هل من صحوة يقوم بها المسلمون للدفاع عن الدين والهوية الاسلامية ؟ وهل من صحوة لحماية المقدسات ؟ فإلى متى سنستمر في تلك الغفوة التي تنال منا وتساهم في تكريس الغطرسة الغربية والبلطجة الإسرائيلية والأمريكية .
ففي الوقت الذي تتجه فيه أفغانستان لمرحلة من الاستقرار نوعا ما من خلال قرب انتهاء الاحتلال الأمريكي ودخول الحكومة الأفغانية في مفاوضات مع حركة طالبان ، يأتي جنود الاحتلال كعادتهم بفعل بغيض أثار غضب وسخط الشعب الأفغاني وهدد بحالة من القلق والتوتر في البلاد بأكملها وهي التي كانت في طريقها نحو الاستقرار واستتباب الأمن.
وعلى مدار الايام الماضية اشتعلت أفغانستان بالتظاهرات الغاضبة في العاصمة كابول للتنديد بحرق المصحف الشريف في قاعدة باجرام الأمريكية، وقد سقط عدد من الأفغان قتلى بيد الشرطة الأفغانية التي أطلقت الأعيرة النارية لتفريق المتظاهرين، فيما أطلقت مروحيات أمريكية قذائف ضوئية لتفريق الغاضبين الذين احتشدوا خارج القاعدة وردوا أيضا بدورهم بالرصاص المطاطي. ومنعت السفارة الأمريكية في كابول موظفيها من مغادرة المبنى وسط اتساع نطاق الاحتجاجات.
وتأتي تلك الواقعة في الوقت الذي يتوجه فيه الرئيس الأفغاني لإجراء مفاوضات مع طالبان من أجل إحلال الاستقرار في البلاد، خاصة بعد تأكيده أن حكومته تجري محادثات يومية مع الحركة عبر وسطاء، وبحسب محللين فإن توقيت وقوع هذا الحادث قد يكون مقصودا لإثارة التوتر وتقويض أي مفاوضات من قبل أن تبدأ من خلال إثارة غضب الشعب الأفغاني وحركة طالبان ودخول البلاد في دوامة من العنف والانتقام مرة أخرى، خاصة أنه في الفترة الأخيرة ومن خلال الصحف الأجنبية بدأت واشنطن تثير فزاعة سيطرة طالبان على أفغانستان بعد رحيل قواتها وتسليمها للقوات الأفغانية. وبالعودة لحادثة حرق المصاحف، الذي ليس مستبعدا أن يكون متعمدا في هذا التوقيت فقد توقعت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" أن يثير غضب الأفغان بشكل مماثل لما حدث في عام 2010 حينما هدد القس الأمريكي المتطرف تيري جونز بحرق نسخة من القرآن الكريم خارج كنيسته بولاية فلوريدا، وحين قام أتباع هذا القس بتنفيذ تهديداته بعد عام من ذلك قام عدد من المتظاهرين في ابريل عام 2011 باجتياح مخيم لجنود من قوات الاممالمتحدة بمدينة "مزار شريف" شمالي أفغانستان وقاموا بقتل ما لا يقل عن 11 جنديا.
وفي بيان له ، أدان حزب الله اللبناني حرق نسخ من القرآن على يد مجموعة من الجنود الأمريكيين في أفغانستان ، واصفا الأمر بأنه "عمل مشين".
وجاء في البيان أنه "في جريمة جديدة تظهر الإمعان الأمريكي - الصهيوني في توهين المقدسات الإسلامية والاستخفاف بمشاعر أكثر من مليار مسلم، قام جنود تابعون لقوات الاحتلال الأجنبي في أفغانستان بحرق نسخ من القرآن الكريم في قاعدة باجرام الجوية".
ووصف الحزب هذا العمل ب "المشين بحق كتاب المسلمين وعقيدتهم من قبل جنود تابعين للقيادة الأمريكية، ويأتي في وقت تتصاعد فيه الانتهاكات الصهيونية لحرمة المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطينالمحتلة، ما يظهر توجها مبرمجا للتعاطي المهين مع كل ما يرمز للمقدسات في منطقتنا بصلة".
وأدان الحزب :"هذه الممارسات الإجرامية المعادية لكل أصول وأخلاق ودين"، داعيا أبناء الأمة وكل الغيارى إلى "رفع الصوت والتنديد بهذه الممارسات الاستفزازية، تعبيرا عن الاستنكار والإدانة لكل محاولة للمساس بالمقدسات الدينية إسلامية كانت أم مسيحية"
وفي وقت سابق، أدان الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، أكمل الدين إحسان أوغلي حرق نسخ من القرآن في قاعدة باغرام الأمريكيةبأفغانستان، واصفاً الحادث بأنه "عملية تحريض مؤسفة."
ودعا أوغلي السلطات المعنية لاتخاذ إجراءات تأديبية عاجلة ومناسبة ضد المسؤولين عن ذلك، قائلاً إن "هذا التصرف يتعارض مع الجهود المشتركة بين المنظمة والمجتمع الدولي، بما في ذلك حكومة الولاياتالمتحدةالأمريكية، لمكافحة التعصب والتحريض على الكراهية على أساس الدين والمعتقد."
وقدم البيت الأبيض ووزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا اعتذارا عن الواقعة وزعم بعض المسؤولين أن المصاحف التي أحرقت تم سحبها لأن المعتقلين كانوا يستخدمونها للتواصل في ما بينهم (عن طريق رسائل داخلها)!، فيما قال الجنرال جون ألين قائد قوات الناتو "إن جنود قوة المعاونة الامنية الدولية تخلصوا من عدد كبير من المواد الاسلامية والتي تشمل القرآن بشكل "غير لائق" !.. وحين علمنا بهذه الأفعال تدخلنا فورا وأوقفناهم عن ذلك".
وأقر الجنرال جون آلان، قائد قوات المساعدة الأمنية الدولية في أفغانستان "إيساف" بأن عملية إحراق المصاحف في قاعدة باغرام الجوية التي جاءت على خلفية التخلص من مخلفات مركز الاعتقال الموجود فيها "كان غلطة،" وذلك في مسعى منه لامتصاص حالة الغضب التي سادت البلاد، وتمثلت في مظاهرات خرجت بعدة مناطق.
وأكد آلان أن قضية حرق المصاحف "لا تمثل الهوية الحقيقة" لقواته التي ما تزال تعاني من تبعات قضية الفيديو الذي يظهر قيام عدد من جنود الجيش الأمريكي بالتبول على جثث لمقاتلين أفغان.
ومن جانبهم، قال قادة في القوات الدولية بوجود "مواد دينية إسلامية، بما فيها نسخ من القرآن،" ضمن مواد جرى التخلص منها بشكل غير صحيح في القاعدة، ولكنها لم تؤكد ما إذا كانت النسخ قد أحرقت بالفعل.
وقال العقيد غاري كولب: "نعتقد أن نسبة ضئيلة من تلك المواد قد جرى التخلص منها، ولا أظن أن هناك مواد تعرضت للحرق لأننا تمكننا من استعادة معظمها."
إستنکرت رابطة العالم الاسلامي بشدة إقدام جنود في قاعدة باجرام الأمريکية التابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في أفغانستان على اساءة للقرآن الکريم,واصفة هذا العمل بأنه "إعتداء شنيع على الإسلام والمسلمين".
وقالت الرابطة في بيان أصدره الأمين العام للرابطة الدکتور عبدالله بن عبدالمحسن الترکي اليوم,"إن الاساءة للقرآن الکريم يثير مشاعر المسلمين,وهم مليار ونصف المليار من البشر في العالم, مؤکدا أن هذا العمل يثير الأحقاد ويحرض على الکراهية والبغضاء, وهي أمور حرمتها رسالات الله سبحانه وتعالي ومنعتها القوانين الدولية الصادرة عن هيئة الأممالمتحدة".
ودعا منظمة التعاون الاسلامي وحکومات الدول الإسلامية إلى بذل المساعي من أجل "محاسبة الذين أساؤوا للقرآن الکريم, ومنع تکرار هذا
ومن جانبه أكد عضو تجمع علماء المسلمين في لبنان الشيخ عبد الناصر جبري أن حرق نسخ من القرآن الكريم على يد القوات الأميركية في أفغانستان هو إستمرار للحملة ضد الإسلام من قبل الغرب ، حيث تسعى القوى الغربية لكسر هيبة الشعوب الإسلامية من خلال اعتداءها على المقدسات الإسلامية.
وفي تصريح لقناة العالم الإخبارية شدد الشيخ جبري على ضرورة دفاع الأمة الإسلامية عن مقدساتها بنفسها ، مؤكدا وجوب قيام جميع الشعوب الإسلامية ضد الإنتهاكات الأميركية للمقدسات وحرقها للقرآن الكريم في أفغانستان.
وحذر الشيخ جبري من مغبة سكوت الشعوب الإسلامية إزاء هذه الإنتهاكات ، مؤكدا أن عدم وقوف الأمة الإسلامية وقفة واحدة أمام الإعتداء الأميركي على المعتقدات والمقدسات الإسلامية، سيؤدي إلى إستمرار مثل هذه الإعتداءات بصورة أوسع وأكبر.
كما طالب عضو تجمع علماء المسلمين في لبنان زعماء الدول العربية والإسلامية بإتخاذ مواقف جماعية وصارمة ضد الإعتداءات الاميركية على بلاد المسلمين إضافة إلى أنتهاكها للمقدسات الإسلامية.
وكانت القضية قد طفت على السطح بعد أن عثر عمال في القاعدة، وهم من الأفغان، على المواد الدينية ضمن الأغراض المخصصة للإحراق، وقاموا بإخطار المسؤولين بوجودها، وقد قال الجنرال آلان آنذاك إنه "أوقف العملية على الفور بعد أن علم بها،" مؤكداً أن المواد الدينية استعيدت وسُلمت إلى السلطات الدينية المعنية."
وكانت أفغانستان قد شهدت عدة حوادث مماثلة، كان آخرها اقتحام مقر الأممالمتحدة في مدينة مزار شريف، العام المنصرم، بعد إعلان قس أمريكي عن نيته إحراق المصحف في الولاياتالمتحدة، بينما قتل ثلاثة أشخاص بمواجهات مع الشرطة بسبب القضية نفسها بمدينة قندهار.