صرح الدكتور زين عبدالهادي رئيس الإدارة المركزية لدار الكتب القومية، بأن النيران التهمت بالفعل 152 ألف خريطة وكتاب تراثيين بالمجمع العلمي، من أصل 192 ألف عنوان كان يضمهم المجمع الذي أسسه نابليون بونابرت ضمن حملته الفرنسية على مصر . وأكد أن موسوعة "وصف مصر" المؤلفة من 194 مجلدا لم ينجو منها سوى 12 مجلدا فقط، ومعظمها محترق للغاية ، لكنه طمأن بأن هناك نسخا أصلية أخرى من الموسوعة وكثير من وثائق المجمع لدى دار الكتب القومية. وقد كتب الموسوعة نحو 160 عالما ضمن الحملة الفرنسية الذين اصطحبهم نابليون بونابرت في جميع التخصصات ، ووضعوا فيها تفاصيل مصر البشرية والجغرافية بدقة شديدة على هيئة دراسات وصور وخرائط، أما مبنى المجمع العلمي – المهدد إثر الحريق بالإنهيار الكامل - فهو أثر إسلامي مسجل منذ 1987 وتم إنشاؤه أيضا بقرار من نابليون بونابرت ويضم وثائق نادرة منها أطلس فنون الهند القديمة ومصر الدنيا والعليا وأطلس ليسوس وليس له نظير في العالم وكان يمتلكه محمد علي والي مصر . وقال د. زين ل"محيط" أن الدار حاليا بصدد إرسال سيارات لنقل دفعة الوثائق والكتب الأخيرة الناجية من حريق المجمع، وأنهم تلقوا في اليومين الماضيين نحو 40 ألف كتاب وخريطة تراثية، لكن 70 في المائة منها في حالة سيئة للغاية ومحترق، ويجري الآن إعادة ترميمها . كما أكد أنه تم تشكيل لجنة أزمات وعقدت جلستها أمس بحضور الدكتور محمد صابر عرب رئيس دار الكتب، والدكتور عبدالواحد النبوي رئيس دار الوثائق القومية، والدكتور زين عبدالهادي، وعدد من خبراء الترميم، وتم الإستقرار على إنقاذ كل الكتب الناجية من الإحتراق اليوم، ونقلها للدار لمدة 3 شهور يجري خلالها ترميمها، ومن ثم التفكير في حفظها بمواقع آمنة . من جانبه، ناشد وزير الثقافة السابق الدكتور عماد أبوغازي كل من يعثر على كتاب أو خريطة من المجمع بتسليمها فورا للشرطة العسكرية أو كنيسة قصر الدوبارة الملاصقة للمجمع ، معربا عن أسفه البالغ من هذه "الكارثة" . أما عضو مجلس أمناء المجمع، الدكتور محمد الجوادي، فاعتبر خلال حديثه للشبكة، أن هناك دلالات على وجود مؤامرة ضد مصر، وأن المسألة لم تأتي عبثا من جانب عدد من البلطجية أو المأجورين، فالمبنى مأمن تأمينا كاملا، وحوله حديقة تكفي لدخول المطافيء التي لا تبعد عن مبنى المجمع سوى أمتار قليلة ، ومع ذلك لم تسعفه وتركته يحترق منذ فجر أول أمس، وهو ملف يجب أن يحال للتحقيق فورا . وأكد الجوادي أن المجمع يضم 150 من أكبر علماء مصر، وبه شعب للإنسانيات والآثار والفلسفة والطب، وقد تم تأسيسه بنهاية القرن الثامن عشر وانتقل في القرن التاسع عشر للإسكندرية ، ليعود عام 1880 للإستقرار بالقاهرة، وقد نجح الدكتور محمد الشرنوبي أمين المجمع الحالي والجمعية الجغرافية، المهددة أيضا حاليا بالإحتراق وتحوي وثائق نادرة وخطيرة، نجح الشرنوبي في تسجيل عناوين هذه المقتنيات على شبكة الإنترنت . وحمل الجوادي حكومة الجنزوري المسئولية كاملة عما جرى من إهدار لتاريخ مصر، خاصة أن المجمع ومقتنياته نادرين، وحذر من أن إسرائيل تقترب من هذا الموقع وعرضت بالفعل شراء مبنى الجامعة الأمريكية الملاصق للمجمع . ومن جانب الأثريين، قال الدكتور علي رضوان رئيس اتحاد الأثريين العرب أنه ليس هناك مجال للتأكيد على أهمية مبنى المجمع الذي يعد من أقدم المجامع العلمية في العالم، ويحوي كتب وخرائط لا تقدر بمال ، وانتقد تشكيل وزير الثقافة لجنة أزمات بعد التهام الحريق للمبنى ومقتنياته فعليا . أما الدكتور محمد الكحلاوي أمين جمعية الأثريين العرب، فتساءل عن دور المجلس العسكري الذي أستأمنه المصريون على ممتلكاتهم، وكيف أنه تقاعس عن حماية منشأ أثري هام مثل المجمع العلمي، وتركه لأعداء الثورة يحرقونه، وقال : أتوقع أن نرى احتراق البنوك الهامة والمتحف المصري طالما لا يوجد رادع لأحد في مصر . ودعا أيضا لوقفة حازمة من الأمن تعيد الإنضباط المفقود للشارع، آسفا من أن تتزامن فترة بناء مصر الحديثة عبر الإنتخابات مع كوارث وحرائق مخططة ، وقد أتت هذه المرة على المجمع الذي يعد من أعظم المواقع الثقافية في مصر وأقدمها .