يقصدون الجزائر بين فصلي الخريف والربيع سنويا، رغم حظر القانون لصيد الطيور والحيوانات المهددة بالإنقراض، وترفض الرئاسة الجزائرية والحكومة التعليق على رحلات الشخصيات الخليجية . تسميهم السلطات الجزائرية بالضيوف .. إنهم كبار المسؤولين والأمراء في دول الخليج الذين يقصدون الجزائر بين فصلي الخريف والربيع سنويا من أجل ممارسة صيد طائر الحبار بالصقور "المقناصة". ويقول ناجم خالدي، وهو مسؤول سابق في وزارة الفلاحة الجزائرية لوكالة الاناضول، "يحضر أمراء من دول الخليج كل سنة إلى الجزائر لممارسة الصيد بالصقور، ويأتون في رحلات خاصة إلى الجزائر ويمكثون أياما أو أسابيع في مخيمات فاخرة في الصحراء الجزائرية ". وبدأ موسم صيد طائر الحبار (طائر يعرف بأنه دجاج الصحراء) باستعمال الصقور الجارحة في الجزائر لهذا العام في شهر نوفمبر/تشرين الثاني مع وصول بعثتين من مرافقي كبار الشخصيات في قطر والسعودية إلى الجزائر في رحلات خاصة مرت إحداها عبر مطار هواري بومدين ومرت رحلتان عبر مطار حاسي الرمل بولاية الأغواط، وفق مراسل الأناضول. وقال مصدر دبلوماسي جزائري، طلب عدم كشف هويته، "إن رئاسة الجمهورية في الجزائر سمحت خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني لمجموعتين من ممارسي الصيد باستعمال الصقور بالبدء في ممارسة هواية صيد طائر الحبار بالصقور أو المقناصة، وهذا الإجراء يتكرر كل سنة تقريبا". وحسب المصدر ذاته "بدأ أول الصيادين الخليجيين من قطر والسعودية في ممارسة هواية المقناصة في صحارى محافظتي الأغواط والبيض جنوبيالجزائر، الشهر الماضي، فيما وصل صل أمراء من الصف الأول من البلدين - أي أمراء يشغلون مناصب حساسة في الدولتين - منهم أمير قطر (حمد بن تميم) مع نهاية الشهر الجاري". وترفض الرئاسة الجزائرية - وحتى الحكومة ممثلة في وزارتي السياحة والبيئة - التعليق أو الرد على رحلات بعض الشخصيات الخليجية لصيد طيور نادرة في الصحراء الجزائرية. واكتفى وزير السياحة السابق محمد بن مرادي، في رده على سؤال صحفي نهاية العام 2012 بشأن موقف الحكومة من صيد هذه الطيور المهددة بالانقراض، بالقول إن "السلطات تحارب أي عمليات صيد عشوائية في الجزائر" من دون تقديم توضيحات إن كانت رحلات الصيد التي تقوم بها شخصيات خليجية تدخل ضمن نطاق الصيد العشوائي أم لا. وقال جازم عبد الحي، عضو المجلس المحلي السابق في محافظة البيض (600 كلم جنوب غرب الجزائر)، لوكالة الأناضول، "إن أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حل بالمنطقة قبل أيام لممارسة الصيد وسط اجراءات أمن مشددة وكان معه أمراء منن الأسرة الحاكمة القطرية". من جهته قال تركي عبد القادر، عضو المجلس المحلي بمحافظة البيض، "إن مجموعة من الصيادين من أمراء قطر والسعودية موجودون حاليا في 3 مناطق صحراوية بمحافظتي البيض والأغواط". وأضاف "يمتد موسم صيد طائر الحبار أو المقناصة في الجنوبالجزائري لعدة أشهر من شهر نوفمبر إلى مارس (آذار)، وتسهر السلطات الأمنية الجزائرية على توفير الحماية للصيادين". وبدأ أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني زيارة للجزائر يوم 24 من الشهر الجاري حيث التقى الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، وفق بيان للرئاسة. وأوضحت الرئاسة، في بيان لها، أن اللقاء جرى بقصر الرئاسة بالعاصمة الجزائر وبحضور رئيس مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان) عبد القادر بن صالح ووزير الداخلية الطيب بلعيز، من دون تقديم تفاصيل أكثر حول موضوع الزيارة. وأنشأت الإمارات العربية المتحدة، بالتعاون مع الجزائر، مركزا متخصصا في تكاثر وتربية طائر الحبار المهدد بالانقراض بمحافظة البيض، وسمي مركز "الإمارات لتكاثر وتربية الطيور". وقال مدير المركز سائد محمد لصحف جزائرية إن "هدف المركز هو حماية طائر الحبّار، وأن يكون هناك صيد مستدام، كما أن كل ما يشاع حوله مجرد أساطير لأنه طائر عادي يطلق عليه اسم دجاج الصحراء، وتكلفة تربيته في المركز تبقى باهظة للغاية، فما بالك ببرنامج ونظام تعقبه بعد إطلاقه في الصحراء". بدأ المركز نشاطه بتمويل من الإمارات وإدارة جزائرية عام 2007 ، ويوفر المركز حاليا، حسب شبيلي محمود، خبير في برنامج الأممالمتحدة لحماية الحيوانات المهددة بالانقراض، مئات الطيور التي يتم صيدها لاحقا من قبل الأمراء الخليجيين. ويضيف المتحدث لوكالة الاناضول "لا يوفر المركز أية خدمات للحيوان المهدد بالانقراض سوى توفير أعداد من الطائر بدلا من تلك التي يتم صيدها في صحراء الجزائر". وقال مصدر أمني جزائري، طلب عدم الكشف عن هويته، "إن مصالح الأمن الجزائرية بدأت قبل أسابيع عدة في التحضير لاستقبال ضيوف من نوع خاص وتوفير الحماية لكبار شخصيات من دولتي قطر والسعودية، يتقدمهم أمراء، وهذا بعد أن رخصت رئاسة الجمهورية، كما هي العادة في كل سنة، لأمراء من الأسر الحاكمة في البلدين بممارسة المقناصة في الصحراء الجزائرية". وكان نائب بالبرلمان محمد الدوادي، عن حزب الكرامة، قد وجه مطلع السنة سؤالا لوزيرة البيئة دليلة بوجمعة أكد فيه أن هناك "الكثير من الشخصيات الخليجية السامية تقوم وتتمتع بعمليات صيد واسعة ومدمرة لثروة - (طائر الحبار، الغزال ..إلخ ) على طول مناطق الهضاب والصحراء ولشهور عدة في حملات إبادة جماعية لهذه الثروة وبوسائل متطورة جدا" . وأضاف، في سؤاله الذي أودعه بمكتب البرلمان وحصلت الأناضول على نسخة منه، "القانون الجزائري منع الصيد العشوائي لبعض الحيوانات الآيلة للانقراض وذلك في محاولة من المشرع تهدف لحماية بيئتنا الغنية بمختلف الثروات الحيوانية التي حبى الله بها الجزائر ولكن ما يلاحظ أن هذا المنع طال الجزائريين فقط، بل تم تقديم المخالفين منهم إلى العدالة". غير أن مكتب البرلمان رفض السؤال بدعوى أنه لا يتوفر على الشروط القانونية للاستجواب البرلماني. وكان بوتفليقة قد أصدر في 15 يوليو/ تموز 2006 مرسوما تحت رقم 05/06 تضمن إجراءات لحماية الحيوانات والطيور المعرضة للانقراض من الخطر من بينها الغزال وطائر الحبار، ونص المرسوم على العقوبات بالسجن والغرامات في حق كل من تثبت في حقه ارتكاب مثل هذه الأفعال. وأحصت الدراسات 32 نوعاً من طائر الحبار في العالم، يوجد 23 منها في إفريقيا وخاصة الشمالية، وأشهرها الحبارى العربية ذات اللون الشاحب والحبارى الآسيوية المائلة للصفرة، والحبار الإفريقية المائلة للسواد. وتتغذى الحبارى على ما تجده في البيئة حولها، كالأنواع المختلفة من النباتات (البذور والثمار الجافة والأوراق النباتية) وتتغذى أيضا على اللافقاريات كالجراد والعقارب، الأمر الذي يجعل وجودها مهما في التوازن البيئي. ويقبل العديد من هواة الصيد وخصوصا الخليجيين على صيد هذا الطائر، لاعتبارات عدة أهمها كونه رمزا من رموز صحاري الجزيرة العربية وهو الطريدة الأولى والتراثية للصقارين، لكونه يشكل التحدي الكبير لهم ولصقورهم واصطياده يعطيهم الإحساس بالفخر والنصر.