اهتمت الصحف المصرية الصادرة صباح الثلاثاء بالاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الجيش في شارعي قصر العيني والشيخ ريحان قرب ميدان التحرير، في الوقت الذي تباينت فيه رودود الأفعال حول المؤتمر الصحفي الذي عقده المجلس العسكري للرد على الأحداث. وقالت صحيفة الأهرام : في الوقت الذي تصاعدت فيه حدة الأزمة مابين ثوار التحرير وقوات الأمن, كثفت القوي السياسية من تحركاتها أمس بطرح عدة مبادرات للتهدئة ووقف الاشتباكات.بينما لجأ بعضها إلي القيام باعتصام رمزي أمام دار القضاء العالي.
وأشارت الصحيفة إلى أن قوات الجيش والأمن المركزي اجتاحت في تمام الساعة الثانية والنصف فجر أمس ميدان التحرير بعد إطفاء الأنوار وطاردت المتظاهرين في اتجاهات مختلفة واعتدت- وفق رواية أحد الأطباء- علي أطباء المستشفي الميداني بنهاية امتداد شارع الشيخ ريحان.
فيما أصدر المستشار عبدالمعز إبراهيم، رئيس محكمة استئناف القاهرة, قرارًا بندب المستشارين وجدي محمد عبدالمنعم ومحمد وجيه, لاستكمال التحقيقات في الأحداث التي وقعت أمام مقر مجلس الوزراء اعتبارا من16 ديسمبر الحالي وما يرتبط بها من وقائع.
ومن جهتها, أمرت نيابة جنوبالقاهرة بحبس123 متهما علي خلفية أحداث مجلس الوزراء, وتوجيه تهم مقاومة السلطات, والتعدي بالضرب علي أفراد القوات المسلحة, والتحريض علي إتلاف الممتلكات العامة والخاصة, وتخريب المنشآت العامة باستخدام زجاجات المولوتوف, والحجارة والرخام.
فيما كثفت القوى السياسية من تحركاتها بطرح عدة مبادرات للتهدئة ووقف الاشتبكات، فيما قدم بعض النشطاء بلاغات ضد الشرطة العسكرية ووزير الداخلية إلى النائب العام للتحقيق فيها.
وأشارت صحيفة المصري اليوم إلى أن المجلس العسكرى أكد أنه لا يتبع «منهجية فى استخدام العنف مع المتظاهرين»، معترفاً فى الوقت نفسه بواقعة اعتداء جنود من الجيش بعنف على سيدة.
وقال اللواء عادل عمارة، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة: إن الأحداث المتوالية منذ اندلاع ثورة يناير أثبتت «منهجية التخطيط لهدم الدولة من خلال استمرار حالة الانفلات الأمنى وزعزعة الثقة بالأمن، والتشكيك فى نزاهة الانتخابات وهدم قوات الشرطة، والآن الاحتكاك بالقوات المسلحة».
وكشف اللواء عادل عمارة عن وجود معلومات عن مخطط تخريبى يقوم به البعض ويتضمن استعدادات بعض البلطجية لحرق مقر مجلس الشعب.
وأكد اللواء عمارة أنه لم تصدر أوامر بفض الاعتصام بالقوة مشيرا إلى أن تحرش بعض المعتصمين بقوات التأمين أدى إلى اندلاع الأحداث، مؤكدا أن المساس بالمنشآت الحيوية وأفراد القوات المسلحة وأجهزتها خط أحمر لا يمكن تجاوزه.
وعلق الكاتب محمد بركات، في مقاله بصحيفة الأخبار على الأحداث قائلا: "إننا أمام جريمة مدبرة، واضحة المعالم، واضحة الأهداف، رغم محاولات الخلط المتعمدة، ومحاولات التمويه المقصودة ورغم كافة الإدعاءات الكاذبة"، معتبرًا أن هناك فاعلا ومحرضا، ومخططا، لكل ما حدث ويحدث.
وقال الكاتب: "يا سادة، اتقوا الله في هذا الوطن، نحن أمام جريمة خطرة، ومخطط لها مع سبق الإصرار والترصد، وهدفها جر مصر إلى نيران الفوضي والدمار، هناك من يمول هذا المخطط، ومن يقوم علي تنفيذه".
وقال الكاتب سمير رجب في مقاله بصحيفة الجمهورية: إن كل يوم يمر يثبت أن ثورة 25 يناير قد ركب موجتها أطراف عديدة كل يغنى على ليلاه ، وكل يبحث عن مصلحته الخاصة ولتبقى مصر حائرة ولايعرف شعبها أين المصير وسط تلك الغيامات الضبابية.
وعلى جانب آخر، قال الكاتب وائل قنديل في صحيفة الشروق: إن الاتهام المضحك الموجه إلى الناشر محمد هاشم خلال المؤتمر الصحفى لعضو المجلس العسكرى أمس، هو وسام على صدره، يفخر أى مواطن شريف أو إنسان سوى أن يكون مكانه، فأن تقدم المساعدات للثوار منذ 25 يناير وحتى الآن، وأن توفر موضعا ولو صغيرا لحمايتهم عندما ينهمر فوق رؤوسهم الرصاص، فأنت هنا تمارس فعلا أخلاقيا وإنسانيا بامتياز، تستحق عليه الشكر والتقدير، وليس الاتهام.
وأضاف قنديل: لقد حاول عضو المجلس العسكرى فى مؤتمره الصحفى أن يقدم المتظاهرين فى هيئة الأوغاد الأشرار المعتدين المدججين بالسلاح على الجنود الطيبين الوديعين العزل، بينما الحقائق على الأرض تقول إن لدينا 11 شهيدا قتلوا بالرصاص، وأكثر من 600 مصاب، حتى الآن، فمن قتلهم؟
وقال الكاتب منتصر الزيات، في مقاله بصحيفة المصري اليوم: إن حدسى يُلح علىّ بأن هناك خطة متعمدة لتشويه شباب الثورة، لإفساد ذات البين بينهم وبين الشعب، لكن هذه السياسة لن تقوى على الصمود إزاء مشاهد «سحل» الشباب التى رصدتها كاميرات محايدة بالصوت والصورة، ومثلما فشل مبارك فى استدرار عطف المصريين فى خطابه الشهير بعد موجات الهجوم المتلاحقة على ميدان التحرير، ستفشل أيضا كل محاولات تشويه صورة الشباب الغاضب.
وقالت الصحف إن اللواء عبد المعز إبراهيم رئيس محكمة استئناف القاهرة أصدر قرارا بندب مستشارين اثنين لاستكمال التحقيقات في الأحداث التي وقعت أمام مقر مجلس الوزراء، وما يرتبط بها من وقائع، وذكرت الصحف أن النيابة استمعت لأقوال 182 متهما وأخلت سبيل 59 شخصا من بينهم 22 طفلا تم تسليمهم لذويهم و9 فتيات.
وقالت صحيفة الجمهورية في افتتاحيتها: ليس هذا وقت تبادل الاتهامات فيما تجري الاشتباكات وينزف الدم المصري للأسف بأيد مصرية من هذا الجانب أو ذاك فدماء كل الضحايا غالية علي مصر لم يكن ينبغي سفكها إلا في الدفاع عن أرض الوطن ضد أي معتد خارجي. هذا وقت الحكمة والتعقل ونبذ دعاوي الثأر ونشر الكراهية وإعلاء مصالح الوطن العليا فوق كل الأغراض الشخصية والحزبية والفئوية.
وطالبت الصحيفة بتحقيق مستقل محايد فيما جري من جانب جهات قضائية لا تطولها الشكوك أو تحوم حولها الشبهات وليس من حق جهات أخري كوسائل الإعلام وغيرها أن تحول منابرها إلي إدانة هذا الطرف أو ذاك؛ لأن ذلك يزيد الاحتقان ويذكي النيران.
وذكرت صحيفة المصري اليوم أن 40 شخصية من مختلف التيارات السياسية بمصر نظمت أمس اعتصاما أمام دار القضاء العالي لحين تنفيذ المجلس العسكري مطالبهم المتمثلة بالوقف الفوري للعنف في منطقة ميدان التحرير وعدم التعرض للمتظاهرين.
مطالبين المشير محمد حسين طنطاوى، بصفته القائم بأعمال رئاسة الجمهورية، بإصدار مرسوم بتعيين لجنة تحقيق مستقلة يرأسها المستشار زكريا عبدالعزيز للتحقيق فى أحداث شارعى قصر العينى ومجلس الوزراء، بالإضافة إلى ضرورة الإسراع فى تسليم السلطة لرئيس مدنى فى 25 يناير المقبل.
ونقلت الصحف عن الدكتور أحمد زويل العالم المصري مطالبته للثوار الحقيقيين بوقف التظاهرات والانسحاب من محيط ميدان التحرير ومجلس الوزراء وإعلان هدنة حتى يتم فرز البلطجية والمخربين المندسين وسط الميدان الذين يعملون لصالح جهات داخلية وخارجية بهدف إسقاط مصر.
وتساءل الكاتب أحمد رجب في صحيفة الأخبار: ماذا جري لنا؟ لماذا لم نعد نحترم الكبير؟ لماذا هانت علينا كل القيم؟ حتي لغة الحوار بين الجميع تلوثت وانحطت. بل حتي مصر الأم الغالية التي نحيطها بالحب والإجلال انكشف حبنا لها زيفا وكذبا، فأضرمنا النار في دروبها، وتاريخها، وتراثها، ثم رفعنا اصابعنا بعلامة النصر علي مصر ماذا جري لنا؟ هل أصابتنا لوثة؟ ماذا أقول؟ لا شيء .
وذكرت صحيفة الجمهورية أن حكومة الدكتور الجنزوري قررت في اجتماعها أمس أن يكون الحد الأقصى لدخل العاملين بالدولة 35 ضعفا للحد الأدني، كما قررت الحكومة تأجيل العمل بقانون الضريبة العقارية لمدة عام، علاوة على اتخاذ مجموعة من الإجراءات تستهدف تحسين الأوضاع الاقتصادية السائدة تتضمن إجراء ترشيد في بنود معينة من الموازنة العامة للدولة.
وأشارت صحيفة الأخبار إلى أن مصدر مسئول بالجهاز المركزي للتنظيم والإدارة أكد أن الحد الأقصى لدخل العاملين بالدولة والذي تقرر بواقع 35 ضعف الحد الأدني.. وهو ما يبلغ قيمته 29 ألفا و190 جنيها شهريا.
وأكدت صحيفة الأهرام في افتتاحيتها أن مصر قادرة بكل قواها الوطنية المستنيرة علي وأد أحداث العنف الراهنة, وتجاوز حالة الفوضي الصاخبة.
وقالت الصحيفة: إن من أبرز الوسائل الفعالة لتجاوز الأوضاع المضطربة الحالية, المبادرة باتخاذ إجراءات اجتماعية واقتصادية تستهدف تحرك المجتمع نحو أهداف ثورة 25 يناير ومقاصدها, بحيث تدرك غالبية أبناء الشعب أن احتياجاتهم الأساسية اليومية ستتم تلبيتها.
وقال الدكتور محمد السعيد إدريس، في مقاله بصحيفة الأهرام: إذا صدقنا ما صدر من بيانات رسمية نفت تورط الشرطة العسكرية في صدامات شارع محمد محمود التي وقعت في الشهر الماضي.
وأضاف: لكن الأكثر خطرا من ذلك أن يكون تورط الجيش هذه المرة في الصدامات مع المدنيين الثائرين أو الغاضبين أمام مجلس الوزراء مجرد بداية أو هو كرة الثلج التي يمكن أن تدحرجها الأحداث يوما بعد يوم ليتحول الجيش إلي طرف في صدام مباشر مع الشعب, فإذا حدث ذلك فإن معناه أن السيناريو الكارثي الذي ظل الجميع يتجنبه ويرفضه, قد فرض نفسه.
وأشارت صحيفة الأخبار إلى أنه ستجرى غدا جولة الإعادة في المرحلة الثانية من انتخابات مجلس الشعب التي تجرى في 9 محافظات، يتنافس فيها 118 مرشحا على 59 مقعدا.
ونقلت الصحيفة عن مصدر مسئول تأكيده أن العملية الانتخابية ستستمر دون أي تغيير ومهما كانت الأحداث، مشددا على نية الدولة فتح باب الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية في منتصف أبريل المقبل.