اتفق أغلب الخبراء والمتخصصون علي أن قرار رفع سعر الفائدة له سلبيات كثيرة في الوقت الحالي أكثر من إيجابيات القرار، وسادت حالة من الاستغراب لدي الاقتصاديين بسبب رفع البنك المركزي المصرى سعر الفائدة 1%، فالتوقيت غريب لاسيما في بداية السنة المالية ومحاولة الحكومة لترشيد النفقات، وجذب مزيد من الاستثمارات إلي جانب رفع تكلفة اقتراض الحكومة من البنوك. واتفق الخبراء علي أن كبح جماح التضخم ليس برفع سعر الفائدة بل بمراقبة الأسعار والتحكم في الأسواق. وكانت لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري قررت في اجتماعها الخميس الماضي رفع أسعار الفائدة بنسبة 1%، وذلك بعد تثبيتها طوال النصف الأول من العام الجاري، بداعي السيطرة علي زيادة التضخم المتوقعة، بعد رفع الحكومة لأسعار الوقود والكهرباء، والسجائر المحلية والمستوردة. ورفعت اللجنة سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 9.25% و10.25% على التوالي، مقابل 8.25%، و9.25%، كما رفعت سعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 9.75%، مقابل 8.75% ورفع سعر الائتمان والخصم بذات النسبة ليصل إلى 9.75%، مقابل 8.75%. وقال محمد رضا المحلل الفني بالأسواق المالية لشبكة الإعلام العربية "محيط ": إن قرار البنك المركزي لن يكون له أثر كبير علي كبح جماح التضخم كما يقول المسئولون نظراً لأن هناك 25 مليون مواطن معدومي الدخل، وهناك أكثر منهم محدودي الدخل ولديهم دخل ثابت يقابله ارتفاع أسعار في السلع مما ينتج كساد جزئي في السوق . وذكر أن الواقع المصري له ظروف مختلفة لمحاربة التضخم في السوق وأن فكرة رفع الفائدة ما هي إلا فكرة نظرية بحتة لا تتلاءم مع طبيعة الواقع المصري. وأضاف أن فكرة رفع الفائدة لن تكون أداة مفيدة لكبح التضخم فهناك سوق سوداء تتحكم في الأسعار لافتاً بالتوابع السلبية للقرار مثل انخفاض القوة الشرائية للجنيه الناتجة من تنشيط الاستيراد وأيضاً حدوث ضغوط دولارية في السوق في الأيام القادمة، واصفاً بأن محصلة القرار كله سينتج عنه كساد جزئي في السوق. وأشار إلي وجود بدائل عديدة أمام الحكومة للتحكم في التضخم الناتج من رفع أسعار الوقود مثل التحكم في السوق السوداء والسيطرة عليه، تحديد أسعار السلع الإستراتيجية، تحقيق عدالة في توزيع تكلفة رفع الدعم فالمواطن البسيط تحمل رفع الدعم ويجب تحميل الشركات ( الصناعات كثيفة استخدام الطاقة ) التي يذهب إليها 60% من دعم الطاقة، إعادة هيكلة الدعم كله، بالإضافة إلي انشاء هيئة بمراقبة الأسعار يكون لديها صندوق يتدخل وقت الأزمات لضبط الأسعار. تضخم التكلفة الدكتور محمد النجار أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها أوضح أن زيادة سعر رأس المال المتمثل في رفع سعر الفائدة ينتج عنه ما يسمي ( تضخم التكلفة ) أي زيادة في معدلات التضخم والأسعار، لكن من ناحية أخري فإن ميزة رفع سعر الفائدة 1% يشجع المدخرين علي الادخار فهو في صالح المدخرين وليس المستثمرين. وأضاف أن 1% زيادة في سعر الفائدة يعني أن تكلفة الاستثمار ستزيد علي المستثمر حينما يقترض من البنوك ليمول استثماراته. أشار إلي أن زيادة سعر الفائدة 1% في البلدان النامية مثل مصر ليس له معني، لكن في أمريكا إذا زادت سعر الفائدة 0.25% فقط سيكون له اثر شديد. ولفت أن القرار ليس لكبح التضخم لكن لتقليل عجز الموازنة لأن صندوق النقد الدولي عايز كده وهيساعد الحكومة وهيروج ليها. الدكتور نادر إبراهيم قال أنه استغرب بشدة من توقيت القرار ووصفه بأنه غريب جداً في ظل سعي الحكومة لجذب الاستثمارات تتخذ إجراءات عكسية، حيث كان يتوجب تثبيت سعر الفائدة، ورفعها تدريجي 0.25% وليس 1% مباشرة. وأضاف أن الحكومة قللت العجز في الموازنة من رفع الدعم إلا أن رفع سعر الفائدة ستجعل الحكومة تدفع اكتر حينما تقترض من البنوك مما ستجعل الزيادة تلتهم ما وفرته الحكومة من رفع الدعم. وقال أن القرار سيسهم في إحجام الاستثمارات فالشركات ستحجم عن الاقتراض من البنوك بتكلفة عالية إلي جانب نسبة القروض من الودائع لدي البنوك بلغت 60% مما يرفع تكلفة القروض في ظل عدم وجود مشروعات لتوظيف تلك الفوائض. وتوقع أستاذ التمويل حدوث ارتباك في السوق المصرفي والاستثماري، وخصوصا البورصة التي تخوفات واضطراب المستثمرين في جلساتها المقبلة. وأشار إلي أن القرار لن يكبح التضخم فهناك معدلات غير مسبوقة من التضخم تشهدها البلاد نتيجة رفع الدعم عن الطاقة، لافتاً إلى عدم وجود تنسيق بين السياسات المالية والنقدية، وأعضاء لجنة السياسيات النقدية حيث لا يوجد تنسيق بين القطاع المصرفي وممثلين هيئة سوق المال ووزارة المالية ووزارة التخطيط من جانب، والبنك المركزي من جانب أخر. محاولة لجذب رؤوس الأموال ووصفت د. أماني البرى مدرس بجامعة عين شمس القرار بأنه محاولة لجذب رؤوس الأموال إلى البنوك في صورة مدخرات، وأن المتضرر هو الاستثمار المعتمد علي رأس المال. وأشارت إلي أن النظرة المالية للبنوك ورؤيتها للوضع المالي يتيح لها اتخاذ مثل هذه القرارات، ولفت إلي أن الاستثمار منخفض بالأساس فلن يتأثر بشدة كما هو متوقع. وذكرت أن هناك بدائل كثيرة أمام الحكومة يتمثل أهمها في الرقابة علي الأسواق بصورة واضحة ومحددة المعايير وقوية لكل المنتجين ومراقبة أسعار السلع الإستراتيجية كالحديد والاسمنت لان تأثير رفع الأسعار سيكون مضاعف. يذكر أن معدل التضخم السنوي الأساسي الذي لا يشمل السلع المدعمة والمتقلبة الأسعار مثل الفواكه والخضروات بمصر 8.86 % في مايو/ أيار الماضي مقابل 9.11 % في الشهر السابق عليه. وطبقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فقد بلغ معدل تضخم أسعار المستهلكين في المدن 8.2 % على أساس سنوي وفقا لأرقام حكومية نشرت في مايو الماضي. ويعيش أكثر من 25 مليون مصري تحت خط الفقر طبقا لبيانات صادرة عن جهاز التعبئة العامة والإحصاء المصري.