يبهرنا الغرب باحترامه للوقت ، وينسى العالم أن الإسلام أول من وضع أهمية الوقت في مقدمة قوائمه، ولم يتهاون في استغلاله،لقد علم سلفنا الصالح قيمة الوقت وشرف الزمان فكانوا أحرص علي الدقيقة الواحدة من حرصنا علي أموالنا ودنيانا كلها. النبي صلي الله عليه وسلم: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ)) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيمَ أفناه، وعن شبابه فيمَ أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه )) كان النبي صلى الله عليه وسلم من أشد الناس حرصاً على وقته، وكان لا يمضي له وقت في غير عمل لله تعالى، أو فيما لا بد منه لصلاح نفسه، يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه يصف حال النبي صلى الله عليه وسلم بأنه: (( كان إذا أوى إلى منزله جزّأ نفسه دخوله ثلاثة أجزاء، جزءاً لله، وجزءاً لأهله، وجزءاً لنفسه، ثم جزأ جُزأه بينه وبين الناس )). حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه: (( اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغَنَاءك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك )) عبيد بن يعيش رحمه الله: روي عنه عمار بن رجاء قال "سمعت عبيد بن يعيش يقول : أقمت ثلاثين سنة ما أكلت بيدي بالليل ،كانت أختي تلقمني وأنا أكتب الحديث". أبي عقيل رحمه الله: يقول "إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمرى حتي إذا تعطل لساني عن مذاكرة أو مناظرة ،وبصري عن مطالعة أعملت فكري في حال راحتي وأنا منطرح فلا انهض إلا وقد خطر لي ما أسطره ، وإني لأجد من حرصي علي العلم وأنا في الثمانين أشد مما كنت أجده وانا ابن العشرين، وأنا أقصر بغاية جهدي أوقات أكلي ،حتي أختار سف الكحك ، وتحسيه بالماء علي الخبز ،لأجل ما بينهما من تفواوت في المضغ، توفرا علي مطالعة ،أو تسطير فائدة لم أدركها ، وإن أجل تحصيل عند العقلاء بإجماع العلماء هو الوقت ، فهو غنيمة تغتنم فيها الفرص فالتكاليف كثيرة والأوقات خاطفة" سليم الرازي رحمه الله : يقول عنه التاج السبكي"كان رحمه الله لمن الورع علي جانب قوي ، يحاسب نفسه علي الأوقات ،لا يدع وقتا يمضي بغير فائدة، إما ينسخ أو يدرس أو يقرأ" ابن جرير الطبري رحمه الله: قال الخطيب البغدادي : سمعت السمسمي يحكي أن ابن جرير مكث أربعين سنة ، يكتب في كل يوم منها أربعين ورقة " ابن تيمية رحمه الله: قال ابن القيم "وقد شاهدت من قوة شيخ الاسلام ابن تيمية في سننه، وكلامه، وكتابته، أمرا عجيبا فكان يكتب في اليوم من التصنيف ما يكتبه الناسخ في جمعة أو أكثر".
وختاما نذكر بقول أورده الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه "الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي" عن الإمام الشافعي عليه رحمة الله. قال:" قال الشافعي رضي الله عنه: صحبت الصوفية فلم أستفد منهم سوى حرفين: أحدها الوقت كالسيف فإن قطعته وإلا قطعك، ونفسك إن لم تشغلها بالحق وإلا شغلتك بالباطل".