مليونية "الإنذار الأخير" التي سيّرها المتظاهرون المناهضون للإعلان الدستوري أمس الثلاثاء إلى قصر الاتحادية، كانت واحدة من أدوات الضغط التي تسعى القوى الثورية والمدنية لاستخدامها بهدف تصعيد التحرك الذي بدأ منذ إصدار الرئيس محمد مرسي الإعلان الدستوري، والذي اعتبرته هذه القوى أداة لتكريس نظام ديكتاتوري جديد في مصر. وشهدت المليونية ، اشتباكات عنيفة بين طوفان بشري من المحتجين وقوات الأمن قرب القصر الرئاسي مما أدى إلى تقدّم المتظاهرين وإزالتهم الحواجز والأسلاك الشائكة وانسحاب قوات الأمن ، فيما أدّت المناوشات إلى وقوع الكثير من حالات الاختناق بين المحتجين أدت إلى اصابة 31 شخصاً، في الأثناء وفي أولى ردود الأفعال الدولية دعت الولاياتالمتحدةالأمريكية معارضي مرسي إلى ضمان سلمية التظاهر.
"تجميد الإعلان"
وبعد "الإنذار الأخير" ترددت أنباء صباح اليوم الأربعاء، أن المؤسسة الرئاسية في مصر تتجه إلى تجميد العمل بالإعلان الدستوري، أو حذف مادتين مثيرتين للاحتجاجات منه، في محاولة لامتصاص الغضب المتصاعد في الشارع.
ويأتي ذلك في الوقت الذي استبعدت مصادر رئاسية رفيعة المستوى وجود أي توجه، حتى الآن، للعدول عن دعوة المواطنين للاستفتاء على الدستور الجديد في الخامس عشر من الشهر الجاري.
وكان البارز في إنذار القوى الثورية والمدنية المعتصمة منذ أكثر من عشرة أيام في ميدان التحرير، أنه تضمن، للمرة الأولى منذ بدء التحرك، تنظيم مسيرات "زحف" نحو قصر الرئاسة في مصر الجديدة.
48 ساعة
وبعد انتهاء "الإنذار الأخير" أمهلت جبهة الإنقاذ المصرية المعارضة ، الرئيس محمد مرسي، 48 ساعة لإلغاء الإعلان الدستوري وإبطال الدعوة للاستفتاء على مسودة الدستور.
ودعت الجبهة، التي تضم أحزابا وحركات سياسية مصرية معارضة، إلى تشكيل جمعية تأسيسية جديدة تقوم بوضع دستور يلبي رغبات المصريين.
وهددت الجبهة بأنه في حال عدم الامتثال لمطالبها، فإنها ستتوجه إلى قصر الاتحادية "إلى حين تلبية مطالب الشعب".
وبدأ المحتجون بنصب خيام للاعتصام أمام القصر الرئاسي، بناء على دعوة من جبهة الإنقاذ، التي قالت في بيان لها إنها ستصعد خطواتها الاحتجاجية ما لم يستجب الرئيس مرسي لمطالبها قبل الجمعة المقبل.
وحول المتظاهرون جدران القصر الرئاسي إلى لوحة من الشعارات والرسومات المنددة بالإعلان الدستوري، والمعبرة عن رفضهم الدعوة للاستفتاء على مسودة الدستور الجديد. وانضم إلى صفوف المحتجين عشرات من شباب الألتراس.
دعوات أمريكية
وفي أول ردود الفعل الدولية على الأحداث ، دعت الخارجية الأمريكية أمس القوى المعارضة للرئيس المصري محمد مرسي إلى الحفاظ على سلمية التظاهر بعد أن اقتربت المسيرة الاحتجاجية من قصر الرئاسة في القاهرة.
وقال الناطق باسم الوزارة مارك تونر:" نحض فقط المحتجين على التعبير عن آرائهم بشكل سلمي حيث يوجد توتر كبير حاليا في القاهرة" ، مؤكدا ضرورة أن تتاح له البيئة المناسبة للاحتجاج سلميا.
وأضاف: "نريد أن نرى المحتجين يمارسون الحق في الاحتجاج في بيئة آمنة ومأمونة، وهذا هو موقفنا عموما في مثل هذه القضايا".
وتابع تونر: "أنا على علم بأن هناك إصابات، ولكني لم أحصل على أحدث التطورات، ومن المهم جدا الآن أن يشعر الشعب المصري بأن عملية التصديق والموافقة على مسودة الدستور ذات مصداقية".
وفيما يتعلق بتوجيه أى دعوة للرئيس مرسي في هذا الشأن، قال تونر: "مرة أخرى، أعتقد أنه من المهم، في ظل تقدم عملية الموافقة على الدستور إلى الأمام، أن تكون هذه العملية ذات مصداقية للشعب المصري. من حق الشعب المصري أن يقرر ما سيكون عليه الدستور، كما أنه من حقه أن يقرر بشأن الموافقة عليه في نهاية المطاف".
لا لاسقاط الرئيس
وفي هذه الأجواء المشحونة ووسط تخوّف من انفلات أمني، شدد رئيس حزب المؤتمر عضو الجبهة الوطنية للإنقاذ عمرو موسى أن المعارضة لا تسعى لإسقاط الرئيس ولكن هدفهم إسقاط الإعلان الدستوري وبدون تحقيقه لا يمكنهم قبول أي دعوة للحوار.
وأضاف موسى في تصريحات لوكالة أنباء "الأناضول| أن مرسي عندما يغير من قراره استجابة لمطالب شعبية، هذا يضيف له ولا يخصم منه، مضيفاً أن قوى المعارضة لا تسعى لإسقاط النظام، وإن كان بعض الشباب يرفع هذا الشعار بالميدان. وكان موسى الذي انسحب من الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور قد أكد أن النص لا يضمن الحريات التي ينبغي ضمانها في القرن الحادي والعشرين.
وقال "ينبغي أن يسهل الدستور حياة المصريين، وأن لا يكون أمرا يتطلب تفسيرات صعبة ويثير مخاوف الناس. نحن في القرن الحادي والعشرين".
وتظاهرة الأمس هي الثالثة ضد الإعلان الدستوري منذ إصداره في 22 نوفمبر الماضي ، فيما تسود مختلف أنحاء مصر تظاهرات معارضة للرئيس وضد جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مقابل تظاهرات مؤيدة تتكوّن من جماعات الإسلام السياسي.
إضراب عام
من جانبه قال الدكتور محمد غنيم العالم المصري عضو جبهة الإنقاذ الوطني :"إن جبهة الإنقاذ الوطني قررت الاجتماع لمناقشة الأحداث الجارية" ، لافتًا إلى أن المطالب التي تبناها البيان هي إلغاء الإعلان الدستوري وإلغاء الاستفتاء وإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية وتشكيل جمعية يغلب عليها التوافق الوطني.
وأضاف غنيم أثناء مداخلة تليفونية ببرنامج "90دقيقة" الذي يذاع على قناة المحور "نطالب جميع المتظاهرين بالاحتشاد في ميدان التحرير والاتحادية حتى يوم الجمعة المقبل والذي يعتبر الإنذار الأخير للرئيس مرسي، وفي حال عدم الاستجابة للمطالب حتى يوم الجمعة سيكون هناك دعوة للإضراب العام".
مشاورات الاستفتاء
وفي الوقت الذي احتشد فيه مئات الالاف أمام قصر الاتحادية خرجت علينا وسائل الاعلام لتعلن ان مرسي عقد اجتماعا مع رئيس مجلس الوزراء هشام قنديل لبحث الاستعدادات لعملية الاستفتاء على الدستور داخل البلاد وخارجها، وتمكين المصريين من الإدلاء بأصواتهم بحرية كاملة. وناقش الاجتماع التدابير اللازمة للاستفتاء على الدستور الجديد ، مما أذى إلى تزايد استفزاز المتظاهرين.
ويبدو أن هذا الخبر قد خرج عن عمد في هذا التوقيت الذي يتظاهر فيه المحتجين على الإعلان الدستوري للمطالبة بإلغائه .
وفي النهاية نؤكد على أن مصلحة مصر يجب أن تعلو فوق أي أجندة سياسية ، ولإعلاء تلك المصلحة يجب أن تتضافر كافة الجهود للنهوض بمصر . مواد متعلقة: 1. تراجع أعداد المتظاهرين عقب انتهاء مسيرات قصر الاتحادية 2. «الإنقاذ الوطني»: محاصرة الاتحادية كانت البداية.. ولن نتراجع عن مطالبنا 3. متظاهرو التحرير يهددون ب «محاصرة الاتحادية»