على الرغم من اهتمام الكتاب العرب خلال الأيام القليلة الماضية بمتابعة قضية اعتراف الأممالمتحدةبفلسطين دولة ذات سيادة، إلا أن متابعة تداعيات الحدث مازالت مستمرة حيث تناول بعض الكتاب تحليلا للأصوات المؤيدة قيام دولة فلسطينية ، فضلا عن المشهد السياسي فى لبنان وتأثره بالأوضاع السورية الحالية . ومع الحدث الأكثر صدى في الشرق الاوسط يقول الكاتب مراد يتيكن خلال مقال له بعنوان " فلسطين تضع نهاية لحظها العثر في الأممالمتحدة بصحيفة "الشرق الاوسط " اللندنية "ان فلسطين قد حققت هدفها أخيرا بعد ان اعترفت الاممالمتحدة بها دولة مستقلة وهو ما كان يمكن تحقيقه عام 1948 مع إسرائيل لو كان العرب قد منحوها الدعم اللازم آنذاك. ونجحت فلسطين الآن، بفضل أصدقائها، في وضع حد لحظها العثر في الأممالمتحدة، بعد أن حصلت على دعم 138 دولة من الدول الأعضاء، مقابل اعتراض 9 دول وامتناع 41 دولة عن التصويت".
وأكد الكاتب انه بتحليل الاصوات المؤيدة لقيام الدولة الفلسطينية سيتم التخلص الى عدة مؤشرات هامة تتلخص فى هناك جبهة مكونة من ست دول دائما ما تقف إلى جانب إسرائيل في أي شيء يتعلق بالقضية الفلسطينية ،بغض النظر عن الموضوع، فإلى جانب الولاياتالمتحدة وإسرائيل، هناك ناورو، وبالاو، وميكرونيزيا، وجزر مارشال، وهي جزر نائية في المحيط الهادي. وعلى الجانب الآخر، فشلت الولاياتالمتحدة في إقناع حليفتها الاستراتيجية، وهي المملكة المتحدة، بالوقوف ضد قيام الدولة الفلسطينية، وكانت جمهورية التشيك هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي قامت بذلك، وهو ما يعني أن إسرائيل قد أصبحت أكثر عزلة الآن مما كانت عليه قبل ذلك.
وفيما يتعلق بالموقف الامريكى تجاه هذا الحدث يقول الكاتب ان الولاياتالمتحدة لم تكن تريد إهدار الوقت والطاقة من دون فائدة بعدما كان نصف القضية قد حسم عندما تقدم الرئيس الفلسطيني محمود عباس بطلب للأمم المتحدة للتصويت على إقامة دولة فلسطينية وكان بحاجة إلى أغلبية بسيطة فقط، في حين تم حسم النصف الآخر من القضية خلال الهجوم العسكري الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة. ربما كان هناك دافع خفي في أذهان أعضاء مجلس الوزراء الإسرائيلي، كأن يكون الهجوم على غزة بمثابة ورقة مساومة مقابل سحب فلسطين طلب الاعتراف من الأممالمتحدة، ولكن الضجة التي شهدها المجتمع الدولي دفعت الولاياتالمتحدة لإجبار إسرائيل على وقف إطلاق النار مع حماس بعد الوساطة الناجحة من جانب مصر والمساعدة من جانب تركيا وقطر.
وسلط الكاتب الضوء ايضا على الدور التركي في اعتراف الأممالمتحدة بالدولة الفلسطينية، حيث لم يكن من قبيل الصدفة أن يكون وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أول من يهنئ الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد التصويت في قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأن يكون أول مكان يزوره عباس عقب خروجه من الأممالمتحدة هو البيت التركي في نيويورك الذي أعد له استقبالا حافلا.
واختتم الكاتب مقاله مؤكدا ان تركيا كانت تدعم حق الشعب الفلسطيني في الوجود، كما تؤيد حق إسرائيل في الوجود، ولكن هذه المرة بذلت تركيا مجهودا أكبر للوقوف إلى جانب فلسطين وهو ما قد يمكن أن يعود إلى الهجوم الإسرائيلي على السفينة التركية «مافي مرمرة» عام 2010 وبسبب رفض إسرائيل تقديم اعتذار عن ذلك الهجوم، قطعت تركيا - التي كانت أول دولة إسلامية تعترف بإسرائيل والدولة الإسلامية التي كانت تقيم أفضل علاقات مع إسرائيل - علاقاتها السياسية بتل أبيب. وثمة نتيجة أخرى لتصويت الأممالمتحدة تتمثل في عدم صحة الافتراض القائم على أن تركيا هي الطرف الخاسر دائما بسبب قطع العلاقات مع إسرائيل، لأن هذا التصويت قد أثبت أن إسرائيل تخسر هي الأخرى.
وفى تطور عربي اخر يربط دولتين شقيقتين ببعضهما تحدث الكاتب زهير ماجد فى عموده "باختصار" مقالا بعنوان "بين الذل وبين العار " فى صحيفة " الوطن" العمانية مؤكدا ان الهتاف المصرى فى ميدان التحرير "بين الذل وبين العار اوعى ترحل يابشار" كان له الاثر العميق فى نفوس الشعب السوري .
وأكد الكاتب ان نداء ميدان التحرير كان صرخة من القلب، من عنفوان عربي يقول الحق في لحظة دفاع الأمة عن ذاتها امام شياطين التخريب والسياسة الفجة، وامام استعمار ما زال يشعر بالحاجة إلى ارتكاب اخطاء الماضي، لكنه لن يستطيع بعدما اذاقته العراق الويل وتذيقه افغانستان الحرقة، وهو ايضا يتخبط بأزماته الاقتصادية والمالية، يتراجع كما لو أنه أدرك خسائره كدولة عظمى لا يجوز لها الوصول إلى هذا الدرك.
وأشار الكاتب الى ان الحناجر المصرية التي حولت ذاك الشعار إلى نشيد انساني هتف له العشرات وربما المئات، صنع الجسر الذي امتد ابعد من دمشق، في قلوب السوريين العتيقة، وكلما تعتقت القلوب كان لها الطيب والحرارة الانسانية. لم يكن هتاف المصريين لحظة في كسر المسافة بين دولتين كان اسمهما القطر الجنوبي والآخر الشمالي، بل كانتا تحت اسم واحد هو "الجمهورية العربية المتحدة" التي كادت العراق ان تصبح نجمتها الثالثة لولا انفضاض الوحدة في تلك الطريقة البوليسية التي جسدها كل رافض للوحدة سواء كان من ابناء جلدتنا او من اصحاب اللغات المختلفة عنا.
وشدد الكاتب على ان المصريون يعون تماما معنى الصراع الدائر في سوريا العربية، وكيف تزداد الهجمات على المدن الكبرى في محاولة لتفتيت الوطن السوري أو ذلك القطر الذي تجمعه مع مصر ما تجمعه مع كل قطر عربي من محبة وإخاء وسوية درب واحساس بالغد المشترك كما يعرف المصريون ان خوفهم على سوريا هو خوف على مصر، تماما كما هو خوف صلاح الدين الأيوبي الذي وحد القوتين المصرية والشامية في عهده فربح حطين وغيرها من المعارك.
هذا وقد اختتم الكاتب مقاله مؤكدا ان أموال الدنيا وقوة جيوشها لن تمنع حضور الاحساس العربي بالعربي، ومشاعر الغبطة بحضوره إلى جانبه، وهو علم تعرفه دوائر الاستخبارات الغربية واسمه الاحساس بالوحدة الذي تتأباه وما زالت تدير منطقة الشرق على منع قيامه باعتباره قاتلا لوجودها، كونه يصنع العرب أقوى الاقوياء.
واخيرا سلط الكاتب حسين شبكشى الضوء خلال مقال له بعنوان " لبنان والهاوية السرية" فى صحيفة "الشرق الاوسط " ليشير الى طائفة سياسية كبيرة فى لبنان لا تزال حتى الآن في حالة إنكار كامل من تداعيات الوضع في سوريا وعلامات انهيار نظام بشار الأسد بشكل واضح ومتسارع للغاية.
وقال ان الفصيل الحاكم في لبنان كان يستمد شرعيته من دعم نظام بشار الأسد في دمشق عن طريق أجهزة مخابراته وأعوانه، التي جعلت من بعض الساسة في لبنان يقومون بتبديل مواقفهم كأنهم في سيرك كبير يتقلبون كالبهلوانات في استعراضاتهم.
والطائفة السياسية الكبيرة التى يقصدها الكاتب هى "حزب الله" مؤكدا انه لم يعود كما كان وسيفقد «الحبل السري» الذي كان يمنحه الشرعية والحضور على الساحة، ميشال عون سيختفي «داعم» حلمه بالوصول إلى سدة الرئاسة التي لأجلها «لحس» كل مواقفه العنترية ضد النظام السوري و«تغاضى» تماما عن جرائمه بحق بلاده وشعبه لأجل هدفه الشخصي.
وطبعا، هناك وليد جنبلاط الذي غير موقفه من الرئيس السوري وعاد معتذرا لدمشق، إنقاذا لحياته وحتى لا يتعرض أنصاره إلى مجزرة على يد أنصار بشار الأسد في لبنان بمواقعهم في الجبل.
ويقول الكاتب ان المشهد فى لبنان تزداد سخونة، سواء أكان الحديث عن طرابلس أم صيدا أم حتى بيروت نفسها، وهي الآن مقسومة، وبشكل حاد وعنيف، بين مؤيدي بشار الأسد ومعارضيه. بات هذا هو «الهدف» الذي يلتقي عليه الداعمون والمعارضون. ولكن اللعبة في الملعب السوري تشير إلى أن النظام قد خسر أرضا وخسر شعبا وبسرعة الضوء.
وأضاف ان لبنان مرشح لأن يكون فصلا ومشهدا دمويا بامتياز في ختام مسرحية حكم الأسد في سوريا، فهناك فصائل سياسية لديها الاستعداد الكامل لأن تكون قرابين جاهزة له، ومستعدة تماما أن ترفع شعارات زائفة وتردد أقاويل مضللة كما كانوا يفعلون قديما ولا يزالون
واختتم الكاتب مقاله مؤكدا ان لبنان يواجه اليوم أصواتا يقظة تناشد ضمير الشرفاء فيه أن يفيقوا ويفتحوا أعينهم ويروا جيدا ما فعله النظام المجرم ببلاده والمذلة التي تسبب فيها لبلادهم. قائمة طويلة من الأسماء التي راحت ضحية اغتيالات مرعبة، ناهيك بمسلسل سياسي بلا نهاية، فيه من الانكسار والانهزام الشيء الكثير جدا. لبنان كان تحت الأسر من مجرمي الأسد لأكثر من أربعة عقود، وفي بلد يتغنى بالحرية بات عليه أن يعرف أن هناك مواطنين منهم أدمنوا العبودية وعشقوها، وبسبب هذا الإدمان القاتل سيذهب البلد إلى الهاوية السحيقة، ولكن دائما الفاتورة في لبنان يدفعها الآخرون. الثورة السورية، وتداعيات سقوط النظام السوري الوشيك، ستكون صادمة ومذهلة على الصعيد اللبناني، وخصوصا للمنكرين منهم هناك. ترقبوا