انتظرنا قليلا حتى تهدأ هوجة الكتابات الانطباعية السريعة، التى تصاحب رحيل كاتب ما، لمناقشة إنتاجه بشكل ما، بعيدا عن كلمات التأبين، خاصة مع إنتاج كاتب كبير مثل أنيس منصور، الذى شكل بشخصيته وكتاباته، الكثير من الجدل والارتباك. فتلقيه عند النخبة الثقافية مختلفا تماما عن القارئ العادى. يحمل منصور الشىء وتناقضه، ولعل هذا التناقض يلتصق بكل من له صلة ما ب«الفلسفة» البعيدة عن رجل الشارع. وفى تذليل ذلك، حاول منصور أن يقرب صاحبة «البرج العاجى» من عقول الشارع، فوجه إليه اتهاما ومديحا فى آن. اتهام بأنه أفسد الفلسفة، وهى على النقيض من تهمة سقراط العظيم بأنه أفسد عقول الشباب. ومديح بأنه قرب «الوحش» الفلسفى الغامض إلى الشارع، سواء عن وعى أو بدون، ولكنه أخفق فى ذلك، باعترافه هو (جمعت محاضراتى فى الفلسفة فى 17 عاما، وفكرت أن أنشرها فى كتاب، ولكن وجدتها لا تصلح، فهى تعطيك انطباعا بأنها حكايات ونوادر ونكت، مع أنها فى صميم الفلسفة، ولكنى حاولت وأحاول دائما أن أكون مفهوما، ولذلك أستعين بكل وسائل التوضيح، وكانت محاضراتى تلقى رواجا عند طلبة الكليات المختلفة فهى مسلية هى فلسفة أيضا!).
وبذلك، أصبح منصورا دليلا قويا فى تاريخنا المعاصر على هذا الاتهام، وذلك المديح. ولكن أصحاب الفريقين لم يستطعا إغفاله تماما أو اعتباره كأنه لم يُخلق.
أما الجدل الأكثر شدة فى حياة الراحل، فهو محسوب على مواقفه السياسية، خاصة فى مسألة دعوته للتطبيع مع إسرائيل. وللعجب أن تلقى الناس، نخبة و«شارع»، إلى هذا الجدل، يختلف على تلقيهما لفلول النظام السابق، حتى لو كانوا من العظماء والكتبة الكبار. فلم يقلل موقفه مع إسرائيل، نجوميته باعتباره «كاتبا» للبسطاء. وبعيدا عن إشكالية أنيس منصور، يبقى من آرائه ما هو بين دفئ الكتب الذى نقدمه فى هذا الصفحة.
إهداء إلى كل (ملول) فى هذه الحياة
كيف يمكنك تعريف «الملل»؟ فهى كلمة حسية بحتة.. تشعر بوخزها يداهمك فى خبث شديد.. فتسرى مضاعفات مخدرها داخلك حتى تكاد تفقد صوابك فى كثير من الأحيان.
توقف الكاتب الراحل أنيس منصور مليّا عند هذه الكلمة وأضفى على كآبتها كثيرا من السحر والتفاؤل، بعد أن أطلق على كتابه «وداعا أيها الملل» وهو أحد أكثر كتبه رواجا ربما لوهلة التبشير الأولى التى يزفها عنوان الكتاب لكل «ملول» فى هذه الحياة.
يبدأ منصور كلمته الأولى فى الكتاب، الذى أصدرت دار «الشروق» له ست طبعات، بمحاولة لتعريف الملل «الذى يشعر بالملل ليس هو الذى لا يرغب فى الحياة.. وليس هو الذى لا يرغب فى الموت» ويتابع بمزيد من التفصيل» الذى يمل أول الذى يتململ هو إنسان لا يرغب حتى فى الرغبة»!
الإنسان الملول حسب تعبير أنيس منصور إنسان يشعر بأنه فى حالة عجز عن الاتصال بالغير أو أنه إنسان عنده إحساس بأن الآخرين عاجزون عن الاتصال به، وكأن ذلك ينم عن نقص فيه أو نقص فى الواقع وأن هذا النقص جعله «قعيدا» ،أسهب الكاتب الراحل فى تقديم تشبيهات لمرادف الملل فى محاولة منه لتجسيد هذه الكلمة المفخخة، يذهب مثلا بالقول بأن الملل يشبه إلى حد كبير انقطاع التيار الكهربائى أو يشبه انقطاع الماء الساخن ونحن نستحم! حالة تشبه انقطاع الماء الدافئ الذى يشعر الجسد كله بالانتعاش التى تتحول فجأة إلى صوت ماء يتمشى فى البالوعة!
مرورا على شاكلة تلك التشبيهات التى تتدرج بين أطياف الفلسفة والطرافة يؤكد منصور أن الملل فى النهاية كالمرض المعدى، ويصطحبك إلى عوالم إبداعية وتراثية وأسطورية تعاملت مع فلسفة «الملل»، كما فى قصة أديب إيطاليا ألبرتو مورافيا «الملل» التى استقبلها القراء بشىء من الفتور، وأحس المؤلف أن هذا الاستقبال هو أعظم تحية له ولقصته الطويلة «كأن الناس قابلوا الملل بالملل»! وهى قصة حاول فيها مورافيا التأمل فى مفهوم الملل الذى ملأ حياته فحاول التخلص منه بالتسامى عليه بعد أن مل التفكير فى الملل، وخلص إلى أنه ربما تكون جرائم الأفراد نتاجا للملل الذى أصاب المجتمع، والحروب ليست إلا بسبب الملل الذى أصاب الشعوب!
وخلص مورافيا إلى أن الحل الوحيد للهروب من الملل هو ألا نمل مرة أخرى ،بأن نحب ونجدد صلاتنا بالعالم الخارجى ونشعر بهذه الصلة، وأن كل ما فى هذه الدنيا هو عبارة عن يد تصافحنا، ويحيلنا منصور من فلسفة مورافيا السلسة لفلسفاته الخاصة «أنا أحب وأنت تحب وشهريار الملك يحب..إذن :لا أنا ولا أنت ولا هو سنعرف الملل! ويستطرد «ولكن هل الحب وحده يكفى؟» سؤال رحل على متن بساطة لعالم فريد من التأملات التى لا حصر لها مشاركا فيها قارئه الذى لا يسلم أبدا من الملل بطبيعة الحال.
(البقية فى حياتى).. قراءة مغرضة لذكرياته فى صالون العقاد
ربما تكون مثلى تربيت صغيرا على كتاب «حول العالم فى 200 يوم»، الذى وصل اليوم إلى طبعته العشرين، وانبهرت بأدب الرحلات وتوحدت مع مغامرات الراوى أثناء تعرفه على عجائب وغرائب بلدان الله. حتى إنك حين كبرت قليلا، عرفت أن هذا ليس كل الأدب، وأن هناك الرواية التى برع فيها كتاب جيل الستينيات وظلت تتطور حتى يومنا هذا، وأن هناك من التراث العربى فى أدب الرحلات ما قد يقلل من انبهارك ب«حول العالم فى 200 يوم»، ومن الأدب العالمى ما يجعله مجرد كتاب مسل وسط تلال من الكتب. وقد تكون أيضا مثل الملايين الذين فطموا على كراهية الاستعمار الصهيونى البغيض، ومسلسل قتل الفلسطينيين منذ عام 1948، وقتل المصريين فى 1967، فتفزع أشد الفزع حين ترى من يتهاوى من معسكر المثقفين ليرحب بالتطبيع مع العدو الإسرائيلى. بل تهلع من هذا الجيل الذى نال القسط الأوفر من التعليم والمعرفة الفلسفية على أيدى الكبار، والذى عاش ورأى رؤى العين الهزيمة والقهر، لكنه تناسى سريعا ليدعو بحرارة إلى التطبيع، مثلما كان الحال مع الراحل أنيس منصور. وأن مهندس العامود الصحفى المتميز و«فيلسوف» الصحافة كما كان يطلق عليه هو نفس الشخص الذى كان وراء خطب الرئيس أنور السادات «صانع» سلام كامب ديفيد.
ساعتها سيكون من الطبيعى أن تتبنى قراءة مغرضة لأى من كتابات أنيس منصور، وتترك الموضوعية جانبا، ولا تتذوق أسلوبه الرشيق وخفة الحكى فى كتابه «فى صالون العقاد.. كانت لنا أيام» حين يقول فى مقدمته حول شغفه صغيرا هو وصحبه بالذهاب كل جمعة إلى صالون العقاد الأدبى «كان العقاد يصدمنى أيضا. فقد كان يدين بفلسفة غير التى أدين بها. وأنا صاحب قلب. وهو صاحب عقل. أنا أتنقل وهو يتقدم. أنا أنبهر وهو يضىء. أنا أتغنى وهو يخطب. ولا أعرف كيف صدمنى العقاد فى أعز ما أملك: حبى الوجدانى للفلاسفة. أما هو فكان صاحب عقل كبير، وكنت صاحب قلب صغير. وكنت أمسك فى يدى شمعة، أما هو فيمسك النجوم والشموس فى يديه..». فلا ترى فى هذا المقطع الأدبى المحكم سوى زخرفة أدبية زائدة عن الحد، واستعراضا لمهارات الكتابة لتبرير أسرار الانبهار وصناعة التماثيل للعظماء. ولن تلتفت للقصص والمغامرات التى يسردها صاحب «أرواح وأشباح»، و«التاريخ أنياب وأظافر»، حول ذكرياته فى صالون العقاد منذ نعومة أظافره، ونقاشاته مع «الأستاذ» التى وصلت أحيانا إلى صدامات بسبب اختلاف التوجهات، بل ستتابع قصصه التى تهدف إلى العفوية وقد تتحين أى فرصة لجعل نفس هذه القصص سهاما توجهها ضد صاحبها. فحين يصف منصور غضبه الشديد من أستاذه حين سأله يوما عن رأيه فى مقال كتبه فى 1948 عن معنى الفن عند تولستوى وكان رد العقاد أنه أعجبه الأسلوب، فراح منصور يردد ويستشيط غضبا «فقط الأسلوب، لا الفكرة.. ولا القضايا التى أثرتها.. الأسلوب فقط».. وقد تردد فى داخلك أنت أيضا أن الأسلوب وحده لا يكفى حتى وإن كان هناك الآلاف التى تقرأ كتابات منصور وتعده كاتبا شعبيا والأفضل مبيعا إلخ، إلا أن شعبية الكاتب لم تكن مقياسا على عمق وجدية ما يقول، والأهم من ذلك اتساق أفكاره مع القضايا الوطنية. وقد كان هذا الرأى الذى أغضب منصور حافزا جعله ينكفئ على المقال كما يروى فى كتابه ليعيد كتابته 32 مرة ليجرده من الكلمات الصعبة التى جعلت الأستاذ يعجب به لأنها مرآة لكتاباته، وصار بعدها متخصصا فى تبسيط الأفكار الفلسفية، التى كان يقول عنها توفيق الحكيم إنها مثل كتابات شكسبير تحتاج إلى من يبسطها. ولكنه مع ذلك ورغم أنه بسط الفلسفة الوجودية فى كتاب يحمل الاسم نفسه، فإنه لا يمكن أن يلقب بالفيلسوف. يجوز أنه فيلسوف الصحافة بمعنى أنه نموذج للصحفى بامتياز الذى ساعدته دراسته للفلسفة لأن يثقل كتابته وعالمه، أما الفلسفة فشأنها شأن آخر. فالفلسفة هى هذا المنهج العصى على التعريف الذى يستخدم العقل والنقد لتفسير المبادئ العامة من خلال مفاهيم مجردة، هى هذا الطرح الدائم للأسئلة فى الكون والوجود والعدم.
أما التبسيط من نوعية أن العقاد كان يهاجم الشيوعية والشيوعيين والوجودية والنازية، ولا يجد خلاف بينها «لأنها جميعا تدوس كرامة الإنسان. أولا تقيم وزنا أو حجما لحرية الإنسان، فالشيوعية تجعل الإنسان حذاء للمجتمع، والنازية تجعل الشعب حذاء للحاكم، والوجودية تجعل الكون كله حذاء للإنسان». أما الفصل المخصص عن العفاريت والنازية والصهيونية، فهى مادة بعيدة تماما عن حديث الفلاسفة فى العالم أجمع، ناهيك عن تخصيص كتاب عن الأرواح والأشباح يزداد رواجا من كاتب الشعب المفضل، ويحتاج هم أيضا قراءة غير موضوعية.
(فى صالون العقاد) عمل لم يسبق له نظير
بعد صدور الكتاب أرسل الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين، وكان يعمل وقتها رئيسا لتحرير مجلة العربى الكويتية، برقية قال فيها: «إن حلقات صالون العقاد ليست فقط عملا غير مسبوق فى تاريخ الثقافة العربية، وليست فقط تجربة فريدة فى سرد وتحليل التطور الثقافى والفكرى لمثقف عربى من خلال التفاعل بين الأجيال، وليست فقط تذكيرا لقراء الحاضر بحيوية تيارات الفكر ومدارس الأدب فى مصر، ولكن ما يكتب هو عمل لم يسبق له نظير فى سوسيولوجيا الأدب العربى. أى تحليل الأدب والثقافة فى سياق التطور العام للمجتمع المصرى والثقافة المصرية والعربية عموما».
أنيس منصور.. عدو المرأة والسياسة
مع النفس الأخير الذى لفظه الكاتب الكبير أنيس منصور، لا يستطيع المرء تصور فراغ عموده «مواقف» فى الزميلين الأهرام والشرق الأوسط، فهذه ال»مواقف» كانت لسنوات تزيد على الخمسين عاما رفيق درب ملايين من المصريين والعرب.
من يتتبع مشوار أنيس منصور المهنى يجده والكلام هنا للصحفى أحمد زكى عثمان ينتمى للجيل الثانى فى الصحافة المصرية والذى جاء بعد جيل العمالقة من الأدباء والمفكرين من عينة طه حسين وعباس محمود العقاد، وعبرت عنهم اللغة العربية الكلاسيكية الرصينة، وهم من جاء منصور وأقرانه (مصطفى وعلى أمين ومحمد التابعى والطور الأول لمحمد حسنين هيكل) للتمرد عليهم بصحافة تستخدم لغة شاعرية وأدبية لكن فى مناقشة قضايا ساخنة سياسية واجتماعية.
أحمد زكى عثمان صحفى ومدون وباحث فى دراسات الجنوسة، تناول نموذجا من اختيارات منصور فى الكتابة بمدونته «الثورة ميدان» ووصفها بالاختيارات الذكية، إذ اختلف منصور عن أبناء جيله فى تناول الموضوع الصحفى الذى يكتبه مهما كانت بساطته، ويقول زكى: «إذا طبقنا المعايير المهنية الصارمة على كتابات أنيس منصور سنكتشف أن إنجازه غير موجود، فهو لم يفجر قضايا ضخمة ولا قدم نظريات قيمة على المستوى الفكرى، رغم أن البعض اعتبره رائد الفلسفة الوجودية فى الصحافة إلا أن هذا غير صحيح فهو لم يبدع أو يبتكر أيا من الأفكار التى تناولها، هو كان مجرد ناقل مبسط لكتابات آخرين من أمثال زكى نجيب محمود».
ويقول: «إنجاز أنيس منصور الحقيقى يتمثل فى أنه ظل مخلصا لأسلوب الكتابة الانطباعية الذى ابتكره محمد التابعى، ويتميز باستخدام لغة سهلة قائمة على الإطناب والصورة الفنية فى صياغة الخبر بشكل يجعله أقرب للقصة القصيرة، لكن هذا الشكل من أشكال الكتابة تم تجاوزه الآن بمراحل لصالح قوالب أكثر جمودا وانضباطا فيما يتعلق بعرض الحقائق وليس الانطباعات».
لكن وعلى الرغم من ذلك لا يمكن تجاهل حقيقة أن أنيس منصور «جدد فى اللغة الصحفية فهو واحد من الجيل الذهبى فى ثراء الكتابة وكثافتها فليس هناك من يستطيع أن يكتب عمودين يوميا بلغة رشيقة ومنضبطة كما كان يفعل أنيس منصور»، أيضا قدم أشكالا جديدة ومختلفة من الصحافة «فهو رائد المغامرة الصحفية، والكتابة عن الرحلات، وهو ما وفر له حفاوة شعبية فى الجامعات، فكان جزءا من حالة الرغبة فى التعرف على العالم التى كانت مسيطرة على المجتمع فى عهد الرئيس عبدالناصر» هكذا أكد أحمد زكى.
وبموت أنيس منصور انطلقت «حملات النواح» بتعبير أحمد زكى الذى رأى أن التساؤل الآن هو «كيف يقرأ منصور فى سياقه؟»، وقال: «الناس تعتبر النقد عيبا بعد موت شخص ما، وهذه الثقافة ليست بعيدة عن النخبة الصحفية والفكرية، فلا يمكن لأحد الآن أن يقيم ماذا قال الشخص وما الذى لم يقله، وما الذى دفعه لذلك؟». فإسهام أنيس منصور على مستوى الحياة الثقافية «كان ضعيفا للغاية» أما على مستوى تربية النشء «كان انجازا جيد بما أنه حبب إليهم القراءة وبسط عدد من الكتب الفلسفية».
مع ذلك يؤكد زكى أن أحدا لم يقدم قراءة نقدية واحدة لما قدمه منصور من قراءات فى الفلسفة الوجودية أو ترجماته، فمثلا وهو أمر مهم للغاية فى رأيه إذ تعانى هذه الترجمات من مشكلات ضخمة كما وصفها زكى قائلا: «منصور حذف بعض الفقرات فى أحد أشهر كتبه (الخالدون مائة) وألف فقرات أخرى».
ويستخلص زكى من كل ذلك أن: «ما طرحه منصور على مدى 50 عاما فى كتبه ومقالاته ليست قضايا حقيقية، لكنها نوع من الصحافة التى تخاطب استهلاك الناس وتقدم لهم أفكارا نمطية».
كانت طريقة منصور لا تعير اهتماما للقضايا الكبرى فقال فى آخر حواراته الصحفية مع جريدة الأهرام «أتمنى للأهرام صحافة لا تصنعها الأحداث»، ومن هذا المنطلق تميز أسلوبه الصحفى بأنه «صاحب الأنا الأكبر فى الصحافة» كما وصفه أحمد زكى، فتجد معظم مقالاته مكتوبة بحس السيرة الذاتية».
مع أنه كتب عن آرائه آلاف المرات؛ لم يعرف لأنيس منصور موقفا سياسيا واضحا كما فعل كل أبناء جيله، فهو على سبيل المثال «أخذ حظا من الذيوع فى الفترة الناصرية، ونال جائزة الدولة التشجيعية، لكنه بعد موت عبدالناصر تنكر له، وكتب (عبدالناصر المفترى عليه والمفترى علينا)، كما قال أحمد زكى. فقد انتمى أنيس منصور للهيئة السعيدية وهو حزب صغير منشق عن الوفد فى بداية حياته، لكن بعد ذلك ساد فكره السياسى «حالة ضبابية»، كما أكد أحمد زكى، فهو «الصديق المقرب للرئيس محمد أنور السادات وعضو مجلس الشورى ل20 عاما خلال حكم مبارك، والمنتقد الحاد له بعد خلعه». ويستنتج أحمد من ذلك كله أن أنيس كان «يعيش فى المناطق الآمنة».
وبهذا المنطق تبنى منصور موقف أبناء مبارك خلال ثورة 25 يناير فى «أن مصر ليست تونس»، لكن من ناحية ثانية حيا دور الشباب بعكس كتابا آخرين انحازوا انحيازا مطلقا ضد الثوار، ف«أنيس أمسك العصا من المنتصف، إذ هو لا يميل لمواقف الراديكالية، لكنه لم ينخرط فى حملة الهجوم والتخوين ضد الثوار».
بالمثل اتسم موقف منصور من المرأة بأنه ملتبسا، فهو من جهة أفرد لها مساحات مهولة فى عموده اليومى، لكنه هاجمها وانتقدها فى نفس الوقت، يتفق مع ذلك أحمد زكى الذى أكد أنه «من الصعب أن يزعم أحد أن أنيس منصور كان معاديا للنساء فهو كان يقول، ويكتب آراء قد يراها البعض أنها منحازة ضد النساء، لكن هذه ليست قناعة خاصة ضد النساء، لكن منصور كتبها استجابة لإرضاء نزعات جمهور استهلاكى، ولا ننسى أن أنيس منصور كان متزوجا من السيدة رجاء حجاج، وهى شخصية عامة وترأست جمعية هدى شعراوى، ومن المنطقى ألا توافق ناشطة نسائية بارزة على الزواج من شخص معادٍ للمرأة حقيقة».
شارك في الإعداد: سامح سامى ومنى أبو النصر ودينا قابيل وأحمد بهاء الدين وعلا الساكت.