عاشور يؤكد ضرورة تحقيق التكامل داخل منظومة التعليم المصرية    البريد يصدر طابعا تذكاريا لمرور 100 عام على تأسيس نادي السيارات المصري    رئيس جهاز القاهرة الجديدة يتفقد مشروعات سكن مصر ودار مصر وجنة    وزير النقل يترأس الجمعية العمومية العادية لشركات النقل البحري لاعتماد الموازنة التقديرية    مكتب نتنياهو: مسودة اقتراح صفقة تبادل الأسرى مع حماس لا تحتوي على أي بند لوقف الحرب    فيضانات ودرجات حرارة تتخطى ال50 فى سريلانكا والهند تتسبب فى مصرع العشرات    جدول مباريات اليوم.. وديتان في أول أيام الأجندة الدولية    شريف العريان: أتوقع حصد 6 ميداليات في أولمبياد باريس 2024    التحريات تكشف ملابسات مصرع شخص فى حريق شقة بحلوان    وصول مدير حملة أحمد طنطاوي إلى المحكمة للمعارضة على حكم حبسه    أول تعليق من التعليم على زيادة مصروفات المدارس الخاصة بنسبة 100 ٪    مصادر طبية فلسطينية: 21 شهيدا منذ فجر اليوم في غارات إسرائيلية على غزة    المجلس النرويجي للاجئين: بوركينا فاسو الأزمة الأكثر إهمالاً في العالم    إعلام فلسطيني: مدفعية الاحتلال تستهدف منطقة المغراقة وسط قطاع غزة    أسعار البيض اليوم الاثنين 3-6-2024 في الأسواق    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الاثنين 3 يونيو 2024    محمد الشناوي يحرس عرين منتخب مصر أمام بوركينا فاسو في تصفيات المونديال    محمد الشناوي يرفض عرض القادسية السعودي    تراجع معدل التصخم في إندونيسيا خلال الشهر الماضي    «الأرصاد»: محافظات الصعيد الأكثر تأثرا بالموجة شديدة الحرارة اليوم    رئيس البعثة الطبية للحج: جاهزون لاستقبال الحجاج.. وفيديوهات إرشادية للتوعية    كشف غموض العثور على طفل مقتول داخل حظيرة «مواشي» بالشرقية    السكة الحديد تعدل تركيب عدد من القطارات وامتداد أخرى لمحطة القاهرة    القاهرة الإخبارية: غارات جوية إسرائيلية تستهدف المناطق الشمالية لخان يونس    مخرجة «رفعت عيني للسما»: نعمل في الوقت الحالي على مشاريع فنية أخرى    مدينة الدواء المصرية توقع شراكة استراتيجية مع شركة أبوت الأمريكية    خلال يومين.. الكشف وتوفير العلاج ل1600 مواطن ببني سويف    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الإثنين    شرف عظيم إني شاركت في مسلسل رأفت الهجان..أبرز تصريحات أحمد ماهر في برنامج "واحد من الناس"    5 فصول من مواهب أوبرا دمنهور في أمسية فنية متنوعة    مصرع شخصين وإصابة 5 آخرين في حادث تصادم بأسيوط    صباحك أوروبي.. صفقة ليفربول الأولى.. انتظار مبابي.. وإصابة مدافع إيطاليا    الأنبا فيلوباتير يناقش مع كهنة إيبارشية أبوقرقاص ترتيبات الخدمة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 3-6-2024    حريق كبير إثر سقوط صواريخ في الجولان المحتل ومقتل مدنيين جنوب لبنان    بالفيديو.. أول تعليق من شقيق المفقود السعودي في القاهرة على آخر صور التقطت لشقيقه    سيدة تشنق نفسها بحبل لإصابتها بأزمة نفسية بسوهاج    كلاوديا شينباوم.. في طريقها للفوز في انتخابات الرئاسة المكسيكية    كيفية حصول نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بني سويف    ارتبط اسمه ب الأهلي.. من هو محمد كوناتيه؟    أفشة: هدف القاضية ظلمني.. وأمتلك الكثير من البطولات    أحداث شهدها الوسط الفني خلال ال24 ساعة الماضية.. شائعة مرض وحريق وحادث    أفشة يكشف عن الهدف الذي غير حياته    عماد الدين أديب: نتنياهو الأحمق حول إسرائيل من ضحية إلى مذنب    متحدث الوزراء: الاستعانة ب 50 ألف معلم سنويا لسد العجز    أمين سر خطة النواب: أرقام الموازنة العامة أظهرت عدم التزام واحد بمبدأ الشفافية    محمد الباز ل«بين السطور»: «المتحدة» لديها مهمة في عمق الأمن القومي المصري    فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وفقا لما جاء في الكتاب والسنة النبوية    «رئاسة الحرمين» توضح أهم الأعمال المستحبة للحجاج عند دخول المسجد الحرام    وزير الصحة: تكليف مباشر من الرئيس السيسي لعلاج الأشقاء الفلسطينيين    إنفوجراف.. مشاركة وزير العمل في اجتماعِ المجموعةِ العربية لمؤتمر جنيف    مصرع 5 أشخاص وإصابة 14 آخرين في حادث تصادم سيارتين بقنا    تنخفض لأقل سعر.. أسعار الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم الإثنين 3 يونيو بالصاغة    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    دعاء في جوف الليل: اللهم افتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به الإيمان في قلوبنا    الفنان أحمد ماهر ينهار من البكاء بسبب نجله محمد (فيديو)    إصابة أمير المصري أثناء تصوير فيلم «Giant» العالمي (تفاصيل)    حالة عصبية نادرة.. سيدة تتذكر تفاصيل حياتها حتى وهي جنين في بطن أمها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أول مدينة بناها سام بن نوح بعد الطوفان‏
صنعاء انتفاضة غضب تهز الجبال و الوديان

شعور جارف يدفعك هنا بقوة نحو الماضي العريق‏,‏ ويظل يعتريك حتما وأنت تخطو بثقة فوق تراب تلك المدينة‏,‏ بين جبالها ووديانها‏,‏ فوق تلالها وهضابها الشاهقة التي تلامس السحاب في خيلاء ودعة‏,‏ كما يصاحبك أيضا إحساس عميق بالفخر وأنت في قلب هذا المكان الذي يعد أصل العرب ومرابط خيلهم. وشاهد علي انتصارتهم وانكساراتهم في حروب العزة والكرامة والفخار, وفي ذات الوقت لابد أن لسان حالك يقول: كم هو رائع تاريخ العرب وأمجادهم, وحين تسرد ذلك التاريخ العظيم وأنت في قلب صنعاء تستشعر- للأسف- عظمة أمة وقد أصابها الوهن في زمان تقدمت فيه كثير من الأمم, وصدق القائل: ليس الفتي من يقول كان أبي إن الفتي من يقول هاأنذا, فالكثيرون منا يظل يلوك تاريخا قد مضي دون النظر إلي خزي يلفنا وحروب تقطعنا وتشرذم مقيت يبعدنا عن جوهر حضارتنا التي أذهلت البشرية منذ فجر التاريخ, ومازالت بعض آثارها شامخة كشاهد حي حتي يومنا هذا لتجدد فينا الأمل.
علي أية حال لا تنفعنا الاتكاءة, وليس من فائدة أن نجلس في الطرقات ونستمع لإبداعات وبطولات عظمائنا الأول دون أن نخط بايدينا حضارة شبيهة, فما فائدة أن نتقاتل بين سني وشيعي وجنوبي وشمالي, نحرق الأخضر واليابس في أرض اليمن السعيد قديما- التعيس حديثا- بحثا عن بوادر أمل قريب علي طريق الحرية جراء فعل أحفاد أتوا علي كل جميل صنعه الأجداد لتتحول ساحة التغيير: إسم أطلقه المحتجون من الثوار الشباب المعارضين لنظام الرئيس علي عبدالله صالح علي ساحة الحكمة المقابلة لبوابة جامعة صنعاءأمام مجسم تمثال الحكمة اليمنية لتتحول إلي مكان للاعتصام ولانطلاق المظاهرات في انتفاضة غضب تهز الجبال والوديان منذ اندلاعها مطلع عام2011 م.
مدينة سام بن نوح
لابد من صنعاء وإن طال السفر.. عبارة بليغة قالها الإمام الشافعي ذات يوم عندما وطأت قدماه تلك المدينة ولم يمر عليها شاعر أو خطيب أو أديب إلا وتغني بجمالها ورونقها الذي ربما يجافي الحقيقة الآن وهو ماجعل الشاعر الدكتور عبد العزيز المقالح أن يتشرف نبوءة مايحدث في صنعاء حاليا حين قال عام1973 في ديوان كامل عن مدينته ناعتا ومبشرا وكأنه يقف الآن في ساحة التحرير مرددا مع الثوار:
لا بد من صنعاء وإن طال السفر
لا بد منها.. حبنا.. أشواقها:
تدوي حوالينا: إلي أين المفر؟
إنا حملنا حزنها وجراحها
تحت الجفون فأورقت وأزكي الثمر
وبكل مقهي قد شربنا دمعها
الله ما أحلي الدموع وما أمر
وعلي المواويل الحزينة كم بكت
أعماقنا وتمزقت فوق الوتر
ولكم رقصنا في ليالي بؤسنا
رقص الطيور تخلعت عنها الشجر
صنعاء وإن أغفت علي أحزانها
حينا وطال بها التبلد والخدر
سيثور في وجه الظلام صباحها
حتما ويغسل جدبها يوما مطر
صنعاء التي تضرب بجذورها في عمق التاريخ العربي والإنساني, وتقع وسط الهضبة اليمنية بين جبلين مشهورين هما جبل نقم شرقا وجبل عيبان غربا بارتفاع يبلغ2200 مترا فوق سطح البحر, وهو مايجعلها تمتاز بمناخ معتدل صيفا وبارد في الشتاء, ويعود تاريخ صنعاء إلي زمن سام بن نوح, وربما لفتنة وسحر وبهاء طبيعتها فقد أسسها كأول مدينة بنيت بعد طوفان نوح عليه السلام ومن هنا جاءت تسمية صنعاء بمدينة سام نسبة إليه, ونظرا لعدم وجود تاريخ محدد لتأسيس المدنية فإن أسماءها قد تعددت فإلي جانب إسم مدينة سام فقد عرفت باسم آزال نسبة إلي آزال بن يقطن بن العبيد بن عامر بن شالح- حفيد سام بن نوح- وظلت صنعاء تعرف باسم مدينة آزال في الجاهلية وما زال معروفا حتي اليوم. ويؤكد المؤرخون هذا الاسم اعتمادا علي ورودها في التوارة به.
وتعد صنعاء من أقدم مدن العالم وهي مسجلة من قبل اليونسكو ضمن أهم25 معلما تاريخيا في العالم وتتميز بمعمارها التقليدي ومبانيها الجميلة ومنازلها التي يعود تاريخ بنائها بعضها إلي أكثر من500 سنة ومازالت مسكونة حتي اليوم, وماتزال عامرة بمتنزهاتها وحقولها الصغيرة لزراعة الخضروات وزخرفة الجدران الخارجية للبيوت بمادة النورة الجبس المحترق.
جبال وكثبان
نحن الآن علي مشارف صنعاء حيث تبدو لأول وهلة مطوقة بجبال وكثبان وأراض زراعية ممتدة لو أنها كانت مزروعة بالمحاصيل والفاكهة لسلبت وسحرت الألباب قبل العيون, خاصة أنها ترقد بين الجبال والأودية التي تتسع لتنفتح علي الدنيا من ناحية, ومن الجهة الأخري تضيق إلي حد أنها تحرم علي الغريب أن يري من سحرها إلا القليل, رغم أن قاطنيها عرفوا بالآصالة والكرم وطيب النفس والأخلاق والوداعة التي تبدو في تلك البيوت التي تسكن بطن الجبال وتعلو فوق قممها الشاهقة لتؤكد جسارة الإنسان اليمني في تحدي الطبيعة الوعرة وصنع حضارة من فتات.
تبدو دروب صنعاء وأزقتها وساحاتها, مألوفة لعاشق مثلي إعتاد عليها واعتادت عليه بحكم زيارتي لها مرات عديدة, فحين أعبر من مكان الي آخر لابد وأن أسأل نفسي كم من الذكريات مرت هنا في هذا المكان خلال الرحلة الماضية؟, وكم من قوافل الايام اناخت ركائبها في هذه الأرض بعدما تركتها مغادرا منذ سنوات قليلة, وهانذا أعود إليها من جديد أقلب صفحاتها وأقرأ تحت كل صخرة سطورا من التاريخ, وأغترف زادا معتقا من تلك الأمجاد التي بزغت من هنا, فكل حجر في اليمن له حكاية موغلة في القدم, حتي بيت الحجر أو قصر العجائب كما يطلق عليه, كان يكتب حكايته التي قامت أنقاض قصر سبئي قديم, والذي كان يعرف بحصن ذي سيدان, كان يحكي عن الذين هدموه وأولئك الذين أعادوا بناءه مرات ومرات, فضلا عن تلك الاضافات المهمة التي شيدها الإمام يحيي بن حميد الدين, بعد أن توارثه عدد من الملوك اليمنيين الذين تعاقبوا علي حكم البلاد.
هيا معي لنطلق عنان الخيال ونحن في طريقنا لهذا القصر, حيث يمر ببعض البيوت المأهولة بالسكان, والتي أقيمت علي جانبي الطريق الترابي, ويحلو للزائر هنا أن يمر علي أكشاك بيع ثمار التين الشوكي والفواكه المجلوبة من المزارع المنتشرة في ضفتي وادي ضهر والتي تتناثر علي ذات الطريق, بينما ابتسامات الصبية تعلو جباههم مصحوبة بعبارات الترحيب, لكن جمال المشهد يبدو حين نتجه بأبصارنا نحو ارتفاع القصر, حيث بناؤه العجيب, وفخامته التي تدلك علي بدائع العمارة اليمنية, وانظر بدهشة وذهول أكبر علي الشجرة الكبيرة والمعمرة التي تقف في خيلاء إلي يمين بوابة دار الحجر, والتي يصل محيط جذعها إلي ثلاثة أمتار, ويبلغ عمرها أكثر من700 عام.
قصر العجائب
حين تقصد صنعاء لابد أن تأتي هنا للغوص قليلا في عمق المدينة عبر هذا القصر الذي يعد عجيبة من عجائب الزمان والمكان إنه قصر دار الحجر الذي بني علي صخرة يبلغ ارتفاعها من قاعدتها إلي سطحها حوالي73 مترا, ويتميز باختلاف واجهاته الأربع, وفي مقابل كل نافذة أو شرفة يبدو لك من الداخل منظرا مغايرا للوادي المطل عليه, لكن التناغم هو سمة واضحة للقصر بأدواره السبعة مع ذلك التكوين الطبيعي للصخرة المقام عليها, بحيث تري القصر وكأنه منحوت من الصخرة نفسها, وعند دخولك من بوابة القصر الرئيسية, إلي الباحة الواسعة في قلبه, والتي بها عدة ملحقات تابعة للقصر, أبرزها جناح استقبال خارجي يدعي الشذروان, وهو عبارة عن مبني منفصل قبالة القصر من الجهة الغربية, يتكون من مجلس صيفي, له ساحة خاصة بها ثلاث نافورات للمياه تبدو في هيئتها كأنها قطعة من جنة رضوان حين تمنحك البهجة وراحة الأعصاب جراء مشقة الصعود للجبل.
لكن الأجمل هو القصر نفسه, فبعد الالتفاف حول الصخرة المبني عليها, يستقبلك باب خشبي سميك, ويفضي الدرج المنحوت بعد هذا الباب إلي جناح الاستقبال في الطابق الأول, ويتكون من صالة رحبة وبعض الغرف الملحقة, بينما يوجد في الطابق الثاني ردهة يخرج منها إلي خارج البناء الرئيسي للقصرحتي تتمكن من الوصول إلي رواق مكشوف منحوت في الصخرة وملتو عليها, فضلا عن وجود قبور صخرية منحوتة تعود الي ما قبل التاريخ, وينتهي الممر بغرف قديمة النحت, لها نوافذ مطلة علي الوادي, استخدمت للحراسة والقنص, لصعوبة تحديد مكانها من خارج الصخرة, وهذا الجزء من بقايا القصر السبئي الذي أقيم علي أنقاضه هذه القصر علي مراحل تاريخية مختلفة باختلاف حكام اليمن.
أما منتصف الممر بين الغرف الصخرية فيوجد به بئر بفتحتين, تشقان قلب الصخرة, كما توجد غرفة صغيرة كانت مخصصة ل( الدويدار) وهو لفظ تركي يطلق علي مستخدم دون سن الحلم, أما الطابق الرابع فقد خصص قسم منه كجناح لولي العهد, به غرفة مربعة وخزنة كبيرة مرتفعة الفتحة, يمكن الوصول إليها من خلال سلم مبتكر, تغوص درجاته الخشبية في عمق الخزنة, وهناك في القسم بعض غرف خصصت للجواري والخادمات, وفي الطابق ذاته توجد مطاحن الحبوب الحجرية كما توجد أيضا الشرفة الظاهرة في الجهة الشرقية للقصر.
وينقسم طريق الطابق الخامس إلي قسمين: قسم خاص يؤدي مباشرة إلي الطابق السادس, حيث الجناح الخاص بالإمام, دون أن يمر بالطابق الخامس المخصص مع جزء من السادس لأجنحة نساء القصر, ويتكون من عدة غرف للنوم وملحقاتها, مع مجلس واسع, نوافذه عبارة عن مشربيات لا تسمح بالرؤية من الخارج إلي الداخل.
بينما يؤدي الدرج الخاص بجناح الإمام, والمكون من غرفة ركنية, مطلة علي جهتي الشرق والشمال, لتوفر جوا باردا خلال فصل الصيف, أجمل مايلفت نظرك هنا بورتريه علي أحد جدران الغرفة متخيل للإمام يحيي بريشة فنان إيطالي, وبالطبع تحف القصر بعض المنازل, التي كان يقطنها كاتب الإمام وبعض حاشيته من الوزراء والحرس, إلي جانب مسجد صغير بناه الإمام, وإلي الغرب منه يقبع حمام البخار الخاص بالإمام, الذي كان يستخدمه في فصل الصيف.. إن متعة المشاهدة لاتنتهي هنا في قصر العجائب ذلك الذي يطلع عليه دار الحجر.
قرية غيمان
ومن قصر العجائب نصحبكم في رحلة المتعة الصنعنية عبر بعض المعالم السياحية والأثرية, ونبدأ الرحلة من قرية غيمان وهي تقع في جهة الشرق من مدينة صنعاء علي بعد30 كم من مركز المدينة, وقد ورد ذكرها في كثير من النقوش اليمنية القديمة إذ أنها كانت حضارة الملوك التبابعة ومازالت آثارها شاهدة علي المستوي الحضاري الذي وصل إليه اليمنيون القدامي, وفي غيمان يمكن مشاهدة بعض المقابر الملكية للتبابعة وخزانات المياه الكبير الذي يختلف عن بقية الخزانات المتعارف عليها في الحضارة اليمنية القديمة, حيث نجد أن تلك الخزانات قد حفرت في الجبال وحجبت عنها الشمس منعا للتبخر كما يوجد في القرية كثيرا من آثار القصورالشاهدة علي بدائع العمارة اليمنية.
حصن ذي مرمر
منطقة تسمي شبام الغرس أثرية وتاريخية تذكرها النقوش اليمنية القديمة وقد اشتهرت قديما بصناعة الجص وألواح المرمر, وهناك أثار تشهد في مكان المدينة الحالية علي حضارة عظيمة كانت هنا, وتقع شبام الغراس إلي الشمال الشرقي من مدينة صنعاء علي بعد18 كم تقريبا, ومن أهم أثارها ذلك الحصن المطل علي شبام مباشرة, والذي يسمي حصن ذي مرمر وقد كان يعتبر مركزا من أهم مراكز التجارية الهامة والتي سيطرت عليها القوافل التجارية وتشهد علي ذلك بقايا لمعبد آثار إسلامية داخل الحصن وتكثر قي المناطق القبور الصخرية التي نقرت في الصخرة, وفيها اكتشفت أيضا المومياء المحنطة الموجودة حاليا بمتحف الآثار بجامعة صنعاء لتؤكد امتزاج أكثر من حضارة في هذا المكان.
جبانة صنعاء
تقع في الجهة القبلية خارج صنعاء وهي مصلي العيدين وهي أول جبانة عمرت في اليمن علي عهد الرسول صلي الله وعلية وسلم وبانيها فروة بن مسيك المرادي صاحب رسول الله صلي الله علية وسلم, وقال الرازي في تاريخ اليمن أن الرسول صلي الله علية وسلم أمر فروة بن مسيك المرادي أو أبان بن سعيد أن يتخذ مسجدا في صنعاء في بستان بأذان, وفي أيام عمارة الجبانة وضع فروة بن مسيك المرادي أساس مسجده المعروف قرب الجبانة وكان يجلس فيه أيام عمارة الجبانة.
كما ذكر الرازي أيضا أن الجبانة جدد بناءها أيوب بن يحيي الثقفي أيام الوليد بن مروان الأموي آخر المائة الأولي للهجرة, ثم لما تولي القضاء في صنعاء سليمان بن محمد النقوي أصلح ما تشعب من بناء الجبانة في سنة280, ثم جدد إصلاحها القاضي محمد بن حسين الاصبهاني في سنة407, وحواها بالجص والحجارة.
متنزهات ومسارح
ولقاصدي التنزه والاستمتاع بالفنون هناك اختيارات كثيرة حيث تتنوع في مدينة صنعاء العديد من المنتزهات في مواقع مختلفة, وتختلف باختلاف مقاصدها, فهناك منتزه ومسبح عطان ومنتزه صنعاء القديمة ومنتزه الشام شارع الزبيري, أما عن المسارح وقاعات الفنون فتمتلك مدينة صنعاء عدد من المسارح وقاعات العرض الفني كالمسرح الوطني لوزارة الأعلام وقاعة المركز الثقافي وقاعة ومسرح مركز الدراسات والبحوث اليمني, وقاعة جمال عبد الناصر في جامعة صنعاء, وهناك النصب التذكارية التي تشمخ في ميادين ومواقع هامة ومنها: النصب التذكاري ميدان التحرير, النصب التذكاري للجندي المجهول بميدان السبعين, النصب التذكاري للشهيد المصري والقبر الصيني.
الروضه
منتزه صنعاء في موسم العنب وتقع شمالها علي بعد9 كم من المدينه, وقد اشتهرت الروضة بحدائق العنب الذي لايفوق غيرها في هذه الروضة وفيها أيضا نحو عشرين مسجدا أهمها الجامع الكبير الذي يعود تاريخه إلي القرن الحادي عشر من الهجره ويمكن للزائر أن يشاهد أحد القصور التاريخية والذي حول مؤخرا الي مبني حكومي في نفس المكان.
وادي ظهر
وهو من الأوديه المشهورة الواقعة شمال غرب مدينه صنعاء يبعد عنها بمسافة14 كم ويبلغ طوله6 كم ويعتبر من أجمل الأودية التي تحيط بصنعاء العاصمة ويمتاز بمزارع العنب والفواكه ويتمتع بطيب هوائه وجمال المناظر, وتشرف علي منتصفه دار الحجر.
حده
وتقع جنوب مدينه صنعاء علي بعد8 كم وهي منطقه خضراء تزرع مدرجاتها الزراعيه العديد من أنواع الفواكه, ويمكن مشاهدة الطواحين القديمة التي مازات تعمل بقوه اندفاع المياه حتي الآن, ويرجع تاريخها إلي الفتره العثمانية ومن قرية حده يمكن مشاهده العديد من القري مثل: سنع وبيت بوس, وقد توسعت حركه النمو العمراني فيها حتي أصبحت أحد أحياء صنعاء الجديده.
حمامات قديمة
وللباحثين عن الاسترخاء هناك بعض الحمامات التي تجلب لك الراحة والاسترخاء في مدينة صنعاء, والتاريخ يذكرأن اليمنيين عرفوا الحمامات قبل الإسلام وكانت تبني بجانب المعابد وبنيت بجوار المساجد بعد ظهور الإسلام وذلك لصلتها بالنظافة والطهارة حيث باتت مظهرا حضاريا للمدينة العربية والإسلامية في عصر الازدهار, وللحمام عند اليمنيين خصوصيات متميزة عن غيرها وظلوا محافظين عليها علي مر العصور.
وتنتشر في صنعاء القديمة وخارجها العديد من الحمامات ويذكر أنه كان يوجد12 حماما في مدينة صنعاء القديمة عام991/381م, لم يبق منها سوي بعض الحمامات العامرة, ومن اقدم الحمامات العامرة و أكثرها شهرة: حمام السلطان ويحمل اسم بانية السلطان طغتكين بن أيوب, حمام الشكر ذ ز1569/977س- مبعوث سلطان الهند إلي الوالي العثماني علي اليمن وسمي باسمة, حمام الميدان- ويعود تاريخ بنائه إلي1012/988 هبناة الوالي العثماني حسن باشا الوزير, حمام الجلا- ويرجع تاريخه إلي ما قبل القرن العاشر للهجرة, حمام المتوكل والذي بناه الإمام المتوكل عام1128 ه/1012ب.
متاحف وتاريخ
بعد قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر بقيادة الرئيس علي عبدالله صالح المطلوب إقصاؤه عن الحكم حاليا من قبل شباب الثورة الحالية- أنشأت الدولة العديد من المتاحف الوطنية والمتخصصة والمعارض التي تحوي بداخلها الكثير من القطع الأثرية والمنحوتات القديمة والتراث الشعبي والأسلحة القديمة التي تعكس الماضي القديم والعريق والأصالة والتراث الشعبي الحضاري للإنسان اليمني عبر مراحل السنين ويستطيع زائر صنعاء أن يقف من خلالها علي هذا الماضي العريق ومنها: المتحف الوطني ويقع المتحف الوطني في ميدان التحرير وتأسس عام1970م في دار يسمي دار الشكر بالقرب من ميدان التحرير- مركز المدينة- وقد انتقل مؤخرا إلي مبني دار السعادة الواقع بجانب دار الشكر وقد اختير دار السعادة لتكون متحفا وطنيا للجمهورية اليمنية نظرا لاتساعها وموقعها الحيوي الهام, ويحتوي علي آثار يمنيه قديمة جمعت من مواقع أثريه متعددة, ويتكون من أربعة طوابق خصصت غرفه لعرض التحف والآثار النادرة.
المتحف الحربي
تأسس عام1975 م ويقع في ميدان التحرير شارع جمال عبد الناصر وقد أقيم في مبني يعتبر في حد ذاته تحفة أثريه جمعت بين روعه الفن المعماري والتصميم العثماني, ويعني المتحف بجمع وتوثيق وحفظ وعرض التراث العسكري بكل أشكاله إلي جانب أنه يقوم بدوره كمركز بحث ودراسة وتوثيق للحركه الوطنيه والأحداث الهامة, إلي جانب إبراز دور اليمنيين عبر الغزوات والفتوحات الإسلاميه والمعارك التي خاضها الشعب للدفاع عن أرض اليمن, ويحتوي علي إثني عشر قاعة لعرض القطع الأثريه وفناء تتواجد فيه بعض المعدات الحربية.
الموروث الشعبي
هو واحد من المتاحف المتخصصة ويقع في ميدان التحرير مبني دار الشكر- المتحف الوطني سابقا- وتأسس عام1991 م ليكون إلي جانب متحف الفن الحديث وسمسره النحاس وصنعاء القديمة, ومعروضات هذا المتحف تعكس الموروث الشعبي لحياة الإنسان اليمني في المدينة والريف والصحراء, ويعتبر المتحف محطة لكل المهتمين بهذا البلد العريق وبحضاراته عبر عصور التاريخ المختلفة, ويتكون المتحف من أربعه أدوار خصص الدور الأول منها لعرض مجسمات الكتاتيب في الماضي, كما خصص الدور الثاني لعرض وثائقي للتراث وخزانات لحفظ الملابس الشعبية لكل شرائح المجتمع ومقتنيات المناطق الشرقيه, أما الثالث والرابع منه فقد خصصا للتعرف بالصناعات الشعبية وعرض الواقع اليومي المعاش لحياه الانسان اليمني.
المتحف الأكاديمي
يقع في واحد من مباني الجامعة القديمة بحي القاع, ويحتوي علي قطع أثريه من المنحوتات الحجرية والأواني الفخارية والنحاسية وتماثيل لبعض ملوك الدول اليمنية القديمة وغيرها من التحف التي اقتناها المتحف من مواقع أثرية عديدة وتمثل المومياوات التي اكتشفت أخيرا في شبام الغراس أهم مقتنيات المتحف التي يعود تاريخها إلي280 ق.م. ويظل التاريخ العربي في صنعاء موصولا بحاضر ثورتها الشبابية التي لاتزال بهديرها الفياض بمثابة انتفاضة غضب تهز الجبال والوديان في الطريق نحو الحرية والعدالة الاجتماعية.
بلقيس أشهر الملكات
تعد أشهر القصص التي ترتبط بصنعاء وربما باليمن كله, قصة بلقيس بنت ذي شرح أو ماكيدا جعزية ملكة سبأ التي عرفت في الحضارة الأثيوبية باسم ماكيدا وفي الحضارة الرومانية باسم نيكولا, وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم باسم إمرأة علي لسان الهدهد( الآية23 من سورة النمل), وكذلك في العهد القديم( التوراة).
وكانت بلقيس أول ملكة تحكم بالعدل علي عرش سبأ تلك المملكة القديمة التي قامت في الألفية الثانية قبل الميلاد في ما يعرف الآن ب اليمن والحبشة وأريتيريا واستمرت حتي قيام الدولة الحميرية, وبدأت المملكة بالازدهار حوالي القرن الثامن ق.م.
ولعل قصة التقائها بسليمان الحكيم, وقصة السد العظيم وسيل العرم من القصص الشهيرة في التاريخ, بعد أن أرسل لها النبي سليمان الحكيم بالهدهد ليدعوها للتوحيد, فكرت في أن أفضل حل هو إرسال هدية لسليمان دون الحاجة لخوض حرب ومواجهة معه, فأرسلت له هدية عظيمة ولكنه رفضها وأصر علي إرسال جيش لها وتعجب رسل بلقيس من حجم مملكة سليمان وجنوده من الإنس الجن والحيوانات والطيور المختلفة. قررت بلقيس أن تذهب إلي مملكته حتي تتوصل معه إلي حل سلمي قبل تطور الأمور, وبعد وصولها فوجئت بأن عرش ملكها عنده. وأعد لها سليمان الحكيم مفاجأة أخري وكانت قصرا من البلور فوق الماء وظهر كأنه لجة فلما قال لها ادخلي الصرح حسبت أنها ستخوض اللجة, فكشفت عن ساقيها, فلما تمت المفاجأة كشف لها سليمان عن سرها, قال:
. أعلنت الملكة بلقيس إيمانها بالله, وآمن معها العديد من أبناء شعبها.
( قال يا أيها الملؤا أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين(38) قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين(39) قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم(40) قال نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون(41) فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين(42) وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين(43) قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين(44)( القرآن الكريم- سورة النمل).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.