- شاكر يجدد دعوة فؤاد حداد للإفراج عن المعتقلين - شاكر : ضيف تحيز ضد عبد الناصر ..وأبوغازى يرد : عبد الناصر قال "أنا من علمتكم الحرية " ! - شاكر : مبارك قال فى أحد خطبه : الشعب المصرى يحتاج مجرم ليحكمه ! - غازى و شاكر و ضيف يتعجبون من توحد اليسارين مع المستبد و المظلومين فى نفس الوقت - ضيف : احذروا الخديعة .. و لا تدعوا هويتكم للرؤساء يشكلونها - ضيف : الموت حفز الانفجار الشعرى عند حداد ليكتب ثلثى شعره فى 5 سنوات " من صغر سني وأنا صاحب مزاج ثاير واكمني ثاير لا يمكن يا ألف بائي تلاقي زيي على عهدك أليف باقي واكمني ثاير بقول من فات قديمه تاه لابد للحي يترحم على موتاه واللي أتى بالجديد لولا القديم ما أتاه يا أمتاه أنا ابنك عالأثر ساير " إحياءً للذكرى الثلاثين لمسحراتى العرب "فؤاد حداد"، ناقش المجلس الأعلى للثقافة مساء أمس، كتاب "صورة الشعب بين الشاعر والرئيس: فؤاد حداد....ناصر- السادات- مبارك" للباحث د. سيد ضيف الله أستاذ مساعد الدراسات العربية بجامعة بريجهام يونج – الولاياتالمتحدةالأمريكية . شارك فى الندوة د.شاكر عبد الحميد وزير الثقافة الأسبق والأستاذ بأكاديمية الفنون، و د.عماد أبو غازي وزير الثقافة الأسبق والأستاذ بآداب القاهرة، فيما تغيب عن اللقاء محمد عفيفي الأمين العام للمجلس، لتأديته واجب العزاء فى الشاعر الكبير الراحل عبد الرحمن الأبنودى . تحدث د.عماد أبو غازى أن كتاب ضيف الله يعد أول دراسة أكاديمية عن شعر فؤاد حداد، و من خلاله رصد بداية ظهور مفهوم الشعب و تحولاته من مجرد رعايا للحاكم لمواطنين، مستعيدا أول ثورة شعبية مصرية لاختيار الحاكم محمد على فى عهد العثمانيين، و قد وضعوا شروط أشبه بالدستور ملزمة للحاكم، و لكنه ما لبث أن انقلب عليها، و أعاد الاستبداد بشكل أكبر . وقال أبو غازى أن إذاعة أن الخديوى سعيد باشا تنازل عن القناة من أجل طبق مكرونة، ليس سوى محاولة من ثورة 1952 لتشويه ما قبل تاريخ 23 يوليو، مضيفا أن هناك عديد من التغييرات حدثت فى فترة أسرة محمد على، و تصاعدت مع ثورة 1919، والحقبة الليبرالية، وصولا لثورة يوليو و عهد الرؤساء الثلاثة الذى رصده ضيف فى كتابه. و بحسب أبو غازى استطاع ضيف رصد صورة الشعب و تحولاته بين الشاعر و الرئيس، من خلال رائد شاعر العامية فؤاد حداد، و الرؤساء الثلاثة الذى عاصرهم من ناصر إلى السادات وصولا إلى مبارك، ففى ثورة يوليو نشهد تحديد مفهوم الشعب تحت شعار "الحرية كل الحرية للشعب، و لا حرية لأعداء الشعب" ليقسم المواطنين لشعب و أعداء الشعب، واستخدم وقتها مصطلح الجماهير، و فى عهد السادات عاد مفهوم الرعية من جديد ، بينما فى عهد مبارك أصبحنا مجرد سكان . سنة شعرية من جانبه دعا د. شاكر عبد الحميد الجميع لقراءة هذا الكتاب الذى يوسع الأفق، و يمثل ثقافة ما بعد الحداث ، و لفت أنه خلال أيام تمر بنا الذكرى الثلاثون للشاعر فؤاد حداد، داعيا لإقامة مؤتمر علمى كبير يتضمن عديد من الندوات الشعرية فى ذكرى حداد الذى آمن بالشعب ، و كتب ثلثى أشعاره فى فترة المرض رافضا أن يكسره المرض أو اليأس ليبث بكلماته الأمل فى نفوس الناس . و أضاف شاكر : حداد دعا فى أشعاره للإفراج عن المعتقلين السياسين و نحن حاليا نشاركه هذه الدعوة ، فكان صوت البسطاء و المظلومين . و أعرب شاكر عن أهمية الاستفاضة فى البحث فى شعر حداد ،مثمنا دراسة ضيف الله الذى تعد رائدة لأنها رصدت تمثيل دور الشعب فى إدراك الرؤساء و خطاباتهم ، و فى مقابل ذلك صورة الشعب و تمثيله فى شعر فؤاد حداد ، الذى رفع شعر العامية و جعله " سنة شعرية " . كما صور ضيف الله بحسب شاكر لتطور الشعب المصرى و التحولات السياسية ، من خلال معاصرة حداد ل 33 عام ثلاثة من الرؤساء اعتقل خلالها مرتين ليمضى فى المجمل 9 سنوات خلف القضبان ، و برغم أنه حبس فى عهد عبد الناصر و لكنه كان يحبه ،و هذا كان أمرا غريبا فى اليساريين ! و أشار شاكر لتمثيل صورة " الآخر " أى الشعب فى خطاب الشاعر و الرؤساء ، و اختلاف نظرتهم للشعب ، مما خلق مسافة بين الشعب و الثلاث رؤساء ، و تحول الشعب لموضوع جامد يتم مخاطبته و النظر إليهم بشكل سلبى بتكوين صور ذهنية تمثل الشعب فى صفات معينة قد تتعرض للتحريف و التشويه ، فى حين ينظر الشعر للشعب نظرة ايجابية ، مشيرا أن عملية التمثيل يتخللها التحيزات و العنصرية. الشعب بين ثلاث رؤساء ما يعطى للكتاب أهمية بحسب شاكر هو تعرضه للاستعارة فى الخطابات ، متسائلا عن سبب إسقاط ضيف الله لخطابات ناصر فى فترة الانجازات ما بين بداياته و بين خطابات النكسة ، بينما اهتم أكثر بخطابات السادات ، و لم يكن هناك اهتمام مماثل بأعمال حداد فى تلك الفترة ربما لقلتها ، و لكنها وفقا لشاكر حملت الكثير من العمق فى تناولها للشعب المصرى ، أما فى فترة حسنى فكانت خطاباته فقيرة ، فى حين كانت خطابات حداد الشعرية و أعماله غزيرة . و أشار شاكر عبد الحميد أن خطابات ناصر عكست القائد و الملهم ، و السادات حملت خطاباته صورة سلبية للشعب ، فيما قال مبارك فى خطاب ببداية حكمه أنه عندما اطلع على مشاكل الشعب رأى انه محتاج لواحد مجرم يحكمه ! و تساءل شاكر : على أى أساس اعتمد ضيف فى اختياراته لعينة الخطابات ؟، آخذا عليه ذاتيته فى التحليل دون استعانته بمحكم آخر لتحقيق ثبات التحليل، و نزعه للنص من سياقه ، و أنه حمل تحيز سلبى لعبد الناصر، و ضرب مثال بقراءته الحرفية لخطبة عبد الناصر، و تمنيه أن يجمع ما بين الشعب المحبة التى جمعت بين الضباط الأحرار ، ليفسر بذلك أنه يريد الشعب أن يصبحوا كالضباط الأحرار ، و تذكير ناصر فى أحد خطاباته لنظرة الحكم الملكى للشعب كنعاج و طيب يسهل استغلاله ، ليفسر ضيف ذلك بأنه يذكرهم بفضل ضباط الأحرار عليهم . و علق أبو غازى أنه مع فكرة التحيز فى البحث العلمى، على أن يكون الباحث مدركا لفكرة الانحياز، و إن فكرة "المنة و الفضل على الشعب " كانت موجودة عند ناصر من 54 و حتى رحيله، و انعكس ذلك فى خطاباته المكتوبة و المرتجلة، و منها قوله " أنا من علمتكم الحرية و علمتكم الكرامة " و هذا غير صحيح و تذكيره هو والسادات أن الشعب كالنعاج، كما لفت أننا فى حاجة لمحلل نفسى ليحدثنا عن سبب توحد اليساريين مع المستبد و المعذبين فى نفس الوقت . الخديعة عزى د. سيد ضيف الله فى بداية حديثه فقدان الشعب المصرى لقامة كبيرة كالشاعر عبد الرحمن الأبنودى . أما عن الكتاب، فقال ضيف أن همومه تمثلت من خلال الكتاب، أولهم " الهم النقدى " لازدياد الهوة بين لغة النقد و الإنسان العادى، أما الهم الثانى فهو هم سياسى و ثقافى بتجاهل شاعر كبير كفؤاد حداد لثلاثين عاما، مؤكدا أنه لا يتعرض لمجرد شاعر عامية، بل شخص بنى وعيه بذاته و أعاد صياغة هويته، من اختيار عقيدته ، و اختيار لغته . و قال ضيف الله انه اعتمد على مفاهيم جديدة للنقد، تنظر للحقيقة بوصفها متغيرة، و أن الباحث لا يملك الحقيقة وحده، و عن تمثيل الشعب أشار أنه يعنى دوما إساءة التمثيل ، لما يخلق من صور نمطية، كالقول أن الشعب المصرى لا فائدة منه و لآخر ذلك . و أكد ضيف أن كل حاكم لديه صورة متخيلة للشعب ، فرأى عبد الناصر ان الثورة تصنع الشعب ، متعجبا من حالة اليساريين و المثقفين و حالة " القط الذى يحب خناقه " فبرغم أن حداد كان فى معتقلات ناصر ، و لكنه كان يدافع عنه و يغنى له ، و لم يهاجمه بل صب هجومه على حارس السجن ، و تتغير تلك النظرة فى عهدى السادات و مبارك ، و لكن يظل يستعيد حداد فى شعره صورة " الرئيس المخلص " الذى تمثلت لديه فى ناصر . و أكد ضيف أن الهوية الجمعية " خديعة " ، و أن المجتمعات المتقدمة تقوم على احترام هوية الفرد . أما عن الاستعارة فى خطاب السادات، دلل ضيف بخطابه عند التطبيع مع إسرائيل، بتشبيه نفسه ب " نوح " عليه السلام، و إن على الجميع ركوب السفينة معه و إلا سيغرقون فى الطوفان، و فى أيام السادات أصيب حداد بسكتة شعرية من الخيبة بخلاف تقييد النشر له فى الصحف تلك الفترة . وأضاف إن الموت حفز الانفجار الشعرى لدى حداد فى عهد مبارك الذى لم يكن سوى امتداد أيدلوجى للسادات ، ليكتب أكثر من ثلثى شعره فى خمس سنوات ، لأنه تحرر من قيود الشعر . و ختم ضيف قائلا : جوهر نجاح أى مجتمع هو هويته الفردية، فشكلوا هويتكم ولا تدعو الحكام يشكلونكم و لا حتى الشعراء .