بدأت صباح اليوم فى أبو ظبى الجولة الرابعة من الحوار بين حكماء الشرق والغرب برئاسة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور احمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، وبحضور جاستن ويلبي رئيس أساقفة كانتربري، رئيس الطائفة الأسقفية الإنجليكانية، وممثلي الطائفة الأسقفية الإنجليكانية، وأعضاء مجلس حكماء المسلمين والذى يعقد. تحت عنوان: "نحو عالم متفاهم متكامل" بالتعاون مع الطائفة الأسقفية الإنجليكانية. وأكد الامام الأكبر الدكتور الطيب فى الكلمة الرئيسية للحوار على ضرورة تحقيق السلام والتفاهم والأخوة بين رجالِ الدين للقيام بدورهم في التبشير بالسلام العالَمي، وإحلال التفاهم محل الصراع، وتحقيق آمال الناس في عالَم متكامِل متفاهم. وتابع الدكتور الطيب أن التقدم العلمي المذهل –لسوء الحظ- لم يواكبه تقدم موازٍ في الأخلاقِ، وأنَّ التطورَ التِّقني –وبخاصةٍ في مجالِ صِناعة الأسلحة الفتَّاكةِ- جاءَ خَالِى الوِفَاض من كل القيم التي تضبط خُطواته في الاتِّجَاه الإنساني الصَّحيح، ولُوحِظَ أنَّ الحروبَ يَزدادُ سَعيرَها وتشتد وطأتُهَا كلَمَا ترقى العلم في سلم التطور، حتى صار التقدم العلمي واندلاع الحروب كأنهما حلقتان مترابطتان، يدعم كل منهما الآخر ويقويه. واضاف الدكتور الطيب "أن مآسي البشرية مردها إلى شيوع الفكر المادي وفلسفات الإلحاد أو السياسات الجائرة التي أدارت ظهرها للأديان الإلهية ، كما أن التقدم العلمي المذهل لم يواكبه تقدم موازٍ في الأخلاق والقيم.. وأن الإسلام الذين أدين به، يرحب بأي جهد يبذل من اجل إسعاد إنسان أو رحمة بحيوان أو حماية لنبات أو جماد". وقال "إن اجتماع اليوم نعول عليه كثيرًا من أجل بناء عالم متكامل متفاهم يعمل على تخفيف ما يعانيه الناس من آلم وفقرٍ ودماء وحروب "- مبينا أن الأزهر بدأ خطوات عملية لتحقيق السلام بين علماء الدين وتجلى ذلك في زيارتنا لكنيسة كانتر بيري وزيارة البابا فرنسيس ومجلس الكنائس العالمي". وقال فضيلة الأمام الأكبر شيخ الازهر الشيخ أحمد الطيب أن أكثرَ المآسي التي باتت تعاني منها البشرية اليوم إنَما مرَدها إلى شيوعِ الفكرِ المادي، وفلسفات الإلحاد، والسياسات الجائرة التي أدارت ظهرَها للأديان الإلهية، وسَخِرَت منها ومن تعاليمها، ثم أخْفقَت إخفاقًا كبيرًا في توفير بدائل أخرى غير الدِّين، تُحقِّق للإنسان قَدْرًا من السعادة، أو أملًا في حياةٍ ذات مغزى وهدف، أو تضمَن له حقوقًا كالتي تضْمنُها له الأديان الإلهيَّة، وفي مقدمتها: حقُّ العدلِ والمُساواةِ، وحقُّ الحريَّة وحقُّ الاختلافِ. وطالب الطيب بالعودةِ لجوهرِ الأديانِ الالهية وتعاليمِها الإنسانيَّةِ والخُلُقيَّة، بعد أن جرَّبت الكثيرَ والكثيرَ مِمَّا كادَ يُشْرِفُ بها على هلاك مُحقَّقٍ ودمارٍ شاملٍ، وبعد أن استبدَّت هذه التجارب بمصائر الشعوب وحقوقها ومُقدَّرَاتها، ورهنتْها بسياسةِ القُوَّة والغطرسة وفلسفة التوسُّع، وشهوة التسلُّط، وجموح الفرديَّة والأنانية. واوضح شيخ الازهر فى كلمته ان حوار اليوم يعتبر أول اجتماعٍ من نوعهِ ينعقد في الشَّرقِ العربي، وتحديدًا في دولةِ الإمارات، مشيدا بالقيادة الرَّشيدة،لدولة الامارات وحِكمةِ القائمين على أمورِها، باعتبارها نموذجًا يُقتدى به في الانفتاح المتوازن والتطوُّر المحسوب بدقَّةٍ، والجمع بين القديم والجديد، والأصالة والمعاصرة، والتُّراث والحداثة، في انسجامٍ دقيقٍ، وتناغُمٍ يقِلُّ نظيرُه في نماذج الدُّوَل التي تحاولُ أنْ تأخذ طريقها نحو الرُّقي والنُّهوض. وأشار إلى دور الأزهر فى تحقيق السلام الدينى فى العالم فبدأ أولى الخطوات العملية على هذا الطريق الطويل بزيارة رسمية لكنيسة كنتربري، ثم جاءت خطوة الأزهر الثانية باتجاه حاضرة الفاتيكان وزيارة البابا فرنسيس، في 23 مايو 2016م، ثم كانت الرحلة الأزهرية الثالثة باتجاه مجلس الكنائس العالمي بجنيف، خلال الفترة من 30 سبتمبر إلى 2 أكتوبر 2016م،متوقعا -أن تسهم هذه الزيارات كثيرًا في تخفيف آلام الفقراء والبائسين والمحترقين بنيران الحروب العبثية، والسياسات المنحرفة عن جادة الدين والخلق والضمير. وأعرب شيخ الأزهر عن أمله فى أن ينسى المشاركون فى الحوار الماضي وما يبعثه هذا الماضي من كراهية وضغائن، وأن ينظروا فلسنا مسئولين أمام الله تعالى عما مضى، بل –وبكل تأكيد-سوف يسألنا عن زماننا هذا الذي نعيش فيه وعن واجبنا تجاهه، وعن أمانتنا التي اؤتُمِنَّا عليها نحو خَلْقِ الله . وقال شيخ الأزهر " كلي يقين أن كلًا مِنَّا يحمل بين جنباته عزيمة صلبة ويقينًا ثابتًا، وأملًا لا محدودًا ، في أن جهودنا المشتركة سوف تؤتي ثمارها يانعة في المستقبل القريب ، مبينا أن الإسلام يُرَحبُ أوسَع الترحيب بأيِّ جهدٍ يُبذَل من أجلِ إسعاد الجميع وتناقش جلسات الحوار التي تنعقد على مدار يومين العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك؛ منها: التعددية الدينية، ومبادرات وتجارب في العيش المشترك والتسامح، إضافة إلى دور الأديان في تعزيز المواطنة، كما تعقد جلسة خاصة لغرض المبادرات الناجحة مثل مبادرة بيت العائلة المصرية. يذكر أن الحوار بين حكماء الشرق والغرب انطلق في يونيو 2015 بمدينة فلورنسا الإيطالية بمبادرة من مجلس حكماء المسلمين بهدف نشر التعايش والسلام، فيما احتضنت باريس الجولة الثانية من هذا الحوار الذي انعقدت ثالث جولاته في مدينة جنيف بسويسرا مطلع أكتوبر الماضي.