أكدت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية اليوم الخميس أنه إذا ما أرادت الولاياتالمتحدة "خروجا مشرفا" نوعا ما من أفغانستان وأراد الأفغان أن يحظوا بفرصة تجنب بلادهم مصير الانجراف لحرب أهلية، فعلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما التوصل إلى اتفاق سلام مع حركة طالبان والالتزام بعدم "التسرع" في إجراء انسحاب مفاجئ من البلاد بسبب تداعيات مجزرة قندهار. وأوضحت الصحيفة - في تعليق أوردته على موقعها على شبكة الانترنت -أن ما أسمته "بهروب الولاياتالمتحدة من أفغانستان" سيترجم على أنه رد فعل للخسارة الغربية و"سيعكس استخفافا وتجاهلا مضنيا لمأساة الشعب الأفغاني" كما "سيعزز من مشاعر نصر قد تبدو مبررة لحركة طالبان وحلفائها".
ولفتت الصحيفة إلى أن الانسحاب المفاجئ من أفغانستان سيقوض أيضا قدرة الولاياتالمتحدة على صياغة تسوية سلام مع طالبان، مشيرة إلى أن الموعد الذي تم التوصل إليه كموعد نهائي لانسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان بحلول نهاية عام 2014 يعد مهلة معقولة لإيجاد صيغة لتسوية سلام بين الأطراف المتنازعة إذا ما أتقنت واشنطن استخدامه، ولكن حتى ذلك الحين لا يبعث النهج الذي تتبعه إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما أي أمل في هذا الشأن، محذرة من أنه إذا ما بقي الحال كما هو عليه، فعلى الأرجح لن تفلح الإستراتيجية الأمريكية الراهنة سوى في إحداث كارثة بعد عام 2014.
وذهبت الصحيفة الأمريكية للقول أن حديث القوى الغربية عن بناء دولة أفغانية صلبة وقوية لا يعدو مجرد أمنيات لم تتحقق فالقوات الأمنية الأفغانية على سبيل المثال غارقة في بحر من الفساد ويمقتها العديد من أطياف الشعب الأفغاني.
وأردفت نيويورك تايمز تقول إنه على الرغم من التقدم الملموس في بناء الجيش الأفغاني الوطني، غير أن الضعف الذي حل بالدولة الأفغانية يشكل خطرا محدقا بالتقدم الذي أحرز في هذا الصدد، مشيرة إلى أن التاريخ المعاصر لأفغانستان - شأنها في ذلك شأن دول القارة الإفريقية و باكستان إبان فترة السبعينات - "يوضح السيناريوهات التي قد تحدث حينما يضحى الجيش الوطني المؤسسة الوطنية الوحيدة القوية في بلد هاش ومنقسم".
ولفتت الصحيفة إلى أن سيطرة الجيش على أفغانستان في المستقبل تبدو أمرا مرجحا نظرا لان واشنطن لم يعد لديها رؤى أخرى عن ماهية البديل المقبل للرئيس الأفغاني حامد كرزاي بعد تنحيه عن السلطة في عام 2014 وفقا لما تم الاتفاق عليه، لافتة إلى أنه حتى العناصر المناهضة لحركة طالبان داخل المجتمع الأفغاني تبدو ممزقة بفعل الاختلافات العرقية والسياسية ما يجعل من المستحيل إيجاد مرشح يكون مؤهلا لتولي الرئاسة التنفيذية للبلاد دون إسقاط النظام السياسي القائم.
واعتبرت الصحيفة أنه وفقا للمعطيات السالف ذكرها والمخاطر التي باتت تلوح في الأفق، فانه من المنطقي أن تسعى الولاياتالمتحدة إلى إبرام تسوية مع حركة طالبان فيما تبقي على كروت اللعبة الأخرى، منوهة في الوقت ذاته بالدور الذي تلعبه دوائر النفوذ داخل المؤسسة الأمريكية في واشنطن والتي تطمح إلى تطويع تلك المحادثات لضرب وحدة حركة طالبان وإحداث التفرقة بين عناصرها غافلة أو بالأحرى متغافلة عن أن الجانب الغربي في الحرب الأهلية في أفغانستان أضحى أكثر هشاشة وانقساما.
وحذرت الصحيفة من تنفيذ واشنطن لرغبتها في الإبقاء على عدد من قواتها القتالية في أفغانستان بهدف ملاحقة عناصر تنظيم القاعدة ودعم الإدارة في كابول، موضحة أن ذلك المخطط ينذر بالتسبب في حدوث أسوأ السيناريوهات المحتملة وأن استمرار وجود عناصر قتالية أمريكية سيجعل اتفاق التسوية مع حركة طالبان أمرا مستبعدا ومن فإن نهاية الحرب على أفغانستان لن تتم أبدا.
كما رأت الصحيفة - في ختام تعليقها - أنه في حال حل الضعف بالحكومة في كابل وتفتت الجيش الوطني فسيتم وصم المستشارين الأمريكيين بأنهم المتسبب الرئيسي في تلك الكارثة، وبناء عليه فإنه يتعين على واشنطن مواصلة مساعيها للتوصل لتسوية مع حركة طالبان وفقا لخطوط عريضة متفق عليها تتمثل في: تقديم ضمانات تتعلق بسحب كامل للقوات الأجنبية العاملة في أفغانستان، وانسحاب الحركة من المناطق التي تسيطر عليها، والقضاء على عمليات الإنتاج لمادة الهيروين، في مقابل تقديم الغرب لمساعدات لتطوير تلك المناطق.