نساء عاشقات حكمن العالم من وراء ستار " الرجل " ، جمع حلمى مراد قصصهن فى سلسلة " كنوز كتب التراث " تحت عنوان " ليدى هاملتون و أشهر عاشقات فى التاريخ " ، سنتعرف لحكايتهن و قصص الصعود والسقوط، و كيف أثرن فى مجرى التاريخ .. في هذه السطور نستعرض قصة المرأة التى تنبأوا لها فى التاسعة من عمرها أنها ستتبوأ قلب ملك ، و التى استطاعت أن تخترق صفوف البلاط و هى ابنة الطبقة المتوسطة لتصبح عشيقة الملك لويس الخامس عشر ، مما أكسبها الأعداء الذين أعدوها دخيلة ، و حملها الشعب هفوات الملك ، و ألفوا عنها الأشعار الساخرة التى عرفت ب " البواسينات " ، بينما قال عنها فولتير إنها " روح منصفة و قلب منصف " . هى " جان أنتوانيت " التى اشتهرت بلقب المركيزة "مدام دى بومبادور " عشيقة الملك لويس الخامس عشر ، و الملكة غير المتوجة لفرنسا لعشرين عاما ، أى قبل الثورة الفرنسية بثلاثين عاما ، تنبأت لها عرافة و هى فى التاسعة بأنها ستتبوأ قلب ملك ! و من حينها لقبت ب " رينيت – أى الملكة الصغيرة " و عرفت بفتنتها منذ نعومة أظافرها . وبرغم أنها تزوجت رجلا أحبته ، لكنها كانت تقول دوما أنها لن ترضى عنه بديلا سوى الملك ، و كان الكل يضحك ، ووحدها كانت تعلم أنها ليست دعابة ، و كانت تتحين الفرص للظهور أمام الملك أثناء رحلات صيده ، و بعد خلو مقعد العشيقة ، تقدمت أنتوانيت بخطى ثابتة ، رغم أنها من طبقة متوسطة ، و مرتبة العشيقة كانت مغلقة على نساء البلاط ، و لكن فتنتها غيرت القواعد ، و جعل الملك يعطيها لقب الماركيزة ليتخذها عشيقة رسمية ! و انفطر قلب زوجها الذى أغمى عليه لدى معرفته الحقيقة ، و كان يبعث لها بالخطابات فى القصر الملكى لاستعطافها ، أما الملكة فكل همها الوحيد أن العشيقة الجديدة تجلها و تحترمها ، عكس سابقاتها اللاتى أذقنها الكثير من الآلام و صرفن الملك عنها . و كانت الماركيزة تملك قوة شخصية تفوق الملك ، و لكن عاشقات الملك ، لم يكن محبوبات لدى الشعب ، و كانوا دوما يلقوا على عاتقهن كل ذنوب الملك ، و لم تسلم مدام دى بومبادور من ذلك ، فكتبوا فيها الأشعار الساخرة و سميت بال " البواسونيات " . و كان لها 4 أعداء فى البلاط ثلاثة منهم من الوزراء ، كان يعادونها لكونها دخيلة على البلاط من الطبقة الوسطى ، و منهم وزير البحرية " موريبا " التى كانت تحضر كل اجتماعاته مع الملك ، و تبدى آرائها ، و كان الملك يأخذ بها ، و يقول لموريبا : عليك أن تستمع لكلام المدام ! وتخلصت العشيقة من موريبا بالتحالف مع أحد أعدائها و هو " ريشيليو " و رفعا للملك مذكرة يتهمون موريبا بإضعاف البحرية لدرجة تنذر بالخطر ، و بالفعل كان وزير البحرية مسئولا عن سقوط حاميتان فى أيدى الإنجليز ، و قد نفاه الملك و لكن ليس لهذا السبب ، بل لأنه تعدى حدوده و أساء لعشيقات الملك ! و فى أول يناير من عام 1757 تلقى الملك طعنة خنجر من وسط صفوف الحشد أمام قصر فرساى ، و قد صفح الملك عن من حاول قتله ، و لكنه حتى بعد نجاته ، أصيب بصدمة شديدة ، فقد رأى فى قاتله الشعب الفرنسى كله ، و أحس بأن الشعب أراد موته ، و لم تسرى عنه سوى الماركيزة التى أقنعته أن من حاول قتله ليس سوى مجنون ، و ليس أداة للشعب ، و أن أهل باريس أرادوا الفتك به لما فعله بملكهم . و خلال حرب السنوات السبع التى منيت فيها فرنسا بالهزائم و الهوان ، كانت تردد فيه الماركيز أنها إن ماتت فستموت حزنا ، ولما يتأخر الموت عنها ، فأقعدها المرض فى الفراش و ظل الملك جوارها و لم يتركها فى أيامها الأخيرة ، حتى طلبت القس لتدلى باعترافاتها قبل الرحيل ، الذى طلب باستدعاء زوجها لتطلب منه الصفح ، و لكنه رفض مقابلتها . و قال ولى العهد و الذى كان ألد أعدائها عنها : " إنها تحتضر بشجاعة ندر أن تتوفر لأحد من الجنسين ". فيما كتب عنها " فولتير " يقول : " شد ما أنا حزين لوفاة مدام بومبادور ، ما أقسى أن نرى عجوزا شوهاء ، لا تكاد تقوى على السير ، باقية على قيد الحياة ، فى حين يقضى على امرأة جميلة ، فى منتصف حياة مجيدة ، أن تموت فى سن الأربعين ، لقد ولدت وفية ، و أحبت الملك لذاته ، و اوتيت روحا منصفة ، و قلبا منصفا ، و ليس هذا بالشئ الذى نلقاه فى الحياة كل يوم ، إنها نهاية حلم ! " .