استشهدت شيماء الصباغ الشاعرة الشابة السكندرية في مسيرة تحمل الورود لوضعها على النصب التذكاري للشهداء!.. استشهدت الفراشة الرقيقة شيماء الصباغ التي كتبت ذات يوم من دخل قلبي فهو آمن .. ذلك أنها كانت توزع الحب على الجميع.. تقتحمك بدفئها وبفيض من مشاعر.. تقول لك "إزيك يا خال".. هكذا ينفتح قلبك لها، وأنت بعد لم تعرفها، فتتعامل على أنها ابنتك أو شقيقتك الصغرى. هكذا كتب الشاعر مصطفى الجارحي، مؤسس مشروع "ك ت ب " للنشر الإبداعي الإلكتروني، والذي أكد بحديث مقتضب ل"محيط" أن الراحلة كانت تماما كابنته ، وقد درست وأحبت فلكلور الشعوب وخصوصا مصر، وقد أقنعها بوصفه شاعر عامية بذلك، وحازت درجة الماجستير ، كما تزوجت من الفنان التشكيلي المصري أسامة السحلي، وصارت شاعرة تحمل مستقبلا ومشروعا ، ثم اختارت بإرادتها حزب التحالف الشعبي لتنخرط فيه بعد انضمامها لثوار يناير، ولنشاطها الملحوظ سرعان ما أصبحت أمين العمل الجماهيري بالحزب .. لقد اتفقا على أن يلتقيا يوم 25 يناير لكنها لأول مرة تخلف الموعد! ويتذكر الجارحي بمقاله حين كانت "الصباغ" دائما في الصفوف الأولى في التضامن مع عمال الشركات والمصانع، المضارين والمهدورة حقوقهم، فكانت تشعر بأنها سيتم القبض عليها، وقد حدث فعلا، ولذلك كانت تكتب لأصدقائها "عايزين نلحق نتصور مع بعض كلنا.. عشان لما نتحبس مجتمع الفيس يلاقي صور يتضامن بيها معانا". بلد .. بتوجع منذ أيام كتبت شيماء على الفيس "البلد دي بقت بتوجع.. ومفهاش دفا.. يارب يكون ترابها براح.. وحضن أرضها أوسع من سماها" فهل كانت تدرك اقتراب أجلها.. ربما.. خصوصًا أنها كتبت كذلك "وحشتني لمّتنا.. والقعدة قدام البابور.. وأزأزة اللب السوري.. والنم على العيلة.. تحمير البطاطس بدل خسارة الجاز على الفاضي.. وبراد شاي ورا براد شاي.. وستي الجميلة كانت تعمل شالها غطا للعيل اللي ينام وتهش بإيدها الناموس.. وابويا ضحكته تملا الأوضة بكلمتين ملهمش تالت (هرش نسوان).. كانت الضحكة ليها رنّة وبتصاحب دمعة من كتر القهقهة.. مكنتش طفلة مرفهة بس كانت ضحكتي أوسع من بحر الظلمات.. سلاماً عليكم يا من رحلتم.. سلاماً طيباً جميلاً".. عيد الثورة على صدر الموقع ، تجد الشاعر أمين حداد يكتب : شيلوا الشريطة السودا م المشهد خلوا الولاد أسعد و ابدأوا الحفلة لبنتنا الطفلة فى عامها الرابع اطفوا الشموع من غير دموع و لا فيديوهات بتتابع تجمع العشرات بالورد فى وسط البلد شيلوا الشريطة السودا م المشهد خلوا الولاد أسعد وديتوا فين السما فين السما الزرقا ده كل شىء فى الزمن أصبح بعيد.. فجأة وبكرة مش بكرة اللى فى الإمكان حتى القتيل اللى شايفينه.. مقتول بقى له زمان وكل ثانية تعدى يبقى الزمن أبعد شيلوا الشريطة السودا م المشه بريق الحلم كتب الشاعر هاني عويد: أيها الأعمى برصاصك الطائش إنهم يحملون الورد ليتك تعرف كيف تكون حينما تكبر فيك الحرية ويشتد بريق الحلم! ومن ناحيته كتب محمد شحاته العمدة: وما هانش عليكي تلمي وجعنا سايباه مفتوح رايحه لقلوب مليانه بطهر فايتالنا جروح شيماء البت اللي بتضحك وف عز ما فايتاها الروح الشاعر عبدالرحيم طايع ، كتب : صبَّاغ يا دمّ.. بتصبغ الألوان.. وبتصبغ الأبدان.. وتخلِّي توب الفَرَح.. من صبغتك أحزان.. صبَّاغ بتدخل بالحياة العدم.. وبالسَّكينة الألم.. وبالبنات القبر.. وبالولاد الصَّبر.. وبالميدان الميدان.. نازلين شوارع بلدنا نعلن العصيان.. نازلين حزانى بصحيح.. نازلين من المراجيح.. اتفضّ مولد سَرَّاقين الحنين.. اتفضّ خالص لمَّا زاد الأنين.. لمَّا العزيزة اللي اسمها شيماء.. داسها التَّوحُّش والجِنَان والغباء.. والدَّمّ سال من راسها فوق روسنا.. الدَّمّ طال قمصاننا وفلوسنا.. طالنا وصبغنا بصبغته السُّودا.. ولا عاد من الموت الغريب عودة.. ولا عاد في بحر اسكندريَّة مكان.. غير للغضب يزعق بموج غضبان أما محمود قطز فكتب يقول : عادةً أحاولُ مجابهةَ ما أدعوه أحزانًا، تتوقفُ أمامها الحياةُ قليلًا، بشيءٍ من المرح، كأن أطالعَ شيئًا جديدًا في كتاب، أو انخرطَ بالعمل.. هذا هو المرحُ في مثلِ هذه الأحوال. عادةً لا شيءَ يستقرُ بمكانِه، هناكَ حزنٌ غيرُ مؤقت يسري كإيقاعٍ منتظم، بلا مُبررٍ واضح، أو يحطُ فجأةً في لحظةٍ غيرِ متوقَعة. يقولون شيماء كانت في يدِها وردة .. يقولون ضحكت ضحكتَها الأخيرةَ هناك.. يقولون يبدو أنهم كانوا يُنادونَها.. ولبِّت النداء. لا أعرفُها.. وأعرفُ أني حزينٌ جدًا.. جدًا.. جدًا. معذرة للوردة الشاعر جمال القصاص كتب يقول : أيًا كان الأمرُ أنتَ القاتلُ لم تسمحْ بأن تلقي وردةٌ التحيةَ على أرواح الشهداء بالميدان لم تحرسها وهي تخفي دمعتَهَا في كم القميص وتبكي: هنا كانت ثورة لم تخرج من معطف الجنرال من سيرك الأضداد انطلقت من حنجرة الشعب. أنتَ القاتلُ ليس لأنكَ ما زلتَ عجلةً في ترس الذُّل بل لأنكَ تجهل كيف تحرسُ الوردةُ البندقيةَ لتظلَّ مصوَّبةً في وجه الخونة واللصوص. شيماءُ لم تنزع النجمةَ من فوق كتفك لم تسرق ابتسامةَ طفلك لم تقلْ لليلكَ أنتَ النهارُ أنتَ الفجر.. كانت تريدُ أن تطمئنَ: هل أخذ الشهداءُ حصَّتهم من النوم من العدل.. من الحلم من الحريةِ هل ثمة أملٌ في الغد هل لا يزال وجهُ السماءِ أزرقَ هل هذه مصر؟! وقد استشهدت ظهر أمس الأول الشاعرة السكندرية شيماء الصباغ، إثر تلقيها طلقات خرطوش بميدان طلعت حرب بالقاهرة. كانت شيماء شاركت في مظاهرة حزب التحالف الشعبي بوسط البلد بالقاهرة، وحدثت مناوشات بين قوات الأمن والمتظاهرين. وشيماء شاعرة وفنانة تشكيلية وباحثة وناشطة، كانت من مؤسسي حركة كفاية، ولها مشاركات ثقافية كرئاسة مجموعة "بساطة" ، وهي أم لطفل - 4 سنوات - اسمه "بلال" ، وقد تركت صغيرها بالإسكندرية للمشاركة بالتحضير لذكرى ثورة يناير ، فاصابتها رصاصات الغدر في الوقت الذي يحتجز به زوجها بتهمة التظاهر بدون تصريح ..