روح هائمة تبحث عن الخلاص .. يلقب نفسه بالمسافر لم يترك شيئا و إلا طرقه من عوالم الانحلال إلى عوالم الروحانية التى فتحت له طاقات لم يكن يتصورها سكنت لها روحه ، و عرف أن " الله واحد و إن سمّي بألف اسم " ، متأثرا بالصوفية الإسلامية و الثقافات الشرقية . هو الأديب البرازيلى " باولو كويلو " الشهير برائعته " الخيميائى " ، ولد في ريو دي جانيرو عام 1947 ، بدأ صراعه الروحى عندما أودعه والده في مصح عقلي وهو في سن السابعة لأنه أراد العمل في المسرح وترك الدراسة ، ذلك العالم الغريب الذى أقحم فيه طفل صغير ترسب فى ذاته حتى خرج لنا فى روايته " فيرونيكا تقرر أن تموت " . هرب كويلو من المصحة أكثر من مرة و كان والداه يعيدونه إليها مكرها ، حتى هرب و انضم إلى "الهيبين " ، ثم انضم إلى " الماركسيين " ، و مارس فى فترة من حياته " السحر الأسود " ، و لكن ظل يؤرقه هذا الفراغ الروحى بداخله فهرب إلى أمريكا ليغرق فى المخدرات هربا من واقعه ، محاولا سد تلك الفجوة التى لم ينجح شيئا فى ملؤها . ولعه بالسفر و التجارب الروحية منذ شبابه ، غير مصيره ، ليستحيل عاشقا للصوفية الإسلامية و الثقافات الشرقية ، مؤمنا بالإله الواحد و الارتقاء الروحى ، ليصنع لنفسه دربا جديدة خطها فى كتاباته بالتعمق فى النفس البشرية و البحث عن الذات ، مثيرا مختلف الأسئلة الفلسفية التى تؤرق الإنسان . و يقول كويلو : كانت الثقافة العربية إلي جانبي خلال معظم أيام حياتي، تبيّن لي أموراً لم يستطع العالم، الذي أعيش فيه أن يفقه معناها . اكتشافي الأول للحضارة العربية الإسلامية كان من خلال العرب المقيمين في البرازيل، ثم طورت معرفتي من خلال قراءة الأدب العربي مثل كتاب ألف ليلة وليلة إضافة للأدب الصوفي مثل كتابات جلال الدين الرومي إلي جانب اطلاعي علي النصوص الدينية. ولمّا مارست الكتابة وجدت أن ثقافتكم في أعماق قلبي وتظهر طبعا في تلافيفها.. لقد أحببت الشرق بعمق ،و أعتبر كتاب "النبي" لجبران خليل جبران كأحد الكتب الحاسمة في حياتي وعملى . أول عمل لباولو كويلو " أرشيف الجحيم " ، و لكنه لم يلق النجاح مع غيره من الأعمال ، حتى قرر الحج إلي مزار القديس يعقوب في كومبوسيتلا سيرا علي الأقدام ، ووضع كتابه " حاج كومبوستيلا " الذى كان بداية نجاحه ، يعرض كويلو فى روايته تجارب روحية كثيرة، تتمثّل في اكتشاف معانٍ جديدة للحب والورع والموت والألم.. و الوصول إلى المصالحة مع النفس . الصوفية وروايات كويلو يقول كويلو عن علاقته بالتصوف الإسلامي: "كتاباتي متأثرة لحد بعيد بتعاليم الإسلام الصوفية لقد ألهمني التصوف بالفعل إلى حد كبير خلال حياتي " . الخيميائى رواية " الخيميائى " كانت معبر كويلو إلى العالمية ، لتنتشر روايته فى أكثر من 150 دولة حول العالم ، تدور الرواية حول علاقة الإنسان بربه و مدى إيمانه و يقينه بذاته و يقينه بالله و بالإشارات التي يرسلها للعبد. تتحدث الرواية عن راع أندلسي يذهب فى رحلة لمصر عبر إسبانيا و المغرب ، بحثا عن كنزه الدفين ، لتحقيق قدره . كويلو عبر روايته أعطى صورة مشرقة للدين الإسلامى ، متحدثا عن المسلمين و أخلاقياتهم، و عباداتهم ، و فرائضهم منها فريضة الحج ، ويقول على لسان التاجر فى الرواية للفتى " الإسلام يأمرنا بإطعام أى جائع " ، و يذكر الآية القرآنية " قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له" . و نقتبس من الرواية مقولته التى تلخص الرواية لحد كبير : " قل لقلبك إن الخوف من العذاب أسوء من العذاب نفسه ، وليس هناك من قلب يتعذب عندما يتبع أحلامه ، لأن كل لحظة من البحث هي لحظة لقاء مع الله والخلود ." و يقول : "إن كل رجل سعيد كان هو ذاك الذي اعتنق الله في داخله، وأنه يمكن للسعادة أن تكون موجودة في حبة رمل بسيطة في الصحراء ، لأن حبة الرمل هي لحظة من عملية الخلق، وأن الكون قد كرّس ملايين وملايين السنين في خلقها " . ألف رواية تسبر أعماق النفس البشريّة ، فى رحلة رائعة لاكتشاف الذات و النمو الروحانى ، نعيش مع باولو و بطلته هلال رحلة صوفية عبر الزمان و المكان . رواية "ألف" تدعونا إلى التأمل في معنى رحلتنا الشخصية و نتساءل: هل نحن حقا حيث نريد أن نكون، ونفعل ما نريد أن نفعل؟ و نقرأ من الرواية : " متى انتابك حس مستمر بعدم الرضا، يعنى ذلك إن الله أوجده لسبب واحد فقط ، عليك أن تغير كل شئ و تمضى" " أمران فقط يمكن لهما أن يكشفا أسرار الحياة العظمى : المعاناة والحب" " الحالمون لا يمكن ترويضهم أبدا" "ماذا يعني لك الله ؟ .. كلّ من يعرف الله يعجز عن وصفه . وكلّ من يقدر على وصف الله لا يعرفه " مكتوب قصص قصيرة تلمس أعماق الروح البشرية ، تنقل لنا حكم من معتقدات و حضارات مختلفة ، فى رحاب الصوفية و التقديس و السمو الروحى . و يقول كويلو : تألف هذا الكتاب من تعاليم تعلمتها من معلمي خلال عشرتنا التي استمرت أحد عشر عاما و به نصوص أخري عبارة عن حكايات وقصص رواها لي أصدقاء وأناس تركوا لي رسالة لا تنسي رغم إني لم التق بهم أكثر من مرة ..أخيرا شيئا فشيئا وجدت في كل ما يجري حولي سببا لكتابة " مكتوب " .. كانت مهمتي هي النسج فقط. و نقرأ من مكتوب : "لكل يوم معجزته. تقبل نعمة الله، أنجز عملك الفني اليوم. غدا يهبك الله نعمة أخرى " " الضيق ليس في العالم .. إنما في الطريقة التي نراها به " "ما دمت على قيد الحياة، فهذا يعنى أنك لم تصل بعد إلى حيث عليك الوصول" "أملك موسيقى الأفلاك ، أملك أنهر العالم بأسره و جباله ، أملك القمر و الشمس ، لأن الله يسكن روحى " "الايمان و الحب والفرح و الصلاة هى الجسور المؤدية إلى الله" "بالتحديد في اللحظة نفسها التي كنت قد عثرت فيها على جميع الأجوبة .. كانت كل الأسئلة قد تغيرت " "سيكون الله إلى جانبكم فى ليالى أرقكم ، و سيخفف حبه لكم الدموع التى تذرفونها سرا" و فى أحد تلك القصص القصيرة التى يحويها الكتاب نقرأ: "عرض خيّال على صديقه قوله : " فلنتوجه نحو الجبل حيث مسكن الله ، أنوى أن أبرهن أنه لا يعرف سوى التطلب ، و لا يقوم بشئ للتخفيف من حملنا أجابه الآخر لا بأس سأرافقك لأظهر إيمانى فى الليل بلغا قمة الجبل و تناهى إليهما صوت تعالى من الظلام : حملا حصانيكما بالحجارة المتناثرة على الأرض قال الخيّال الأول : أرأيت ؟ لا يكفى أننا فرغنا لتونا من التسلق ، يريد أن يثقل من حملنا إنى أعرض عن طاعته أما الخيّال الثانى فأذعن عندما وصلا أخيرا أسفل الجبل ، بزغ الفجر و إذا بشعاعات الشمس الأولى تنعكس بريقا على أحجار الخيّال التقى ، كانت الأحجار ألماسا خالصا يقول المعلم إن قرارات الله غامضة ، لكنها تكون دوما لصالحنا" فيرونيكا تقرر أن تموت " ماذا أفعل في حياتي هذه؟ ولماذا أستمر في العيش؟". يطرح باولو كويلو في هذه الرواية أسئلة جوهرية يردّدها الملايين من الناس يومياً . من خلال فيرونيكا الفتاة الشابة الجميلة التى تملك كل شئ ، و لكن هناك فراغا عميقا بداخلها ، يدفعها للانتحار للتخلص من تلك الحياة الرتيبة .. و لكن كان للقدر رأيا آخر فتستيقظ فيرونيكا فى مصحة للمجانين ، و تكتشف أن محاولتها للانتحار سببت لها عطب فى القلب ،و أنها ستموت . و خلال عملية الانتظار الصعبة تكتشف فيرونيكا وجها آخر للحياة ، لتحيا كل يوم و كأنه آخر يوم . و من اقتباسات الرواية : "مأساة حياة تتشابه أيامها ، و تتكرر أشياؤها" "كل امرئ يدرك وحده مدى العذابات التى يقاسيها ، أو انتفاء معنى الحياة تماما من نفسه" على نهر بيدرا يستأنف باولو كويلو في روايته "على نهر بييدرا هناك جلست فبكيت" رحلته الخاصة لاستكشاف أعماق النفس البشرية، والغوص في تناقضات البشر ، و خيارات الفرد التى تقرر مصيره . كانت بطلة الرواية بيلار تظن أنها سعيدة، فقد حصنت نفسها حيال الحياة والأمل والحب ، حتى تلتقى بصديق الطفولة ؛ وتكتشف إن لديه قدرة على الشفاء وعلى مخاطبة النفوس ، فهل تفتح قلبها له . فى هذة الرواية تتلاقى المصائر ، لتؤكد لنا أن رحلتنا فى الدنيا لن تكون مجدية إذا كانت خالية من الحب . و نقتبس من الرواية : "الله واحد و إن سمّي بألف اسم " "إن الشعائر الدينية التقليدية لها أهميتها؛ فهي تجعلنا شركاء الآخرين في التجربة الجمعية للعبادة و الصلاة. و لكن علينا أبداً ألا ننسى التجربة الروحية هي أولاً تجربة حب عملية. و ليس في الحب قواعد." إن أصغينا إلى الطفل الذي يسكن روحنا ، سوف تبرق عيوننا مجددا . وإن لم نفقد الصلة بذاك الطفل ، لن نفقد الصلة بالحياة " "الحقيقة دائماً موجودة حيث يوجد الإيمان." الجبل الخامس يروي باولو كويلو، في روايته "الجبل الخامس"، قصة النبي إيليا ، و يتعرض لتلك الأسئلة الحائرة التى تداعب الكثيرون حول إضفاء معنى للحياة ، و ورؤية المنحة فى قلب المحنة ، و التوصل لمعجزة الحياة . و نقتبس من الرواية : " في هذا الوقت توقف كثير من الناس عن الحياة ,فهم لا يغضبون ولا يبكون ...ينتظرون فقط ان يمر الوقت ،لا يقبلون تحديات الحياة وهكذا لم تعد الحياة تتحداهم" " دائما يستطيع الأطفال أن يعلموا الكبار ثلاثة أشياء: السعادة بلا سبب ، الانشغال بشيء ما ، ومعرفة كيف يطلبون بكل قوة ما يرغبون فيه. " "الإنصات صعب. ففي صلواتنا نحاول دائما أن نبوح بآثامنا ، ونطلب ما نود أن يحدث لنا. لكن الله يعرف كل هذا ، وأحيانا يطلب منا أن ننصت إلى ما يقوله لنا الكون ، وأن نتحلى بالصبر." الرابح يبقى وحيدا " الروح تتعذب ، وتتعذب كثيرا، عندما نجبرها على العيش على نحو سطحي . الروح تحب كل ما هو جميل وعميق." بهذة الكلمات يلقى باولو كويلو الضوء على عالم الأغنياء و المشاهير ، و يزيل عنهم أقنعتهم ، فى تلك الحياة المادية التى تسحق الروح ، فيقيم الأديب البرازيلى مراجعة للحسابات، و وقفة مع الذات ، في عالم لا يؤمن إلا بالظاهري، جلادون وضحايا أحلام مدبّرة يلهثون خلفها لا يعلمون أن ثمنها باهظ جدا . و نقتبس من الرواية : " نحن جميعا سواء أأحببنا ذلك أم لا نحمل في دواخلنا قوة تدميرية كبيرة وقد تساءلنا جميعا عند حد ما كيف سيكون الأمر لو أننا أطلقنا العنان لأكثر المشاعر كبتاً .. أسننتزع حياة شخص آخر!" الزهير "لماذا الناس حزانى؟.. هذا بسيط. إنهم سجناء تاريخهم الخاص. الكل يعتقدون أن هدف الحياة الأساسي هو أتباع مخطط ما. لا يسألون أبدا إن كان هذا المخطط مخططهم أم إن شخصا آخر قد وضعه لهم. هم يراكمون التجارب، الذكريات، الأشياء، أفكار الآخرين، وهذا يفوق ما يمكنهم مجاراته. ولهذا ينسون أحلامهم" تلك الأفكار التى شغلت الإنسانية جمعاء ينجح كويلو فى إلقاء الضوء عليها ، تلك العجلة التى يدور فيها الإنسان ، هذا المخطط الذى يكرس حياته من أجله ، هل يتمهل قليلا ، و يتساءل إن كان سعيدا أم لا ؟ . فى هذة الرواية التى تلقى الضوء على الحرب فى العراق ، يتوقف الزوج لينظر لحياته بعد أن تركته زوجته ، ليصل بطلنا فى النهاية إلى " الانعتاق الروحى " . و نقتبس من الرواية : "عندما لم يبق لي ما أخسره ، أعطيت كل شئ . عندما كففت عن كوني نفسي ، وجدتها . وعندما خبرت الذلّ وبقيت أمضي ، أدركت أنني حُرّ في اختيار قدري ". "عرفت العديد من الناس الذين كفّوا عن العيش، مع أنهم واصلوا العمل والأكل والانخراط في نشاطاتهم الاجتماعية المعتادة. فعلوا كل شيء تلقائياً، غافلين عن اللحظة السحرية التي يحملها كل يوم معه. لم يتوقفوا يوماً للتفكير في معجزة الحياة، لم يفهموا يوماً أن اللحظة التالية قد تكون الأخيرة على وجه الأرض" بريدا من أنا؟ أول سؤال تطرحه بريدا... سؤال بسيط للوهلة الأولى لكنه الأخطر حين يتعلق الأمر بالإنسان وقدره. لم تقنع بريدا حياتُها، فكانت تبحث عن الأغرب، واستدرجها السحر وطقوسه، لكنها كانت تدرك في قرارتها أن ما تبحث عنه كان أبعد من السحر وأعمق منه بكثير . و يقول كويل وفى روايته : "اني أخشى الموت ، لكن ما أخشاه أكثر من الموت ، هو أن تضيع حياتي هباء ، وأهاب الحب لأنه يحتوي على أشياء تفوق فهمنا ، فهو يلقي ضوءا من نوع خاص ، ولكن ما يخيفني هو ما يلقيه هذا الضوء من ظلال " "مامن شئ في هذا العالم .. ياعزيزتي .. خاطئ تماما ..فحتى هذه الساعة المعطلة .. تشير إلى الوقت الصحيح مرتين في اليوم ." الشيطان و الآنسة بريم في "الشيطان والآنسة بريم" يسرد باولو كويلو قصة غريبٌ يحلّ بين أهل "بسكوس" المشهورة باستقامة أهلها وطيبتهم، و لكنها تعيش على الخرافات القديمة. وبصحبة الغريب شيطان وسبائكُ ذهباً، ورغبةٌ في امتحان طبيعة البشر: هل ينزع الإنسانُ إلى الخير، أم ينزع، فطرياً، إلى الشرّ؟ وهل يُمكنُ أن يكون الخير والشرّ، في طبعه، خالصين؟ و يقول الأديب البرازيلى : " ينبغي للشر أن يظهر ويلعب دوره، لكي يستطيع الخير، في النهاية، أن ينتصر" محارب النور "من هو محارب النور؟" .. "إنه ذلك الفرد القادر على فهم معجزة الحياة!". ، هكذا يبدأ كويلو كتابه الذى يعد مجموعة منفصلة عن كتابه " مكتوب " تحمل حكم من حول العالم فى مجموعة منفصلة عن كتابه " مكتوب " تحمل حكم من حول العالم فى إطار قصصى تحمل الكثير من التصوف الإسلامى ، أعدته مجلة "التايم" واحدًا من أهم 5 كتب في عام 2003. و يقول كويلو : الفخ الذى يجب أن نحذر منه ، الظن بأن كل أيامنا أصبحت متشابهة ، فكل صباح جديد يأتى معه معجزة خفية ، علينا أن ننتبه لها بشدة لاكتشافها " .