال تناوله لها 5 مرات مع الإخفاق فى تصنيف حظر التجول بأنه للخارجين عن القانون فقط و ليس لأهل بورسعيد.
و فيما يخص الشأن السيناوى و ما يشغل بال المصريين بالوضع فى سيناء فقد حاول التأكيد على وضعية سيناء و أهل سيناء بتكرارها 9 مرات مع تجنب الحديث عن حماس بأى شكل من الأشكال أو الزج بالوضع على الحدود المصرية الفلسطينية فى الحوار لتجنب الدخول فى أى ما يشير الى حماس سواء من قريب او بعيد.
أما من الناحية الإقتصادية فقد أكد الرئيس خلال حواره على إهتمامه برجال الأعمال بتناوله لفظ رجال الأعمال 7 مرات بصورة مباشرة و الإشارة إليهم بصورة غير مباشرة لحوالى 3 مرات , مع تأكيده على ضرورة الإهتمام بالمجال الإقتصادى و الذى كرره 12 مره بألفاظ تراوحت ما بين الإقتصاد و دعم الإقتصاد المصرى و الإنجازات الإقتصادية , مع تأكيده على موضوع الصكوك الإسلاميه و الذى كرره 4 مرات و ضرورة اللجوء لصندوق النقد الدولى كأحد مؤشرات الجدارة الإقتصادية و الذى كرره 5 مرات , بينما تناول المجال الزراعى 5 مرات و الفلاحين مرتين بشكل متوازن مع الصناعة و التى ذكرها 6 مرات مع ربط الإنتاج 4 مرات بالزراعة و مرة واحدة بالمصانع المتعثرة التى تسعى الحكومة لإعادة تشغيلها, مؤكدا على ضرورة و أهمية الإستثمار و الذى تناوله 3 مرات و ربط كل المقومات السابقة بالتنمية و النمو و التى ذكرها 4 مرات , مع التأكيد على تثمينه لدور القطاع الخاص و الملكية الخاصة و التى تناولها 5 مرات بالمقارنة بالقطاع الحكومى و قطاع الأعمال العام و التى ذكرها 3 مرات, مع وضوح تركيزه على المشروعات الكبيرة و التى ذكر كلمتها 5 مرات و التى قرنها فى الأغلب و الأعم بالمشروعات الزراعية مع تناوله كلمة المشروعات المتوسطة مرة واحدة و المشروعات الصغيرة مرتين فقط, مع إغفاله لدور قطاع السياحة تماما فى حواره بالكامل و عدم الإقتراب من الإشاره اليه سواء من قريب أو بعيد و على دوره و أهميته أو حتى دعوته للسياحة العالمية لإعتبار مصر كأحد النقاط الهامه على خريطة السياحة العالمية , مع وضوح إعتماده فى تغطية الإحتياطى النقدى من العملة الصعبة من خلال تحويلات المصريين فى الخارج و الذين شكرهم و تناولهم مرتين بتركيز عالى و تثمينه لمبادرة الإدخار فى مصر.
و أخيرا ناتى لما نرجح أنه الهدف الأساسى من هذا القاء الحوارى و هو الإنتخابات البرلمانية و التى مهد لها بضمانات و ضوابط ذكر لفظها 3 مرات خلال الحديث مع ذكر كلمة الإنتخابات / الإستحقاق الإنتخابى / العملية الإنتخابية 14 مره و تناوله كلمة البرلمان مرتين و مجلس النواب الجديد / القادم 5 مرات مع التأكيد على دور مجلس الشورى الذى تناوله بخصوص موضوع الإنتخابات 11 مرة مع قانون الإنتخابات الذى تناوله 4 مرات .
و قد قدم الرئيس حزمة من الإغراءات سواء لسئقى التاكسى الأبيض الذين لديهم مشاكل مع البنوك واعدا إياهم بمحاولة حلها بالتنسيق بينه و بين البنوك بصورة مباشرة , مع تقديم تنازل عن المصروفات الدراسية لطلاب المراحل التعليمية بالمدراس و مطالبه القطاع التعليمى الخاص بمراعاة هذا البعد خلال هذه المرحلة و التأكيد على حرصه على وصول الدعم لمستحقيه و الذى كرره 5 مرات مع التأكيد على إهتمامه بالعدالة الإجتماعية و التى نرى أنه لم يكن موفقا فى إرساء ملامحها و قد كان ذلك واضحا من خلال ذكرها بصورة مختصرة و هامشية لمرتين خلال الحديث بأكمله , و محاولة مصالحة و إستقطاب الإعلام و الإعلامين و حثهم على الجدية بتناول حساس دون الخوض فى ما يعانى منه من إنتقادات من خلال الإعلام و بعض القنوات الخاصة.
أما محور العلاقات الخارجية المصرية فإن الحديث كان ضعيفا تماما فى هذا المحور فلم يتم الإشارة بأى صورة لدول حوض النيل رغم أهميتها خلال هذه المرحلة فى ظل كل ما يثار عن إعتزام دول حوض النيل تعديل الإتفاقية و غقامة مشروعات قد تؤثر على حصة مصر من شريان الحياه , أو الدول الإفريقية , أو أمريكا اللاتينية , أو أوروبا بشرقها أو غربها , أو الدول الأسيوية و لكن تم التركيز فقط على دولة قطر بإعتبارها داعمة و داعمة بقوة و قد كان ذلك واضحا من خلال تكرار إسم دولة قطر 5 مرات بالمقارنة بالسعودية و الكويت – فى نطاق الدول العربية – و اللذان ذكرت كل منهما مرة واحدة رغم ثقلهما السياسى و الإقتصادى بالمقارنة بدولة مثل قطر مع التجاهل التام لدولة مثل الإمارات و التى كان من الأجدر أن يتم الإشاره الى العلاقات الوطيده معها لرأب الصدع المتولد عن ما أثير عن القبض على مجموعة من الإخوان المسلمين بها فضلا عن ضيافتها لمنافسه فى الإنتخابات الرئاسية . كما خلى الحديث تماما من إتجاه السياسة الخارجية المصرية فى عصر الإخوان تجاه عملية السلام و العلاقات مع إسرائيل و القضية الفلسطينية و التى قد تفسر بتفسيرات مختلفة قد تكون فى صالح مصر و مركزها الإقليمى و الدولى خلال المرحلة المقبلة, و لكن من الواضح أن هذا الحوار كان منصبا بشكل مباشر على الوضع الداخلى خاصة مع إعلان موعد إنتخابات مجلس النواب الجديد.
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، و لا تعبر بالضرورة عن الموقع أوالقائمين عليه