"مأرب محطة للذي يسافر بعين عاشق أو جناح طائر" .. هكذا تغنوا في وصفها، ومأرب عاصمة أعظم الدول اليمنية القديمة وهي مملكة سبأ، التي نشأت قبل القرن العاشر ق.م. وإمتدت مملكة سبأ من شواطيء البحر الأحمر والحبشة وضمت جنوب جزيرة العرب، حيث تقع اليمن الحالية واستمرت حتى سقوطها باستيلاء الدولة الحميرية عليها في أواخر القرن الثالث بعد الميلاد، وكان أوج ازدهارها في القرن الثامن ق.م.
ولقد أثبتت الدراسات الأثرية أن الإنسان قد أستوطن أراضي مأرب منذ عصور غابرة، وهو ما تشهد عليه آثار هذه المملكة العظيمة، التي ذكرت في القرآن الكريم بل وتحمل إحدى سوره اسمها، وأشهر قصص هذه المملكة قصة الملكة بلقيس ونبي الله سليمان.
وتقع مدينة مأرب القديمة إلى الجنوب من مدينة مأرب الجديدة، وكانت تشمل على سور محيط بها يحتوى في داخله منشآتها المختلفة مثل المعابد، الأسواق، المنازل السكنية ...
ومن أهم أثارها مسجد سليمان : ارتبطت تسميته بالنبي سليمان، عليه السلام،وهذا المسجد قد اندثر معظم سقفه وبعض أجزائه خاصة الغربية، ولم يعد يستخدم للغرض الذي أنشئ من أجله .
سد مأرب العظيم يعود تاريخ سد مأرب القديم إلى القرن الثامن قبل الميلاد، وهو معلم أساسي للحضارة السبئية منذ البداية مرورا بذروة الازدهار وحتى لحظات الانهيار ثم تصدع على أثرها.
ويعتبر هذا السد أشهر آثار اليمن وأعظم بناء هندسي قديم في شبة الجزيرة العربية. وقد بني في ضيقة بين البلق الشمالي والبلق الجنوبي على وادي ذنة، الذي تجري إليه السيول من مساقط المياة في المرتفعات المحاذية له شرقا على امتداد مساحة شاسعه من ذمار ورداع ومراد وخولان .ولازالت البوابة الجنوبية قائمة حتى وقتنا هذا.
معبد عرش بلقيس يقع معبد عرش بلقيس "برأن" أو ما يطلق عليه معبد الشمس إلى الجنوب الغربي من مدينة مأرب القديمة. الذي ألهب قريحة الشعراء والمبدعون اليمنيون.
وتم الكشف عن معبد الشمس بعد نحو 13 عاماً من أعمال التنقيب والحفر. وبخصوص هذا الكشف الأثري قال فريق التنقيب الأثري الألماني برئاسة بوركهارد فوكت رئيس المعهد الألماني للآثار بصنعاء :"عندما بدأ التنقيب لم يكن قد تبقي من عرش بلقيس سوي تل منخفض يرتفع عند الحقول المجاورة بحوالي ثلاثة أمتار ويبرز في أعلاه صف من الأعمدة تنتشر حوله أحجار البلق المهدمة وبعض العناصر المعمارية المتكسرة، وخلال أربعة مواسم من أعمال الحفر والتنقيب تلتها عملية تثبيت وترميم المعالم بكل عناية بعون مالي ألماني، أصبح المعبد عرش بلقيس مهيأ لاستقبال الزوار ومفتوحاً لعامة الناس".
ويشكل معبد "الشمس" اليوم على أرض مأرب بأعمدته الستة وساحته وبيت الصلاة وأروقته الفسيحة معلماً بارزاً للحضارة السبئية القديمة إلى جانب البوابة الخارجية المنحوتة من كتل صخرية يبلغ ارتفاع الواحدة منها أكثر من ثمانية أمتار، وكذلك الدرج الذي يؤدي إلى داخل المعبد المقابل لمجمع العرش "عرش بلقيس" وفق نظام معماري فريد ونادر ومتين يوحي بالروعة والجمال وعظمة الحضارة العربية في البناء والتشييد يخرج من تحت رمال ظلت تتراكم عليه آلاف السنين لتخفي واحداً من أهم معالم الحضارة القديمة في العالم.
معبد القمر يقع معبد محرم بلقيس " أوام" أو معبد القمر إلى الجنوب من مدينة مأرب القديمة على الضفة الجنوبية لوادي أذنة وهو بناء كبير وضخم، تغطي الرمال معظم المنشأة المعمارية وبشكل كثيف .
وكان فريق من الخبراء الأمريكيين قد اكتشفوا بالقرب من معبد "الشمس" في مأرب معبد "القمر" الذي يعده خبراء الآثار أعجوبة الدنيا الثامنة.
وتعد الملكة بلقيس أسطورة تاريخية. فقد جلست على عرش الحضارة السبئية بعراقتها وقوة نفوذها الحضاري الذي امتد تجارياً وعسكرياً إلى مناطق القرن الإفريقي غرباً وبلاد الشام شمالاً حتى مصر وغزّة وما وراء النهرين.
يذكرأن بلقيس ملكة حكمت اليمن في القرن العاشر قبل الميلاد واتخذت من مدينة سبأ عاصمة لمملكتها، وكانت تعبد الشمس هي وقومها، ورآها هدهد نبي الله سليمان، عليه السلام، فأخبره بأمرها، فأرسل سليمان إليها رسالة يدعوها للإسلام، فأرسلت له هدية عظيمة، ولكن سليمان ردّ تلك الهدية وتوعدهم بحرب لا قبل لهم بها.
فلما علمت بلقيس بقوة سليمان ورسالته الدينية ذهبت إليه، وأعلنت إسلامها هي وقومها. وبعد أن أعلنت الملكة بلقيس إسلامها، وآمنت هي وقومها بالله الواحد ، تزوجت من نبي الله سليمان عليه السلام ، وعاشت معه مدة من الزمن تعبد الله وحده.