مر عاما علي رحيل الأديب أنيس منصورة ففي ذلك اليوم من العام الماضي وافته المنية بعد ان ترك وصيتين غاليتين، الأولى: أن يدفن إلى جوار امه بمدينة نصر، بينما تضمنت الوصية الأخرى نصيحته لشباب ثورة 25 يناير قال فيها "أخاف عليكم أن تفتنكم أنفسكم وأنتم شباب لم تلوثكم السلطة بعد، وأخاف عليكم من الغرور ومن أن يفسدكم الناس كما أفسدوا غيركم من قبل". ولد أنيس منصور بقرية " نوب " بالقرب من مدينه السنبلاوين بمحافظة الدقهلية في الثامن عشر من أغسطس عام 1924وحصل على ليسانس الآداب فى الفلسفة من جامعة القاهرة عام 1947 . وشغل الكاتب مناصب عدة إلا إنه تفرغ في النهاية للكتابة والعمل الصحفي والأدبي، متأثرا بنشأته الريفية، مما انعكس فى كتاباته ورغم ما حققه من صيت ونبوغ إلا إنه لم ينسَ – أبداً – جذوره الريفية التى ظلت تنضح بمفردات الريف، وطقوس أهله فى فعاليات الزراعة والحصاد، وكأنهم بالفعل "عاشوا فى حياته".. ظلت القرية حاضرة فى وجدانه حتى صعدت روحه إلى بارئها . ويبقى تمثال أنيس - الذى اقامه أهالى المنصورة تكريماً له - شاهداً على 87 عاماً من الإبداع فى كل مجالات الكتابة الأدبية والصحفية
يقول الشيخ سليمان البالغ من العمر 99 عاما ويعد اكبر شخص في قرية " نوب "فهو الشخص الذي كان يحمل أنيس منصور وهو طفل ويتوه به الي المدرسة فكان يعتبره مثل ابنه يقول ان الاسم الحقيقي لانيس منصور هو صلاح ولكن سماه والده بهذا الاسم وعرف به، وله من الاخوات اربعة منهم اخ يدعي عبد العزيز واخت تدعي إخلاص اما عن مسقط رأس والده محمد منصور فولد بمركز شربيت التابع لمحافظة الدقهلية وكان يعمل ناظرا للزراعة وعمل معه الشيخ سليمان فراشا ثم كاتبا مع زوج إبنته " محمد علي " عندما إنتقل الي القاهرة
وتابع سليمان انه كان يحمل أنيس منصور علي كتفه ويذهب به الي مكتب والده فكان منصور يناديه بسليمان دون القاب وكان يصطحبه ايضا الي المدرسة ويصطحبه عقب ذلك الي الكتاب ليحفظ القران الكريم علي يد الشيخ " سيد " الملقب بأبو محمد وكان لذلك الكُتّاب حكايات عديدة حكى عن بعضها في كتابه عاشوا في حياتي، وفي دراسته الثانوية كان الأول على كل طلبة مصر حينها، وهذا تتمة تفوقه في السنين السابقة، التى اشتهر فيها بالنباهة والتفوق حتى أنه إذا جاءت حصص اللياقة البدنية كان المدرسون يقولون له - كما ذكر هو في كتابه عاشوا في حياتي - : “بلاش كلام فارغ، انتبه لدروسك ومذاكرتك، الأولاد دول بايظين”، لأنهم كانوا يرون فيه مستقبل باهر وشخصية فريدة
وعن صفات منصور قال سليمان انه كان ذكيا من صغره وفطنا لكل شئ ، وكانت تبدو عليه أمارات أنه سيصبح فيلسوفا واديبا منذ صغره كما كان خفيف الدم ايضا فكان طفلا غير عادي
وتابع الرجل : من المواقف الهامه التي لن تمحي من ذاكرتي عندما ذهبت الي زيارته عندما كان يعمل صحفيا بالاهرام عام 1950 وطلبت من الموظف المختص مقابلته لكنه استهزأ بي ولم يصدق اني اعرفه شخصيا ولكن بمجرد ان عرف انيس منصور بوجودي طلب من الموظف مسرعا ان يدخلني اليه وقابلني مقابلة طيبة واتذكر شكل مكتبه حتي الان فكان يحظي بمكانة داخل الاهرام وتذكرنا ايام طفولته سويا " . وأضاف سليمان أن منصور لم يتاخر يوما عن خدمه اي شخص من اهل قريته
ومن النوادر الخاصه بوالده انه كان يحمل عصاه بها العديد من المسامير المصنوعة من الذهب فكان له مقولة شهيرة ( غلظ عصاك فانها أمان من عدوك وأمان من الكلب ) فكان رجل يحظي بلباقة ونباهة
وقد قام المحافظ أحمد سعيد صوان بنقل تمثال منصور إلى موقعه الحالى بشارع الجمهورية إذ يعد المكان الأنسب فى واحد من أهم الشوارع بالمدينة.
لكن على جانب آخر، كان عدد من النشطاء قد طالبوا خلال أيام أنيس منصور الأخيرة بإزالة تمثاله متهمين صاحبه بتنفيذ مخطط اسرائيلي بعد تصريحه الشهير الذي أكد فيه أن "الفرنسيين هم أجداد أهالينا".