اليوم.. "خارجية النواب" تناقش موازنة التعاون الدولي للعام المالي 2024-2025    أسعار الكتاكيت اليوم الاثنين 20-5-2024.. «البلدي ب9.5 جنيه»    أسعار الذهب اليوم الاثنين 20-5-2024 في الصاغة.. «اعرف آخر تحديث»    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الإثنين    الاثنين 20 مايو 2024.. ارتفاع مؤشرات البورصة فى بداية تعاملات اليوم    جامعة مصر للمعلوماتية تتعاون مع «تنظيم الاتصالات» في مجال الأمن السيبراني    الرئيس السيسي يعزّي إيران في وفاة رئيسها ووزير خارجيتها: تغمّد الله الراحلين برحمته    خبير في العلاقات الدولية: إسرائيل تستخدم سلاح الجوع لكسر صمود الشعب الفلسطيني    كولر يجهز ثنائي الأهلي لمعالجة أزمة غياب معلول أمام الترجي التونسي    «التعليم» تحقق في مزاعم تداول امتحان العلوم للشهادة الإعدادية    بعد قليل .. محاكمة رجل الأعمال المتهم بالشروع في قتل طليقته ونجله بالتجمع الخامس    في ذكرى وفاته.. سمير غانم «نجم» المتلقى الدولى للكاريكاتير 2024    «رمد بورسعيد» يحصل على الاعتراف الدولي للمستشفيات الخضراء«GGHH»    لمرضى الضغط المرتفع.. احذر هذه الأطعمة خلال الموجة الحارة    قبل نظر جلسة الاستئناف على حبسه، اعترافات المتسبب في مصرع أشرف عبد الغفور    الهجرة: نتابع تطورات أوضاع الطلاب المصريين في قرغيزستان بعد الاشتباكات بالحرم الجامعي    طريقة عمل العدس بجبة بمكونات بسيطة    اليوم.. محاكمة طبيب نساء بتهمة إجراء عمليات إجهاض داخل عيادته    السوداني يؤكد تضامن العراق مع إيران بوفاة رئيسها    دعاء النبي للتخفيف من الحرارة المرتفعة    باكستان تعلن يوما للحداد على الرئيس الإيرانى ووزير خارجيته عقب تحطم المروحية    مجلس الوزراء الإيرانى: سيتم إدارة شئون البلاد بالشكل الأمثل دون أدنى خلل عقب مصرع إبراهيم رئيسي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-5-2024    تفاصيل الحالة المرورية اليوم الإثنين 20 مايو 2024    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري قبل اجتماع البنك المركزي    الشعباني يلوم الحظ والتحكيم على خسارة الكونفيدرالية    السيطرة على حريق بمنفذ لبيع اللحوم فى الدقهلية    جوميز: هذا هو سر الفوز بالكونفدرالية.. ومباراة الأهلي والترجي لا تشغلني    رحل مع رئيسي.. من هو عبداللهيان عميد الدبلوماسية الإيرانية؟    نجمات العالم في حفل غداء Kering Women in Motion بمهرجان كان (فيديو)    عمر كمال الشناوي: مقارنتي بجدي «ظالمة»    فلسطين.. شهداء وحرجى في سلسلة غارات إسرائيلية على قطاع غزة    أول صورة لحطام مروحية الرئيس الإيراني    ما حكم سرقة الأفكار والإبداع؟.. «الإفتاء» تجيب    خلال أيام.. موعد إعلان نتيجة الصف السادس الابتدائي الترم الثاني (الرابط والخطوات)    معوض: نتيجة الذهاب سبب تتويج الزمالك بالكونفدرالية    محمد عادل إمام يروج لفيلم «اللعب مع العيال»    تفاصيل حادث طائرة رئيس إيران ومرافقيه.. مصيرهم مجهول    وسائل إعلام رسمية: مروحية تقل الرئيس الإيراني تهبط إضطراريا عقب تعرضها لحادث غربي البلاد    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    سمير صبري ل قصواء الخلالي: مصر أنفقت 10 تريليونات جنيه على البنية التحتية منذ 2014    الأميرة رشا يسري ل«بين السطور»: دور مصر بشأن السلام في المنطقة يثمنه العالم    اتحاد الصناعات: وثيقة سياسة الملكية ستحول الدولة من مشغل ومنافس إلى منظم ومراقب للاقتصاد    استعدادات عيد الأضحى في قطر 2024: تواريخ الإجازة وتقاليد الاحتفال    الإعلامية ريهام عياد تعلن طلاقها    مصدر أمني يكشف حقيقة حدوث سرقات بالمطارات المصرية    قبل إغلاقها.. منح دراسية في الخارج للطلاب المصريين في اليابان وألمانيا 2024    استشهاد رائد الحوسبة العربية الحاج "صادق الشرقاوي "بمعتقله نتيجة القتل الطبي    لبيب: نملك جهاز فني على مستوى عال.. ونعمل مخلصين لإسعاد جماهير الزمالك    الشماريخ تعرض 6 لاعبين بالزمالك للمساءلة القانونية عقب نهائي الكونفدرالية    أول رد رسمي من الزمالك على التهنئة المقدمة من الأهلي    اليوم.. علي معلول يخضع لعملية جراحية في وتر أكيليس    كلية التربية النوعية بطنطا تختتم فعاليات مشروعات التخرج للطلاب    نقيب الأطباء: قانون إدارة المنشآت الصحية يتيح الاستغناء عن 75% من العاملين    حتى يكون لها ظهير صناعي.. "تعليم النواب" توصي بعدم إنشاء أي جامعات تكنولوجية جديدة    عالم بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة    أيمن محسب: قانون إدارة المنشآت الصحية لن يمس حقوق منتفعى التأمين الصحى الشامل    تقديم الخدمات الطبية ل1528مواطناً بقافلة مجانية بقلين فى كفر الشيخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أول ثورة ينجو ديكتاتورها لخطأ إجرائي
نشر في محيط يوم 23 - 12 - 2014

تتم العدالة الانتقالية على عدة مراحل هى على الترتيب: كشف الحقيقة، ثم إجراء المحاكمات، يليه جبر الضرر للضحايا، ثم تأتى مرحلة المصالحة والعفو، وأخيرا الإصلاح المؤسسي، لضمان عدم تكرار الانتهاكات والجرائم ذاتها فى المستقبل، وتعتبر مبادئ العدالة الانتقالية أفضل السبل لتحقيق العدالة الناجزة والمنصفة، فى مرحلة ما بعد الثورات.
وقد حذر المستشار عادل ماجد نائب رئيس محكمة النقض مرارا من أن منظومة العدالة الجنائية بحالتها الراهنة تعجز عن التصدى لتلك الجرائم، كما أنها لن تتمكن من التعامل مع الانتهاكات التي ارتكبت ضد الشعب المصري خاصة الجرائم التى تم ارتكابها ضد المتظاهرين السلميين، حيث رأى أنها تتسم بالتنظيم المؤسسي، وتخرج عن الإطار التقليدى للجرائم المنصوص عليها فى قانون العقوبات،فهى تتميز بالجسامة والضخامة والتنظيم وتتطلب تحقيقات مطولة وإجراءات معقدة لجمع الأدلة الجنائية، وحذر من اثقال كاهل القضاء بقضايا ذات طبيعة سياسية تتطلب قواعد وإجراءات مختلفة للتعامل معها.
مشروع القانون الذى اعده المستشار عادل يوضح كيفية إنشاء وتشكيل المفوضية المناط بها تطبيق آليات العدالة الانتقالية، وحدد أهدافها واختصاصاتها والمهام المنوطة بها ونظام عملها والضمانات المكفولة لها والفترة الزمنية اللازمة لإنهاء أعمالها، فضلا عن اختصاصات اللجان الفرعية التابعة لها مثل لجان "تقصى وكشف الحقائق"و"العفو والمحاسبة" و"جبر أضرار الضحايا".
وينيط القانون بالمفوضية اتخاذ الإجراءات والتدابير الرامية لترسيخ ثقافة حقوق الإنسان، وايجاد المعالجات العادلة والمنصفة لكافة الآثار التى نجمت عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المعرفة فى هذا القانون، والعمل على عدم تكرارها مستقبلاً. كما يحدد مشروع القانون مهام الجهات القضائية والمحاكم المناط بها إعمال آليات المحاسبة القضائية وتطبيق منظومة العدالة الجنائية.
وما يميز المشروع- كما يرى صاحبه- انه أرسى المسئولية الجنائية للقادة والرؤساء ، بمعنى ان القائد أو الرئيس مسئول عما يرتكبه تابعوه من جرائم فى حق المدنيين طالما كانت له سيطرة فعلية على تابعيه من قوات أو ميلشيات وعلم بارتكابهم تلك الجرائم ولم يتدخل لمنعها وقمعها أو محاسبتهم عنها، أو نتيجة عدم ممارسة القائد أو الرئيس سيطرته على تابعيه بطريقة سليمة، ويسرى هذا النص أيضاً على قادة التنظيمات والجماعات والميلشيات التى تعمل خارج الإطار الرسمى للدولة.
ويعتقد ماجد ان أهمية هذا النص تتمثل فى أنه يمكننا من القصاص العادل للشهداء، ممن يسقطون خلال المواجهات والصدامات الجماعية التى يختلط فيها الحابل بالنابل. ويتصدى المشروع كذلك لمعالجة المسائل المتعلقة بجبر أضرار الضحايا، وتتضمن تعويضهم، وإلغاء الأحكام غير العادلة فى حقهم، وإعادة تأهيلهم، وتخليد ذكراهم وحفظ الذاكرة الاجتماعية، اما فيما يتعلق بتحقيق المصالحة الوطنية. فلها مساران: الاول هو المسار القانونى الذى يقوم على إرضاء الضحايا وجبر أضرارهم بما ينزع من نفوسهم وذويهم الرغبة فى الانتقام ويجنح بهم إلى الصفح والمصالحة، والثانى هو المسار المجتمعي، من خلال عقد جلسات جماعية للمصالحة ، بين أطياف المجتمع المختلفة لبحث جذور الخلاف ومعالجة حالات الانقسام .
وقد حدد المستشار عادل ماجد أهم اختصاصات مفوضية العدالة الانتقالية فى "تقصى وكشف وتوثيق الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وجرائم الفساد التى وقعت منذ أول أكتوبر 1981 مروراً بأحداث ثورة 25 يناير وموجتها الثانية فى 30 يونيو 2013 وحتى تاريخ انتهاء آخر أحداث العنف المعروضة على المفوضية، ومعرفة حقيقتها وأسبابها ومداها والمسئولين عنها، وأوجه القصور فى مؤسسات الدولة التى أدت إلى ارتكابها، واعتبر ان من أهم مزايا العدالة الانتقالية هو ضمان حقوق الضحايا الذين صدرت أحكام بالبراءة فى قضاياهم أو لم يعرف قاتلهم أو سقطت دعاواهم بالتقادم.
ماجد اقر بأن هناك خطوات تم اتخاذها من قبل الحكومات المتعاقبة بعد الثورة لتحقيق بعض صور العدالة من تشكيل لجان لتقصى الحقائق وتعويض مصابى الثورة وتكريم شهدائهم، إلا أن الإجراءات عقب الثورة وحتى اليوم تمت بطريقة مجتزأة وغير شمولية، خاصة فيما يتعلق بمعرفة الحقيقة وتحقيق المصالحة، كما انه رغم إنشاء المجلس القومى لرعاية أسر الشهداء ومصابى الثورة ، إلا ان العديد من المصابين وأسر الضحايا مازالوا يطالبون بالقصاص والتعويض العادل ، كما يوجد العديد من المصابين الذين لم يتلقوا التكريم الشخصى الواجب ، ومنهم من طرد من عمله وفقد مورد رزقه بسبب ما أصابه من عجز جسدى جراء إصابته اثناء أحداث الثورة. واتفق معه د. ايمن سلامة الذى قال "ان الدولة ربما تكون قد شرعت فى جبر الضحايا، الا ان عدالة انتقالية دون كشف الحقيقة لما حدث أثناء حكمى الرئيسين المعزولين شعبيا، تعد عدالة "تنميق زائف"، ولابد من كشف الحقيقة حتى نضمن عدم تكرار ذات الانتهاكات فى المستقبل، وايضا لضمان محاكمات عادلة، لمداواة جروح المجتمع، واعادة بناء الدولة بشكل سليم".
سابقة تاريخية
اتعجب من ان يفلت رئيس الجمهورية الأسبق من المحاسبة على ما وقع من قتل للمتظاهرين ،وهو الذى يقع تحت رئاسته كل أجهزة الدولة من شرطة وجيش ولم يتدخل لمنع ما حدث، ثم يفلت من العقاب بسبب "خطأ فى الاجراءات"، و لا توجد ثورة حاكمت ديكتاتورا مستبدا ونجا منها بسبب خطأ فى الاجراءات إلا فى مصر، فالرئيس ليس مسئولا عاديا ، صحيح انه ليس مسئولا بشكل فردى ومباشرعن القتل، وانما بصفته رئيسا للبلاد، ويتابع:" مبارك لم يشترك فى قتل الثوار ، ولم تثبت مساهمته الجنائية الايجابية بأى شكل، ولكن حكم عليه من قبل بالسجن المؤبد مدى الحياة بحكم المسئولية القيادية الرئاسية، التى كانت تحتم عليه وتلزمه بالتدخل لمنع قتل المتظاهرين عن طريق ادوات الدولة المختلفة". وطالب سلامة بالاسترشاد بتجارب 50 ثورة شعبية وحروب أهلية وقعت فى دول مختلفة، قامت بعدها بتبنى اليات العدالة الانتقالية، اما المحاكمات السياسية فتقوم بها البرلمانات كما حدث فى بلغاريا، لكن- يستدرك سلامة- المحاكمة السياسية تكون فى حالة فشل المحاكمة الجنائية، لكن فى حالتنا المحاكمة الجنائية لم تفشل ولا يجب ان تفشل".
ومع تصاعد الأصوات المطالبة بمحاكمة مبارك على ما تسبب فيه على مدى عقود من تدهور فى مجالات التعليم والصحة والزراعة وارتفاع نسب الفقر والبطالة وغيرها من مناحى الحياة، سألنا المستشار عبد الله فتحي‫-‬وكيل نادى القضاة- عن مدى امكانية محاكمته على تلك الجرائم، فقال:" تلك النوعية من الجرائم لم تتعرض لها القوانين الوضعية بشكل عام، وعادة ما تتم المحاسبة على تلك الأخطاء فيما يعرف بالمحاكمات السياسية، ولا يوجد فى القانون المصرى ما يعرف بقوانين المحاكمة السياسية وانما تقتصر العقوبات على الجرائم الجنائية.
ولا يجوز تضمين اية جرائم جديدة فى القانون الجديد لم يتم النص عليها فى القانون المصري، فذلك يخالف ابسط القواعد القانونية، واذا حدث ذلك سيشوب القانون شبهة عدم الدستورية، لكن من الممكن ان يتم تضمنيه عقوبات وشروط جديدة عن تلك المنصوص عليها بالفعل، فقد تكون هناك ثغرات تشريعية فى القوانين الحالية، لكن لايجوز تجريم أية افعال جديدة ومعاقبة احد على ارتكابها بأثر رجعي، وانما تسرى على ما سيقع فى المستقبل فقط ، أما اذا اردنا محاكمة رموز الانظمة السابقة بأثر رجعي، فمن الممكن ان يتم تفعيل القوانين الحالية وادخال اصلاحات تشريعية .
أستاذ القانون الدولي وعضو مجلس الشؤون الخارجية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.