يملك الأرجنتيني ريكاردو جاريكا، أحد أبرز المدربين بكوباأمريكا 2015، نفس المشوار الاحترافي في كرة القدم الخاص بمواطنه رامون دياز، حيث برز الاثنان كمهاجمين لمنتخب التانجو في عام 1978، لكن تفوق الأول على الأخير في صراع المركز الثالث للبطولة القارية بفوز بيرو ليلة أمس على باراجواي بهدفين نظيفين. كلاهما كان مهاجما، ولكن جاريكا الملقب ب"النمر" لعب لصفوف بوكا جونيورز، فيما لعب دياز الملقب ب"الأصلع" للغريم التقليدي ريفر بليت، قبل أن يبدأ الاثنان مشوارهما التدريبي عام 1995. ومنذ ذلك الحين، مر عشرون عاما، إلى أن شاءت أقدار كرة القدم أن تجمع النسخة ال44 من بطولة كوباأمريكا بين الاثنين كمدربي منتخبات. وعلى هامش مباراة تحديد المركز الثالث الذي فازت به بيرو، فإن العمل الذي قام به كلا المدربين كان إيجابيا للغاية. فدياز المولود في مدينة لاريوخا الأرجنتينية ويبلغ من العمر 55 عاما، قَبِل مهمة تدريب منتخب باراجواي في 4 ديسمبر/كانون أول 2014، بينما أعطى جاريكا، المولود في مدينة تابياليس ويبلغ من العمر 57 عاما، الضوء الأخضر لتدريب المنتخب البيرواني في 2 مارس/آذار الماضي. وتولى المدربان القيادة الفنية للمنتخبين وسط كثير من الشكوك وخاضا التحدي الأكبر في مشوارهما التدريبي في هذه البطولة. ووصف أحد أيقونات كرة القدم الباراجوائية، الحارس السابق خوسيه لويس تشيلافيرت، طريقة عمل المدرب دياز بأنها "غير واضحة المعالم". وبعد ذلك، كان على المدرب مواجهة عاصفة الانتقادات التي طالته قبيل بطولة كوباامريكا الحالية عندما استدعى لاعبين "كبار في السن" من وجهة نظر المتخصصين الكرويين في باراجواي وترك لاعبين شباب برزوا في بطولة الدوري المحلي. وعقّب دياز عقب نهاية دور المجموعات الذي لم يخسر فيه، قائلا "يجب علينا أن نؤمن بقدراتنا بعد أن لعبنا ضد الأرجنتين، أوروجواي والبرازيل دون ان يتمكنوا من الفوز علينا". وأضاف "يجب أن يلقى هذا الفريق الإحترام الذي يستحقه" وامتدح النتائج التي خرج بها الفريق عندما تعادل بهدفين لمثلهما أمام الأرجنتين بعد أن كان متأخرا في النتيجة، والتعادل مع أوروجواي 1-1 ثم التعادل أمام منتخب السيليساو 1-1 ومن ثم التأهل على حسابه إلى الدور قبل النهائي بركلات الترجيح 4-3 ولم تمض ساعات على صدمة الهزيمة التاريخية أمام المنتخب الأرجنتيني 6-1 في مباراة نصف النهائي، حتى أيقن دياز أن عليه أن يبحث عن بدائل للاعبين الكبار في الفريق والذين أعطوا كل ما لديهم في مباريات دور المجموعات ومباراة دور ربع النهائي، حيث لم يستطع التعامل أمام بيرو ليخسر بثنائية نظيفة في مباراة تحديد صاحب المركز الثالث. فقط 5 لاعبين ضمن قائمة ال23 الذين تم استدعائهم دياز لبطولة كوباأمريكا، ينشطون في الدوري المحلي، وبعد خيبة الأمل بعدم التأهل لنهائي البطولة على عكس ما حدث في النسخة السابقة، طالب الكثير من النقاد بضرورة الاعتماد على خدمات لاعبى الفرق المحلية الكبرى كجواراني، ليبرتاد وسيرو بورتينيو، التي تتصدر المشهد في بطولات أمريكا الجنوبية للأندية. أما في بيرو، فقد خرجت الكثير من الأقلام لتسخر من شكل المنتخب قبل انطلاق البطولة، إلا أنه وقبل ساعات من مباراة تحديد المركز الثالث، اعتذر أحد المحررين الصحفيين "للبروفيسور" جاريكا وطلب منه "الصفح على عدم الإيمان بقدراته"، قبل أن يكرر جاريكا انجاز المنتخب بالحفاظ على المركز الثالث بكوباأمريكا للنسخة الثانية تواليا. فقد أعلن جاريكا منذ اللحطة الأولى لتوليه قيادة المنتخب أن اللاعبين البيروانيين "لديهم كل شيء لتحقيق الفوز: الجانب الفني، البدني والتكتيكي". والآن وبعد الإنجاز الذي تم تحقيقه في بطولة كوباامريكا لهذا العام، أصبحت كلمات المدرب التي قالها في الجزء الثاني من حديثه اكثر وضوحا "ينقصنا الإيمان بقدراتنا وتحويل هذه القناعة إلى ارض الواقع". وشدد جاريكا: "يجب علينا أن نعي خطواتنا جيدا ونعرف سبب وجودنا". فالتحدي القادم سيكون تصفيات كأس العالم بروسيا 2018. ولم يشارك منتخب بيرو في كأس العالم منذ نسخة 82 المقامة في إسبانيا، عندما أقصي من مرحلة المجموعات، وغاب عن نسخة عام 86 في المكسيك بسبب هدف التعادل الذي أحرزه "النمر" جاريكا نفسه في المباراة التي جمعت المنتخبين الأرجنتينيوالبيرواني وانتهت بنتيجة 2-2 في استاد المونومنتال وتأهلت الأرجنتين بهذا الهدف على حساب بيرو. لقد ذاق جاريكا ودياز حلاوة قيادة الفريقين إلى أبعد المراتب في اول تحد حقيقي لهما في بطولة كوباامريكا الحالية. بالطبع هما ليسا وجهان لعملة واحدة، ولكن بالبحث في مشوارهما التدريبي تظهر الكثير من أوجه التشابه وبالأخص الشخصية المتماسكة التي تتمتع بها كل الفرق التي يتولا تدريبها. وبما أنهما بالطبع كانا من زمرة المهاجمين الكبار فهما يعرفان بالتالي أكثر ما يؤلم المدافع وما هو غير مريح للمهاجم.