رحل الأديب الكبير أنيس منصور بعد أن وصل بإبداعاته لآفاق العالمية ..ترجمت أعماله لكثير من اللغات، وطبقت شهرته الأفاق ..ورغم ما حققه من صيت ونبوغ إلا إنه لم ينسَ –أبداً– جذوره الريفية التى ظلت تنضح بمفردات الريف، وطقوس أهله فى فعاليات الزراعة والحصاد، وكأنهم بالفعل "عاشوا فى حياته".. ظلت القرية حاضرة فى وجدانه حتى صعدت روحه إلى بارئها، ويبقى تمثاله -الذى اقامه أهالى المنصورة تكريماً له - شاهداً على 87 عاماً من الإبداع فى كل مجالات الكتابة الأدبية والصحفية. ولد أنيس منصور بقرية نوب بالقرب من مدينه السنبلاوين بمحافظة الدقهلية في الثامن عشر من أغسطس عام 1924وحصل على ليسانس الآداب فى الفلسفة من جامعة القاهرة عام 1947 وشغل مناصب عدة إلا إنه تفرغ في النهاية للكتابة والعمل الصحفي والأدبي، متأثرا بنشأته الريفية، مما انعكس فى كتاباته.
توجهت المشهد الي نوب القريه التي قضي بها منصور طفولته وقابلت الشيخ سليمان البالغ من العمر 98عاما ويعد اكبر شخص في القريه والذي حزن حزنا شديدا لسماعه خبر وفاته لانه كان بمثابه ابنه، فققد كان يحمله في صغره ويذهب به الي المدرسه ويقول الشيخ سليمان ان الاسم الحقيقي لانيس منصور هو صلاح ولكن سماه والده بهذا الاسم وعرف به، وله اخ يدعي عبد العزيز واخت تدعي اخلاص واخان اخران والبلد الاصلي لوالده محمد منصور هي شربين التابعه لمحافظه الدقهليه ووالدته من شرمساح التابعه لمحافظه دمياط واتي به والده الذي كان يعمل ناظرا للزراعه عند شخص يدعي ( محمد عز الدين يكن ) ، وعمل الشيخ سليمان معه فراشا ثم عملت بعد ذلك كاتبا مع زوج ابنته ( محمد علي) بالحسين يكمل سليمان حديثه قائلا: كنت احمله علي كتفي واذهب به الي مكتب والده وكان يناديني ( سليمان ) دون القاب وايضا كنت اصحبه الي المدرسه الالزامية وكان يذهب ايضا الي كتاب بجوار المدرسه ثم يذهب الي المدرسه في تمام الواحده وحتي الرابعه عصرا وحفظ القران الكريم بالكتاب علي يد الشيخ ( سيد ) الملقب بابو محمد . وكان والد منصور شديد الحرص علي اولاده يواصل الشيخ سليمان قائلا: كان ذكيا من صغره وفطنا لكل شئ ، وكانت تبدو عليه أمارات أنه سيصبح فيلسوفا واديبا منذ صغره كما كان خفيف الدم ايضا فكان طفلا غير عادي ثم اكمل قائلا : من المواقف الهامه التي لن تمحي من ذاكرتي عندما ذهبت الي زيارته عندما كان يعمل صحفيا بالاهرام عام 1950 وطلبت من الموظف المختص مقابلته لكنه استهزأ بي ولم يصدق اني اعرفه شخصيا ولكن بمجرد ان عرف انيس منصور بوجودي طلب من الموظف مسرعا ان يدخلني اليه وقابلني مقابلة طيبة واتذكر شكل مكتبه حتي الان وكان يحظي بمكانه داخل الاهرام وتذكرنا ايام طفولته سويا ، كما اضاف سليمان ان منصور لم يتاخر يوما عن خدمه اي شخص من اهل قريته ومن النوادر الخاصه بوالده انه كان يحمل عصاه بها العديد من المسامير المصنوعه من الذهب وكان له مقوله شهيره ( غلظ عصاك فانها امان من عدوك وامان من الكلب ) فكان رجل يحظي بلباقه ونباهه انهي سليمان حديثه بجمله واحده ( رحماك الله يا منصور ) من جانبهم اقام اهالي المنصورة تمثالاً لأنيس منصور تقديرا له، ليعكس مدى فخر أهل الدقهلية به، ظل شامخاً فى شارع الجلاء، حتى جاء المحافظ احمد سعيد صوان لينقله إلى موقعه الحالى بشارع الجمهورية إذ يعد المكان الأنسب فى واحد من أهم الشوارع بالمدينة. وطالب العديد من النشطاء بإزالة التمثال متهمين صاحبه بتنفيذ مخطط اسرائيلي بعد تصريحه الشهير الذي أكد فيه أن "الفرنسيين هم أجداد أهالينا". في الوقت نفسه لم ينسَ منصور اهل بلدته فكان دائم التواجد بينهم مشاركا في جميع الاحداث وعقدت له العديد من المؤتمرات والندوات بالمدينة، حتى غيب الموت جسده بعد ان ترك وصيتين غاليتين، الأولى: أن يدفن إلى جوار امه بمدينة نصر، بينما تضمنت الوصية الأخرى نصيحته لشباب ثورة 25 يناير قال فيها "أخاف عليكم أن تفتنكم أنفسكم وأنتم شباب لم تلوثكم السلطة بعد، وأخاف عليكم من الغرور ومن أن يفسدكم الناس كما أفسدوا غيركم من قبل".