رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد افتتاح مبنى خدمات ومكتبة كنيسة المقطم    محافظ شمال سيناء: كل الخدمات في رفح الجديدة بالمجان    محافظ الأقصر يهنئ الرئيس السيسى بعيد تحرير سيناء    صعود جديد في سعر الفراخ البيضاء اليوم الخميس 25-4-2024 داخل بورصة الدواجن والمحال    بنك ناصر: إتاحة التمويلات الشخصية لموظفي البنوك وكبرى شركات القطاع الخاص بشروط ميسرة    لمدة 6 ساعات قطع مياه الشرب بمنطقة « أ » بحدائق الأهرام مساء يوم الجمعة    وزيرة البيئة: إصلاح نظام تمويل المناخ ضرورة قصوى    ميناء العريش: إنشاء رصيف تجاري بطول 242 مترا لاستيعاب جميع السفن (فيديو)    سعر الذهب في مصر اليوم الخميس مع منتصف التعاملات    محافظ الفيوم: إنجاز عدد من المشروعات الخدمية بالفترة المقبلة    الصحة الفلسطينية تحذر من اقتراب توقف مولدات الكهرباء بمستشفيات غزة    انقطاع خدمة الإنترنت الثابت فى وسط وجنوب غزة    الكرملين يعلق على توريد صواريخ "أتاكمز" إلى أوكرانيا    1118 مستوطنًا يقتحمون المسجد الأقصى.. وآلاف آخرين يؤدون صلوات عند «البراق» (فيديو)    روسيا تلوح باستهداف الأسلحة النووية للناتو حال نشرها في بولندا    تعديل موعد مباراة الأهلي وبترو أتليتكو بكأس الكؤوس الأفريقية    كولر يدرس استبعاد ثنائي الأهلي من مواجهة مازيمبي.. تعرف على السبب    انطلاق فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية بالعاصمة الإدارية الجديدة    ضبط 4 أشخاص كونوا تشكيلًا عصابيًا تخصص في السرقات بالجيزة    لخلافات بينهما.. مسن ينهي حياة زوجته بقطعة خشبية في المنيا    موعد إعلان أرقام جلوس الثانوية الأزهرية 2024    تحقيقات تسريب الكلور داخل حمام سباحة الترسانة: «الحادث ليس الأول من نوعه»    رفع 2000 حالة إشغال متنوعة وتحرير 10 محاضر تموينية في الجيزة    حبس المتهم باستعراض القوة وإطلاق الرصاص وترويع المواطنين بالقليوبية    بنات ألفة لهند صبرى ورسائل الشيخ دراز يفوزان بجوائز لجان تحكيم مهرجان أسوان    خبيرة فلك: مواليد اليوم 25 إبريل رمز للصمود    بدء مطاردة الأشباح.. تفاصيل مسلسل البيت بيتي 2 الحلقة الثانية    بخصوص «تغطية الجنازات».. «سكرتير الصحفيين» يكشف نقاط الاتفاق مع «المهن التمثيلية»    شقو يكتسح شباك تذاكر أفلام السينما.. بطولة عمرو يوسف وأمينة خليل    فحص 260 مواطنًا في قافلة طبية مجانية بالإسكندرية    مصرع شخصين وإصابة 8 آخرين فى حادث سير بين تريلا وميكرباص بصحراوى البحيرة    انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج 4 أغسطس المقبل    انطلاق فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية بمدينة مصر للألعاب    رئيس البرلمان العربي يهنئ مصر والسيسي بالذكرى الثانية والأربعين لتحرير سيناء    أبورجيلة: فوجئت بتكريم النادي الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    أمريكا تطالب إسرائيل بتقديم تفاصيل حول تقارير المقابر الجماعية بغزة    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    سقوط عصابة تخصصت في سرقة الدراجات النارية بالقاهرة    «الصحة»: فحص 6 ملايين و389 طفلا ضمن مبادرة الكشف المبكر عن فقدان السمع    7 مشروبات تساعد على التخلص من آلام القولون العصبي.. بينها الشمر والكمون    الأهلي يصطدم بالترجي التونسي في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    حمزة العيلى عن تكريم الراحل أشرف عبد الغفور: ليلة في غاية الرقي    الليلة.. أنغام وتامر حسني يحيان حفلا غنائيا بالعاصمة الإدارية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    أمر عجيب يحدث عندما تردد "لا إله إلا الله" في الصباح والمساء    توقيع عقد تنفيذ أعمال البنية الفوقية لمشروع محطة الحاويات بميناء دمياط    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    لبيب يرافق بعثة الزمالك استعداداً للسفر إلى غانا    هيئة الرعاية بالأقصر تعلن رفع درجة الاستعداد تزامنا مع خطة تأمين ذكرى تحرير سيناء    علماء بريطانيون: أكثر من نصف سكان العالم قد يكونون عرضة لخطر الإصابة بالأمراض التي ينقلها البعوض    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    مدحت العدل يكشف مفاجأة سارة لنادي الزمالك    هل ترك جنش مودرن فيوتشر غضبًا من قرار استبعاده؟.. هيثم عرابي يوضح    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحالة النفسية للمجتمع المصري بعد نكسة 1967
نشر في محيط يوم 08 - 07 - 2014

كانت الحالة النفسية للشعب المصري بشكل عام و للحكومة المصرية بشكل خاص في وضع حرج للغاية، حيث تجرع الجميع مرارة الهزيمة والانكسار بعد نكسة يونيو 1967، ولكن سرعان ما ظهرت القوى الوطنية بالبحث عن ما يعيد البسمة والثقة في النفس.
وبالفعل قامت بالبحث عن ما يعيد إلى مصر سمعتها و كرامتها من خلال إعادة تكوين المشاعر الوطنية للمصريين وأيضا سرعة تواجدهم على الساحة العربية والدولية حيث أن الصدمة للشعب المصري كانت شديدة جدا اهتزت لها كافة الطوائف وزلزلت القيادة السياسية زلزالا شديدا لدرجة أن أعلن الرئيس جمال عبد الناصر التنحي عن الحكم ولكن كانت وقفة الشعب مع قائده رائعة على كل المستويات – مما أعاد للقيادة السياسية توازنها سريعا ووجهت الحكومة عدة نداءات إلى القادرين للمساهمة في إزالة آثار العدوان وإعادة تسليح الجيش المصري المنهار تماما وقتها.
فالهزيمة تركت أجواء أدت إلى بداية إصلاحات على المستوى الداخلي وخاصة في عامي 68 و69 عندما صدر ميثاق العمل الوطني، وهى أحداث أدت إلى خلق مناخ من تصحيح المسارات والأخطاء، وكان من نتاجها الوصول إلى انتصار 73، ويمكن تتبع انعكاسات نكسة 67 على الواقع المصري على عدة محاور:
المسرح السياسي
التركيبة السياسية للمجتمع المصري
الحالة المزاجية للشعب المصري عقب النكسة
الأدب المصري
دور المثقف المصري في المجتمع بعد نكسة 67
الآثار الاقتصادية
المسرح السياسي
بقدر ما فجرت نكسة 67 الألم والمرارة والدهشة أيضاً في نفس المواطن المصري بل والعربي أيضاً بقدر ما كانت فرصة هائلة لعدد لابأس به من كتاب المسرح ومخرجيه للتعبير عن هذه الأزمة بصورة مكثفة وصادقة إلى حد أما وإن اختلفت درجة صدقها تبعاً لوجهة نظر الكاتب المسرحي في ذلك الوقت فكان ثمة انتعاش للحركة المسرحية على المستوى المصري.
حيث كان لنكسة يونيو أثرها في المسرح السياسي وطرحت أنواعاً من المسرحيات التي تؤلم وتعذب الذات العربية وأيضاً ساعدت إلى حدٍا كبير في إبراز الشخصية النضالية للإنسان الفلسطيني الذي يعانى ويتألم فأصبح في معظم الأعمال المسرحية صاحب قضية يعي أبعادها وقد اكتشف الطريق الذي يوصله لتحقيق أهدافه لاسترجاع حقه ومن هذه الأعمال التي أبرزت هذه الصورة المسرحية التسجيلية (النار والزيتون) لألفريد فرج ،(حفلة سمر من أجل 5 حزيران) لسعد الله ونوس، والتي كانت بمثابة استجابة تسجيلية لنكسة يوليو 1967، كذلك مسرحية (الجندي المجهول) لغسان مطر والتي تشير للانتكاسة العربية من جراء حرب 1967.
ومثلت النكسة نقطة فاصلة في حياة كثير من الشعراء ومثقفي مصر وقتها ومنهم الشاعر أمل دنقل فهزت النكسة دواخله وأخرج رائعته "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" والتي كتبها بعد النكسة بأيام "أسأل يا زرقاء، عن وقفتي العزلاء بين السيف والجدار"! عن صرخة المرأة بين السبي. والفرار؟، كيف حملت العا، ثم مشيت؟ دون أن أقتل نفسي؟! دون أن أنهار، ودون أن يسقط لحمي. من غبار التربة المدنسة، تكلمي أيتها النبية المقدسة، تكلمي. بالله. باللعنة. بالشيطان، لا تغمضي عينيك، فالجرذان تعلق من دمي حساءها ولا أردها!، تكلمي. لشد ما أنا مهان".
كما ظهرت تجربة مصرية تحريضية اتصلت اتصالاً مباشراً بالمواطن المصري العادي وكان لها دورها وصداها المؤثر في جبهتنا الداخلية في ظروف ما بعد نكسة يونيو 1967 وهى تجربة (مسرح القهوة) التي قدمها ناجى جورج. وبرغم أن مسرح ما بعد النكسة قد غلبت عليه سمة حساب النفس وتصحيح الأخطاء وتعذيب الذات العربية إلا أنه قد واكب التطورات السياسية فيما بعد وأعمال المقاومة الفلسطينية حتى أطلق على مسرح هذه الفترة (مسرح الغضب).
التركيبة السياسية للمجتمع المصري
وأن المجتمع المصري تحت تأثير الهزيمة يبحث عن هوية أكثر صلابة وتماسكا وحبذا لو كانت أكثر عمقا واتساعا. ومن هنا بدأت الحركات الإسلامية تنشط في السبعينيات منادية بهوية إسلامية وقد لاقى هذا النداء قبولا عند قطاعات كبيرة من المصريين المحبطين, وهذا يمكن تفسيره نفسيا واجتماعيا بأن المجتمعات في لحظات الضعف والاهتزاز تحاول الرجوع إلى أقرب مرحلة صلبة وقوية في تاريخها لكي تعيد لنفسها الثبات والعزة التاريخية وتستمد منها عوامل القوة والانطلاق.
وتزامنا مع انتعاش الهوية الإسلامية كانت الهوية القبطية تتنامى لدى مسيحيي مصر حيث اتجهوا نحو الكنيسة والتفوا حول قياداتها الروحية يستلهمون منهم الفكر والوجدان والحركة، وفي نفس التوقيت كان ثمة تيار مصري محدود العدد ولكنه قوي الظهور إعلاميا ينادي بالعودة للهوية المصرية الفرعونية القديمة على اعتبار أن الحضارة المصرية هي الحضارة الإنسانية الأم التي ألهمت ومازالت تلهم كل الحضارات الإنسانية ومن هنا ينبهر بها العالم كله وبالتالي تصبح هذه الحضارة منطلقا إنسانيا وعالميا للنهضة المصرية الحديثة.
الحالة الشعبية العربية بعد 67
تركت هزيمة 67 أثرا كبيرا على الحالة الشعبية في مصر التي كانت قبل الحرب هي الرائدة للحالة العربية، وفي بقية العالم العربي عموما: وكان من أهم ملامح تلك الحالة ما يلي:
تمرد شباب الجامعات المصرية بقيادة منظمة الشباب الاشتراكي التي أنشئت لتكون الذراع الشبابية للنظام الناصري وذلك مرتين في سنة واحدة عام 1968 في فبراير عقب محاكمات الهزيمة، وفي نوفمبر من نفس العام احتجاجاً على قمع طلاب المدارس الأزهرية والثانوية في مدينة المنصورة، وكانت مطالب الشباب تتركز على الحريات ومواجهة مراكز القوى والسعي لتحرير الأرض المحتلة.
بعد وفاة الرئيس عبد الناصر عام 1970 وتولي الرئيس السادات السلطة نادي بأن 1971 هو عام الحسم لتحرير الأرض المحتلة، ومر عام 1971 دون حسم فخرجت مظاهرات غاضبة من طلاب الجامعات في فبراير 1972 وتصادمت مع السلطة وأجهزة الأمن واعتقل العشرات، لكنها كانت وسيلة ضغط ناجحة وكانت دافعاً لحدوث معركة العبور عام 1973.
تبلور تيار ماركسي في الجامعات أوائل السبعينيات كل رموزه وقادته من خريجي منظمة الشباب الاشتراكي. ظهر تيار قومي ناصري بدأ يبتعد عن تجربة الدولة الناصرية ويوجه لها نقدا وخاصة فيما يتعلق بالحريات وحقوق الإنسان.
ظهور تيار إسلامي جديد مستقل عن الإخوان تقاسم السيطرة على الحركة الطلابية في السبعينيات مع التيارين الآخرين، ثم انضم عدد كبير من رموز التيار الإسلامي إلى الإخوان نهاية السبعينيات. ( أبو العلا ماضي،مدير المركز الدولي للدراسات بالقاهرة، وكيل مؤسسي حزب الوسط المصري الحالة الشعبية العربية بين حرب 67 واليوم.
وفي نظر كافة النازحين عن قراهم بحرب 1967، تعتبر نكسة يونيو/حزيران هزيمة للجيوش العربية، التي تقاعست عن القتال بعد خسارة الفلسطينيين 22% من أراضيهم التي بقيت بعد احتلال عام 1948، ويقول أستاذ الدراسات الإسرائيلية بجامعة القدس محمود محارب "إن الفلسطينيين لم يكونوا في الحقيقة طرفاً في القتال خلال حرب عام 1967، وما حدث كان هجوما إسرائيليا على مصر والأردن وسوريا". وحسب محارب، فإن إسرائيل احتلت باقي فلسطين بهزيمتها للأنظمة العربية، ولاحقا تركت هذه الأنظمة مهمة تحرير فلسطين للفلسطينيين وحدهم.
الحالة المزاجية للشعب المصري عقب النكسة
أكد الخبراء النفسيين مدى تأثر الحالة المزاجية لدى الشعب المصري بنكسة 1967، وفي هذا السياق أشار د.يسرى عبد المحسن أستاذ الطب النفسي، أن الشخصية المصرية تعرضت منذ عام 67 للعديد من التغيرات ما بين الشعور بالإحباط والاكتئاب، وتميزت بالترابط العميق واختفاء النزاعات والخلافات الشخصية، وتوحد الجميع على كلمة وهي الوصول إلى النصر وهزيمة العدو المحتل للأراضي المصرية، كما أشار د.أحمد هلال الخبير النفسي، أن الحالة المزاجية للمصريين أثناء نكسة 67 جعلتهم يلتفون حول القائد والزعيم جمال عبد الناصر بسبب الظروف السيئة التي طالت البلاد، وطالبوا القائد بالاستمرار في الحكم للخروج من تلك المعضلة السياسية فشهدت تلك الأيام ملحمة نادرة بين الشعب والقيادة الحاكمة للبلاد، واستطاعوا تغيير الظروف من هزيمة إلى انتصار تحدث عنه العالم اجمع.
وأوضح المؤرخ د. شريف يونس أستاذ التاريخ بجامعة حلوان، أن رغم مشاعر السخط والخوف في ظل الدولة البوليسية والفساد إلا أن النظام الناصري كان له شعبية كبيرة ولم ينتظر المصريون أن يحصلوا على أفضل من ذلك، وحاز النظام على تلك الشعبية عام 1956 مع تأميم القناة والعدوان الثلاثي، لذا كان وقع الهزيمة مروعا على نفوس المصريين لم يتوقع أحد تلك النكسة خاصة في ظل التصريحات العنترية من عبد الناصر والحديث عن خطوات للتصعيد يواصل فيها التلميح على أن في استطاعة الجيش المصري الدخول لتل أبيب، فكانت الناس مهيأة للنصر، خاصة بعد صبر طويل يعلن بعده انه كانت فترة تجهيز وأن في استطاعة مصر التصدي لأي هجوم، كما أن مصر كانت حاملة لواء القضية الوطنية، لذا لم تترك الهزيمة للنظام بشيء غير أنه يحاول أن يداري ما حدث، فكان تنحي عبد الناصر الذي رفضه الشعب وأعاد عبد الناصر هذا لأنه لم تكن هناك بدائل حقيقية مطروحة.
الأدب المصري
أكد الناقد الدكتور حسين حمودة على أن "النكسة" أحدثت نقلة كبيرة في طريقة الكتابة الإبداعية، مشيرا في ذلك إلى سمتين أساسيتين ظهرتا في الكتابة أولها سمة التشظى والأغتراب، مضيفا إلى أن الشعر كان له دور فعال في توثيق هذا الحدث، لافتا إلى تجربة أمل دنقل في ديوان "التعليق على ماحدث"، وديوان نزار قباني "هوامش على دفتر النكسة".
وأضاف عبد اللطيف أن هناك اتجاها آخر تناول الحديث عن النكسة من خلال تأثيرها على الشخصية المصرية وتجلى ذلك في رواية "بحيرة المساء" لإبراهيم أصلان، حيث كان بطلها شخصية سلبية مهمشة تعانى من الكثير من الانكسارات، كما كان لأعمال صنع الله إبراهيم تناول لهذا الجانب من خلال روايتيه "نجمة أغسطس" ، "تلك الرائحة"، بالإضافة لرواية علاء الديب "زهر الليمون" التي كان بطلها شخصية بدت تمارس سلوكيات حياتها بنوع من الإكراه أو بشكل آلي.
وأكد القاص والروائي سعيد الكفراوي أن أدب نجيب محفوظ هو أكثر ما تناول الحديث عن النكسة وظهر ذلك في روايته "خمارة القط الأسود"، "ميرامار"، "ثرثرة فوق النيل"، مضيفا إلى ذلك روايتين لتوفيق الحكيم وهم "بنك القلق"، "الصفقة".
وعلى نحو أخر قال الكفراوي إنه كان هناك أعمال أدبية تنبأت بوقوع نكسة 67 أهمها ديوان أمل دنقل "البكاء بين يدى زرقاء اليمامة"، وديوان أخر لمحمد عفيفي مطر "النهر يلبس الأقنعة"، أما الجانب الروائي في التنبؤ بوقوع النكسة تجلى في أعمال يوسف إدريس في روايتي "العيب" ورواية "الحرام" حيث كان مضمونهما الأساسي نلمح فيه التنبؤ بالهزيمة، مضيفا إلى أن مسرح محمود دياب الذى دافع عن المعتقلين والمقهورين كان جزء من أعماله تنبؤ بوقوع النكسة.
ويري الكاتب احمد الخميسي، أن تأثير نكسة 1967 في الأدب المصري لم يظهر بكل أبعاده إلا متأخرا. في حينه اقتصرت النكسة تقريبا على وقائع الهزيمة العسكرية والسياسية ومحاولة التصدي لها بحرب الاستنزاف وحشد القوى لتصحيح أخطاء النظام. أما اختمار نتائج النكسة، خاصة في المجالين الروحي والنفسي، وهما مادة الإبداع الأدبي، فقد استلزم وقتا طويلا، لتصبح الهواجس، والشكوك، والأسئلة شيئا من صميم الروح المصرية. لكن ظهور آثار النكسة كان أسرع في المجال الأيديولوجي والسياسي والثقافي بمعناه العام. ولهذا برزت مبكرا عام 1974 دعوة توفيق الحكيم في "عودة الوعي"(1) لمراجعة حصاد مواجهة الاستعمار بفكرة رئيسية هي أن المواجهة بلا جدوى، ولا فائدة، وأن هذا هو الدرس المستفاد من نكسة يونيو 67. والنتيجة المنطقية المترتبة على تلك الفكرة هي أنه لا مفر من القبول بشروط العدو، ولا مفر من الصلح معه.
دور المثقف المصري في المجتمع بعد نكسة 67
أشار الأديب سمير الفيل إلى أن المثقف في هذه المرحلة لعب دورا لا يقل أثرا عن دور المقاتل. وأرى أن المحنة التي يمر بها الوطن تحتاج إلى تضافر الجهود واجتراح آفاق غير مسبوقة من الفعل الثقافي في الشارع المصري. ونوه إلى أن هناك بلا شك محاولة تسعى إلى" تجهيل الشارع" واختطافه والعبث بخصوصيته لذا فالحرب الثقافية القادمة تتطلب وعيا وثقة بالنفس ونفس طويل واقتراب حثيث من المواطنين لدمجهم بالمشروع الثقافي الأصيل للوطن : مسلميه وأقباطه وحتى اللادينيين.
أكد الكاتب الكبير أحمد الخميسي أن هزيمة يونيو 67 وضعت حجر الأساس لهزيمة ثقافة التحرر والبناء ومعاداة الاستعمار، فعندما ينهار نظام سياسي يدعو لتلك القيم وتصبح صحة تلك القيم موضع شكوك فكرية وتساؤلات عميقة، موضحاً: شهدنا ذلك مع انهيار وزوال الاتحاد السوفيتي الأمر الذي جعل الثقافة الاشتراكية موضع شكوك.
وأضاف الخميس أنه بالرغم من أن انهيار النظم أو تلقيها ضربة موجعة يضع حجر الأساس لهزيمة الثقافة التي كانت تدعمها إلا أنه من الصعوبة بمكان القول بأن تلك الثقافة قد هزمت أو القول بأن هزيمة 67 كانت هزيمة للثقافة المصرية، ذلك أن القيم الصحيحة تواصل حياتها وقد صانت الثقافة المصرية كل القيم الإنسانية والفكرية السليمة واستمرت بها وإن كان ذلك بصورة ضعيفة.
أكد الدكتور عماد أبو غازي وزير الثقافة الأسبق أن هزيمة 5 يونيو 1967 كانت هزيمة عسكرية، واستنفرت الطاقات الثقافية في المجتمع، وفي أعقاب الهزيمة ظهرت تيارات مستقله للثقافة المصرية بين أجيال من المبدعين الشباب في ذلك الوقت، والذين أصبحوا أبرز القامات الثقافية والإبداعية في مصر في المرحلة التالية، مضيفاً أن الحالة الثقافية بدأت من بعد انقلاب يوليو 1952 تظهر تشكيلات ثقافية مستقلة ومختلفة تعمل علي بناء ثقافة جديدة ومختلفة عن ثقافة النظام في ذلك الوقت ،كما ظهرت ظواهر جديدة آنذاك مثل مجلة " جاليري" 1968، جمعية كتاب الغد ،وغيرها، وظهرت مجموعات من المبدعين في السينما ، بالإضافة إلى حركة مسرحية قوية لمواجهة الهزيمة التي وقعت
الآثار الاقتصادية
كانت الخسائر الاقتصادية التي ترتبت على حرب 1967 فادحة، وكان لا بد من امتصاص آثارها عسكرياً وسياسياً واقتصادياً. والذي مكن من ذلك حينئذ وحتى نصر أكتوبر 1973 هو الوضع الجيد نسبياً الذي انطلق منه الاقتصاد المصري عام 1961. فضلاً عن سيطرة الدولة على الاقتصاد في ذلك الحين. وبالتالي تمكنت مصر من أن تقوم بعملية تعبئة للإعداد لحرب أكتوبر 1973، بالاعتماد على القدرات الاقتصادية والحيوية للدولة.
ففي إطار ترشيد استخدام الموارد وتحويل جزء منها للأغراض العسكرية، اتخذت الحكومة المصرية العديد من الإجراءات للحد من الاستهلاك، وتعديل الميزانية، ورفع أسعار بعض السلع والخدمات، وفرض ضرائب إضافية، وزيادة نسب الادخار الإجباري للعاملين المدنيين، خاصة وأن الزيادة في النفقات العسكرية لم تصاحبها زيادة في الموارد الكلية، بل أن كثيراً من موارد الدولة قد اعتراها النقص مثل:
انخفاض إيرادات القطاع العام نسبياً.
انخفاض إيرادات السياحة.
توقف إيرادات قناة السويس.
توقف إيرادات صادرات بترول سيناء
تأثرت الطاقة الإنتاجية بسبب الحرب بالذات في منطقة القناة، مما أدى إلى تهجير سكانها، ونشوء الحاجة لموارد إضافية لإعادة تسكينهم بعيداً عن المناطق العسكرية انخفضت حصيلة بعض الضرائب نتيجة للتراخي في بعض فروع النشاط الاقتصادي، ولذلك اتجهت ميزانية 1967/1968 إلى تخفيض الإنفاق الجاري المدني، والحد من الإنفاق الاستثماري ليصل إلى 12 % من الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة الإنفاق العسكري إلى 718 مليون دولار (وهذا الاتجاه نحو زيادة النفقات العسكرية استمر خلال الفترة من 1968 – 1974 بملايين الدولارات على النحو التالي (740 – 1263 – 1442 – 1320 – 1829 – 2295) وبالتالي تأثرت معدلات النمو والاستثمار والادخار. (انخفضت إلى حوالي 3 % سنوياً في الفترة 1967 – 1973، وإلى حوالي 8 % من الناتج القومي عام1973، ولكن ما يجب أن يذكر في الجانب الاقتصادي، أنه وفي ظل النكسة حافظت مصر على نسبة النمو الاقتصادي قبل النكسة والتي بلغت 7% حسب تقرير البنك الدولي رقم «870 أ» عن مصر الصادر في واشنطن بتاريخ 5 يناير 1976.
بل أن هذه النسبة زادت في عامي 1969 و 1970 وبلغت 8% سنويا. كانت تلك النسبة للنمو الاقتصادي في مصر لا مثيل لها في العالم النامي كله حيث لم يزد معدل التنمية السنوي في أكثر بلدانه المستقلة خلال تلك الفترة عن اثنين ونصف في المائة بل أن هذه النسبة كان يعز مثيلها في العالم المتقدم باستثناء اليابان، وألمانيا الغربية، ومجموعة الدول الشيوعية.
اقرأ فى هذا الملف "العاشر من رمضان .. يوم لن تنساه إسرائيل"
إبراز الدور العربي في نصر أكتوبر
حرب أكتوبر.. في عيون الفن والأدب
العمليات العسكرية من النكسة إلي حرب الاستنزاف
جولات الصراع العربي الإسرائيلي منذ حرب 1948 حتى اتفاقية السلام 1979
المجتمع المصري أثناء حرب أكتوبر .. اللصوص والمجرمون في «أجازة»
حرب أكتوبر درس إسرائيل الذي لن تنساه
أسرار المراسل الحربي على خط النار
العمليات العسكرية في حرب أكتوبر 73
يوميات الصحافة المصرية لحرب أكتوبر
** بداية الملف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.