129 متدربا اجتازوا 4 دورات بختام الأسبوع 31 من خطة المحليات بمركز سقارة    بشري سارة.. تفاصيل أول إجازة رسمية بعد عيد الفطر    مسئول بأوقاف البحر الأحمر: زيارة وكيل مطرانية الأقباط الكاثوليك تعزز روح المحبة    صندوق النقد: مصر تمتلك حرية التدخل لدعم الجنيه عند الحاجة    عضو ب«مستقبل وطن» يطالب الحكومة بتطوير الجزر الصناعية: تعزز النمو الاقتصادي    «إكسترا نيوز» ترصد إجمالي المساعدات المصرية لغزة عبر معبر رفح خلال 24 ساعة    بيلينجهام يمدح حارس الريال بعد التأهل لنصف نهائى دورى أبطال أوروبا    الاتحاد الأوروبي: نرفض أي عملية عسكرية في رفح الفلسطينية ونخشى حدوث كارثة    ترامب يهاجم المحلفين المحتملين: نشطاء ليبراليون سريون يكذبون على القاضى    وزير الدفاع الأرجنتيني: نتطلع لنكون شريكًا عالميًا لحلف الناتو    سيدات الأهلى يهزمن دى جى إس بى الكونغولى فى الكؤوس الأفريقية لليد    أحمد حسن يكشف مفاجأة بشأن صفقات الزمالك الجديدة    محمد شريف يقود هجوم الخليج أمام التعاون في الدوري السعودي    الشوط الأول.. سيراميكا يتعادل 1-1 مع الاتحاد فى دورى Nile.. فيديو    اتفاقية تمويل لدعم قطاع التعليم والتدريب الفني والمهني مع «الاتحاد الأوروبي»    الحماية المدنية بالفيوم تسيطر على حريق في منزل دون إصابات بشرية    بعلم والدتها.. أب يتهم جاره بالتعدي على ابنته في الجيزة    خنقه بالقميص.. الإعدام لعامل جمع قمامة هتك عرض زميله وقتله في الإسكندرية    وضع 29 مجسما لأشهر معالم وشخصيات الإسكندرية في مدخل ديوان المحافظة    بالأراجوز وخيال الظل.. «القومي لثقافة الطفل» يحتفل باليوم العالمي للتراث    يسهل إرضاؤها.. 3 أبراج تسعدها أبسط الكلمات والهدايا    تكريم سيد رجب وإسلام كمال وأحمد عرابى بمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    تعاون ثقافي بين مكتبة الإسكندرية ونظيرتها الوطنية في بولندا.. أبحاث وورش عمل    مفتي الجمهورية يفتتح معرض «روسيا - مصر..العلاقات الروحية عبر العصور» بدار الإفتاء..صور    بعد انتهاء شهر رمضان .. جودر يتصدر نسب المشاهدة في مصر    هل يجوز صيام يوم الجمعة منفردا للقضاء؟.. «أزهري» يحسم الجدل (فيديو)    لو هتخرج من بيتك.. 5 نصائح لأصحاب الأمراض المزمنة أثناء التقلبات الجوية    جامعة كفر الشيخ تستضيف المؤتمر السنوي السادس لطب وجراحة العيون    قافلة طبية تخدم 170 مواطنًا بقرية الحمراوين في القصير البحر الأحمر    رئيس «الرقابة الصحية» يترأس الاجتماع الأول لإعداد وتطوير معايير تسجيل مراكز ولجان البحث العلمي الإكلينيكي (تفاصيل)    تنسيق 2024.. برامج طب وصيدلة لفرع جامعة وسط لانكشاير بالعاصمة الإدارية    شوقي علام يفتتح أول معرض دولي بدار الإفتاء بالتعاون مع روسيا (صور)    الاتحاد الأوروبي: توقيع اتفاقية تمويل جديدة مع مصر لدعم التعليم الفني والمهني    "الإسكان" تكشف تفاصيل مبادرة سكن لكل المصريين وموعد تسليم الشقق الجديدة    الطاقة الإنتاجية لصناعة البتروكيماويات الإيرانية تزيد عن 100 مليون طن    محافظ الشرقية: إحالة المقصرين في عملهم بالمنشآت الخدمية للتحقيق    أرتيتا يرفض الاستسلام للأحزان بعد خروج أرسنال من دوري أبطال أوروبا    تأجيل محاكمة حسين الشحات في واقعة ضرب الشيبي لجلسة 9 مايو    خاص.. لجنة الحكام تعترف بخطأ احتساب هدف الزمالك الثاني ضد الأهلي    وفاة معتمرة من بني سويف في المسجد النبوي بالسعودية    إلغاء إقامتها.. مفاجأة جديدة عن بطولة الدوري الأفريقي في الموسم الجديد    وكيل الأزهر يتفقد التصفيات النهائية لمشروع تحدى القراءة في موسمه الثامن    زاخاروفا: مطالب الغرب بتنازل روسيا عن السيطرة على محطة زابوروجيا ابتزاز نووى    5 خطوط جديدة خلال الربع الأول من العام تستقبلها موانئ دبي العالمية السخنة    وكيل صحة قنا يجتمع مديري المستشفيات لمناقشة اللائحة الجديدة وتشغيل العيادات المسائية    إعادة تشكيل الأمانة الفنية للمجلس الأعلى للتعريفة الجمركية    إعدام طن مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك الآدمي بسوهاج    النواب في العاصمة الإدارية.. هل يتم إجراء التعديل الوزاري الأحد المقبل؟    مدفوعة الأجر.. الخميس إجازة للعاملين بالقطاع الخاص بمناسبة عيد تحرير سيناء    ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبى جرائم الاتجار غير المشروع بالعملة الأجنبية    ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبي جرائم الاتجار في النقد الأجنبي    دعاء العواصف.. ردده وخذ الأجر والثواب    مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون: «لا نتوقع ضرب إيران قبل عيد الفصح»    ردد الآن.. دعاء الشفاء لنفسي    وزير التعليم العالي يبحث تعزيز التعاون مع منظمة "الألكسو"    بلدية النصيرات: غزة تحوّلت إلى منطقة منكوبة جراء حرب الإبادة الإسرائيلية    علي جمعة: الرحمة حقيقة الدين ووصف الله بها سيدنا محمد    بيان عاجل من اتحاد جدة على تأجيل لقاء الهلال والأهلي في دوري روشن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكرى "نكسة 67".. كتّاب ومثقفون يروون تأثير النكسة على الحركة الثقافية
نشر في الوادي يوم 05 - 06 - 2013

أبوغازي: هزيمة يونيو كانت هزيمة لأحلام الناس ومشروعهم الوهمي فأخرجت طاقات إبداعية عالية
صبحى موسى: نكسة يونيو هزيمة لجماعة ثقافية غرقت فى انتهازيتها
الأبنودي: المثقفون يشمئزون من "تلويث قمصانهم" في زحام الجماهير
يسري عبدالله: نكسة 67 تركت أثرا عميقا في مجرى الكتابة المصرية
الاديبة سهام ذهنى: جيل عصفت به الهزيمة وجيل يواصل الكفاح لتحقيق العدالة
شعبان يوسف: المثقفون عقب هزيمة يونيو انخرطوا مع الشارع
أحمد الخميسى:هزيمة يونيو وضعت حجر الأساس لهزيمة ثقافة التحرر
أكد الدكتور عماد أبو غازي وزير الثقافة الأسبق أن هزيمة 5 يونيو 1967 كانت هزيمة عسكرية، واستنفرت الطاقات الثقافية في المجتمع، وفي أعقاب الهزيمة ظهرت تيارات مستقله للثقافة المصرية بين أجيال من المبدعين الشباب في ذلك الوقت، والذين أصبحوا أبرز القامات الثقافية والإبداعية في مصر في المرحلة التالية، مضيفاً أن الحالة الثقافية بدأت من بعد انقلاب يوليو 1952 تظهر تشكيلات ثقافية مستقلة ومختلفة تعمل علي بناء ثقافة جديدة ومختلفة عن ثقافة النظام في ذلك الوقت ،كما ظهرت ظواهر جديدة آنذاك مثل مجلة " جاليري" 1968، جمعية كتاب الغد ،وغيرها، وظهرت مجموعات من المبدعين في السينما ،بالإضافة إلى حركة مسرحية قوية لمواجهة الهزيمة التي وقعت.
وأشار إلى أن نكسة 5 يونيو كانت هزيمة لأحلام الناس ومشروعهم الوهمي، موضحا أن المثقفين كان يعيشون في وهم الانتصار وحلم العروبة ، لكنهم أفاقوا على هزيمة استفزت المبدعين وأخرجت منهم طاقات إبداعية ظلت موجودة حتى الآن، موضحاً أن الحالة الثقافية بعد نكسة 5 يونيو مختلفة تماما عن الوضع الثقافي الآن، بعد ثورة أزالت رأس النظام وفتحت أفاقا جديده أمام المجتمع، منوها إلى أن الثورة لم تكتمل حتى الآن ولم تحقق أهدافها ، وهناك حالة ثورية حديثة في المجتمع من 2011 ومازالت آثارها موجودة، ومهما حاولت قوى مختلفة أن تقضي على هذه الحالة الثورية لن تستطيع، مؤكداً أن الحالة الثورية مرتبطة بحالة إبداعية ، والثورة جاءت نتيجة حراك ثقافي قبل سنوات من الثورة ولا مجال للمقارنة بين الوضع الحالي والوضع الذى كان سائدا قبل وبعد 5 يونيو.
أما الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي أكد أننا نكتشف دائما في المآزق الوطنية الكبرى أن المثقفين يتكئون على "عكاز من قطن" سرعان ما لا يصمد أمام المهازل الوطنية الكبرى، تجسد هذا بصورة لا مثيل لها بعد النكسة مباشرة، موضحا أن الجميع وقعوا في هوة اليأس ، واعتبروا أنهم المسئولون عن هذه الكارثة.
وأضاف الأبنودي أننا كنا نلتقي يوميا بعد نكسة 5 يونيو 1967 ، ونتناقش في أحوال البلد بسرية طبعا، في ظل النظام الناصري " البوليسي" ، ونفرغ ما في جعبتنا من انتقادات ومؤاخذات ونعتبر أننا ناضلنا، وشاركنا ونعود الى بيوتنا سعداء، مشيراً إلى أنه حين حدثت نكسة 5 يونيو 1967 حدثت الفاجعة في الوسط الثقافي كأنهم لم يكونوا يتوقعون الهزيمة، وهذا الأمر نفسه الذي يحصل الآن بعد ثورة 25 يناير التي سرقت منهم.
وقال الأبنودي إننا المثقفين مازلنا أفرادا لا يجمعنا إطار، ولذلك فإن أصغر مجموعه منظمة ، سواء كانت من الدولة ،أو من أي اتجاه آخر تستطيع أن توقعنا في هوة اليأس، موضحا أن المثقفين في 1967 كانوا يائسين واعتبروا أن الهزيمة نهاية العالم، والآن على الرغم من أن حماس الثورة بث بعضا من المقاومة في عروق المثقفين فإنهم يدورون حول أنفسهم، مؤكداً أن الوضع لم يختلف عن 1967 رغم أنهم فى ثورة يناير شاركوا فى الحلم، أما في النكسة فلم يأخذ أحد برأيهم ، والنظام العسكري هو الذي قادهم إلى النكسة، وإلى هزيمة لم يرتكبوها ومع ذلك ظلوا يحملون وزرها.
وأوضح الأبنودي أنه خلال تلك الفترة قدم مجموعة من القصائد التي اعتبرها المثقفون خارج السرب مثل "عدى النهار ، يا بيوت السويس" وهذه القصائد كانت تثير العجب لدى المثقفين الذين لم يكتشفوا قيمتها إلا في وقت قريب، مشيراً إلى أن الثورة التي شارك فيها المثقفون بعاطفه كبيرة وبجهد لا ينكر، سرقها منهم مجموعة من الجماعات المنظمة التي أخذت كل شيء في الدولة ، منوها إلى أن المثقفين الآن في نفس الحيرة والإحساس بالعجز الذي وقعوا فيه من قبل ، والآن ينتظرون معجزة -في زمن انتهت فيه المعجزات- لتطيح بما اختطف الثورة، قائلاً معبرا عن رأيه: "إن الثورة "عمل يدوي دائما" والمثقفون يشمئزون من فكرة " تلويث قمصانهم " في زحام الجماهير،وليس أمامهم سوى الانخراط في العمل الجماهيري ولا أعني بذلك أن يصبحوا أفرادا في حزب أو تنظيم وإنما أن ينزلوا الى الشارع ويشاركوا الجماهير".
فيما ترى الروائية سهام ذهنى ان من اثار هزيمة يونيو انها جعلت جيلا من الأدباء عصفت بهم الهزيمة إلى درجة أن بعضهم واصل الإحباط حتى في عز ساعات الإنتصار خلال أكتوبر 1973، بل إن البعض الآخر منهم قد استمر في حالة يمكن أن نطلق عليها تعبير أنهم قد احترفوا اليأس والغموض إلى درجة جعلت الكثير من القراء يهربون من القراءة.
وتقول ذهني ان الهزيمة العسكرية في يونيو 1967، التى كانت صدمة للوجدان العربى باعتبارها مرحلة متميزة من مراحل الصراع العربي - الإسرائيلي، وظهر ذلك واضحا فى الكثير من القصائد التى ترفض الهزيمة وتتغنى بالمجد العربى القديم وتبث الامل حتى جاء نصر اكتوبر وواصلت مرحلة النقد بين المثقفين العرب ما بين، مؤكدة أن الشخصية العربية تزخر بالكثير من الإيجابيات التي هي ميراث الأجداد المتعاقبة بنضال ثورى وثقافى واجتماعى وعسكرى يناضل بشرف ضد اى عدوان وان اى انسكار لابد له من اعتدال وعودة الى الحق للحفاظ على التراب الوطني، هذه الأجيال تمارس الى الان الكفاح والمواجهة ضد الفاسدين بتجمع جموع الشعب من كل الفئات وليس المثقفين فقط لتحقيق العدالة الاجتماعية للجماهير وهو الذى جعل الناس تخرج فى يناير عام 2011 وتواصل الكفاح لتحقيق تلك العدالة الاجتماعية التى من اهم اهداف الثورة ونعتمد تتحقق تلك العدالة سيكون للثقافة شأن كبير.
وقال الروائى والكاتب صبحى موسى إن هزيمة 5 يونيو 1967 كانت هزيمة للوعي الجمعي، فرغم أنها على المستوى العسكري لا تمثل الكثير إلا أنها بالنسبة لدرجة الإيمان بهذا الحلم كانت بمثابة القنبلة التي نسفته من جذوره، مضيفاً: ظل المتشبثون به كجماعات مشعوذة لا تعرف كيف تعود إلى ماضيها القومي ولا كيف تعود إلى أحلامهما المغدورة، ومن يومها والوعي العربي في حالة من الاهتزاز التي حولته من طوباوية عظيمة إلى انتهازية مفرطة، وكان المثقفون بوصفهم جماعات هامشية ملحقة على ضفاف السلطة من أكثر الجماعات التي انتبهت إلى ذلك، فغرقت في انتهازيتها التي أفقدتها القيمة والاعتبار.
وأكد موسى أنه لم يعد لدينا مثقفون بقدر ما أصبح لدينا متربحين من الثقافة، وخدم أصلاء للسلطة في جانب وحين، وانتهت إلى وقتنا هذا فكرة المثقف المستقل، بل إنهم بحكم انزوائهم تحت ظلال السلطة راحوا يعاقبون كل من يفكر في الخروج عليها، وكل من يسعى إلى إيجاد موارد رزق بعيدا عنها، ولنا أن نتصور معاناة رجل كصنع الله إبراهيم حين رفض جائزة الرواية، وكيف تحول إلى كائن لا ينبغى الاقتراب منه، بل إن بعضهم راح يفسر أن ما صنعه صنع الله ليس إلا محاولة لزيادة سعره في الفضائيات والترجمة وغيرها.
وتابع موسى لنا أن نتصور أن شاعرا بقدر عفيفي مطر الذي سعى لأن يكون مختلفا كيف تم التعامل معه حتى أصبح أصاغر الناس من خدم السلطة هم المقربون لديه، هؤلاء كانوا يمثلون نوعا من الارهاب له، كان يخشى منهم ويتبرع بتلبية طلباتهم، هذه الانتهازية التي أصابت الجميع لم تخلق لدينا قامات ولا مرجعيات، وخلقت أسماء مصحوبة بتشوهات لاحصر لها، كل ذلك كان مفرحا للسلطة التي انهزمت عسكريا لكنها ظلت قوية مركزيا، قوية في شكلها الأمني والمخابراتي واستذلالها للبشر، هؤلاء الذين تخلوا عن كونهم مرجعيات فكرية وثقافية يصدقها الناس ويؤمنون بكل ما تفعل، وتحولوا إلى مجموعات من الرعاع الباحثين عن سبوبة أو فضلة خير أو بقايا موائد.
ونوه موسى إلى أنه وللأسف الشديد فإن ثورة يناير أطاحت بالنظام لكنها لم تستطع أن تطيح بهذه الأمراض من النفوس، ومن ثم فمع استبدال السلطة بسلطة جديدة انقسم الجميع إما رافض لأنه فقد شيئا ما، أو خانع متوار كي لا يفقد شيئا ما، أو مرحب مهلل لأنه يريد شيئا ما، وهؤلاء جميعا مرضى لا علاج لهم سوى أن يظلوا خدما، وجميعهم يحملون قسوة لانظير لها، فبإمكانهم قتل أعز الناس عليهم إذا كان مختلفا عنهم، أو أن وجوده سيفقدهم شيئا ما، والقتل لديهم أهون بكثير من رفع أعينهم في وجه أسيادهم.
قال الأديب سمير الفيل إن الهزيمة المدوية لمصر في الخامس من يونيو سنة 1967 كانت محاولة لهزيمة المشروع القومي العروبي في مصر الصاعدة بقوة باتجاه تجربة مختلفة وتطبيق نوعي للاشتراكية، مضيفاً أن دول الغرب تكتلت وكانت أمريكا رأس حربة لإجهاض هذا المشروع والقضاء على تجربة التنمية والتصنيع وبناء دولة عصرية حديثة لصالح المشروع الصهيوني . لذا سيلاحظ المراقبون تراجع المشروع الوطني ونهوض الدعاوى الدينية والأصولية.
وأشار الفيل إلى أن حرب يونيو 67 كانت صدمة للمصريين والعرب جميعا . وما حدث هو نفسه ولكن مع الفارق مع ضرب محمد علي من خلال معاهدة لندن 1840 لتحجيمه. وتابع: بلا شك تأثرت الثقافة المصرية لكنها في رأيي لم تفقد البوصلة فقد بدأ بناء جدار ثقافي عنيد ينهض على فكرة المقاومة في بورسعيد والسويس وفي الاسماعيلية وتحولت الثقافة لدعم تطلع المصريين للتخلص من الهزيمة. في هذا الوقت لم تطفأ أنوار المسارح ولا دور السينما ولا كفت فرق الفن الشعبي عن ممارسة نشاطها بل تولدت تقافة بنت الشارع كما في فرق السمسمية وأولاد الأرض وأولاد البحر وشخصيا شاركت في أمسيات شعرية في مختلف القرى والنجوع ( خلال حرب الاستنزاف 1969 1970) . انهزمت الآلة العسكرية ولم تنهزم الثقافة بل واصلت بسط جمالياتها وأفكارها.
وأشار الأديب سمير الفيل إلى أن المثقف في هذه المرحلة لعب دورا لا يقل أثرا عن دور المقاتل. وأرى ان المحنة التي يمر بها الوطن تحتاج إلى تضافر الجهود واجتراح آفاق غير مسبوقة من الفعل الثقافي في الشارع المصري. ونوه إلى أن هناك بلا شك محاولة تسعى إلى" تجهيل الشارع" واختطافه والعبث بخصوصيته لذا فالحرب الثقافية القادمة تتطلب وعيا وثقة بالنفس ونفس طويل واقتراب حثيث من المواطنين لدمجهم بالمشروع الثقافي الأصيل للوطن : مسلميه وأقباطه وحتى اللادينيين.
وأكد أنه يتصور أن ثمة تجارب طليعية مثل" الفن ميدان " و" الجرافيكي " و" تجارب السينما التسجيلية الشابة " و" الغناء الوطني الحر" تحتاج إلى الوقوف خلفها. وأن ثمة طموح لتحرير الثقافة المصرية من قبضة المؤسسة . وعلى ما أظن فإن هذا هو دور المثقف العضوي الذي لابد ان يصبح مثقفا عضويا بمفهوم جرامشي. وقال سمير الفيل : برغم وجود سحب من الكآبة واللاجدوى إلا أن الاستسلام تقترب من الخيانة. بالاساس الكتابة والفن يحتاج إلى طموح وبهجة وقوة ارادة وهذا ما أحاوله شخصيا بنشر ثلاث مجموعات قصصية رغم جو القنوط الذي يحيط بالوطن.
وأكد الكاتب والشاعر شعبان يوسف أن هزيمة يونيو لم تكن هزيمة للمثقفين ، بل بالعكس كانت بمثابة استنهاض للطاقات والهمم والمشاعر والطاقات المختزنة أو المستترة، وكانت استنفارا لحماس الشعراء والمسرحيين والمفكرين، ومن يعود إلى أدبيات تلك الفترة سيجد أن أشعارا كثيرة كتبها مبدعون مصريون مثل عبد الرحمن الأبنودى وسيد حجاب ، رغم أنهم كانوا خارجين للتو من معتقلات الناصرية.
وتابع يوسف: كذلك كتب صلاح جاهين وفؤاد حداد ، وكان هناك تصميم وإصرار على تجاوز الهزيمة العسكرية إلى الانتصار الثقافى ، وهناك كتاب ومفكرون راحوا ليبحثوا فى تاريخ المصريين لاكتشاف مساحات مضيئة من التاريخ، مثل الدكتور لويس عوض، وأنشأت الدولة سلسلة تحت عنوان "فى المعركة" كتب فيها الدكتور غالى شكرى وميشيل كامل وخيرى عزيز ومكرم محمد احمد ومصطفى بهجت بدوى.
ونوه يوسف إلى أنه المجلات الثقافية كذلك أعدت ملفات وأعدادا كاملة عن ما حدث كانت الحياة الثقافية والمثقفون مجندين لخدمة اللحظة بكل انفعالاتها، وتحركت كل الطاقات نحو النصر، حتى الاحتجاجات والتمردات التى قادها مثقفون كانت تقف فى صف السلطة المهزومة، وتؤازرها من أجل هذا النصر المشهود ، والذى تحقق قدرا منه فى اكتوبر 1973، وكانت بوادره فى حرب الاستنزاف ، وهناك كتاب للدكتور أحمد حجى يتحدث فيه عن موقف المثقفين تجاه مايحدث، وبذلك كان المثقفون كسروا حواجز العزلة وانخرطوا بشكل كبير مع الشارع وظهر تأثيراتهم العديدة فى السينما والمسرح والشعر.
أكد الكاتب الكبير أحمد الخميسى أن هزيمة يونيو 67 وضعت حجر الأساس لهزيمة ثقافة التحرر والبناء ومعاداة الاستعمار، فعندما ينهار نظام سياسي يدعو لتلك القيم وتصبح صحة تلك القيم موضع شكوك فكرية وتساؤلات عميقة، موضحاً: شهدنا ذلك مع انهيار وزوال الاتحاد السوفيتي الأمر الذي جعل الثقافة الاشتراكية موضع شكوك.
وأضاف الخميس أنه بالرغم من أن انهيار النظم أو تلقيها ضربة موجعة يضع حجر الأساس لهزيمة الثقافة التي كانت تدعمها إلا أنه من الصعوبة بمكان القول بأن تلك الثقافة قد هزمت أو القول بأن هزيمة 67 كانت هزيمة للثقافة المصرية، ذلك أن القيم الصحيحة تواصل حياتها وقد صانت الثقافة المصرية كل القيم الإنسانية والفكرية السليمة واستمرت بها وإن كان ذلك بصورة ضعيفة.
وأوضح الخميسى أنه بالنسبة للمثقف نعم كان له دور دائما. لكنه دائما كان دورا محدودا بحدود تأثير الثقافة ذاتها في مجتمع نصفه يعاني من الأمية الأبجدية، والغالبية تعاني من أمية ثقافية. في ظروف كتلك يصعب القول بأنه كان للمثقف تأثير كبير. لكن كان له تأثير ودور من دون شك حتى لو كان محدودا، مشيراً إلى أن المطلوب من المثقف حاليا أن يصبح مواطنا بالدرجة الأولى. في الحروب يتحول المثقفون إلي مقاتلين ومحاربين، يشاركون فيها ليس بصفتهم أدباء بل بصفتهم مواطنين مقاتلين.
وتابع الخميسي قائلا: في الظروف التي تمر بها مصر يجب أن يغدو المثقف مواطنا أولا، ينزل إلي الشارع ويشارك في بناء الوعي بين الناس، ويشارك في بلورة المفاهيم السياسية، وتحديد الاتجاه العام للوطن . لكن هذا كله عبء كبير على مثقف اعتاد أن تقتصر علاقته بالثقافة على الإبداع بالكلمة والريشة والنغمة والقصيدة . لكن المواطنة وتحمل عبء هموم الوطن هي دور المثقف الآن.
فيما يرى الناقد يسري عبدالله أن نكسة 67 ربما قد تكون أثرت تأثيرا عميقا في مجرى الكتابة المصرية، والعربية، وبما يمكننا من القول إن هزيمة يونيو لم تكن محض هزيمة مادية، ولكنها كانت تعبيراً عن تداعي الحلم الناصري آنذاك، وإشارة دالة على اتساع الفجوة بين الشعار، والممارسة، ورغبة قوى الاستعمار العالمي متحالفة مع القوى الرجعية في قنص التجربة الوطنية المصرية في الستينيات، والقضاء على فكرة الاستقلال الوطني والتحرر التي انتهجها جمال عبدالناصر.
وأضاف يسري أنه ربما كان الصدى الأوسع متمثلا في عدد من الأعمال الأدبية شعرا وسردا، والتي يمكن تلمس ملامحها في أعمال أمل دنقل الشعرية وتحديدا في ديوانه: "تعليق على ما حدث"، فضلا عن الديوان الشهير لنزار قباني :" هوامش على دفتر النكسة"، وفي المسار السردي عبرت الرواية المصرية جماليا عن النكسة وأجوائها، وتأثيراتها في البنية النفسية للشخوص، وشيوع مناخ من التشظي والاغتراب من جهة، والرغبة في المقاومة من جهة ثانية، مشيراً إلى أنه ربما بلورت روايات جيل الستينيات في مصر هذا المنحى بصورة بارزة تجلت في روايات صنع الله إبراهيم، وبهاء طاهر، وجمال الغيطاني، ومحمد البساطي، وجميل عطية إبراهيم، وغيرهم.
وتابع يسري أنه تجب الإشارة أيضا إلى أعمال نجيب محفوظ بوصفها مثلت إرهاصا بالنكسة من جهة، مثلما نلمح في روايتي:" ميرامار"، و" ثرثرة فوق النيل"، أو الأعمال التي عبرت عن مأزق المجتمع المصري، وشخوصه الحائرين في "تحت المظلة"، و"الحب تحت المطر"، مؤكداً سؤال الحرية ومساءلة الاستبداد"، أن الهزيمة أبرزت الوظيفة الاجتماعية للأدب، وبات النص الأدبي سلاحا في المعركة ضد العدو الصهيوني، ورأينا أعمالا مسرحية مصرية وعربية رفيعة المستوى، مثل نصوص محمود دياب الدرامية، وتحديدا مسرحيته "باب الفتوح"، وكذلك مسرحية المبدع السوري سعدالله ونوس "حفلة سمر من أجل 5 حزيران".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.